الجمعة 21 يونيو 2024

الأمريكان .. وسر جبل الحلال

12-4-2017 | 12:30

بقلم –  عادل سعد

 

لا أحد يعرف سر خبيئة جبل الحلال. جنود القوات الخاصة داهمت المكان.. في ثياب عمال الحفر والبناء.وباح البدو أبناء سيناء بخارطة للجبل. لا يعرفها غيرهم. لاحتلال المكان في غمضة عين. كانت العملية تشبه إطفاء النور داخل المسرح.ليفتح الستار على مشهد جديد.

غزا أعوان مرسي من المنتمين للقاعدة وأنصار بيت المقدس الجبل المحصن بوعورة تضاريسه بالآلاف - وهناك مكالمة هاتفية مسجلة بين أيمن الظواهري ومرسي بهذا الشأن- وكانت الكهوف والمغارات والشعاب تنتظر المزيد وباركت أمريكا ما يحدث. لإشاعة الفوضى باحتلال فراغ سيناء .تماما كما حدث مع داعش فى سوريا والعراق.ولعل ذلك يفسر زيارة مرسي الشهيرة على الأقدام منفردا لجبل الحلال واستعادته لعدد من الجنود المصريين المختطفين هناك.

 

لكن جبل الحلال كان ولا يزال لغزا .لأن السؤال.كيف كان يعيش هؤلاء بعد سقوط مرسي في جبل وعر التضاريس ؟ ومن أين يصلهم الغذاء والسلاح والذخيرة والاتصالات ؟

ما يقال الآن أن سقوط جبل الحلال المباغت .أسفر عن عشرات الأسرى الأحياء. واكتشاف غرفة عمليات شديدة التعقيد.وأسلحة متطورة لأقصى مدى.ومستندات تدين العديد من الدول الضالعة في مؤامرة تهديد الأمن في مصر وتقسيم سيناء. مغارات الجبل الغامض فك رموزها هؤلاء الأبطال.من جيش مصر وبدو الصحراء وهو أمر طالما ناديت به شخصيا من خلال هذه الصفحة لتطهير سيناء.فالمعارك هناك لا تحسمها المدرعات والطائرات.لكنها تحتاج فقط للمعلومات وظهير شعبي وقوات خفيفة قادرة على الاقتحام.

جبل الحلال كشف بوضوح عن علاقة جيراننا في السلام بتلك البؤر الصديدية المحتقنة وبالإخوان المسلمين. وأن الولايات المتحدة ساندت جماعات الإرهاب الإسلامية. لتطل من خلف الأوراق إدارة أوباما بوجهها الكريه وتفوح رائحتها.دعما وتمويلا وتسليحا.

يبدو هذا واضحا على ملامح الرئيس الأمريكي ترامب.فالرجل أسعده كثيرا أن سلفه السابق الذي يطارده مدان .ومعه هيلاري كلينتون.بوضع سيقان الولايات المتحدة في وحل مستنقع الإرهاب والتحالف مع جماعات كالقاعدة وأنصار بيت المقدس وإمدادهما بالسلاح.

البعض يردد أن المصريين نجحوا في القبض على عدد من الأمريكان والإسرائيليين وأن التحقيق جار معهم .بل إن هناك من يؤكد سقوط أفراد من الأسطول السادس في قبضة الأمن .

وسواء كان كل ذلك حقيقة أم محض شائعات.فإن المزعج في الترحيب الحار بالدور المصري من الرئيس الأمريكي ترامب يستحق الدراسة.ربما لأن صدمات السنوات السابقة علمتنا أن المصالح الأمريكية لا تستدير بمقدار ١٨٠ درجة لمجرد ذهاب رئيس وتولى رئيس آخر.

تحدث ترامب عن مصر لأول مرة بوصفها حليف أمريكا.لم يعد يتحدث عنها بوصفها شريكا.والفرق بين الحليف والشريك كبير جدا.لأن تطور الدور المصري إلى درجة التحالف تعني بلا شك أن تكون مصر كإسرائيل أو أحد مفاصل حلف الناتو الأساسية على الأرض . بكل ما يتبعها من قدرات تسليح وقواعد وقتال على الأرض وفي السماء.

وفي هذا الإطار ينبغي أن نتوقف لأن ترامب لم يتوقف عند تطوير الدور المصري من الشريك إلى الحليف بل تمدد إلى التفاف ترامب على سياسات سلفه أوباما.فهو الآن يتملص من الاتفاقات السابقة مع إيران .ويطلب العودة للعراق – وكأنه نسي هناك شيئا – ويضرب سوريا بقسوة ولا يعترف ببشار الأسد .ويرفع جماهيريته في أمريكا .وسط تأييد عربي خليجي لتلك الضربات.

أمريكا أصبح الآن هدفها واضحا .القضاء على إيران وحل القضية الفلسطينية.

أولا: الدولة الفلسطينية قادمة . والحل من وجهة نظر الإدارة الأمريكية عبر تبادل الأراضي. يحصل الفلسطينيون على أراض مقابل أراضي المستوطنات. الدولة الفلسطينية المرتقبة مختنقة في قطاع غزة لن تكون متصلة ببعضها البعض.عرض الجانب الإسرائيلي حفر نفق للتوصيل بين طرفي الدولة.

مع تفتت سوريا الجولان والضفة ستصبحان من ممتلكات العدو الإسرائيلي .لكن الأهم فيما يخصنا أن البعض في الإدارة الأمريكية وإسرائيل يردد فكرة الإزاحة .بتمدد الدولة الفلسطينية باقتطاع جزء من سيناء والإغداق عليها بالمشروعات والأموال لتنتهي المشكلة.وهو مشروع قديم جدا وثابت.ويطل برأسه كل حين وكان قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ في عهد مرسي .

وثانيا: العدو القادم إيران .والمطلوب أن تقف مصر في مواجهته حليفا للولايات المتحدة.خاصة وأن هذا العدو الزئبقي لا يبدو صيدا سهلا.

خلال السنوات الماضية كانت إيران – بلاشك – الأكثر استفادة من تصرفات أمريكا الحمقاء ومن عداوتها .ونظريا يتعاطف معها كل من يكرهون سياسة أمريكا وإسرائيل . وعلى الأرض يستحيل الآن عودة العراق كما كان.وإيران بمرجعياتها الشيعية ربطت معظم أجزاء العراق الممزق بإيران.وملأت فراغا شاسعا تركته الولايات المتحدة الأمريكية.وشاركتها داعش .والدول العربية تتفرج.

على الأرض أيضا مدت إيران ذراعها في اليمن .لدرجة أن بعض القبائل اليمنية تفاخر الآن بأنها ليست يمنية وأنها من أصل إيراني.

وفي الغرب تمددت إيران في سوريا حتى لامست جنوب تركيا لتعزز من ثباتها على الأرض من خلال حزب الله في لبنان.

ليس هذا فقط بل وتمددت في دول الخليج .وما جرى في البحرين ليس بعيدا .ولا بعيد عن المنطقة الشرقية بالسعودية وشيعة الدمام والبترول.

لكن المخيف أكثر في كل ما جري أن إيران نجحت في كل هذه الأماكن في صناعة أعوان سيقاتلون كل من يعارضها على أساس ديني.لأنهم الشيعة .أصحاب الدين الحق. ومستعدون للموت والشهادة في سبيل نصرة دين الله.

أمريكا تشعر بالفزع . والسرطان المتفشي . يتمدد يوما بعد يوم.وربما يتعرض للمقاومة .لكنه لا يتوقف .

وأمريكا بحاجة الآن .وأكثر من أي وقت مضى. لمصر وجيش مصر . ولأن أي تدخل من إسرائيل في المنطقة سيكون مرفوضا على المستوى الشعبي.يبدو الرهان على المصريين واضحا.

المطلوب الآن سرعة حل المشكلة الفلسطينية للتفرغ لإيران.وإعلان الدولة مقابل اعتراف كل الدول العربية بإسرائيل.ومنذ أيام أعلن الجانب الأردني عن توقيع عقد مد خط سكة حديد يربط الأردن بإسرائيل وبقية الدول العربية.

لكن الدور علينا.وهل ستحل قضية الفلسطينيين باقتطاع جزء من أرضنا؟ أعتقد أن هذا الخيار مستحيل.على المستوى الرسمي والشعبي .والآن أدرك الجانب الأمريكي خطورة افتضاح مؤامرة جبل الحلال.التي كانت تسعى لاقتسام سيناء من خلال إشاعة الفوضى ..وهو يبحث عن طريق آخر.

وإنها الأيام ستمضي ..وستثبت أن بطولة رجال مصر في جبل الحلال درس سيذكره التاريخ .

 

    الاكثر قراءة