تحل اليوم ذكرى ميلاد سارة برنار
الشرق، الفنانة فاطمة رشدي التي تعد من رواد المسرح والسينما، فلها تاريخ حافل من
أجل إرساء قواعد الفن الراقي الذي يسعى إلى تهذيب النفوس وإعلاء قيم الحق والخير والعدل
في المجتمع، فهي المولودة في 15 توفمبر 1908 وشجعتها شقيقتاها رتيبة وأنصاف على
دخول عالم الفن وهي في سن التاسعة من عمرها.
رغم عودها النحيل إلا أنها كانت تمتاز
بوجه جميل قادر على التعبير عن أي دور يسند إليها، فهي من مثلت دور كليوباترا في
مسرحية بنفس الاسم ومسرحية "الذهب" ومسرحية "البدوية" عام
1919، و"الطاغية" عام 1925، وما كادت السينما تولد عام 1927 على يد عزيزة أمير، إلا وسارعت فاطمة باللحاق بالركب لتكون البطلة الثانية في
تاريخ السينما بعد عزيزة أمير، ففي الوقت الذي كانت تعد فيه عزيزة لإخراج أول فيلم
روائي مصري، كان الأخوان لاما ـ بدر وإبراهيم ـ يكافحان في الإسكندرية من أجل أن
يسبقا عزيزة، وكان الوجه الجميل والموهبة الفذة التي استعانا بها هي فاطمة رشدي
لبطولة فيلم "فاجعة فوق الهرم" عام 1928، وفي نفس العام قامت أيضا
ببطولة فيلم "تحت سماء مصر".
بدأت فاطمة رشدي تجربة الإنتاج
السينمائي بفيلم "الزواج" الذي أخرجته وقامت ببطولته أيضاً بمساعدة
زوجها الرائد المسرحي الكبير عزيز عيد، ومن أجل أن يدب الصوت في فيلمها الجديد
سافرت إلى أوربا كي يتم دمج الصوت مع مشاهد الفيلم وهو يعتبر من أوائل الأفلام
الناطقة في السينما، وأثناء جولتها طافت بالعديد من الدول الأوربية لتطلع فيها على
فنون السينما.
وصف الكاتب الصحفي الكبير جليل
البنداري فاطمة رشدي في مقال له تحت عنوان "ظاهرة لا تتكرر" بأنها تخصصت
فى تمثيل أدوار الملكات، حتى اعتادت أن ترى الرجال ينحنون لها في كل مكان، وعاشت
عشرات السنين في حلم جميل، فلم تكن تكسب من المسرح شيئاً وقت أن كان لها فرقة
باسمها، فقد كانت تكلف المسرحية ألف جنيه، وكانت تصاب بالخجل عندما يواجهها مدير
مسرحها بالإيراد، فجمهور المسرحية لم يكن يتعدى أربعة أشخاص، وهذا الركود كان يمزق
أعصابها، وقد علمت في إحدى المرات أن على الكسار أعد وجبة سحور في شهر رمضان
لجمهور مسرحه، فأعدت هي أيضا الكنافة والبسبوسة لجمهور مسرحها ولكل من يمر في شارع
عماد الدين، ولاحظ عزيز عيد ذلك الركود فواساها بأن الناس لم تفهم قيمة المسرح
بعد، واقترح عليها أن تقدم حفلات مجانية للطلبة ، وبالفعل قامت بذلك في مصر وطافت بفرقتها الأقطار العربية عامي 1928 و1929 بدعم من وزارة المعارف لتقديم مسرحيات تكاد تكون مجانية للطلبة، ومن ذلك التاريخ أطلق عليها لقب
"صديقة الطلبة".