دفعت حالة
الهلع السائدة بسبب تهديد فيروس كورونا للعالم أجمع، المواطنين للجوء إلى شراء
وتخزين السلع بكميات كبيرة، فيما حذر برلمانيون وخبراء من تداعيات ذلك على الأسواق
ولجوء بعض التجار لإخفاء السلع وزيادة أسعارها، مؤكدين أنه يجب تفعيل دور جهاز
حماية المستهلك ومباحث التموين لضبط الأسواق، لكن الأمر يتطلب أيضا مشاركة مجتمعية
لأن الأجهزة الرقابية لن تنجح وحدها في التصدي لهذه الممارسات.
ووجّه
الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، أمس بالتعامل بقبضة من حديد مع المتاجرين بالسلع
والذين يتعمدون إخفاءها، أو يرفعون الأسعار بلا مبرر، قائلًا: "تعاملوا معهم بمنتهى
الشدة، لن نسمح لأحد بأن يخلق أزمة، ولن نرحم المتاجرين والمتربحين من الأزمات"،
مٌكلفا مباحث التموين، وجهاز حماية المستهلك بشن حملات على المخالفين بجميع المحافظات.
ومن
جانبه، أكد الدكتور على المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، أهمية وحتمية التحرك
الفوري من كافة الأجهزة الرقابية بوزارة التموين والجهات التابعة بهدف ضبط الأسواق
والأسعار والرقابة الصارمة على أسعار وجودة المنتجات المباعة للمواطنين وخاصة السلع
المتعلقة بالمنظفات والمطهرات ومستلزمات الوقاية والنظافة للحد من التلاعب بالأسعار
أو حالات الغش التجاري.
وشدد على
أن الدولة بكافة أجهزتها وأذرعها الرقابية التنفيذية ستتصدى بكل حزم وقوة لكل من تسول
له نفسه التلاعب بمقدرات المواطن المصري، وأن ما تشهده البلاد في هذه الظروف الاستثنائية
تحتم على الجميع التصدي بالقانون لأي مخالفات تجارية قد ترتكب في حق المواطنين سواء
كانت تلاعب في الأسعار أو غش في المنتجات أو حجب للسلع عن التداول وتخزينها بهدف تعطيش
الأسواق.
وطالب المصيلحي،
المواطنين الإبلاغ الفوري عن أي مخالفات قد ترتكب من جانب بعض التجار أثناء علميات
البيع والشراء سواء كانت في جودة المنتج أو سعره وغيرها من المخالفات ويتم التواصل
على الخط الساخن لجهاز حماية المستهلك (19588) او إرسال الشكوى على رقم تليفون الواتساب
الخاص بالجهاز (01281661880) وذلك على مدار 24 ساعة / 7 أيام في الأسبوع.
تجار الأزمات في كل وقت
أكد محمود العسقلاني، رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، وجود تجار
أزمات في كل وقت، الذين يستغلون أوقات الاضطرابات كأزمة فيروس كورونا حاليا للتربح،
وأن المهم هو دور المستهلكين وتعاملهم، لأن هذا الدور قد يساهم في تفاقم الأزمة أو
محاصرتها بشكل أو بآخر.
وقال في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، إن حالة الهلع لدى المواطنين مصدرها "السوشيال ميديا"
ووسائل الإعلام الأجنبية التي تسرب أخبار كاذبة مثل فرض حظر التجول وغيره، وهو أمر
يؤدي لذعر المواطنين وجعلهم يقبلون على الشراء بكثافة وتخزين السلع والمنتجات خشية
أية تداعيات مقبلة.
وأكد أن الحكومة
المصرية لديها مخزون استراتيجية من كل السلع الغذائية الاستراتيجية يكفي لأكثر من سنة،
وكل مؤسسات الدولة لديها خطط ومستعدة لكل العوامل أو الأزمات التي قد تطرأ، مضيفا أن
الحل الأمثل الآن لضبط الأسواق هو ألا يُفزع الناس والاكتفاء بما جرى سحبه والتوقف
عن حالة الهلع وشراء ما كان يتم شراؤه في الأيام العادية.
وأشار إلى
أهمية ألا يعتمد المواطنين إلا على المصادر ذات المعلومات الموثقة، وليس أي كلام مرسل
على مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفا أن سلوك المستهلكين قد يفاقم الأزمة لأن زيادة
السحب والشراء والتخزين سيدفع التجار لزيادة الأسعار بدون أي مبرر.
وأضاف، إن
الدولة تتخذ كافة الإجراءات الوقائية والاحترازية للتعامل مع أزمة فيروس كورونا، وعلى
المواطنين ألا يفزعوا وأن يستهلكوا ما كانوا يستهلكونه في الأوقات المعتادة بمعدل استهلاكهم
الطبيعي، مشيرا إلى أن الأجهزة والمؤسسات الرقابية يمكنها أن تراقب تعطيش السوق وحجب
السلع أو المتوافر منها.
دور الأجهزة الرقابية
ومن
جانبها، قالت سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعي لحماية المستهلك، إن تهديد فيروس كورونا
للعالم في الوقت الراهن، خلق حالة من الهلع لدى المواطنين، وإن كل طرف في المجتمع عليه
دور للتصدي لهذه الأزمة وينبغي أن يمارسه سواء الحكومة أو المواطنين أو الأجهزة الرقابية،
فسلوك المستهلك وقت الأزمات يمكنه أن يزيد حجم الأزمة أو يحاصرها.
وأضافت في
تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، عقد اجتماعا
مع الأجهزة التنفيذية، ووجه بأن تنزل وتراقب الأسواق بالتعاون مع الغرف التجارية باعتبارها
الطرف الثاني في المعادلة، إلى جانب دور جهاز حماية المستهلك ووزارة التموين، وكذلك
كافة الأجهزة المعنية بهذه الأزمة مثل وزارة الصحة.
وأشارت إلى
أن السلع التي شهدت إقبالا خلال الأيام القليلة الماضية تضمنت المطهرات والمعقمات والمناديل
والكمامات والمنتجات الغذائية، موضحة أنه من المهم إلى جانب زيادة حجم العرض من هذه
المنتجات ألا يسمح المواطن بالتلاعب أو زيادة الأسعار عن معدلها الطبيعي والإبلاغ عن
أية زيادات في الأسعار على الأرقام التي أعلنتها مؤسسات الدولة.
وأضافت، إن
بعض التجار قد يلجأون لإخفاء السلع ورفع أسعارها، ودور الأجهزة الرقابية والمؤسسات
المعنية مواجهة هؤلاء المحتكرين في الوقت الحالي، فضلا عن دور المواطن بألا يتكالب
على السلع بشكل أناني للحصول على أكبر كمية ممكنة لأن زيادة الطلب سيؤدي لخلق أزمة،
وكذلك الحصول على السلع من أماكنها المعروفة منعا لخلق سوق سوداء.
وأهابت بجميع
المواطنين بعدم اللجوء إلى التخزين بكميات أكبر من الاحتياج الفعلي لأنه لا يوجد ما
يدعو لذلك لأن الإنتاج متوفر، إلى جانب الاهتمام بالإجراءات الوقائية كالنظافة وغسل
اليدين وعدم التكدس والتواجد في أماكن مزدحمة.
جهاز
حماية المستهلك ومباحث التموين
فيما قال اللواء حسن السيد، عضو لجنة الشئون الاقتصادية
بمجلس النواب، إن ضبط الأسواق في الوقت الحالي في ظل حالة الهلع الشديدة لدى المواطنين
من أزمة فيروس كورونا يحتاج إلى تفعيل دور حماية المستهلك ومباحث التموين، مضيفا إن
قانون حماية المستهلك قوي وفي حالة تطبيقه سيواجه هذه الأزمات.
وأوضح في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أنه إلى جانب دور هذين الجهازين يجب أيضا أن يكون المستهلك
والتاجر على نفس المستوى من المسئولية، فالمستهلك لا يشتري إلا احتياجاته العادية وكذلك
التاجر لا يغالي في الأسعار، مضيفا إنه في وقت الأزمات يزداد استغلال التجار ويرفعون
الأسعار حسب هواهم.
وأكد أن وسائل
الإعلام لها دور مهم في نشر الطمأنينة وتوضيح الحقائق للمواطنين لعلاج حالة الهلع السائدة
حاليا، لأن انتشار الفيروس في مصر لا يزال محدودا، مشيرا إلى أهمية التوعية بالإجراءات
الوقائية الصحيحة لعدم انتقال العدوى والعادات الصحيحة والخاطئة وكافة الإرشادات المطلوبة
للوقاية.
وأشار إلى
أن وزير التموين أكد أن المخزون الاستراتيجي من السلع يكفي حتى 29 شهرا، ولجوء المواطن
للتخزين ليس الحل لأن هذه السلع لها مدة صلاحية وقد تنتهي مدتها وتفسد دون الاستفادة
منها لأنها أكثر من احتياجاته الفعلية، موضحا أن الدولة واجهت العديد من الأمراض والأوبئة
في فترات سابقة مثل مرض الكوليرا الذي انتشر في وقت لم يكن هناك هذا الكم من المستشفيات
والإمكانيات وكذلك فيروسي أنفلونزا الطيور والخنازير.
وأضاف، يجب
التوعية بأن أزمة فيروس كورونا طارئة ومآلها إلى الانحسار في القريب العاجل، ولا خوف
على المخزون الاستراتيجي من السلع التموينية لأن مصر دولة منتجة.
مسئولية المجتمع
وقال قال محمد
بدراوي، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن الأسواق تعتمد على حالة العرض
والطلب وضبط الأسعار يتطلب زيادة المتاح من السلع، مشيرا إلى أن الوقت الحالي وفي ظل
أزمة فيروس كورونا تسود حالة من الخوف لدى المواطنين تدفعهم للشراء بكمية أكبر من اللازم
والتخزين وهو سلوك مجتمعي خاطئ.
وأوضح في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن المواطنين يشترون نحو 10 أضعاف احتياجاتهم الفعلية
من السلع للتخزين لشهر أو شهرين مقبلين رغم أنه لم يحدث أي متغير في البلاد يدفعهم
للخوف، ورغم طمأنة المسئولين في الدولة أن المخزون الاستراتيجي من السلع يكفي لأشهر
مقبلة.
وأكد أن عدد
حالات الإصابة بفيروس كورونا في مصر لا تتعدى 130 حالة إصابة وتوفي اثنين أحدهما ألماني
الجنسية والثانية مصرية، وهو عدد محدود مقارنة بمعدلات الإصابة والوفاة في كافة دول
العالم، مضيفا إن الكحول على سبيل المثال فقط تضاعف سعره لأضعاف بعد اندفاع الناس فجأة
لشرائه باعتباره مطهرا قوي المفعول في مواجهة الفيروسات.
وأشار إلى
أهمية التوعية بأن كورونا ليست وباء في مصر ومن يرغب في الاطمئنان على نفسه يجري التحاليل
اللازمة، والتعامل بتعقل مع هذه الأزمة، مؤكدا أن عبء ضبط الأسواق لا تتحمله الأجهزة
الرقابية كلها بل يجب على السلوك المجتمعي أن يكون منضبطا في ظل هذه الأزمة دون هلع
أو خوف.