الإثنين 20 مايو 2024

خبراء علم الاجتماع والسياسة يرسمون خريطة تشكيل وعي الشخصية المصرية.. والأحزاب تؤكد: الإعلام هو رأس الحربة في إعادة الهوية المصرية لسابق عهدها

تحقيقات28-4-2020 | 22:39

طرأت على الشخصية المصرية في السنوات الأخيرة، عده تغيرات أدت إلى ظهور جيل أكثر تسرعا وليس لديه الوقت لكي يتعلم الجديد في ظل انتشار التكنولوجيا، ما عمل على تغير الشخصة المصرية التي كانت من سماتها الجدعنة والصلابة.

لذلك وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماعه الأحد 26 ابريل 2020 مع وزير الإعلام أسامة هيكل، بتعزيز دور الإعلام في إطار جهود الدولة لبناء الشخصية المصرية من كافة الجوانب، خاصةً تشكيل الوعي وترسيخ القيم والثوابت المجتمعية والبناء الفكري والثقافي .

يحتاج برنامج وطني

فمن جانبه قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن بناء الشخصية المصرية يتم من خلال ثلاثة أمور، الأول إعداد برنامج وطني يبث في المصرين روح التعاون والإرادة، والثاني من خلال إعداد برامج للتعلم، والثالث والأهم أن الإعلام له دور كبير في إعداد وتكوين وفكر الشخصية المصرية.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"، أن بناء ملامح الشخصية المصرية يستند إلى أمرين، الأول بث روح العزيمة والإرادة، والثاني بناء عقل واعي قادر على تحليل الأمور وتفنيد الشائعات التي تواجه مصر في الأوقات العصيبة مثل ما نمر به اليوم من أزمة فيروس كورونا وقضايا الإرهاب، مشيرا إلى أن ذلك يكون دور الإعلام الذي يقوم بتوعية المواطنين وبناء عقلية لديها فكر ومعلومات.

وأكد أن بناء الشخصية المصرية بشكل سليم سيعمل على سد كافة الثغرات التي يقوم بها الإرهاب والقنوات التي تعادي مصر في الخارج وتريد هدمها، فكلما كان المواطن لديه الوعي والقدرة على التصدي لكافة الشائعات التي يتم ترويجها، كلما كانت الدولة أقوى.

التعليم والإعلام

وكان للعلماء الاجتماع رأي في سمات الشخصية المصرية، حيث قالت الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع السياسى والعسكرى، إن الشخصية المصرية لها سمات ومميزات تختلف عن أي شخصية أخرى، فهي القادرة على التكيف مع أي ظروف، مشيرة إلى أن الشخصية المصرية استطاعت أن تقيم حضارة قوية على نهر النيل، في حين أن لا توجد أي دولة أخرى من الدول الأفريقية استطاعت أن تتكيف مع وحشيه النهر.

وأضافت في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"، أن الشخصية المصرية من الصعب التأثير عليها، فهي لديها الوعي والقدرة على مواجهة قوى الشر التي تحاول إسقاط مصر، مؤكدة أن الوعي المصري استطاع منذ الستينات هدم كافة المحاولات التي تسعى إلى هدم الدولة وتفتيتها.

وأشارت إلى أن سلاحين يشكلان وعي الشخصية المصرية وهم الإعلام والتعليم، لذلك يجب خلال الفترة المقبلة التركيز على نوعية البرامج والمسلسلات التي تعرض، مؤكدة أن مسلسل الاختيار وغيرها من الإعمال الوطنية كان لها دور في تشكيل الوعي المصري ضد الإرهاب، وكذلك الإعلام له دور في تقديم فكر وقضايا تهم المواطن وتشكل وعية وفهمه لما يحدث حولة.

التكنولوجيا اثرت بالسلب

وقال الدكتور جمال حماد استاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية، إن الشخصية المصرية كانت تتسم قبل التطور التكنولوجي والانفتاح والعولمة بالجدعنة والصلابة، ولكن اليوم تغيرت 180 درجة وأصبحت تتسم بالاستسهال والسرعة، مما أثر على الشخصية المصرية بالسلب وليس بالإجاب.

وأضاف حماد في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"، أن بناء الشخصية المصرية من جديد يحتاج إلى تطوير مناهج التعليم بالمرحلة الأساسية والجامعية، والتركيز على الرياضة والثقافة، مشيرا إلى أنه يجب ايضا تجديد الخطاب السياسي والديني في الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وأكد أن مواقع التواصل الاجتماعي لها دور بناء فكر ووعي الشباب المصري خلال الفترة والمرحلة الصعبة التي نمر بها.

الإعلانات لها دور في تشكيل الوعي

وقال مصطفى بكير، عضو تنسيقية شباب الأحزاب، إن تشكيل الوعي للشخصية المصرية يأتي من خلال الاهتمام بالمدرسة وتعليم الأخلاقيات والعادات والتقاليد، وتجديد الخطاب الديني، وإقامة إعلام مؤثر قادر على بناء الوعي لدى المواطن خاصة في ظل الظروف التي نمر بها خلال الفترة الحالية من محاربة الإرهاب وفيروس كورونا. 

وأضاف بكير في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"، إن الأعمال الفنية من مسلسلات وإعلانات لها دور أيضا في تشكيل وعي المواطن المصري، وهذا ما شاهدناه في مسلسل "الاختيار" بطولة أمير كرارة والذي يحكي قصة الشهيد أحمد المنسي، وكيف كان دور الأسرة في تشكيل وعي هذا البطل.

وأشار إلى أن الإعلام له دور ثقافي وتوعوي وتنموي في بناء وعي الشخصية المصرية، فلدينا ممثلين بمثابة "خطر" على تشكيل الوعي المصري ويعملون على نشر فكر البلطجة والجهل والفساد بين الشباب، لذلك يجب أن يكون هناك وقفة من قبل الرقابة ووزارة الإعلام في التصدي لمثل هذه الأعمال الفنية سواء مسلسلات أو أفلام أو إعلانات ليس لها قيمة تفسد وعي المواطنين، ولا تقدم منفعة.

وطالب بأن تتبنى شركات الإنتاج، الفنانين الذين لهم تأثير في الشارع المصري كالفنان أمير كرارة والفنانة دنيا سمير غانم في تقديم محتوى هادف، يقدم معلومات قيمة، مشيرا إلى أن كافة الشباب والأطفال من سن 10 سنوات إلى 15 سنة يحبون ما يقدمه كرارة ودنيا.

وأكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يدعو كثيرا إلى إبراز العناصر الشابة الناجحة لذلك نتج عن هذه الدعوات اللجنة التنسيقية من شباب الأحزاب والتي تعد نموذجا للشباب المصري الناجح والذي لديه وعي وفكر في مناقشة كافة القضايا.

القرارات الاقتصادية أثرت في المصري

قال نور الشيخ، عضو تنسيقية شباب الأحزاب، إن الوعي المصري تعرض على مدار 40 سنة الماضية لهزات كثيرة، نتج عنه خروج الهوية المصرية من السياقة الفطرية وأصبحت متعددة الهوايات والأعراق داخل الإقليم الواحد، وهذا ليس في مصر فقط ولكن في دول العالم كها.

وأضاف الشيخ في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"، إن الهوية المصرية تعرضت لضغوط سياسية واقتصادية واجتماعية، أدت إلى تغير التركيبة الاجتماعية والجينات الثقافية والفطرية، لدى المواطن المصري فأصبحت لدينا أجيال غير متعلقة تماما بالدولة المصرية، مشيرا إلى ضرورة اندماج القوى الناعمة مع الخشنة لينتج منها القوى الذكية، التي من شأنها إتاحة البيئة المناسبة للمواطن لتلقي كل ما هو إيجابي لبناء شخصيته مرة أخرى .

وأشار إلى أن القرارات الاقتصادية الأخيرة أثرت في الشخصية المصرية، بعدما تخلى المواطن المصري عن المنتجات والسلع المستوردة، وبدأ شراء السلع والمنتجات المحلية، وأصبح هناك ربط بشكل غير مباشر بين المواطن والوطن.

وتابع  إن دور القوى الناعمة يأتي من خلال الأغاني والمسلسلات والأفلام الوطنية، والتي نستطيع من خلالها قياس مدى التفاف الأسرة المصرية حول القيم والتقاليد والأعراف والمثل العليا في الأعمال الفنية.

وأكد أن بناء الأسرة يحتاج إلى تضافر جميع الجهات لوضع سيناريو واحد نستطيع من خلال بناء الشخصية المصرية، بجهود الأسرة  والمسجد والكنيسة والنوادي والمجتمع المدني ووزارتي الثقافة والتعليم، مشيرا إلى أن الإعلام هو رأس الحربة في إعادة الهوية المصرية لسابق عهدها.

وطالب من الإعلام ضرورة العمل على انتقاء الأعمال الفنية التي تخرج على الشاشة أو التي يتم نشرها في الجرائد أو المواقع الإلكتروني أو مواقع التواصل الاجتماعي.