الدكتور رشاد عبد اللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان: هذه المصطلحات الغربية أثرت سلبياً على مجتمعاتنا العربية
الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية:" المجتمع المصري يعاني فجوة واسعة بين طبقاته
بسمة محمود، أخصائية اجتماعية: البنات open mind غالباً ما يمتلكون فكر مختلف سواء فكر مجتمعي أو فكر ثقافي أو حتى فكر ديني
تداخلت مبادئنا وعاداتنا مع أفكار مشوهة حملتها لنا رياح الثقافات الغربية، فمسخت ملامح شبابنا وجعلته فريسة سهلة لكل ما هو جديد، دون النظر إلى عمقه وتبعاته، ال"open mind" و "close mind" مصطلحان يتم تداولهما بشكل ملحوظ بين الشباب والفتيات، إلا أنه عندما تسأل أحد عن معنى المصطلحين، يعطيك إجابة غير واضحة، وربما تندهش بجهله التام، والغريب أن هناك شباب يقولون عن أنفسهم " open mind" لكن تفاجئ من خلال تعاملاته وتفكيره أنه شخص منغلق جداً، أو العكس.
"الهلال اليوم" رصدت آراء عدداً من الشباب والفتيات عن مفهوم " open mind"، حيث تم استطلاع آراء بعض طلاب الجامعة وبعض الشباب في شوارع القاهرة للتعرّف عن ماهيّة مواصفات الشخص الـ"open mind" وكيف يرونه، وهو ما ستبينه السطور القادمة
جولة بين طلاب الجامعة
سلمى، طالبة بكلية دار علوم، قالت إن الشباب يسيئون مفهوم "open mind"، حيث تعتقد بعض الفتيات مثلاً أن خلع الحجاب ولبس الجينز واتخاذ boyfriend لها، وقول الألفاظ البذيئة والشتائم الفجة، هو عنوان للفكر المتحرر، كذلك هو الحال بالنسبة للشباب الذين يفسرون معنى ال"open mind" تفسير خاطئ، كأن يقوم بأي فعل جنوني أو خطأ مبرراً فعلته بأنه شاب open mind.
بينما تقول أمل ، طالبة بكلية الحقوق، جامعة القاهرة: مصطلح ال open mind، أصبح متداول بكثرة بين الشباب، مشيرة إلى أن البعض يستخدمها بهدف التستر على قضايا وظواهر أصبحت بمثابة الآفات المجتمعية؛ فهناك العديد من الكوارث المجتمعية التي يفعلها الشباب مبررين ذلك بأنه عقيلة متفتحة و أوبن مايند، مثل شرب السجائر أو المخدرات أو كممارسته لعلاقة غير شرعية، أو ما يعرف ب sexphoneأوsexualhome، مشيرة إلى أنهم يرون في ذلك تحرراً فكرياً.
وقالت أسماء، طالبة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن هذه الظاهرة انتشرت بالفعل بين الشباب والبنات، رغم أنهم لا يعلمون في الأساس معنى هذا المصطلح، فقد نرى شاب يطلق على نفسه إنه "open mind" وعندما تتعامل معه تكتشف إنه شخصية منغلقة جداً.
وترى أسماء إن مصطلح "open mind" أو "free mind" معناه أن يكون العقل متفتح متعلم وناضج ومثقف، له أسس وعقائد ثابتة يؤمن بها ، ولديه مرونة وقابل للتجديد والحوار والنقاش بما يناسب ثقافة مجتمعه وشخصيته ومعتقداته الدينية.
يقول أحمد ،طالب بكلية دار العلوم جامعة القاهرة: إن الشاب المصري يترجم الحرية والتحضر والعولمة في إطار محدد يتمثل في إقامة العلاقات غير الشرعية، واقتراف الأفعال الماجنة والغريبة عن مجتمعنا وديننا، مشيراً إلى أن سبب ذلك قد يكون في زيادة الانغلاق على الشباب، فقد ينشأ في أسرة منغلقة ومتشددة، ليتعامل بعد ذلك بشكل خاطئ في المجتمع كأنه كان محبوس ثم تم الإفراج عنه، فهو يريد أن يفعل أي شيء في أي وقت وأي مكان، بحسب تعبيره.
وأضاف: هناك من الشباب من يطلقون على الشخصية ال " open mind " من خلال لبسها ومظهرها الخارجي ، وطريقة تعاملها مع أصدقائها، فمثلاً لما واحده تلبس ميكرو جيب وبادي كاب أوبنطلون مقطّع وتحط مكياج صارخ بيقولوا عليها دي متحررة , ولما تسمح لأولادها إنهم يشربوا من صغرهم مثلاً سجائر ويلبسوا اللي هما عايزينه ويسهروا وحاجات كتيره غير مناسبة لسنهم بيقولوا عنها متحررة.
وهناك من الفتيات التي رأت أن الشخصية المتحررة تكون فرصة زواجها أسرع، حيث قالت ولاء 27 سنة : إن الفتاة المتحررة لها فرصة أكثر في الزواج لأن فرصة التقائها بالشباب أكثر، مضيفة أنه ليس كل الشباب في مجتمعنا يفضلون الفتاة المحافظة والمحتشمة، وأنه في بعض الأحيان، قد تجد شاب محافظ متزوج من فتاة متحررة نالت إعجابه مشيرة إلى أن الشاب يعتقد أن الفتاة المحافظة قد لا تمتلك ما تمتلكه الفتاه المحررة، موضحة أن التحرر في المجتمعات العربية يُساء فهمه حيث يُقال أن تلك الفتاة متحررة عندما تلبس مكشوف وشفاف وقصير وعندما تصاحب أكثر عدد من الشباب بحجّة التعرّف عليهم.
الـ "open mind" في عيون الخبراء
خبراء علم الاجتماع يوضحون مفهوم هذه الظاهرة، وأسبابها وأثرها على المجتمع المصري وفئة الشباب تحديدا، حيث تقول بسمة محمود، أخصائية اجتماعية، إن ال open mind معناها شخص متعلم وناضج ومثقف ومتفهم للحياة من خلال أسس وعقائد ثابتة بداخله، غالبا ما تكون قابلة للتجديد بما يتناسب مع معتقداته الدينية والاجتماعية، أما الـfree mind أو الشخصية المتحررة هي مفهوم أطلق الأمريكان والأوروبيون ، والذي يعطي الصورة المعروفة للغرب بكل التفاصيل الحياتية التي تبدو غريبة وشاذة عن أفكار ومعتقدات وتقاليد مجتمعاتنا العربية.
وأضافت: أنه نتيجة العولمة وانفتاح العالم على بعضه ليصبح بمثابة القرية الواحدة ،جعل الكثير من شبابنا العربي يرى الشخصية صاحبة العقل المتفتح والمعروفة بـ "open mind" كما لو كانت " free mind" النسخة الأوروبية، فأصبح شبابنا العربي من الجنسين يرون أن الشخصية ذو العقل المتفتح "open mind" هي النموذج الأوروبي، ليترجموا معنى الحرية بالعري وتسقيط البنطلون وممارسة الأفعال الشاذة والعلاقات الغير شرعية وشرب الخمور وغيره.
كما أوضحت أن هناك الكثير من الفتيات في المجتمع المصري اضطررن إلى ترك أسرهن والاستقلال في منزل بمفردهن في مدينة أخرى غير التي تقطنها عائلتها ، وذلك يكون لظروف دراستها أو عملها ، وقد تضطر أيضا إلى السفر إلى بلد أخرى في قارة أخرى للعمل، بعيداً عن كونها أوبن مايند أو فري مايند ، لكن ما يحدث أن المجتمع قد يسئ فهم ذلك ، فينظر الشاب لها بمنظور خاطئ معتقداً إنها فتاة متحررة بالمفهوم الأوروبي.
وأضافت بسمة: كذلك الحال بالنسبة للملابس، فالمجتمع يرى الفتاة المحجبة بأنها فتاة مهذبة وذات أخلاق ومتدينة، في حين يروا الفتاة الغير محجبة بأنها متحررة ، مع العلم أن لبسها قد يكون بسيط وغير عار، لذلك لابد من تغيير هذه النظرة المجتمعية الغير سليمة.
كما أوضحت أن غالبية الشباب، في بداية علاقته بأي فتاة ،يسألها هل أنتي "open mind" ، فترد بنعم أنا "open mind" ،وبدوره يفهم ذلك أنه يمكنه إقامة علاقة غير شرعية معها، لكن يفاجئ أنها ترفض ذلك لأنها لا تقصد بالopen mind ، أن تقيم علاقة خارج حدود الشرع والدين، مشيرة إلى أن البنات open mind غالباً ما يمتلكن فكر مختلف سواء فكر مجتمعي أو فكر ثقافي او حتى فكر ديني بأفكار قابله للمنطق والحريات وهذا ما يجعلها تصطدم مع من حولها من أصحاب العقول الغير قابله للتجديد ،وهذا ما يؤدي إلى تأخرها في الزواج نتيجة افكارها ومعتقداته وثقافتها التي لا تتوائم مع غيرها ممن لا يفهمون طبيعة وثقافة عالمها الخاص، مضيفة أن هناك ازدواجيه في المعايير لدى الشباب تمنعهم من التواصل وفهم بعضهم البعض وبالتالي تأخر سن الزواج عند الرجل والمرأة على حد سواء.
الدكتور رشاد عبد اللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان يوضح الظاهرة قائلا إن الفهم الغير صحيح لمعنى الحرية وحقوق الإنسان هي التي أدت إلى سوء فهم مصطلح ال"open mind" مشيراً إلى أن مفهوم هذا المصطلح عند البعض دلالاته الغاية تبرر الوسيلة؛ بمعنى أنه لو أراد الانحراف أو السرقة أو ما تقوم بعض الفتيات بترك أهلها والاستقلال عنهم ، حينئذِ تطلق على نفسها إنها شخصية "open mind"، بالإضافة إلى عدم التنشئة الاجتماعية الغير ملائمة بما يتناسب مع عادات وتقاليد مجتمع عربي متدين.
كما أكد على أن هذه المصطلحات الغربية أثرت سلبياً على مجتمعاتنا العربية، حيث زادت نسبة العنوسة ،والعلاقات الغير شرعية، وارتفعت نسبة الطلاق ، والرشاوي وغيرها من الجرائم الأخلاقية التي تمارس تحت مظلة هذه الأفكار والمصطلحات.
الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية يرى أن كل طبقة ثقافة مختلفة عن الأخرى، مشيراً إلى أن المجتمع المصري يعاني فجوة واسعة بين طبقاته وهو ما أثر بشكل واضح على وجود فجوة بين ثقافاته.
موضحا أن الطبقات ذات المستوى الاقتصادي المرتفع تختلف ثقافتهم عن الطبقات المتوسطة والطبقات المتدنية ، كذلك ثقافة القرية تختلف عن ثقافة المدينة، مشيرا إلى أن كل طبقة وكل فئة تفسر أي مصطلح أو ظاهرة سواء كان "open mind" أو غيرها من منظورها الثقافي والاجتماعي الخاص ، فالمجتمع المصري غير موّحد الثقافة ، بل هو مجتمع متعدد الثقافات والآراء ، فما يفعله هذا لا يفعله ذاك، وما يراه هذا لا يراه الآخر وهكذا.