الأحد 29 سبتمبر 2024

قالوا إن الطوارئ وحدها لا تكفي نواب البرلمان: نحتاج إلى «غربلة تشريعية»

12-4-2017 | 13:20

تقرير:  عبد الحميد العمدة – رانيا سالم

خرجت اللجنة العامة بمجلس النواب بعدة توصيات بعد اجتماعها يوم الاثنين الماضي حتى مثول «المصور» للطبع، أبرزها المطالبة بالإسراع في تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، بما يكفل سرعة ضبط ومحاكمة المتهمين في الجرائم الإرهابية، ومناقشة إمكانية إلزام المحال العامة والتجارية ودور العبادة بتركيب كاميرات تليفزيونية فى غضون ٣ أشهر.

وبدأ المجلس جلسته التي شهدت عددا من التشريعات المهمة، على رأسها إعلان خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى الموجه إلى مجلس النواب بشأن تطبيق حالة الطوارئ لمدة ٣ أشهر، بالإضافة إلى إعلان المادة ١٥٧ الخاصة بفرض حالة الطوارئ، والتي تم طرحها للتصويت عليها، فضلا عن إبداء الرأي النهائي على قانون رقم ١٠٧ لسنة ٢٠١٣، الخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات والمواكب والتظاهرات السلمية، والمعروف إعلامياً بقانون التظاهر، ليتم أخذ التصويت على القانون، والإعلان عن الموافقة عليه بشكل نهائي.

وحول تعديل قانون الإجراءات الجنائية، طالب النائب محمد السويدي، رئيس ائتلاف دعم مصر، من رئيس المجلس التوقف عن مناقشة القوانين التي أدرجت على جدول الجلسة حتى يتم الانتهاء من قانون الإجراءات الجنائية، وهو ما وافق عليه الدكتور على عبد العال.

النواب من جهتهم أكدوا ضرورة الإسراع من الانتهاء من قانون الإجراءات الجنائية، لكنهم قالوا إنه وحده غير كاف لمواجهة الإرهاب الأسود، وحسب عدد من النواب فإن القانون يجب أن يصطحبه عدد من التشريعات والإجراءات التي تنهى هذا الإرهاب، وطالبوا ما يطلق عليه بـ«الغربلة التشريعية» لكافة القوانين التي تدعو للتمييز وتحض على الكراهية.

النائب الدكتور عماد جاد، عضو لجنة العلاقات الخارجية، يقول إن هناك ثلاث مستويات للتصدى للعمليات الإرهابية، المستوى الفكري، وهو الخاص بما يدرس ويقال فى المناهج التعليمية، المستوى الانفعالي، وهو الخاص بالتحريض والحث على العنف والطائفية والكراهية، عبر وسائل الإعلام أو فى التجمعات البشرية، والمستوى الثالث يتعلق بسلوك العنف بالقتل والإبادة وهو ما نراه عبر العمليات الإرهابية.

ويوضح أن قانوني الطوارئ والإجراءات الجنائية يتعاملان مع مستوى العنف وهو الإرهابى ذاته، بينما المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب سيتعامل مع المستوى الفكرى والانفعالى، أى بمواجهة قانونية لأي فكر تخوينى أو تحريضى، فالمجلس يتعامل مع مصنع إنتاج للإرهاب من البداية.

ويرى الدكتور عماد أن المجلس سيشكل من عدد من الشخصيات السياسية والأمنية والقانونية والتربوية، ويتكون من وحدات وأقسام، منها وحدة لمراجعة المناهج الدراسية، تمتلك الحق فى إلغاء أو تعديل أى مواد مدرسية تحض على العنف أو الإرهاب، فلدينا مناهج تعليمية تُكفر المسحيين، وأخرى لمراجعة مناهج التربية الدينية، وثالثة لمتابعة الأداء الإعلامى.

ويؤكد الدكتور عماد على أن المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب هو خطوة مطلوبة، ولكن رغم تأخير هذه الخطوة، لكن يبقى أنها طبقت حتى يمكنها أن تنقذ ما يمكن إنقاذه، وخاصة أن الدولة ليس بها جهة أو هيئة تقوم بالمهام التى وكلت إلى المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب.

واتفقت معه النائبة مارجريت عازر، عضو لجنة حقوق الإنسان، قائلة: «بالفعل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب جاء متأخرا، ولكننى أتصور أن اختصاصاته لن تقتصر على مكافحة الإرهاب، وإنما تمتد إلى مواجهة الإرهاب الفكرى الذى يعد أخطر من الإرهاب المسلح، وخاصة وأن لدينا مؤسسات معنية بالقضاء على الإرهاب ومكافحته من جذوره.»

وتركز «عازر» على منظومة التعليم التى تمثل ناقوس خطر فى مصر، فالتعليم يقسم الشعب المصرى إلى ثلاثة شعوب متنافرة فى الثقافات والدين، بينما المناهج الدينية تخلق شعبا متطرفا لا يعرف عن الآخر شيئا ولا يتقبله، فى حين أن مناهج التعليم العام للأسف تخرج لنا نصف متعلم ومتلق لمناهج عقيمة لا تحث الطالب على الابتكار، فى حين أن التعليم الدولى فى مصر يطمس الهوية المصرية، وهؤلاء جميعا فى وقت ما سوف يتعاملون سويا، مما سيؤدي إلى تنافر فى الثقافة، وتلك مسألة أمن قومى لمصر ، مؤكدة على أننا دائما ما نفخر بوحدة ثقافتنا، لذلك يجب معالجة هذا التنافر.

وتضيف قائلة:»يجب أن يتضمن المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب محاسبة ومراقبة الجمعيات الممولة من الخارج، لتجفيف منابع الإرهاب، وكذلك هناك دور يجب أن يقوم به الأزهر فى تجديد الخطاب الدينى، والإعلام المسئول عن تشكيل وجدان وثقافة الشعب»، وتساءلت عن دور وزارة الشباب فى تنمية عقول ومهارات الشباب، مشيرة إلى أن هذه المهام بأكملها تقع تحت اختصاص المجلس.

ويرى النائب اللواء أسامة أبو المجد، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي، أن المجلس لن يكون معنيا بمكافحة الإرهاب والمقاومة الأمنية، وإنما سيكون دوره وضع استراتيجية للدولة ثقافية وسياسية وأمنية واجتماعية واضحة تعمل كل الوزارات فى إطارها لمقاومة الفكر التحريضى ومحاولة إعادة الشباب المغيب مرة أخرى عن طريق تنقية المناهج التعليمية.

ويؤكد على أهمية الدور الاقتصادى عند وضع استراتيجية المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب عن طريق رفع المستوى الاقتصادى للمناطق الحاضنة للإرهاب، فيجب ألا نلجأ للحلول الأمنية دائما فى التصدى للأزمات، لأن الحلول الأمنية تولد كراهية وحقدا فى التعامل مع ملفات الإرهاب والمقاومة بطرق مختلفة.

النائب نبيل الجمل، وكيل لجنة الشئون التشريعية والدستورية، يقول لا يمكن أن ننتظر تعديلات قانون الإجراءات الجنائية أكثر من ذلك من قبل لجنة الإصلاح التشريعي، فدور الانعقاد أوشك على الانتهاء، والظروف الراهنة وخاصة بعد حادثتي كنيسة مار جرجس بطنطا، ومار مرقس بمحطة الرمل بالإسكندرية، تدفع المجلس أن يطرح مشروع قانون الخاص بالمجلس، وهو المشروع الذى تقدم به النائب المستشار بهاء أبو شقة، رئيس لجنة الشئون التشريعية والدستورية.

ويضيف «الجمل» أن الغرض من تعديلات الإجراءات الجنائية هو أن نكفل سرعة ضبط ومحاكمة المتهمين في الجرائم الإرهابية، وأن المجلس سوف يتصدى لأي تعديلات في قوانين أخرى إذا احتجنا إليها في مواجهتنا للإرهاب الأسود الذى عايشناه، رافضاً التطرق لبعض التشريعات الأخرى وبالأخص قانون ازدراء الأديان.

ويبين وكيل اللجنة التشريعية أن ما يواجه المجتمع المصري الآن سببه وجود كيانات إرهابية تسعى للتخريب والتدمير في نسيج المجتمع المصري، وهذا ما يجعلنا في حاجة ملحة لتشريع قانون الإجراءات الجنائية، أما قانون ازدراء الأديان _على الرغم من أهميته_ لكننا يمكننا أن نؤجله لحين الانتهاء من قانون الإجراءات الجنائية، حتى لا يتشتت ذهن المشرع، على أن يتم النظر فيه تباعا، لأن الغرض ليس مجرد إصدار تشريعات، ولكن الخروج بنصوص قانونية تضبط الأداء بالفعل.

«البداية في قانون الإجراءات الجنائية»، هذا ما تؤكد عليه النائبة الدكتورة سوزى ناشد، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، وتقول إن القانون الذي يعطى الحق للسلطة القضائية لسرعة وجود محاكمات عاجلة وناجزة ومنصفة ضد العناصر الإرهابية، يحقق ارتياحا لدى أهالي وذوى الشهداء.

وتضيف أن القانون جزء من منظومة متكاملة يجب إعادة النظر فى كافة تفاصيلها، ويأتى على رأسها التعليم بكافة أنواعه» حكومى، أزهرى، خاص، تجريبى، انترناشونال»، على أن يتم إعادة النظر فى كافة المناهج التعليمية، ليتم تنقيحها من كافة مواريث العنصرية وبث الكراهية، بجانب الإعلام والخطاب الديني الموجه للمواطنين.

وتستطرد على ضرورة أن تمتلك الدولة استراتيجية واضحة لمواجهة الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله، فالإرهاب ليس صناعة مصرية، لذا علينا أن نعرف عن مصادر إشاعة هذه الأفكار المتطرفة فى المجتمع المصري، للتصدي لهذه المصادر.

وتؤكد عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، أن الإرهاب أصاب هذه المرة المصريين فى الأقباط، وهو الأمر الذي بدأ منذ ٢٠١٣، فهى الورقة الرابحة التي تستغلها العناصر الإرهابية لهدم الدولة المصرية.

وتلقى النائبة سوزى اللوم على المجلس والحكومة معا في عدم الانتهاء من قانون الإجراءات الجنائية، قائلة:»بعد أحداث البطرسية، تم طرح تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، وبالفعل تمت التوصية بضرورة التعديل، ولكن المستشار مجدي العجاتي طلب الانتظار لحين تنتهى الحكومة من قانونها، ولكن حتى ذلك الوقت لم يتم إرساله، وحتى وقت كارثة كنيستى مار جرجس ومار مرقس».

وتعطى الدكتورة سوزى الحق للأسر المصرية القبطية فى الغضب، فمصابهم كبير، ولدينا حوادث إرهابية فى ٣ كنائس، ولدينا ٨٠ شهيدا قبطيا، وبالتالي فالغضب والحزن أمر مشروع للأسر القبطية، لكن هذا الغضب سيزول عندما ترى الأسر القبطية العدالة الناجزة ضد هؤلاء الإرهابيين.

النائبة نادية هنري، عضو اللجنة الاقتصادية، تقول لسنا في حاجة لتعديل قانون الإجراءات الجنائية فقط، ولكننا في حاجة إلى غربلة تشريعية لكافة القوانين التي تحض على العنصرية والطائفية والكراهية، وأبرزها إلغاء الأحزاب الدينية، وتؤكد على أن هذا الأمر يتطلب إرادة سياسية حقيقية.

وتضيف هنرى، قائلة:»إذا رغبنا فى القضاء على الإرهاب والتطرف، فعلينا أن نمتلك إرادة سياسية تبحث فى النصوص التشريعية وتنقحها ونستبعد أى نص طائفى، على أن تخرج هذه النصوص بشكل سريع وبأكبر قدر من الكفاءة، فالأمر جاد وليس هناك وقت للتهريج والهزار».

وترفض عضو اللجنة الاقتصادية ما وصفته بأحاديث دغدغة المشاعر، وهى خطب المساواة والاستنكار والشجب التى تلقى على الآذان بعد كل حادثة إرهابية، وترى أنها مسكنات ليس لها أى جدوى، يتم نسيانها، ونتذكرها فى حادثة تكون أكثر ألما مما قبلها، تتسبب فى ضياع أرواح شهداء لا ذنب لهم سوى أنهم ذهبوا للصلاة فى أحد بيوت الله.

وتقول إن الشعب المصرى بأكمله فوض الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مواجهة الإرهاب، ولهذا لن يستسلم أقباط مصر ولن يهاجروا ويتركوا منازلهم ووطنهم، فالأرض التى استقبلت المسيح لا يمكننا أن نخرج منها، فالأقباط مثل كافة المصريين يشاركون بقوة في حربهم ضد الإرهاب، ولن يستسلموا في هذه الحرب شأنهم شأن كل مصري، ويقبلون بدفع أرواحهم من أجل حماية وطنهم.