الأربعاء 25 سبتمبر 2024

خديجة طلبة .. المرأة التى أشعلت الثورة

15-4-2017 | 11:52

بقلم : ماجدة محمود

قبل اندلاع ثورة 1919 وتحديدا 30 مارس من نفس العام خاض أهالى قرية «نزلة الشوبك » التابعة لمحافظة الجيزة حربا ضروسا متصدين بالعصى والفؤوس لقوات الاحتلال الإنجليزى فى مواجهة البنادق والمدافع الرشاشة ، وكانت الشهيدة خديجة طلبة هى أول من أشعلت ثورة ١٩١٩ فى ما بعد نتيجة لإستشهادها أثناء هذه الموقعة .

بداية القصة تعود إلى تصدى أهالى قرية نزلة الشوبك لقطار جنود الاحتال الإنجليزى الذى كان متجها إلى صعيد مصر لإخماد الثورة حيث قطعوا الشريط الحديدى وفككوا القضبان وألقوها فى مياه الترعة ما أدى إلى انقاب القطار المحمل بالجنود فى المياه باستثناء أربع عربات توقفت قبل أن تسقط فى الماء ، نزل الجنود من العربات الأربع وقاموا بتدمير القرية بأكملها بعد أن فقدوا 56 جنديا مقابل 21 رجا إضافة إلى سيدتين إحداهما كانت خديجة طلبة التى فقدت عائلتها فى هذه المعركة.

ويذكر التاريخ بطولات مدهشة ساهمت فيها نساء القرية دفاعا عن الأرض والعرض ومن بين ما روى من بطولات قيام السيدات بإطاق النحل من داخل خلاياه ليلدغ جنود الاستعمار وقد ساعد هذا الفعل كثيرا فى هروب الجنود بعيدا عن المنازل خوفا من لدغ النحل ولعدم قدرتهم على التصدى له أو اصطياده ، رواية أخرى تحكى عن جندى صادف بيتًا مفتوحًا كعادة بيوت الفلاحين ،  فدلف إليه ولما وجد امرأة تجلس فى بهو الدار ترضع طفلها الصغير وقف يتلمظ بشفتيه وحاول الاعتداء عليها فصرخت المرأة مستنجدة بزوجها فهب الرجل ليدافع عن شرفه ولكن الجندى عاجله برصاصة سريعة أردته قتياً ولما تكرر هذا المشهد أكثر من مرة وفى أكثر من بيت دفع الأهالى وعددهم آنذاك 2000 نسمة إلى الثورة للدفاع عن أعراضهم وحرمات بيوتهم واشتبكوا مع الجنود فى معركة رهيبة استخدموا فيها العصى والبلط والفؤوس فى مواجهة غير متكافئة استمرت لأيام ودفعت الجنود من شدة الغيظ إلى إحراق القرية وإلقاء القبض على 5 من شيوخها وشبابها وهم: «عبد الغنى إبراهيم، وشقيقه عبد الرحيم، وابنه محمد عبد الرحيم، وعبد الصمد العقبي، وخفاجة إبراهيم خفاجة ،» وأخذوهم سرًا إلى قطارهم، وفى صباح أول أبريل وجدوا مجردين من ثيابهم ومدفون إلى نصفهم ن فى التراب وقد مزق الرصاص أجسادهم، وإضافة إلى تلك الجريمة ألقى جنود الاحتال القبض على أبو المجد طلبة عمدة القرية وكان فى السبعين من عمره ونقلوه إلى محكمة الواسطى بتهمة قتل 56 جنديًا وحاولوا إكراهه على الاعتراف بأسماء شركائه فى «الجريمة » مقابل إطاق سراحه ولكن الأهالى هبوا ثائرين فى القرية والقرى المجاورة لها مثل «البدرشين والعزيزية ومزغونة والعياط »، وانتهى الأمر بالإفراج عن العمدة ، هذه واحدة من كثير من الملاحم العظيمة لأهالى مدينة الجيزة التى وقع اختيار الزعيم جمال عبدالناصر على الاحتفال بعيدها فى 31 مارس من كل عام تخليدا لشهداء نزلة الشوبك الذين ضحوا بأرواحهم دفاعا عن أهاليهم فى الصعيد الذى كان يقصده قطار الاحتال لإخماد الثورة هناك.

الجيزة تتجمل فى يوم العيد بكل ما فيها من حضارة وجمال ولم لا وهى تحتوى على بقايا مدينة منف أو ممفيس العاصمة الأولى للدولة المصرية بعد توحيد قطريها على يد نارمر، كما كانت عاصمة مصر فى عهد الفراعنة الأوائل، وبنى فيها خوفو هرمه الذى صار من عجائب الدنيا السبع القديمة وبمسافة غير بعيدة عن الأهرامات يوجد تمثال أبو الهول الذى يلعب دوره الآن يومياً، ليحكى تاريخ مصر القديم، وذلك عن طريق عروض الصوت والضوء، علاوة على ما تشتمل عليه المحافظة من العديد من المتاحف مثل متحف حديقة الحيوان، ومتحف الفن الحديث، ومتحف محمود مختار، ومتحف محمد خليل، وحتى بعد انتقال العاصمة إلى طيبة «الأقصر » ظلت الجيزة هى محور الالتقاء ب ن شمال مصر وجنوبها وفى العصر الإسامى احتلت مكانة هامة لقربها من عواصم مصر الإسامية مثل الفسطاط والقطائع ثم القاهرة.

وانطلاقا من الاحتفال الذى بدأ الأسبوع الماضى ويستمر حتى نهاية الأسبوع الأول من أبريل أضاء اللواء كمال الدالى شعلة النصب التذكارى بالقرية والتى تحمل أسماء الشهداء البالغ عددهم 23 شهيدًا.

تحية إعزاز وتقدير إلى أهالى الجيزة فى يوم عيدهم الذى يعيد إلى الأذهان ملحمة بطولة من تاريخ هذا الشعب العظيم.