الثلاثاء 24 سبتمبر 2024

العزل الذاتي لمواجهة كورونا بات واجبًا.. خبراء يحذرون: خسائر تفشي الفيروس أضعاف خسائر "البقاء في المنزل".. سيناريو أكثر ظلامًا يهدد الاقتصاد وفترة التعافي ستصبح مدتها أكبر

تحقيقات21-3-2020 | 18:39

يعد المجال الاقتصادى، أكثر المجالات التي تأثرت سلبًا بجائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، وفى الوقت الذي تعمل فيه الدولة بكامل طاقتها للسيطرة على انتشار الفيروس، للتخفيف من آثاره الصحية والاقتصادية، وعدم تفشي الفيروس كما حدث فى بلاد أخرى،  تقاعس عدد كبير من المواطنين عن الالتزام بتلك التعليمات ما يهدد بضياع تلك الجهود هباءً.

 

وحذر خبراء الاقتصاد، من تفاقم الأزمات الاقتصادية إذا ما تحول فيروس كورما المستجد "كوفيد-19" إلى وباء فى مصر، نتيجة هذا التقاعس، وعدم تقدير المواطنين لخطورة الموقف الذي تواجهه البلاد.

 

توقف الحياة نهائيًا أسوء النتائج:

 

في البداية، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن عليان أن المخاطر الاقتصادية فى حال التزام المواطنين بالحظر الذاتي لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد، وعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة، أقل بكثير من مخاطره فى حالة عدم الالتزام وبالتالي تفشي الوباء.

 

أضاف "عليان" فى تصريحات لـ"الهلال اليوم"، أن الحظر الذاتي يتمثل في تخفيف أعداد العمالة وبقاء الناس بالمنازل وغلق المقاهي والمولات والمحلات لفترات وليس دائمًا، وبالتالي استمرار الحياة ولكن بوتيرة أقل، لكن فى حالة تفشي الوباء ستقف الحياة نهائيًا، وتزيد نسبة الخسائر بصورة كبيرة يصعب تعويضها.

 

وأشار "عليان" إلى أن تأثير الحظر الذاتى على النواحي الاقتصادية له أشكال متعددة، منها خفض حجم الإنتاج بنسبة 50 بالمائة، كذلك المدارس والجامعات، كذلك تأثر حركة البيع والشراء بقرارات الغلق الجزئية بعض الوقت، هذا بخلاف القطاعات الأخرى مثل الطيران والسياحة، جميعها تأثرت وأصبح الوضع عدم تجحيم الإنفاق مقابل تأثر الوارادات ما يجعل دخل الفرد قد ينخفض لنسبة 50 بالمائة، فى الوقت الذي فيه الحكومة مطالبة بتعويض جزء من هذا الفارق وذلك عبر احتياطها، وبالفعل قامت بتوفير 100 مليار جنيه لسد العجز، وتعويض فارق الدخل الذي يشعر به المواطنين، ومساعدة حركة الإنتاج على الاستمرار لأن الأمر لا يزال تحت السيطرة.

 

واستطرد "عليان" أن الوضع فى حالة تفشي الوباء فيعني وقف كل ذلك وتكبد خسائر اقتصادية مضاعفة، فمن يعمل بنصف قوته لن يعمل نهائيًا، حجم الإنتاج سيقل لمعدلات خطيرة، ليس هذا فحسب بل أن الدول التى تعانى من التفشي لن تجد دعم من دول أخرى، ولا تواصل تجارى بسبب الخوف من انتقال العدوى، وسوف تتوقف حركات التبادل التجاري نهائيا ، مضيفًا أن حتى الدولة التى تعانى من وجود إصابات فقط وليس تفشي للوباء لن تستطيع الاستيراد من دول أخرى، وسوف تعتمد على التصدير فقط فى علاقاتها الخارجية لتأمين نفسها قدر المستطاع، كذلك الثقة فى الدول التي تتعامل مع إصابات محدودة وقادرة على استيعاب الفيروس سيكون أكبر من الدول التي تعانى من تفشي للوباء، فحاليا يمكن الاستيراد من الصين ولكن يصعب التعامل مع إيطاليا وهكذا، فالعلاقة الاقتصادية تبادلية وبالتالي سوف تتأثر  حسب وضع المرض فى كل دولة

 

وأكد "عليان" أنه فى حال الالتزام بتعليمات الدولة ومحاصرة الفيروس سيكون هناك فرصة لإعادة الأمور إلى نصابها، سواء عجلة الإنتاج أو السياحة أو حركة التجارة وأن كانت بصورة بطيئة بصورة بعض الشيء، أما فى حالة التفشي الأمر سيحتاج لوقت طويل وقد تفشل الدول فى تصحيح الأوضاع.


ودعى "عليان" إلى ضرورة الالتزام بالتعليمات والبقاء فى المنزل، مشيرًا إلى أن ما يفعله البعض يضيع جهود الدولة فى محاولات الخروج من الأزمة بأقل الخسائر.

 

سيناريو أكثر ظلامًا:

 

أما الخبير الاقتصادي أكد الخبير الاقتصادى وائل النحاس أن مرور العالم بأزمة اقتصادية كان مثار حديث وتوقعات منذ عام 2019، ومنذ عامين ترددت تصريحات عديدة حول قوع حدث سيؤثر على الاقتصاد العالمى فى الربع الأول من 2020.

 

وأضاف "النحاس" فى تصريحات خاصة لـ"الهلال اليوم" أن تلك الأزمة المتوقعة كانت ستجتاح الاقتصاد المصري، وتضرب كافة قطاعاته وليس قطاع واحد، حتى جاء فيروس كورونا ليزيد من سرعة وتيرة تلك الضربة، كوننا فعليًا نمر بموجة تصحيحية للاقتصاد العالمى بالكامل، وكان متوقع أن تستمر تلك الأزمة لمدة عامين، سواء بخسائرها أو مشاكلها أو تباعاتها، ولكن كورونا جاء فزاد من سرعتها ليس أكثر

 

وأكد "النحاس" أنه لابد أن ندرك أن ما يحدث حاليا هو مجرد بداية للأزمات فلم نصل بعد للمنتصف أو النهاية، لأن تلك الخسائر سوف تتعمق، ولن ينتهى الأمر عند شهر أو اثنين كما هو متوقع مع نهاية جائحة كورونا، فبعيدًا عن الوضع المحلى هناك شركات بالخارج أعلنت إفلاسها، ودول موقفها المالي بات سيئا ما يجعل علاقاتنا بالعالم الخارجى غير واضحة، خاصة مع بدء تسريح العمالة مع وقف القطاع السياحي والصادرات وحتى قطاع الملاحة مثل قناة السويس تأثرت بالتالي سيحدث نقص بالعملة الأجنبية، كل تلك الأزمات لاتزال فى البداية ومع تعمقها ستكون المشاكل أكبر، مشيرًا إلى أن كل هذه التطورات على حسب تأثير الفيروس والإجراءات المتخذة لمحاصرته.

 

وأشار "النحاس" إلى أن مصر واحدة من دول العالم التي من الطبيعي أن يتأثر اقتصادها بتلك الضربات المتلاحقة، وأن كان من الصعب حصرها الأن، لعدم وجود بيانات توضحها، ولكن قطاع الطيران على سبيل المثال يتكبد حاليا خسائر كبيرة، وفى الأساس هو من القطاعات التي كانت تعانى وبالتالي سوف تتعمق خسائره أكثر، كذلك قطاع السياحة سواء الشركات أوالمنتجعات أو الفنادق، والذي تأثر كثيرًا وتعرض لضربات قوية نتيجة الأزمة.

 

وتابع: "كذلك القطاع الصناعى، فبالنسبة للمصانع المغلقة كانت الدولة قد اتخذت قرارات بتعويضها وخصصت فعليا 100 مليار جنيه لانتشال تلك المصانع، ولكن الأمر توقف الأن، أما المصانع القائمة فهى تعانى من مشكلة كبيرة، فنحو 72 % من إجمالى الوارادات المصرية معظمها مواد تحت التصنيع، وبالتالي تلك المصانع سوف تعانى من نقص الامدادات لها كونها جميعها مستوردة، كذلك المصانع الحاصلة على قروض أو ماشابه ذلك سوف تعانى من أزمات اقتصادية كبيرة يتمثل فى التعثر مع القطاع المصرفى، حتى وإن لم يتم مطالبتها حاليا، ما يهدد وجودها، وبالتالي يهدد بنقص بعض السلع فى المستقبل، حتى وإن كانت تحت بند الصناعات البسيطة، و يؤثر سلبًا على المصنع كمنشأة،وعلى القطاع المصرفى فى مسألة التمويل بعد تعثر المصانع المتعاملة معه وهكذا".

 

ولفت "النحاس" إلى أن هناك شركات بالقطاع الخاص باتت تغلق أبوابها، فى الوقت الذي كانت تعانى فيه من ركود ليس سهلًا، هذا بخلاف البورصة التي وصلت خسائرها من يناير وحتى الأن ما يقارب 100 مليار، كما نعانى من  سحب استثمارات من أدوات الدين الحكومية، وسحب استثمارات من البورصة، فهناك تصدع والأمر بات يشبه كرة الثلج التى تزيد يوميًا وتسبب خسائر بالمليارات".

 

وتابع: "في حال زادت تلك الأزمة سوف تزادا تبعاتها ومضاعفاتها، وربما احتاج الأمر أعوام عدة لتصحيح المسار، فالآن نحن أمام غلق جزئي وتحركات جزئية، ولكن القادم ربما يكون أسوء وتتعمق المشكلات بصورة يعصب معها الاحتواء".

 

قطاعات بأكملها مهددة بالانهيار:

 

قال الخبير الاقتصادى عاطف حرز الله، أن خسائر فيروس كورونا لن تكون بسيطة، فعلى مستوى العالم قد تصل الخسائر الاقتصادية جراء الجائحة من 3 إلى 5 تريليون دولار، قابلة للزيادة نتيجة وجود العديد من القطاعات التي ستغلق أبوابها.

 

وأضاف "حرز الله" فى تصريحات لـ"الهلال اليوم": فى كل دولة هناك من مليون إلى  مليوني عامل سيتوقفون عن العمل، إما بسبب خفض العمالة أو تسريحها، مشيرًا إلى أن مصر من الدول التي ستعانى من تلك الخسارة، فعلى مستوى السياحة فقط، تخسر مصر مليار دولار شهريًا ، حيث أن دخل القطاع شهريًا يصل إلى مليار و200 ألف دولار كانت مصر  تسعى  إلى رفعها إلى 2 مليار دولار، ولكن الآن ومع غلق الفنادق ووقف الطيران ومنع التجمعات، وغلق الكافيهات، ومنع الرحلات النيلية، بات قطاع السياحة متوقفًا، ما يعنى أنه فى حال استمر الحظر لمدة 3 أشهر، ستتخطى الخسائر فى قطاع واحد 3 مليارات دولار.

 

وأشار "حرز الله" إلى أن هناك مشروعات وافتتاحات توقفت كانت تعول الدولة على توفيرها دخلا جيدا، منها افتتاح المتحف الجديد، الذي كانت تستعد مصر لدعوة العالم كله لحضوره، بخلاف المشروعات والاستثمارات والفاعليات التي ستتوقف بسبب تلك الجائحة التي نتمنى ألا تزيد فترة الحظر فيها أكثر من ذلك .


ونوه "حرز الله" أن قطاع الصناعة من القطاعات التي ستتكبد خسائر فى هذه الجائحة أيضا، حيث من المتوقع أن يغلق العديد من المصانع أبوابه كون المواد الخام المستخدمة فى التصنيع يتم استيرادها، ومع وقف الاستيراد ستتوقف تلك الصناعات، مستطردًا أن البورصة كذلك ستتكبد خسائر كبيرة، حيث شهدت البورصة  العالمية انهيارًا كبيرًا، ووصلت خسائر بورصة مصر إلى نصف مليار جنيه وهى خسائر كبيرة جدا فى وقت قصير.


وأكد "حرز الله" أن استعادة الاقتصاد لقدرته على النهوض لن تحدث قبل 6 أشهر من نهاية أزمة انتشار الوباء، والتي يشير البعض إلى استمرارها حتى يوليو المقبل كحد أدنى مشيرا إلى أن الدولة لم تكن مستعدة لهذه الأزمة.