الجمعة 10 مايو 2024

التحرش والعنف

13-4-2017 | 09:30

بقلم : د.عزة كامل

من منا يستطيع أن ينفى الكم الهائل من العنف الذي تتعرض له - وما زالت - النساء والفتيات فى مصر وخاصة التحرش الجنسي في الشارع وفي أماكن العمل وفى الحقل وفي المدارس والجامعات والحضانات ؟!

تتعدد أشكال التحرش الجنسي بالنساء والفتيات منها على سبيل المثال لا الحصر، التحرش الجماعي، التحرش بالملاحقة والتتبع، التحرش بمكالمات التليفون، التحرش باللمس، التحرش بالتعري.       

 بالإضافة إلى انتشار ضرب التلميذات الصغيرات ببعض المدارس لأنهن غير محجبات وقص شعرهن، والاعتداء الجنسي على الصغيرات وقتل بعضهن بل وصل الأمر إلى اغتصاب الرضيعات، ووفاة العشرات من الفتيات بسبب استمرار ممارسة جريمة ختان الإناث رغم تجريم القانون لها.

ومع صعود الأصولية الدينية تفشت أفكار صارمة حول الهوية الثقافية والدين وانتشرت الفتاوى التكفرية والإقصائية التى أباحت سفك الدماء وملاحقة الفتيات والنساء وتهديدهن بالخطف والتحرش.

تحتل مصر المرتبة الثانية على العالم بعد أفغانستان في التحرش الجنسي حسب تقرير لمكتب شكاوى المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر لعام 2012.

كشفت دراسة أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان مع الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عام 2016, أن نحو 2.5 مليون امرأة مصرية يعانين أشكالا من التحرش الجنسى فى الشوارع، وأن أكثر من مليون و700 ألف يتعرضن للتحرش بمختلف أشكاله ودرجاته فى المواصلات العامة، ونحو 16 ألف فتاة من عمر 18 عاما يجرى التحرش بهن فى المؤسسات التعليمية سنويا.

لا يوجد بلد أو ثقافة خالية من العنف ضد المرأة، فالعنف ظاهرة عالمية ومحلية وهو عابر للحدود الثقافية والدينية والاقتصادية ويؤثر على النساء من كل طبقة ودين وجنس وعمر، وتستخدم العادات والتقاليد القيم الدينية المنبثقة عن ثقافة المجتمع لترسيخ النزعة الأبوية وعلاقات السيطرة المنهجية للرجال على النساء التى غرزت جذورها بدورها فى الهياكل القانونية والسياسىة وأوجدت تربة خصبة لتبرر العنف ضد المرأة (تزويج الأطفال، ختان الإناث، التحرش والاغتصاب, فرض الحجاب، الجرائم المرتكبة باسم الشرف، الحرمان من التنقل، الحرمان من الميراث، واتخاذ القرار.. الخ).

إن العنف ضد المرأة له عواقب وتكاليف اجتماعية واقتصادية باهظة على المرأة وأطفالها والمجتمع  فالمرأة التي تتعرض للعنف تعاني سلسلة من المشاكل النفسية والصحية وتنخفض قدرتها على كسب رزقها والمشاركة في الحياة العامة، ويصبح أطفالها أكثر عرضة لمخاطر المشاكل الصحية، والأداء المتدني في المدرسة والاضطرابات السلوكية ولا تقف تكاليف العنف ضد المرأة بالإضافة إلى التكاليف البشرية عند انخفاض الإنتاج الاقتصادي وانخفاض تكوين رأس المال البشرى، وإنما تشمل أيضا التكاليف المرتبطة بعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي بنقل العنف من جيل إلى جيل إلا أن أكبر تكلفة لهذا العنف هو تكلفة الألم والمعاناة والإهانة والإذلال والابتزاز والخوف وكسر الإرادة.

انتشرت واتسعت منذ ست سنوات الحملات التى تطالب بالقضاء على العنف ضد المرأة من أجل التأثير على صانعي السياسات لتحقيق فضاء آمن للنساء خال من العنف والتمييز، فلا يمكن القضاء على العنف ضد المرأة من دون الإرادة السياسية والالتزام على أعلى المستويات لجعله ذا أولوية من خلال التشريع وتخصيص الموارد الكافية ووضع آليات لمعالجة العنف ضد المرأة وإدانة وتجريم العنف، واعتماد خطط تشمل تقديم الدعم النفسي والقانوني والصحي للناجيات من العنف ورفع مستوى المعرفة والتوعية والتدريب وبناء القدرات ومحاكمة مرتكبي العنف ومعاقبتهم وإعادة تأهيلهم على أن يكون ذلك من خلال نهج متعدد التخصصات يشمل نظام القضاء الجنائي والعناية الصحية ووسائط الإعلام ونظام التعليم ومحاربة الصورة النمطية عن المرأة والرجل في الإعلام الرسمي وغيره وكذلك إدماج نشر برامج التربية المدنية في المناهج التربوية التي تركز على مفهوم التنوع والشمول والمساواة وعدم التمييز ونبذ العنف.. الخ.

يجب أن نكسر حاجز الصمت لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات ويجب على الحكومة أن تسرع بإصدار قانون يجرم العنف ضد المرأة وخاصة أن المجلس القومى للمرأة تقدم بمشروع قانون، كما يجب أن تنشأ آليات لحماية المرأة من العنف وتخصص الميزانيات اللازمة لذلك وتفتح مجال التعاون والشراكة الحقيقية مع منظمات المجتمع المدنى فى مجال إنهاء العنف من خلال التوجه إلى القرى والنجوع والمحافظات المختلفة وعقد المناظرات والندوات والمناقشات والحلقات الدراسية والأعمال الفنية فى المدارس والجامعات والمصانع وأماكن العمل والنوادى وقصور الثقافة والبرامج الإعلامية وفى القطاع الأعمال الخاص.

    Dr.Radwa
    Egypt Air