الأتوبيس النهري أحد وسائل النقل المهملة داخل القاهرة الكبرى والتي من شأنها حل أزمة الزحام بالسير داخل شريان النيل، بما يساهم في الحد من حوادث الطرق التي باتت ألمًا يوميًا في جسد الدولة المصرية، ورغم ذلك بات المرفق الذي يقع في مسؤولية هيئة النقل العام، خارج نطاق الخدمة.
“الهلال اليوم" أجرت جولة ميدانية داخل إحدى محطات الأتوبيس النهري للوقوف على حجم الأزمة.
مرسى الأتوبيس النهري
أمام محطة الجيزة للأتوبيس النهري ترسو حافلة نهرية أمام المرسى في انتظار الراكبين لنقلهم إلى محطة التحرير بوسط العاصمة، وفي داخل كبينة القيادة يجلس "هاني خليل"، 40 عامًا، سائق الأتوبيس، ويحمل تذاكر مدون عليها 2 جنيه للفرد، والذي حدثنا: "الأتوبيس النهري أحسن وأمتع من الأتوبيس العادي لأن الواحد بيمشي في النيل بهدوء وراحة بعيدا عن الزحمة والناس بتتبسط لما تركبه بس للأسف ماحدش مهتم به"، لافتًا إلى أن الأتوبيس يتجه مباشرة إلى محطة واحدة، لأن تهالكه حال دون رسوه في أكثر من محطة.
أتوبيسات متهالكة
ويضيف السائق أن الأتوبيسات النهرية لا تنعم بأي اهتمام من الهيئة إضافة إلى عدم توفير الصيانة المطلوبة رغغم رصد ميزانية للأمر، كاشفا عن تكهين العديد من الأتوبيسات التي تعمل منذ 40 عاما داخل الجراجات بعد تهالكها بشكل تام نتيجة انعدام الصيانة.
مشاكل السائقين
وعن أزمات سائقي الأتوبيس يقول "هاني" إنه لم يتسلم الـ7% العلاوة المقررة من الدولة حتى الآن كما أن رواتبهم الأساسية لا تتجاوز الـ400 جنيه ولا تتخطى بعد الزيادة الـ1000 جنيه في الشهر ما يجعله غير قادر على تحمل أعباء المعيشة ومتطلبات أسرته من مأكل ومشرب.
تطوير شامل
ويرى "خليل" أن هيئة الأتوبيس النهري تحتاج إلى تطوير شامل يشمل إدخال أتوبيسات نهرية متطورة وجديدة لتوفير خدمة بجودة أعلى للمواطن واستغلال تلك الوسيلة بالشكل الأمثل لتقليل الزحام في الشوارع وإشعار المواطن بالراحة والبهجة، كونه أكثر الوسائل أمانًا إذ يوفر أطواق نجاة لإنقاذ الركاب وطفايات حريق لإخماد أي خطر.
خطة ووعود وزارة النقل
ويذكر أن وزارة النقل أعلنت فى أكتوبر 2014 اعتزامها عمل خطة تطوير جديدة بالتعاون مع وزارة المالية ومحافظة القاهرة والجيزة؛ لتطوير الأتوبيسات النهرية في الفترة المقبلة؛ من أجل تخفيف حدة الزحام والاتجاه إلى النقل البديل "النهري".
وتتضمن الخطة رفع عدد محطات الأتوبيس النهري من 16 محطة إلى 28، إلى جانب أسطول جديد حديث للأتوبيس النهري البالغ عدده حاليا “30 أتوبيسا” يعمل منها 10 فقط، كما أنها محدودة السرعة وعالية استهلاك للوقود وغير منتظمة في مواعيد الرحلات، كما أن طاقة الأتوبيس النهري الإجمالية حاليا لا تزيد على مليون و800 ألف راكب في العام بالكامل، ولكن رغم هذه القرارات لم يتم تنفيذ تلك الخطة حتى يومنا هذا.
فسحة نيلية
وعلى بعد خطوات من كابينة السائق تجلس أسر عديدة على مقاعد حديدية، والتقينا "هلال فؤاد" الذي يصطحب أسرته للتنزه داخل الأتوبيس قائلاً: "إحنا كل شم نسيم أو مناسبة بنركب الأتوبيس النهري عشان أفسح الأولاد لأنهم بيبقو مبسوطين لما يركبوا عشان بيشوفوا النيل من قريب وكمان سعره رخيص ومناسب لحالتى المادية"، مشيراً إلى أن الاتوبيس النهري وسيلة سريعة تشعره بالاستجمام وتريحه من الزحام وصخب الشوارع الذي يعانيه يوميا.
وسيلة صديقة للبيئة
ويرى "فؤاد" أن الأتوبيس النهري يحتاج إلى تطوير واهتمام أكثر من ذلك كونه أسرع من المواصلات العادية إذ يستغرق الوقت من الجيزة إلى التحرير 10 دقائق فقط بواقع أقل من المواصلات الأرضية التي قد تستغرق ساعة أو أكثر على حسب حالة الطريق والمرور، كما أنها وسيلة صديقة للبيئة، متمنيًا أن تمتلك الهيئة أتوبيسات حديثة كالتي توجد في الدول الأوروبية.