السبت 28 سبتمبر 2024

لا جديد فى رد فعل المؤسسة الدينية الأزهر يتضامن مع الكنيسة.. والإفتاء تستشهد بالعهدة العمرية

12-4-2017 | 13:34

تقريريكتبه: طه فرغلى

 كانت المؤسسة الدينية حاضرة بقوة تشارك فى عزاء الوطن، وتعلن أن المصاب جلل، وتدفع بكل البراهين والأدلة على أن مرتكبى حادث تفجير كنيسة مار جرجس فى طنطا، والكنيسة المرقسية فى الإسكندرية لا يمتون للإسلام بصلة، ولكن حقيقة الأمر أنه لا جديد فى رد فعل المؤسسة الدينية.

المواقف واحدة ومتكررة مع كل حادث إرهابى، بيانات استنكار وإدانة من الأزهر رأس المؤسسة الدينية، والإفتاء، والأوقاف، ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الحركة على الأرض لا أن يقتصر على بيانات المواساة والتعزية. الأزهر تحرك سريعا فى أعقاب حادث طنطا الإرهابى، وأوفد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وفدًا رفيع المستوى من قيادات الأزهر الشريف إلى مقر كنيسة مار جرجس بطنطا بمحافظة الغربية، للتضامن والوقوف بجانب الإخوة المسيحيين بعد التفجير الإرهابى.

وأجرى الإمام الأكبر اتصالا هاتفيا بالبابا تواضروس وقدم له التعازى فى ضحايا التفجيرين الإرهابيين، وأكد إدانة الأزهر الشريف، وقال إن شريعة الإسلام وكافة الشرائع السماوية ترفض هذه الحوادث.

وأكد أن هؤلاء الأبرياء الذين راحوا ضحية الغدر والخيانة، عصم الله دماءهم من فوق سبع سماوات، وأنَّ هذا الحادث الأليم تعرَّى عن كل معانى الإنسانية والحضارة، وشدد على أن المستهدف من هذا التفجير الإرهابى الجبان هو زعزعة أمن واستقرار مصرنا العزيزة ووحدة الشعب المصرى، الأمر الذى يتطلب تكاتف كافة مكونات الشعب، لتفويت الفرصة على هؤلاء المجرمين والتصدى لإجرامهم، مؤكدًا تضامنه مع الكنيسة المصرية فى مواجهة الإرهاب، وثقته الكبيرة فى قدرة رجال الأمن على تعقب الجناة وتقديمهم للعدالة الناجزة.

من جانبه أدان مجلس حكماء المسلمين التفجيرات الإرهابية، وأكد أن هذا العمل الإرهابى الجبان يخالف تعاليم الدين الإسلامى الحنيف وكافة الأعراف والشرائع السماوية التى تنهى عن المساس بدور العبادة وتدعو إلى حمايتها وصونها واحترامها، معربًا عن تضامنه مع كافة مؤسسات الدولة المصرية فى مواجهة هذا الإرهاب الغاشم.

إلا أن دار الإفتاء استندت إلى ما قاله الخليفة عمر بن الخطاب لتعلن رفضها استهداف الكنائس وقالت إن: «سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه تعهد بالأمان لأهل القدس، وأعطى لهم حريتهم الدينية والأمانَ لأنفسهم والسلامةَ لكنائسهم، وكتب لهم بذلك كتابًا جاء فيه: «أنه لا تُسكَنُ كنائسُهم ولا تُهدَمُ ولا يُنتَقَصُ منها ولا مِن حَيِّزها ولا من صَلِيبهم ولا من شىء من أموالهم، ولا يُكرَهون على دينهم، ولا يُضَارَّ أحد منهم»، وأكدت الإفتاء أن هذا هو الإسلام الحق، وما نراه الآن من تفجير للكنائس هو فعل إجرامى محض.

وأضافت: «إن الإرهابيين يصيبهم الجنون والهوس إذا وجدوا تقدمًا للوطن على أرض الواقع فهم أعداء التنمية والتقدم ويحاولون بث الذعر ونشر الفتن بين أبناء الوطن الواحد». 

من جانبه قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية إن التيارات الإرهابية تواصل منهجها الدموى التخريبى مستهدفة العلاقات الاجتماعية المتينة بين جناحى الوطن، سعيًا منها لإثارة الاحتقان الطائفى الذى فشلوا فى الوصول إليه مرارًا من خلال الأعمال التفجيرية التى فجروا بها الكنيسة البطرسية وأخيرًا كنيستى طنطا والإسكندرية الأحد الماضى.

وأكد مرصد الإفتاء أن الجماعات الإرهابية أصيبت بالهوس من النتائج الإيجابية لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى أمريكا ومدى التقارب الواضح فى رؤى الزعيمين المصرى والأمريكى تجاه محاصرة الإرهاب، ولقاءات الرئيس السيسى مع قيادات وأعضاء الكونجرس الأمريكى، ويقين التيارات الإرهابية وفى مقدمتها جماعة الإخوان أن الخناق بدأ يقترب من رقابهم ليتم تصنيفهم رسميًّا فى أمريكا ضمن الجماعات الإرهابية، يضاف لذلك التقارب المصرى السعودى خلال القمة العربية الأخيرة الذى قطع على الإرهابيين ومن يدعمهم ظنون وجود خلاف بين البلدين.

وأشار المرصد إلى أن تلك العوامل مجتمعة يضاف إليها الحراك الاقتصادى الذى بدأ يشهده القطاع السياحى والاستثمارى حفز الإرهابيين لبث الرعب فى نفوس الجميع تجاه الوضع الداخلى بمصر، متجاهلين متانة وصلابة العلاقة المصرية بجناحيها الإسلامى والمسيحى، وأن الإخوة المسيحيين يدركون لعبة الإرهاب القذرة، وأن تماسكهم فى اللحمة الوطنية يثير حنق التكفيريين الذين لا يؤمنون بدين ولا وطن.

وأعلن مرصد فتاوى التكفير أن استهداف الكنيسة المرقسية بالإسكندرية وقبلها بساعات كنيسة طنطا يكشف أن الذئاب المنفردة التى هربت من عمليات الجيش المصرى العظيم فى تطهير أوكارهم بجبل الحلال، أرادت أن تعبث فى أماكن متفرقة من الوطن، مؤكدًا أن المصريين بمختلف فئاتهم معرضون لعمليات تفجيرية دون نظر إلى مذهب أو عقيدة.

من ناحية أخرى أكد مرصد الإفتاء أن الإرهابيين غيروا من استراتيجيتهم وخططهم للنيل من الكنائس بالبعد عن محور الاهتمام وهو القاهرة، فتوجهوا إلى كنيستى طنطا والإسكندرية على الرغم من أن ضرباتهم المعتادة كانت فى محور القاهرة، وهذا يدل على إصرار الإرهابيين على النيل من الوطن وأهله.

وأضاف المرصد أن الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية وتكوين علاقات دولية ناجحة والعودة إلى الساحة الدولية بقوة لمصر كسابق عهدها أصابته بالجنون فأراد حرق الوطن، لكن المرصد يعول على ثقافة الشعب وتلاحمه الذى يقف حائط صد فى وجه الإرهاب الأسود وصد الفتن والمؤامرات التى تحاك للوطن.

من جانبه قال الدكتور إبراهيم نجم - مستشار مفتى الجمهورية - إن حرب مصر على الإرهاب حرب وجود ومصير.

وأوضح أن توقيت الجريمتين يشير إلى أن قوى الإرهاب تسعى لإظهار الدولة بمظهر العاجز عن حماية مواطنيها، وتحاول بث الفتنة لزعزعة تماسك المجتمع، وتستهدف جهود مصر الدولية فى مكافحة الإرهاب، فالجريمة وقعت فى يوم احتفال إخوتنا المسيحيين المصريين بأحد الشعانين وازدحام الكنيسة بالمصلين، لإيقاع أكبر عدد من الضحايا، كما تأتى بعد الزيارة الناجحة للرئيس السيسى للولايات المتحدة، وتوافق الرؤية المصرية والأمريكية على تعزيز التعاون لمواجهة الإرهاب، يُضاف إلى ذلك أن الجريمة جاءت قبل زيارة بابا الفاتيكان لمصر فى نهاية شهر أبريل الجارى، التى من شأنها أن تسهم فى مواجهة الإرهاب والتطرف. وأضاف أن الإرهابيين يسعَون إلى توصيل رسالة خبيثة مفادها أنه لا مكان بعيد عن جرائمهم، فقد استهدفوا كنيسة مار جرجس بطنطا فى قلب دلتا النيل، ومحيط الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، لإثبات قدرتهم على الوصول إلى تلك الأماكن رغم كل الإجراءات الأمنية لزعزعة ثقة المواطنين بقوات الأمن.

من جانبهم أكد عدد من أئمة وزارة الأوقاف أن مثل هذه الحوادث الإرهابية لا علاقة لها بالأديان السماوية فضلًا عن أن الإسلام أوصانا القرآن الكريم بأهل الكتاب والحفاظ على كنائسهم وأعراضهم ودمائهم، وأكدوا أنه لا يجوز بأى حال من الأحوال استهداف الأقباط أو النيل منهم.

وقال الشيخ أحمد ترك مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف أن الإرهاب هو عدوُّ الإنسانية وعدوُّ الإسلام ويقصد إسقاط الوطن وإشعال الفتن وضرب علاقة المسلمين بإخوانهم المسيحيين ولا يخفى على أحد استهداف الإرهاب للمسلمين والمسيحيين على حدٍ سواء، وقد ذبح الإرهابيون من قبل الشيخ سليمان أبو حراز الذى تجاوز المائة عام فى شمال سيناء

وقال: «نناشد المصريين جميعًا الحفاظ على مصرنا المحروسة والعمل على تجاوز أزماتها بالوحدة الوطنية ونشر الأمل وقوة التماسك والتعاون والضرب على يد كل من يحاول تحويل أزمات مصر إلى كوارث حتى نعبر إلى بر الأمان سويًا وندعو شعب مصر العظيم بمقاومة أعداء مصر الذين يستخدمون الإرهاب وسيلة لضربها وإسقاطها، وأن كل المصريين (مسلمين ومسيحيين) أمة واحدة فى دولة عظيمة وعلى قلب رجل واحد لمواجهة تجار الدين الذين أرادوا خلق فوضى بين فئات الشعب المصرى».