الأحد 26 مايو 2024

تحت مسمي الإعارات بالداخل والخارج .. اختفاء لوحات فنية بمئات الملايين من الجنيهات

17-4-2017 | 11:06

كتبت : شيماء محمود

لا يزال احتفاء العديد والعديد من اللوحات الفنية الهامة فى تاريخ مصر الحديث يمثل لغزا محيرا للمتابعين للحركة التشكيلية في مصر، مثل لوحة «الراهبة» للفنان أحمد صبرى التي اختفت ولم يتمكن قطاع الفنون التشكيلية من العثور عليها، تلك اللوحة التى فازت عنها بجائزة الشرف بصالون باريس سنة 1929 و يقدر ثمنها حاليا بـ75 مليون جنيه.. خرجت من مصر في السبعينيات، للمشاركة في أحد المعارض الخارجية، إلا أنها لم تعد، حيث تم نقلها إلى السفارة المصرية بواشنطن، ثم اختفت من هناك..وتضم أيضا قائمة اللوحات المختفية لوحة "ذات الجدائل الذهبية" للفنان محمود سعيد، التى تمت إعارتها أكثر من مرة، لكنها اختفت بسبب سوء المتابعة الحكومية واختفى مسارها.. هذا بالإضافة لما أثير أخيراً حول لوحةِ "قُبرص بعد العاصفة" للفنان محمود سعيد ايضا والمملوكَةٌ لقِطاعِ الفُنونِ التشكيلية وموثقة بالسجلِ تحتَ رقمِ 1297 ورقم المخزن 2 والتى خرجت كإعارة خارجية لمعرض مونتفيديو بأمريكا الجنوبية، ومنها إلى بعثة مصر بنيويورك، تاريخ17/6/1960، ليكونَ هذا مثواها الأخير لنفاجأ فى وقت تال، بأن تلك اللَّوحةَ الفنيَةَ قد أصبحت ضمن المقتنيات الرسمية "للمتحَفِ العربى للفن الحديثِ" كما أثار اختفاء لوحة «إنسان السد»، للفنان عبدالهادى الجزار، والمسجلة برقم 5972، فى متحف الفن الحديث، حالة من الجدل خاصة فى ظل انتشار شائعات حول سرقتها أو احتراقها فى مبنى الحزب الوطنى أثناء ثورة 25 يناير ..حيث تعود قصة اختفائها إلى عام 1967، عندما تم نقلها كإعارة ضمن 20 لوحة أخرى، من متحف الفن الحديث، إلى مبنى الاتحاد الاشتراكى، الذى تم إلغاؤه، لتضيع اللوحة مع بقية مقتنيات الاتحاد..هذا وغيره العديد والعديد من تاريخ مصر الذى يضيع خلال ما يسمى بالاعارات ..إلا أن فى محاولة جادة لتلافى هذه الكارثة الكبيرة استحدثت إدارة جديدة بقطاع الفنون التشكيلية فى عهد الفنان د. أحمد عبد الغنى تحت اسم إدارة استنساخ الأعمال الفنية التى تتصدر قائمة أهدافها تعميق دور الفن التشكيلى فى المجتمع ونشره من خلال العمل على وصول الفن التشكيلى إلى جميع الفئات وجميع المستويات الاجتماعية والثقافية .

إذا فعلت هذه الوحدة كانت ستحقق الهدف الأكبر وهو الحفاظ على الأعمال الفنية الأصلية المعارة لمؤسسات الدولة واستبدالها بمستنسخاتها حتى لا تحرم الجهات المستعيرة من تجميل مقراتها حفاظا على نشر الوعى بالفن التشكيلى باعتبارها ثروة قومية لن تتكرر ..والمسئولون على علم كم عدد اللوحات التى ضاعت وسرقت وسط الإعارات وهو ليس بالعدد القليل.

حيث كان من المفترض أن تقوم الوحدة باستنساخ الأعمال الفنية الموجودة بالمواقع الثقافية الفنية المختلفة التابعة للقطاع من متاحف فنية وقومية .

كما كان من اختصاصاتها هو طباعة مستنسخات لأصول الأعمال الفنية بأشكال مختلفة من الهدايا المتحفية من ملابس وطرز فنية مختلفة لتكون سهلة الاستخدام بما يحقق أيضا ربحا لصالح وزارة الثقافة..بذلك تحقق الإدارة عائدا للقطاع يجعله يعتمد على موارده بدلا من الاعتماد على خزانة الدولة ..مثله مثل صندوق التنمية الثقافية وقطاعات أخرى بالدولة.

وكان من ضمن طموحات تطوير تلك الوحده أيضا تجميل الميادين والأماكن العامة والمؤسسات الحكومية من خلال طباعة جداريات تصويرية حائطية لأعمال كبار الفنانين التشكيليين.

هذا بخلاف تقديمها خدمة للفنانين التشكيليين بحيث يجوز للفنان طلب استنساخ أى من اعماله على أن تطبع بمقاس مختلف عن العمل الأصلى.

تفعيل اللائحة

يقول الفنان أيمن هلال مدير إدارة المستنسخات:لقد وضعت لائحة بالضوابط التى تضمن عدم تضرر العمل الاصلى بأى شكل من الاشكال ووجهت بالتبعية لمكتب الوزير بحيث تلتزم الوحدة أن يتم الاستنساخ بمقاس يقل أو يزيد بنسبة 20% عن العمل الأصلى وذلك منعا للخلط بين العمل الأصلى والمستنسخ أو لمنع أى محاولات لتزوير الأعمال الفنية ..ويجب ألا تكون النسخة بجودة تضاهى العمل الأصلى.. يجب ان تكون النسخة مختومة بختم القطاع على الجهة الأمامية من النسخة بجانب توقيع الفنان وعلى الجهة الخلفية عن طريق الحرق لاستحالة إزالته ومحدد بها تاريخ الاستنساخ ..وألا تخرج الوحدة عن أهدافها وان تعرض أى اقتراحات جديدة على السلطات المختصة لإقرارها اولا.

واستطرد قائلا: كما ألزمت اللائحة قطاع الفنون التشكيلية بأن يسدد للفنان الذى تباع مستنسخات أعماله 15% من قيمة عدد النسخ وبسداد 2% من قيمة الأعمال المستنسخة لنقابة الفنانين التشكيليين. كما نصت على تعديل استمارة الاقتناء للاعمال الفنية توضح موافقة او عدم موافقة الفنان على استنساخ أعماله..لكن تلك اللائحة لم تفعل حتى الآن.

وأضاف هلال: أن القطاع حقق ربحاً فى بداية عمل الوحدة من خلال بروتوكولات مع وزارة العدل بقيمة مليون و600 ألف بدأت بالتعاقد لتنفيذ نسخ أعمال فنية لتجميل المبنى الجديد للنائب العام حققت مبلغ 540 ألف جنيه..وكنا بصدد التعاون مع وزارة التربية والتعليم وهيئات مختلفة بالجيش وجامعة القاهرة لتجميل وتزيين تلك المنشآت الحكومية واستبدال الأعمال الأصلية بأعمال أخرى مستنسخة..لكن للأسف لم نستطع تنفيذ كل مهام الوحدة باستثناء طباعة دعوات وبوسترات المعارض رغم وجود اللائحة فى مكتب الوزير منذ عهد د.جابر عصفور ..لكنها لم تفعل حتى الآن .

وهنا يبقى السؤال: إلى متى ستظل هذه الوحده دون لائحة تستطيع من خلالها أن تعمل بهدف الحفاظ على لوحاتنا الأصلية بعد كل هذه اللوحات التى نهبت من تاريخ مصر ؟.. هل يمكن أن تلغى هذه الإدارة بعد أن أثبتت نجاحها فى مرحلة عملها الأولى بتحقيق إيرادات تعود لخزانة الدولة ..وصون للعمل الأصلى من الضياع ..هل سيسعى بالفعل الفنان د.خالد سرور لتنشيط هذه الوحدة مثلما صرح مع بداية توليه مهام القطاع ويستكمل مسيرة نجاحاتها في ظل قيادته؟.. هل ستخرج لائحتها من الأدراج بوزارة الثقافة ليرى المشروع النور مرة أخرى ؟.. وإن ظل الوضع على ما هو عليه هل يرى السادة المسئولون سبلاً أخرى للحفاظ على ثروتنا الفنية التى تنهب وتسرق تحت مسمى الإعارات سواء داخل الهيئات أو المكاتب المصرية بالخارج ؟