أكد خبراء
اقتصاديون أن الحكومة المصرية تستهدف تعزيز
التعاون مع القطاع الخاص وتذليل معوقات المستثمرين
كأحد الخطوات الضرورية لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، مؤكدين أنه رغم هذه الأزمة
فهناك العديد من الفرص المتاحة من بينها تعميق التصنيع المحلي، والتركيز على
قطاعات ضرورية في هذه المرحلة وعلى رأسها المستلزمات الطبية والتصنيع الزراعي
كمجالات حيوية.
كانت الدكتورة
رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى، قد أكدت أن الوزارة تضع فى أولوياتها التحقق من
عدم إغفال أهداف التنمية المستدامة في ظل أزمة كورونا، لذلك أسست "منصة"
للشراكة مع المؤسسات الدولية وشركاء التنمية، والتي ستساعد على دفع الاقتصاد المصرى
للأمام لما بعد هذه الأزمة في قطاعات ذات أولوية للحكومة المصرية مثل الطاقة والنقل
والصحة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتتضمن المنصة شركاء التنمية متعددى الأطراف
والثنائيين، ومنهم البنك الدولى والبنك الافريقي للتنمية ووكالة اليابان للتعاون الدولي
والوكالة الفرنسية للتنمية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وغيرها.
وردا على سؤال
حول قدرة مصر على مواجهة التأثيرات الاقتصادية لفيروس كورونا، قالت الوزيرة، إن مصر
لديها قدرة ومرونة على مواجهة الأزمات فى الماضى، ونحن الان نمضى قدما فى الاصلاحات
الهيكلية، والتي تعرف بالموجة الثانية من الاصلاحات الاقتصادية، فهي تركز على خلق بيئة
محفزة للقطاع الخاص وخلق المزيد من فرص العمل ورفع مستوى الشمولية والتركيز على القطاعات
ذات الأولوية.
وفي
سياق متصل، واصل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لقاءاته بعدد من
المستثمرين، في نقاش مفتوح، حول أوضاع الاستثمار في هذه المرحلة الدقيقة التي
يعيشها العالم مع حلول جائحة كورونا، والاستماع الى مقترحاتهم حول تطوير بيئة
الاستثمار، وطموحاتهم للتوسع في أنشطتهم وأعمالهم في مصر خلال الفترة المقبلة،
والعمل على جذب استثمارات جديدة، وذلك بحضور المستشار محمد عبد الوهاب، الرئيس
التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار.
وأكد
مدبولي أن الدولة تعمل أيضاً على تعميق التصنيع المحلي، وتوطين الصناعات المختلفة،
والعمل على التوسع في تصنيع المدخلات التي تحتاجها الصناعات المختلفة، مؤكداً أن
هذا هو السر وراء عقد هذا اللقاء، حيث تحرص الحكومة على الاستماع إلى وجهة نظر
المستثمرين في هذه المرحلة وآرائهم في خطة الدولة للتوسع في مدخلات الإنتاج التي
تحتاجونها في مصانعكم، بدلا من استيرادها.
وأكد رئيس الوزراء حرص الدولة على تهيئة المناخ المحفز للاستثمار في مختلف القطاعات،
مؤكداً أنه مستمر فى التواصل المباشر مع رجال الاستثمار، للاستماع لهم عن قرب،
وتذليل كافة العقبات التي تواجههم، وأكد استعداد الحكومة لتوفير الأراضي فوراً لأي
توسعات، استجابة لطلبات إحدى الشركات.
تعزيز التعاون مع القطاع الخاص
ومن جانبه، قال الدكتور علي
الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن رؤية الحكومة في الوقت الراهن هي تعزيز التعاون مع
القطاع الخاص والمستثمرين بشكل أكبر في ظل الفرص المتاحة، فرغم التداعيات السلبية التي
نتجت عن جائحة كورونا فهناك العديد من الفرص التي يمكن استغلالها ومن أهمها التصنيع
المحلي.
وأوضح في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن الحكومة تستهدف في العام المالي المقبل 2020-2021،
زيادة نسبة الصناعات التحويلية من الناتج المحلي الإجمالي لـ16.6%، وتحقيق ذلك يتطلب
التعاون مع القطاع الخاص وزيادة الاستثمارات وخاصة في الصناعة بما يحقق عوائد كبيرة
لتغطية احتياجات السوق المحلي واستغلال الموارد المتاحة استغلالا أمثلا، وتكوين فوائض
في الإنتاج للتصدير، وخلق فرص عمل مباشرة أو غير مباشرة.
وأكد أن الدكتور
مصطفى مدبولي رئيس الوزراء عقد اجتماعا اليوم مع المستثمرين للتعرف عن قرب على المعوقات
التي تواجههم والتنسيق والتشارك في الرؤى بين الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق أقصى فائدة
للاقتصاد المصري، مضيفا إن أزمة كورونا أدت لارتفاع في معدلات البطالة وتوقف قطاعات
بشكل شبه كامل مثل السياحة والطيران، فضلا عن تأثر قطاعات أخرى سلبا مثل النقل والتجارة
الخارجية وقناة السويس وتراجع الاحتياطي الأجنبي بأكثر من 9.5 مليار دولار.
وأشار إلى
أن أهم القطاعات التي يمكنها معالجة هذه التداعيات السلبية هو الاستثمار الذي يعد وقود
أي اقتصاد، وهو ما سيضمن تحقيق زيادة في الناتج المحلي الإجمالي ومن ثم زيادة معدلات
النمو، مؤكدا أن أهم المجالات التي من المفترض أن يكون لها الأولوية خلال الفترة المقبلة
هو قطاع المستلزمات الطبية نتيجة ظروف جائحة كورونا.
وأضاف إن الصناعات
التي من المهم التركيز عليها أيضا هي التي لمصر خبرة كبيرة بها مثل الجلود والأثاث،
حيث أنشأت الحكومة مدينتين صناعيتين لهما ومن المهم ضخ استثمارات أكبر بهما، مضيفا
إن من المهم أيضا التركيز على الصناعات الأخرى التي تهم المواطنين مثل التصنيع الزراعي
حيث حققت مصر نجاحات كبيرة في هذا المجال.
ولفت إلى أن
التصنيع الزراعي مهم لأنه يحقق قيمة مضافة في التصدير وليس السوق المحلي فقط، بدلا
من تصدير الحاصلات الزراعية في صورتها الخام، مضيفا إن التركيز على ذلك في الفترة المقبلة
سيحقق عائدا ومردودا إيجابيا، وخاصة أن مصر لديها خبرات كبيرة تمكنها من التعامل في
هذا الملف.
الزراعة والتصنيع الزراعي
قال الدكتور
صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن جائحة كورونا أدت إلى توقف حركة
الطيران وتراجع الاستيراد وتدقيق الإجراءات التي أثرت على الاقتصاد في كل دول العالم
ومن بينها مصر، مضيفا إن الحكومة بدأت في اتخاذ خطواتها لمواجهة تداعيات هذه الجائحة.
وأوضح في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن الخطوة الأولى التي بدأت الدولة في اتخاذها هي زيادة
المكون الداخلي في الصناعات والتقليل من المكون الخارجي الذي يتم استيراده من الخارج،
مضيفا إن ذلك يتحقق بتحفيز للصناعات المغذية للوصول إلى منتج يكاد يكون بالكامل صناعة
محلية لتحجيم درجة الاعتماد على الآخر.
وأضاف إن جائحة
كورونا أثرت على الاحتياطي النقدي الأجنبي والذي كان يبلغ 45 مليار دولار إلا أنه تراجع
إلى نحو 36 مليار دولار بسبب تأثر تحويلات المصريين من الخارج وتوقف السياحة وتراجع
التصدير إلى أضيق الحدود، مضيفة إن هذا يتطلب إيجاد بدائل للنقد الأجنبي بالتركيز على
عدة قطاعات.
وأكد أن أهم
المجالات المفترض يتم التركيز عليها خلال الفترة المقبلة توفير الاحتياجات الأساسية
للمواطنين في الزراعة والتصنيع الزراعي ، وهو أمر تقوم به مصر بالفعل، مشيرا إلى أهمية
التوسع في تصنيع المنتجات الضرورية للتصدير، إلى جانب الاهتمام بالمنتجات الرئيسية
البديلة للمكون الأجنبي.