السبت 1 يونيو 2024

«الهلال اليوم» ترصد حكايات البنات مع التحرش

13-4-2017 | 01:13

كتب: أسامة حمدي - يارا حلمي

التحرش، لفظ مخيف، وفعل خسيس، اعتاد المجتمع المصري على سماعه في وسائل الإعلام المختلفة، ومؤخرًا أثارت واقعة التعدي على «فتاة الشرقية» غضبًا مجتمعيًا واسعًا، ودشنت ناشطات على موقع التواصل الاجتماعي هاشتاج "#أول محاولة تحرش".

 وعلى هذا الهاشتاج كشفت بعض الفتيات عن وقائع تعرضن فيها للتحرش منذ الصغر، من الأقارب والجيران، فى المواصلات العامة والعمل والشوارع والمواسم والأعياد، ما يؤكد تفشي المرض في المجتمع المصري بشكل لا ينبغي علينا إغفاله.

واحتلت مصر المرتبة الثانية في الإحصائيات الدولية وتقارير منظمات الدفاع عن حقوق المرأة من حيث نسبة التحرش الجنسي على مستوى العالم، بنسبة 64%، وسبقتها في التصنيف دولة أفغانستان، التي احتلا المرتبة الأولى.

فتيات تسردن حكاياتهن مع التحرش

قالت "إسراء . ر": «تعرضت للتحرش مرات عديدة، ربما أكثر من أن أحصرها، بدأت في سن مبكرة، كان عمري 11 عاما، وكنت ألعب في العمارة التي أسكن بها، وتحرش بي أحد جيراننا، كان عمره وقتها 15 عامًا، لمس أجزاء حساسة من جسدي، ولم أتمكن من الصراخ، لكن نظرة صادمة ظلت على وجهي منذ لمسني حتى دخلت شقتنا بعد دقائق، ولاحظت أمي ذهولي وارتباكي، لكني لم أتكلم معها في أي شيء، وتعرضت للتحرش بعد ذلك في وسائل المواصلات، سواء باللمس أو باللفظ، ولم أستطع اتخاذ أي موقف تجاه المتحرش، خشية رد فعل الناس، ودائما كانت لديَّ قناعة أن أحدًا لن يساعدني، وربما يهاجمني المتحرش بصورة أكبر إذا اتخذت موقفا ضد أفعاله، خصوصا بعد أن سمعت عشرات الحكايات المشابهة، والتي تنتهي بأن تظل البنت ضحية».

وأكدت "منى. ع": «تعرضت للتحرش للمرة الأولى عندما كان عمرى 15 عامًا، عندما توجهت وحدي لحديقة الحيوان بالجيزة، وبينما كنت أسير وجدت عددًا من الشباب يقترب، وبادر أحدهم بلمس مناطق العفة بجسدي، صرخت ونهرته، فضحك أصدقاؤه، ما دفعه لصفعي، فتشبثت بقميصه الذي تمزق بين يدي، ولحسن الحظ تجمَّع بعض المواطنين، وتطوعوا بالقصاص منه، وجاء الأمن الذي اصطحب الولد بعد هروب من كانوا معه، ولم اهتم بتحرير محضر ضده.

وأشارت منى إلى أنها تعرضت للتحرش اللفظي بعدها بفترة من سائق تاكسي، وكانت بمفردها، وتابعت: "كنت اتخذت قرارًا بعد المرة الأولى ألا أسمح لأي شخص بإيذائي لا بلمسي ولا بأي شكل آخر، وعندما وصف السائق مناطق بجسدي بألفاظ جنسية، بادرت بسبابه، فسكت وبدت عليه الصدمة".

أما سارة، فكانت لها قصة أخرى مع سائق الميكروباص الذي تعمَّد لمس قدمها بيده أكثر من مرة خلال القيادة، والاحتكاك بجسدها لأنها تجلس في المقعد المجاور لها، وقالت "أبديت اشمئزازي من الموقف، ثم نبهت عليه أن يبتعد بعض الشيء، لم يُجب مطلقا، وبعد نزول الفتاة التي كانت تجاورني في المقعد انتقلت مكانها كي أبتعد عنه، لكن لسوء الحظ نزل كل من كانوا في الميكروباص قبل محطة نزولي، ما منحه فرصة لفتح بنطاله، والكشف عن عورته، فشعرت بالرعب ولم أتمالك نفسي، وصرخت بشكل هستيري، حتى أوقف الميكروباص وأنزلي بعد أن سبَّني بأبشع الألفاظ".

ضعف الجانب التشريعي

وينص قانون التحرش في المادة 306 مكرر (أ) من قانون العقوبات المصري على: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية".

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيها و بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه، وفي حالة العودة تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.

وقالت الدكتورة فادية أبوشهبة، أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية: جريمة التحرش لا زالت حتى الآن مجرد جنحة فقط، ولم تصل إلى حد الجناية في القانون المصري، ما يجعل البعض يجرؤ على ارتكابها كثيرًا، وهى مرض اجتماعي لا يقل خطورة عن الاغتصاب، والذي يعد جناية في القانون، والقانون الفرنسي الذي تم نقله إلى مصر ينص على أن التعرض للأنثى بمعنى المعاكسة اللفظية فهو تحرش لفظي ويعد جنحة ، أما هتك العرض وهو لمس المتحرش لأجزاء من جسدها فهنا قد تصل العقوبة في القانون إلى الجناية.

الشيخ راضي عبد الهادي، إمام وخطيب بالأوقاف، أرجع تكرار حوادث التحرش لعدة أسباب، في مقدمتها مشاهدة الأفلام الإباحية وغياب الرقابة الأسرية ونصائح الوالدين وتفاعلهم مع الأبناء وتركهم فريسة للإنترنت، بالإضافة إلى عدم الالتزام الديني، وتابع غالبية من يقدمن على مثل هذا الممارسات غير ملتزمين بالصلاة، كما أن تبرج الفتيات في ملابسهن ولا سيما الشفافة منها يثير غرائز ضعفاء النفوس من الشباب، وهو ما يضاعف من حجم الظاهرة.

وشدد «عبدالهادي» على دور الأسرة في مراقبة وتوعية الأبناء، وتخصيص برامج في القنوات الفضائية تحض على الفضيلة وتحذر من الرذيلة، بالإضافة إلى التوعية المدرسية والجامعية من خطورة التحرش نفسيا واجتماعيا وجسديا.