احتشدت أعداد كبيرة من المتظاهرين والمحتجين اللبنانيين، على الطريق الرئيسي المؤدي باتجاه قصر (بعبدا) الجمهوري، رافعين أعلام لبنان، ومعربين عن اعتراضهم على المواقف الصادرة عن رئيس البلاد ميشال عون في حديثه التلفزيوني مساء أمس تجاه المظاهرات والاعتصامات.
وفرضت قوات الجيش والقوى الأمنية الشرطية، طوقا أمنيا محكما وقامت بوضع الحواجز الحديدية والأسلاك الشائكة في منتصف الطريق، وانتشرت العناصر الأمنية والعسكرية بكثافة، لمنع أي محاولات للتوجه صوب القصر الجمهوري، مع تحويل حركة السير إلى شوارع أخرى جانبية.
ورفع المتظاهرون في محيط قصر بعبدا لافتات ورددوا هتافات تشير إلى "عدم ثقتهم في الطبقة السياسية الحاكمة" وأن "الطاقم السياسي الموجود غير مؤتمن على مقدرات البلاد". معتبرين أن حديث رئيس الجمهورية جاء مخيبا للآمال والتطلعات، ومثّل تجاهلا للمطالب التي رفعتها الاحتجاجات الشعبية منذ 17 أكتوبر الماضي.
من ناحية أخرى، استمر المتظاهرون في قطع الطرق والأوتوسترادات وطرق السفر الدولية والرئيسية في معظم المناطق اللبنانية، وذلك باستخدام سياراتهم الشخصية ومن خلال حواجز أسمنتية والإطارات المشتعلة والعوائق المتعددة.
وعملت قوات من الجيش اللبناني على فتح عدد من الطرق التي أغلقها المتظاهرون باستخدام العوائق، دون الدخول في مواجهات أو صدامات معهم.
كما برز قيام المتظاهرين بإضاءة الشموع في الميادين والساحات، في العاصمة بيروت، وطرابلس (شمالا) ومحافظة جبل لبنان، وصيدا والنبطية (جنوبا) تكريما لأحد المتظاهرين الذي قتل بالأمس على أحد الطرق الرئيسية التي تربط العاصمة بمحافظة جبل لبنان، جراء إصابته بعيار ناري طائش.
وكان علاء أبو فخر، وهو عضو بالحزب التقدمي الاشتراكي، من بين المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع في أعقاب الحديث التلفزيوني للرئيس اللبناني ميشال عون مساء أمس، وحدث تلاسن بين المتظاهرين وقوة عسكرية من الجيش اللبناني أثناء مرورها بطريق خلدة بمحافظة جبل لبنان، ترتب عليه إطلاق أحد العناصر العسكرية النيران لتفريق المحتجين، فأصابت إحداها "أبو فخر" وأردته قتيلا، على نحو تسبب في حالة من الاضطراب الشديد في عموم البلاد.
ورفع المتظاهرون صورا لـ "أبو فخر" إلى جانب أعلام لبنان، كما نظموا مسيرات رددوا خلالها الهتافات، واصفين إياه بـ "شهيد الثورة.. وشهيد لبنان".
من ناحية أخرى، شهدت منطقة جل الديب (بمحافظة جبل لبنان) اضطرابا أمنيا كبيرا بعد قيام بعض الأشخاص بالاعتداء على المتظاهرين، وحمل أحدهم بندقية آلية (رشاش) أطلق من خلالها الرصاص في الهواء لإخافة المتظاهرين وحملهم على التفرق.
واحتشد المتظاهرون بأعداد كبيرة ليحاصروا أحد المباني التي احتمى بها الأشخاص مرتكبو الاعتداءات، قبل أن يقوم الجيش بالدفع بأعداد غفيرة من القوات ليؤازر القوى الأمنية ويعمل على ضبط الوضع ومنع تحول الأمر إلى اشتباك مسلح وانفلات أمني واسع.
وقام عناصر جهاز مخابرات الجيش بإخلاء المبنى، وإخراج الأشخاص الذي احتموا بداخله وضبطهم، بعد أن فرضت قوات الجيش طوقا أمنيا محكما حول المبنى لعدة ساعات.
ويشهد لبنان منذ مساء 17 أكتوبر الماضي سلسلة من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية العارمة في عموم البلاد، اعتراضا على التراجع الشديد في مستوى المعيشة والأوضاع المالية والاقتصادية، والتدهور البالغ الذي أصاب الخدمات التي تقدمها الدولة لاسيما على صعيد قطاعات الكهرباء والمياه والنفايات والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.