بقلم – عزت بدوى
هل وجهت التفجيرات الإرهابية الدامية لكنيستى مارمرقس ومارجرجس بالإسكندرية وطنطا ضربة جديدة للسياحة المصرية والاستثمارات الأجنبية فى مصر والتى تسعى مصر جاهدة فى الفترة الأخيرة للنهوض بها فى إطار تنفيذها لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الجرئ والطموح والذى يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد المصرى على أسس قوية وهل من أثار سلبية لهذه التفجيرات على الاقتصاد المصرى وكيف يمكن مواجهتها وإفشال مخططات قوى الإرهاب والظلام التى تستهدف الدولة المصرية وشعبها؟
أجمع خبراء الاقتصاد على أن أى أعمال إرهابية تستهدف فى الأساس «الميديا» لاتخاذها وسيلة لبلوغ أهدافها بشغل أكبر مساحات فى الإعلام بأخبار سلبية تسىء إلى سمعة البلد، وبالتالى التأثير على السياحة والاستثمار بها باعتبارها مصدراً رئيسياً للعملات الأجنبية من جهة وخلق فرص عمل للشباب وزيادة الإنتاج من جهة أخرى، لكن فى ظل موجة الإرهاب الأسود التى تضرب أنحاء العالم ولم يعد له وطن فلم تعد هناك دولة بمنأى عن العمليات الإرهابية وهو ماحدث فى لندن وباريس وبلجيكا وغيرها بل الأمر أصبح يتوقف على ماتتخذه كل دولة فى مواجهة العمليات الإرهابية وجديتها فى محاربته بكافة الوسائل.
وإن كان خبراء الاقتصاد يؤكدون أن تفجيرات الأحد الماضى سوف تلقى بظلالها السلبية على بعض القطاعات الاقتصادية وخاصة السياحة والاستثمار إلا أنهم يؤكدون أيضا على أن صلابة المصريين وتماسكهم فى حربهم ضد هذه الجماعات الإرهابية، وماتحقق من نجاحات على المستويين الداخلى والخارجى فى الفترة الأخيرة يقلل كثيرا من هذه الآثار ويحجمها بما لايحقق الأهداف المرجوة منها وخاصة فى ظل المساندة الدولية واسعة النطاق لمصر فى حربها ضد الإرهاب، منذ وقوع هذه الأحداث والتأييد الأمريكى القوى لمصر فى هذه الحرب والذى جاءت نتائجه حتى كتابة هذه السطور يوم الاثنين الماضى فى عدم صدور أية تحذيرات سفر دولية لأى دولة فى العالم لرعاياها من السفر لمصر وهو ما يؤكد التغير الجذرى فى الموقف الدولى لمصر والذى قاده الرئيس الأمريكى ترامب بإعلانه فى الأسبوع الماضى بأن مصر بلد آمن .
وأكدت الدكتورة عنايات النجار الخبيرة الاقتصادية أن لدينا أملاً كبيراً فى تجاوز هذه الأحداث ونتمنى ألا تحدث أثار سلبية لهذه التفجيرات الإرهابية على الاقتصاد المصرى خاصة أننا ولأول مرة نطبق برنامج اصلاح اقتصادى جرىء يضعنا على الطريق الصحيح، ويجب أن نستمر فيه مهما تكن الصعوبات ومهما كان العلاج بطيئاً، لأنه الوحيد الذى يكفل لنا بناء اقتصاد قوى يحقق آمال وطموحات شعبنا.
وأكدت الخبيرة الاقتصادية أن العالم أجمع يدرك الآن أن الإرهاب لا وطن ولا دين له فهو يضرب الشرق والغرب على السواء ولاسبيل لمواجهته إلا بالتعاون وإرادة قوية من الجميع .
وأكد كرم تيناوى رئيس مجلس إدارة بنك الشركة المصرفية العربية أنه لايعتقد أن يكون هناك مردود سلبى ضخم لهذه التفجيرات على الاقتصاد المصرى، كما كان يحدث من قبل فى أحداث مشابهة، خاصة أن نظرة العالم لمصر بدأت تتغير وهو ما سوف ينعكس فى ردود أفعاله على هذه التفجيرات لاسيما أن الرئيس الأمريكى ترامب أعلن منذ أيام قليلة أن مصر بلد آمن بعد أن كانت الولايات المتحدة الأمريكية فى عهد سلفه السابق أوباما تناصب مصر العداء وهو الأمر الذى سوف ينعكس على نظرة العالم أجمع لمصر ودعمها ومساندتها فى حربها ضد الإرهاب الذى يستهدف العالم أجمع، وليس مصر وحدها هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن صندوق النقد الدولى الداعم الرئيسى لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى بصدد الإفراج عن الشريحة الثانية لقرضه لمصر البالغة ١.٢٥ مليار دولار أمريكى فى ٢٨ أبريل الجارى مما يعزز من قوة الاقتصاد المصرى لدى مؤسسات التمويل الدولية والمستثمرين الأجانب .
كما أن مؤشرات السياحة الآن كلها إيجابية ومبشرة لاسيما بعد إلغاء العديد من الدول وفى مقدمتها ألمانيا تحذيراتها السابقة لمواطنيها من السفر لمصر، وهو ما سوف ينعكس على استعادة السياحة لمصر لدورها فى الاقتصاد المصرى .
وكشف رئيس مجلس إدارة بنك الشركة المصرفية العربية عن أن هذه التفجيرات التى شهدتها كنيستا مارجرجس ومارقرس بالإسكندرية وطنطا يوم الأحد الماضى، جاءت كرد فعل لما حققته مصر من نجاحات فى الفترة الأخيرة سواء على مستوى المواجهات الأمنية من تطهير جبل الحلال وسط سيناء من العناصر الإرهابية والتى كانت تعتبرها حصنها المتين الآمن الذى تلوذ إليه وعلى المستوى السياسى باستعادة العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية والتى كانت تعد فى ظل الإدارة الأمريكية السابقة داعماً رئيسياً لهذه الجماعات الإرهابية .
وحول تأثير هذه التفجيرات الإرهابية على السياحة أكد أحمد شاكر رئيس قطاع السياحة الدولية بهيئة تنشيط السياحة أنه يأمل ألا تؤثر هذه التفجيرات على قطاع السياحة، وإن كانت التأثيرات السلبية للتفجيرات لايمكن قياسها فى الوقت الحالى وقبل مرور ثلاثة إلى أربعة أيام فى ضوء ثلاثة محددات أساسية أولها هل هناك تغير فى موقف الدول المصدرة للسياحة لمصر فى نصيحة السفر التى تصدرها بالنسبة لمصر من عدمه. والمحدد الثانى عما إذا كانت هناك إلغاءات لحجوزات السائحين التى كانت محجوزة بالفعل قبل هذه التفجيرات وهل تم إلغاء حجوزات من عدمه وثالث المحددات عما إذا كان هناك تباطؤ فى الحجوزات المستقبلية أو توقف لهذه الحجوزات.
وكشف رئيس قطاع السياحة الدولية عن أننا الآن فى أزمة ولانعرف مداها إلا بعد معرفة مدى استجابة أسواق السياحة الدولية لها، خاصة أن هذه التفجيرات جاءت بعد بدء بشائر خير بالنسبة لقطاع السياحة فى مصر منذ الربع الأول لهذا العام بعد سنوات عجاف لمت بالقطاع والعاملين فيه وأثرت بقوة على الاقتصاد المصرى .
وقد شهد الربع الأول من العام الحالى وخاصة خلال شهرى يناير وفبراير الماضيين بدء انتعاشة لقاطع السياحة سواء من حيث عدد السائحين أو عدد الليالى السياحية حيث تضاعفت أعداد السائحين كما تضاعفت أعداد الليالى السياحية رغم أن شهرى يناير وفبراير ليسا من شهور الذروة وبالتالى كان لدينا أمل كبير بتحقيق زيادة أكبر فى شهور الذروة على مستوى أعداد السائحين والليالى السياحية وبالتالى الدخل من السياحة بما لايقل عن ١٥٠٪ .
وكشف رئيس هيئة تنشيط السياحة الخارجية عن أنه يتم الآن بذل جهود ضخمة لمواجهة الآثار السلبية المترتبة على هذه التفجيرات للحد منها والتقليل من آثارها إلى أدنى حد ممكن حيث تم التواصل منذ اللحظة الأولى للأحداث بجميع المكاتب الخارجية والبالغ عددها ثمانية مكاتب موزعة فى الصين والهند وروسيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإنجلترا وجمهورية التشيك والتى تتولى الإشراف على ٢١ سوقاً سياحياً يصدر السائحين لمصر للتأكيد عليهم بالالتزام بما يصدر من بيانات رسمية من مصر بشأن هذه الأحداث لطمأنة وكلاء السفر والسائحين وعدم حدوث أى تضارب فى التصريحات يسىء تفسيره ليتحدث الجميع لغة واحدة.
كما كشف رئيس قطاع السياحة الدولية بهيئة تنشيط السياحة أن المؤسف أن هذه التفجيرات تأتى عقب رفع بعض الدول وخاصة ألمانيا تحذيرات السفر إلى مصر خلال الفترة الأخيرة مما أدى إلى تحسن مستوى الإشغالات فى المنشآت السياحية سواء بالغردقة أو شرم الشيخ خلال الربع الأول من العام الجارى، وهو الأمر الذى نخشى عليه بعد التفجيرات الأخيرة من أن تعيدنا مرة أخرى إلى الميديا العالمية كمقصد سياحى غير آمن مما يؤثر على الصورة الذهنية التى بذلت الدولة جهوداً كبيرة خلال الفترة الأخيرة لتحسينها.
كما يخشى قطاع السياحة أن تصب التفجيرات الأخيرة المزيد من الأعباء على القطاع خلال العام الجارى خاصة أن روسيا وهى الدولة الأكبر فى عدد السائحين الوافدين لمصر لاتزال تحظر سفر مواطنيها لمصر وتمثل روسيا وبريطانيا والتى لم ترفع حظر السفر على مواطنيها لشرم الشيخ منذ سقوط الطائرة الروسية فى سيناء فى أكتوبر عام ٢٠١٥ نحو ٤٠٪ من التدفقات السياحية الوافدة لمصر سنوياً .
البورصة تتجاهل التفجيرات
بعد خسائر ٩،٦ مليار جنيه ..
والدولار يبحث عمن يشتريه
لدى شركات الصرافة
رغم أن تأثير التفجيرات الإرهابية لكنيستى طنطا والإسكندرية انعكس سريعاً على البورصة المصرية ليكبدها خسائر فى ختام تعاملات يومها الأول بلغت ٩،٦ مليار جنيه على إثر حالة الهلع والاضطراب التى سيطرت على المتعاملين الأفراد من المصريين والعرب فور وقوع الانفجارات بعدما مالت تعاملاتهم للبيع ليتراجع مؤشر إيجى إكس ٣٠ بنسبة ٥٥،١٪ إلا أنها سرعان ما استردت توازنها وسط تباين المؤشرات بين الارتفاع والانخفاض وسط إقبال الأجانب والمؤسسات المحلية على الشراء متجاهلة أية تأثيرات لهذه الأحداث.
إلا أن المفاجأة كانت فى أسواق الصرف للعملات الأجنبية التى تجاهلت تماماً هذه التفجيرات بل ارتفعت شكوى أصحاب شركات الصرافة العاملة فى السوق بتراكم مشترياتهم من الدولار وتجاهل البنوك المتعاقدة معهم استبدالها بالجنيه المصرى حسبما أكد على الحريرى سكرتير عام شعبة شركات الصرافة السابق، والذى أكد أن شركات الصرافة تبحث عن زبائن للدولار بعد استنفادها لأرصدتها من العملة المصرية وتجاهل بنك الإمارات المتعاقد مع أكثر من ٨٠٪ من هذه الشركات عروض الشركات لبيع ما لديهم من دولارات واستبدالها بعملة مصرية أو ريال سعودى بما يلحق الخسائر بأصحاب الشركات لتجمد أرصدتهم وعدم تدوير رؤوس أموالهم.
وأكد على الحريرى أن سوق الصرف لم يتأثر بأحداث التفجيرات بل إن شركات الصرافة قامت بشراء الدولار بسعر ١٨ جنيها من الزبائن طبقاً للسعر المحدد لها من بنك الإمارات على أمل بيعه للبنك بسعر ١٨ جنيها و٥ قروش إلا أن البنك لا يلبى مطالبهم لأكثر من ٧ ساعات كل يوم رغم. علمه بأن جميع أرصدتهم من العملات المصرية قد تم تحويلها إلى دولارات مما يجعل الشركات لاتحقق أجور موظفيها ومصاريف تشغيلها .
وكشف سكرتير الشعبة السابق أن تعويم الجنيه المصرى أدى إلى تراجع القيمة الشرائية لرؤوس أموال هذه الشركات إلى حدود، نحو ٥٠ ألف دولار فقط بعد أن كانت تعادل نحو ١٢٠ ألف دولار فى اليوم .
وقد شهدت سوق الصرف لدى البنوك استقراراً تماما حيث تراوح سعر الدولار مابين ٩٥،١٧ جنيه للشراء و١٠،١٨ جنيه لبيع لدى معظم البنوك .