السبت 18 مايو 2024

«الإصابة بكورونا ليست عارًا».. 25٪ من حالات الوفاة حدثت قبل الذهاب للمستشفي.. خبراء: ليست جريمة يجب إخفاؤها.. وبرلمانيون: السجن والغرامة عقوبة التنمر بالمصابين.. وحان الوقت لأن نغير أفكارنا

تحقيقات30-4-2020 | 16:38

كارثة جديدة كشفت عنها وزارة الصحة، تضاف إلى الكوارث التى خلفتها أزمة انتشار فيروس كورنا، حيث أظهرت الأرقام أن 25% من إجمالي الوفيات تمت قبل النقل إلى مستشفى العزل، نظراً لوصولهم إلى المستشفى في حالة متأخرة.


وأرجع الخبراء وأعضاء مجلس النواب سبب ارتفاع هذه النسبة إلى حالة الخوف والفزع التى تنتاب مصابي فيروس كورونا، وذويهم من نظرة المتجمع لهم، وشعورهم ـ الخاطئ ـ بأن العار سوف يلاحقهم لذا يجب إخفاء حقيقة إصابتهم بالمرض، مما حول الأمر إلى ظاهرة أصبحت تهدد المجتمع .


الإصابة ليست عاراً

أرجع الدكتور عصام القاضي وكيل لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، خوف بعض المصريين من الإعلان عن الإصابة بفيروس كورونا، واعتبار المرض نوع من العار التي يجب إخفاؤها، مما أدى إلى وفاة 25 % من حالات الوفاة قبل وصولهم إلى المستشفيات إلى الجهل الطبي، مشيرا إلى أن بعض المصابين بأمراض خطيرة ومستعصية أصبح يصرح بها للمحيطين به، فى الوقت الذى يخشى مصاب كورونا من إعلان إصابته بالفيروس.


وأضاف القاضي في تصريح لـ"الهلال اليوم"، إن خوف بعض المصابين من إجراءات العزل والحجر الصحي، أوهم البعض في إمكانية الشفاء دون الحاجة إلى الذهاب إلى المستشفيات، وبالتالي تكون النتيجة هي تمكن المرض من الحالة، ووفاتها قبل الوصول إلى المستشفى .


وأكد أن الجهل والخوف من أن يعير مصاب كورونا بالمرض أدى بنا إلى هذه النتيجة، رغم ما تقوم به الدور من جهود كبير سواء طبية أو في مجال التوعية .


وأشار القاضى إلى ضرورة أن يشعر المواطن بخطورة الوضع الحالي، وما يمكن أن ينتج عنه إهمال التعامل مع كورونا، مؤكد أن " معظم النار من مستصغر الشرر"


وشدد أن دور وسائل الإعلام مهم للغاية في التوعية والدعوة إلى حقيقة فهم الإصابة بكورونا، وأنه ليس سبة في جبين المصاب، وأن كل فرد معرض للإصابة بالفيروس.


كما أكد أن البرلمان بدوره يتابع مدى التزام المواطنين بإجراءات الوقاية الطبية من الفيروس، كاشفا عن أن اللجنة تعد مشروع قانون لمعاقبة من يمتنع عن ارتداء الكمامات، أو يستخدم المواد المعقمة، وقت الحاجة وفى الأماكن المكتظة خلال الأزمة.


وأوضح وكيل لجنة الصحة بالبرلمان أن مشروع القانون كذلك يقر عقوبة الحبس، وغرامة تصل غلى 30 الف جنيه ضد حالات التنمر ومنع دفن الموتى المصابين بكورونا .


وتابع : "آن الأوان لأن نغير أفكارنا"، مؤكدا أن أزمة أنتشار فيروس كورونا أحدثت تأثيرات عالمية كبيرة، وكشفت عن سوءات كثيرة تحتاج إلى تغيير، مؤكدا ان العالم قبل كورونا، يختلف عما قبل ظهور الفيروس كورونا.


إخفاء الإصابة بكورونا خيانة للوطن

قال الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، إن غياب الثقافة والوعي سبب رئيس لخوف المصريين من الإعلان عن الإصابة بفيروس كورونا، واعتبار المرض نوع من " العار" الذى يلاحق صاحبه، ومن ثم ترتب عليه وفاة 25 % من المتوفين قبل وصولهم إلى المستشفيات كما أفادت بعض التقارير.


وأكد فرويز في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن وسائق الإعلام عليها عبء أكبر في التوعية، وتعريف الناس بأن الإصابة بكورونا ليست نقيصة أو عار، لافتا في الوقت ذاته أن هناك نسبة كبيرة من المواطنين غير مهتمين بالاضطلاع أو تثقيف أنفسهم، وهنا لابد على الدولة أن تشدد من الاجراءات القانونية التي تسمح بفرض عقوبات رادعة ضد المخالفين للتعليمات.


وكشف فرويز عن ظهور ظاهرة التنمر ضد المرضي وذويهم، بسبب الخوف الشديد من البعض من الإصابة بالفيروس، ومن ثم تظهر حالة العداء الشديد ضد المريض وكل من حوله.


وحذر أستاذ الطب النفسي من ظاهرة التنمر ضد المريض التي طرأت على المجتمع المصري، مؤكدا أنه تصرف سلوكي منبوذ ترفضه الأديان والقانون والعادات ويرفضه المجتمع.


وأرجع ذلك إلى قلة الوعي لدى بعض أفراد المجتمع بسبب غياب الصورة بشكل صحيح، بجانب عدم دراية المصريين بالمرض ومخاطرة، رغم ما تقوم به الدولة ووسائل الإعلام من جهود ملحوظة للتعريف بالفيروس، منذ اليوم الاول لظهوره في مصر.


ولفت فرويز إلى أن إنسان عرضة للإصابة بالفيروس ، ومن ثم يحتاج الى المساندة والدعم النفسي حتى يمر من الازمة بسلام.


وألمح أنه من الغريب ان معظم الأفراد الذى يمارسون ظاهرة التنمر ضد مصابي كورونا خوفا من المرض، تختلف سلوكياتهم في الشارع بشكل تام وكأننا لا نعاني من كورونا، حيث يظهر عدم الالتزام من جانبهم بتعليمات الدولة، وكذلك انتشار التزاحم والاختلاط، وعدم ارتداء الكمامات أو استخدام المواد المطهرة.


25% من ضحايا كورونا قتلهم الخجل

أبدى الدكتور حسن الخولي، أستاذ علم الاجتماع والانثروبولوجيا، استيائه من خوف المصريين من الإعلان عن الإصابة بفيروس كورونا، واعتبار المرض نوع من النقيصة التى يجب إخفاؤها، مؤكدا أن الأمر يحتاج إلى وقفة جادة، للتوعية والتخلص من هذه الأفكار البالية.


وأضاف الخولي في تصريح لـ"الهلال اليوم"، إن ظاهرة الخجل من المرض سمة يتصف بها شعوب المنطقة بصفة عامة، ومن بينهم مصر، حيث يحرص المصاب بالمرض على إخفاء المرض وكأنه نوع من الضعف، مشددا على أن هذه الظاهرة في منتهى الخطورة.


وألمح الخولى إلى أن نظرة المجتمع للمصاب بكورونا، تتشابه مع النظرة للمريض النفسي الذى ينظر إليه على أنه إنسان منبوذ وغير طبيعي.


وأكد أستاذ علم الاجتماع أن النظر إلى المرض بصفقة عامة على أنه شيء مشين أو مخجل يجب إخفاؤه، لما يترتب عليه كوراث تصيب الأفراد والمجتمع بأضرار وخيمة نفسيا واجتماعيا وصحيا، مطالبا المصاب بفيروس كورونا، بضرورة اتخاذ الإجراءات التى أعلنت عنها وزارة الصحة، والتوجه في أسرع وقت إلى أقرب مستشفى، حتى لا يتسبب في أذى المحيطين به، وإلحاق الضرر بالمجتمع.


وأوضح أن الحل يكمن في تغيير الأفكار القديمة العالقة في أذهان البعض، مطالبا كل من يشعر بأعراض الفيروس أن يتوجه فورا إلى أقرب مركز طبي، وأن يعلن للمحيطين به حقيقة تعبه، وألا يخفى حقيقة مرضه لأنه في هذه الحالة سيتحول إلى مجنى عليه، وجانى في نفس الوقت بسبب ما سيلحقه بالمحيطين به من أضرار.