أقر وأعترف أننى من سكان منيل الروضة وكثيرا ما أمر على كوبرى عباس فى ذهابى وإيابى إلى مكتبى ومنذ فترة استلفت نظرى فى مقدمة الكوبرى من القادم من الروضة متجها إلى ميدان الجيزة وجود كشك كبير بألوان زاهية " ألوان البحر " مكتوب عليه " حياة كريمة" بدأت بحاستى الصحفية أبحث عن ماهية هذا المكان الجميل لعله كشك للورود أو المشروبات أو.. أو
وبعد البحث عرفت أنه " دورة مياه " عامة ، يا الله حمامات عمومية بكل هذا الجمال وهذه النظافة والآدمية ، حمدًا لك يارب فأخيرًا لن نشتم الروائح الكريهة التى تنتشر بالشوارع وخاصة أسفل الكبارى العلوية جراء عادة " التبول " فى الشوارع والطرقات .
أخيرا نستطيع أن نقول وداعًا لهذه العادة السيئة الضارة بالصحة العامة والمسئية لجمال ونظافة بلدنا بعد قيام الدولة بتشييد عدد من دورات المياة الجميلة شكلا وموضوعا .
وقبل السرد فى تفاصيل الفكرة أود الإشارة إلى أن سلوك بعض المواطنين الضار بالبيئة كان مخالفا لنص المادة " 278" من قانون العقوبات الخاصة بالفعل الفاضح فى الشارع ومن بينه
" قضاء الحاجة " وينص على :" كل من فعل علانية فعلاً فاضحًا مخلاً بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين"، ورغم ذلك كان الفعل حاضرًا فى كثير من الأماكن دون خوف أو حذر .
وبالعودة إلى آخر إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2014 م نجد أن إجمالى عدد دورات المياه العمومية فى مختلف المحافظات، ”1288” دورة مياه عمومية وجاءت القاهرة أكثر المحافظات التي تملك دورات مياه بالمناطق الرئيسية بعدد 175 دورة مياه تليها محافظة بورسعيد بعدد 137، والدقهلية في المرتبة الثالثة بعدد 101 دورة مياه، ثم الإسكندرية بعدد 87، في حين جاءت محافظة الأقصر في المرتبة الأخيرة بعدد 4 دورات .
يذكر أيضا أنه فى عام 2015م كان عدد سكان القاهرة 9,2 مليون نسمة وأمام هذا التعداد السكانى كان عدد دورات المياه 120 مرحاضًا عموميًا " فى حاله يرثى لها " بمعدل مرحاض لكل 75000 مواطن .. !
إذن الوضع فى الشارع كان مترديا والسلوك البشرى مسئ لحضارتنا خاصة مع قرب إطلاق بطولة الدورة الأفريقية ما دعا المسئولين إلى التفكير فى إنشاء دورات مياه صحية حفاظا على الصورة الحضارية للبلد والبداية كانت بتجهيز "30 " دورة مياه مجانية متنقلة لخدمة جمهور بطولة كأس الأمم الإفريقية بالأماكن القريبة من استادى القاهرة والسلام، ثم التوسع فى الفكرة وتشييد "60 " دورة مياه "رجال وسيدات"، بشوارع وميادين القاهرة شعار "حياة كريمة" على الوحدات، والحمام من الداخل به حوض لغسيل الوجه، ومرآة والوحدة متصلة بالكهرباء والمياة والصرف الصحى بشكل مميز .
أما من الخارج وهذا ما شاهدته بعد أكثر من أسبوعين من متابعتى للمكان تم فتح منفذ للمشروبات به نافة زجاجية لعرض المنتجات ، وحفاظًا على استمرارية تقديم الخدمة للمواطن مع عدم الإضرار بالوحدات المنتشرة فى القاهرة وقعت المحافظة بروتوكول تعاون مع إحدى الشركات لإدارة ومتابعة حسن سير عمل هذه الوحدات حفاظًا على صحة المواطن أولا من خلال توفير كل سبل النظافة منعا لانتقال الأمراض وفى نفس الوقت الحفاظ على جمال ونظافة المبنى وهو بالفعل يمثل نقلة حضارية كبيرة يبقى فقط أن يتعامل المواطن مع المكان بالحسنى ولنا فى حديث الرسول "ص" الأسوة فى "إماطة الأذى عن الطريق" وحديث آخر : “ إن الملائكة تتأذّى ممّا يتأذّى منه بنو آدم”.