الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

تحقيقات

"الأمن القومي الأمريكي" يطالب إثيوبيا باتفاق عادل قبل ملء سد النهضة.. خبراء: رسالة مهمة وإعلان المبادئ يلزمها بذلك.. ومزاعمها تكشف عن سوء النية وعلى المجتمع الدولي الاضطلاع بمسئولياته

  • 19-6-2020 | 20:25

طباعة

وصف دبلوماسيون وخبراء قانونيون الموقف الإثيوبي خلال مفاوضات سد النهضة بأنه استمرار للتعنت وانتهاك القانون الدولي، موضحين أن المزاعم الإثيوبية تكشف عن سوء النية وأنه على المجتمع الدولي الاضطلاع بمسئولياته، وأن مطالبة مجلس الأمن القومي الأمريكي لإثيوبيا بالوصول لاتفاق عادل قبل ملء السد هي رسالة مهمة بالاهتمام بأمن واستقرار المنطقة.


وطالب مجلس الأمن القومي الأمريكي، قبل يومين، إثيوبيا بإظهار روح قيادية قوية وإبرام اتفاق عادل بشأن سد النهضة  قبل البدء في الملء.


ونشر الحساب الرسمي للمجلس، على "تويتر"، تغريدة تعبر عن موقفه من المفاوضات الجارية بين مصر والسودان وإثيوبيا باشتراك مراقبين من حكومتي الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا ومفوضية الاتحاد الإفريقي، "257 مليون شخص في شرق إفريقيا يعتمدون على إثيوبيا في إظهار قيادتها القوية لإبرام صفقة عادلة، حان الوقت لإنجاز الصفقة قبل ملئها للسد من نهر النيل".

 

إعلان المبادئ يلزم إثيوبيا

وفي هذا السياق، قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشئون الأفريقية، إن مطالبة مجلس القومي الأمريكي إثيوبيا الوصول لاتفاق عادل بشأن سد النهضة قبل بدء ملء السد هي رسالة مهمة بالاهتمام بأمن واستقرار المنطقة لأن الأمن المائي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي للدول كلها.

 

وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أنه طبقا لإعلان المبادئ في مادته الخامسة لابد من توصل لاتفاق ثلاثي قبل البدء في عملية الملء، وهو بند ملزم لإثيوبيا لأنه بند قانوني، مؤكدا أن إعلان المبادئ جاء على مرجعية قانون الأنهار الدولية والاتفاقيات الثنائية وتجارب الدول المتشاطئة على نهر.


وأكد أنه حتى إذا قالت إثيوبيا إنها لا تعترف ببعض الاتفاقيات لأنها تمت في عهد الاستعمار، فهو أمر مردود عليه لأن هذه الاتفاقيات تمت في أوقات لم تكن إثيوبيا محتلة أومن خلال إرادة أخرى غير إرادتها، مضيفا إن هناك التزاما قانونيا واضحا على إثيوبيا سواء بموجب الاتفاقيات الدولية أو الثنائية أو إعلان المبادئ.


وأشار إلى أن مطالبة مجلس الأمن القومي الأمريكي لإثيوبيا باتفاق تأتي على خليفة الاتفاقيات والقوانين الدولية بما في ذلك إعلان المبادئ وهو عامل يدفع إثيوبيا للالتزام بهذا الأمر، مضيفا إن موقف إثيوبيا ينطلق من مفاهيم خاطئة من بينها أن نهر النيل نهر داخلي وهذا خطأ جسيم لأنه نهر دولي ينطبق عليه قانون الأنهار الدولية والاتفاقيات فضلا عن أن إعلان المبادئ هو اعتراف من إثيوبيا بأن النيل نهر دولي.وأضاف إن حديث إثيوبيا عن السيادة غير صحيح لأن النيل نهر دولي والسيادة تكون مقيدة وليست مطلقة تنتمي لمجتمع دولي واتفاقيات ومنظمات إقليمية ودولية وإلا أصبحت هناك فوضى، مؤكدا أن موقف مجلس الأمن القومي الأمريكي يؤيد المطالب المصرية والسودانية باعتبارهما دولتي المصب حرصا على الأمن والاستقرار خاصة وأن موضوع المياه بالنسبة لمصر حياة ووجود وبالنسبة لإثيوبيا تنمية وكلاهما وجهان لعملة واحدة ولا يمكن أن يفتتئ طرف على آخر.

 

وأشار إلى أن التعنت الإثيوبي ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع  يؤدي إلى ضرر جسيم على مصر والسودان قد يصل لحد الإبادة الجماعية، خاصة في حالة انهيار السد ، وهو أمر يجب عرضه على مجلس الأمن، مؤكدا أنه بالنسبة للسودان ستنهار سدودها وقد يحدث غرق لمدن بأكملها وبالنسبة لمصر قد يحدث بوار 2 مليون فدان وقد تفقد 10 ملايين أسرة مصدر رزقها.

 

 

المزاعم الإثيوبية تكشف عن سوء النية

ومن جانبه، قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي العام، إن الإدعاءات والمطالب الإثيوبية أثناء المشاورات الفنية الأخيرة التي أخفقت في الوصول إلى اتفاق الأربعاء الماضي، مطالبات لم نسمع بها من قبل في القانون الدولي ولا تصدر عن دولة ذات سيادة ومسئولة ولا تصدر عن دولة تحشر القانون والحقوق المائية في أي سياق،

 

وأكد في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الزعم الإثيوبي بعدم إلزامية الاتفاق النهائي المرتقب لتشغيل سد النهضة والمعطل بفعل إثيوبي هو لا يعدو إلا أن يكون فرية إثيوبية جديدة في مسار الملحمة الماراثونية التفاوضية حول سد النهضة منذ أبريل 2011.

 

وأوضح سلامة أنه وفقا لقانون المعاهدات الدولية أن أي "تسمية" لأي معاهدة دولية تنشئ حقوق والتزامات دولية بين الدول ذات السيادة أطراف ذلك الصك هي معاهدة دولية ملزمة لأطرافها، مضيفا إنه لا توجد في القانون الدولي معاهدة ملزمة ومعاهدة غير ملزمة، فأي ما كانت التسمية للاتفاق المرتقب "اتفاق، بروتوكول، مذكرة تفاهم، محضر جلسات، نظام، معاهدة"، فكافة هذه التسميات وفقا لقانون المعاهدات الدولية والممارسات الدولية هي مواثيق دولية ملزمة لأطرافها.

 

وأشار إلى أن الزعم الإثيوبي في هذا الصدد زعم خائر ولا يعبر إلا عن بئس المنطلق وسوء النية وخبث المقصد، مؤكدا أن أي ملء أو تشغيل انفراديين لسد النهضة دون الاتفاق مع مصر والسودان يعد خرقا فاضحا للبند الخامس من اتفاقية إعلان المبادئ لعام 2015، وانتهاك لمبدأ قدسية المعاهدات الدولية.

 

وأضاف أنه من شأن الديدن الإثيوبي في المناورات والمراوغات والمماطلات والتسويفات أن يفقد ثقة مصر في المجتمع الدولي الذي خاطبته مصر غير مرة، بدأها الرئيس عبد الفتاح السيسي في سبتمبر 2019 أمام رؤوس أشهاد المجتمع الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة ثم في الأول من مايو عام 2020 وعلى المجتمع الدولي أن يضطلع بمسئولياته ويتدخل في هذا الأمر الجلل الذي يهدد أكبر دولة أفريقية.

 

 

المزايدة لأهداف سياسية

ومن جانبه، قال السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن هناك آمال أن يكون لمطالبة مجلس الأمن القومي الأمريكي لإثيوبيا بالوصول لاتفاق عادل مع مصر والسودان حول سد النهضة قبل ملء السد تأثير فعال، في ظل التعنت والمماطلة الإثيوبية وعدم التوصل لاتفاق خلال الجولات الماضية من المفاوضات.

 

وأوضح "حسن" في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الوساطة الأمريكية لم تحقق تقدما ملموسا أو ضغطا على إثيوبيا لإنجاح المفاوضات، مضيفا إن مجلس الأمن القومي الأمريكي ربما يكون قد أدرك أن الموقف متوتر، وذلك بعد تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي خلال الجولة الماضية من المفاوضات حيث قال إنه لا علاقة للمفاوضات بملء السد وأنهم سيبدأون الملء في التاريخ المحدد مع موسم الفيضان يوليو المقبل.

 

وأشار إلى أن آبي أحمد والحزب والقبيلة الذي ينتمي إليهما وصلوا للحكم لأول مرة ويستخدم المزايدة في حملته الانتخابية حتى يستمر في الحكم في الانتخابات المقبلة، مضيفا إن إثيوبيا ترى أن السد ونهر النيل ملك لهما وتتجاهل حقوق بقية الدول الواقعة على النيل.

 

وشدد "حسن" على أهمية أن تمارس مصر كل ما يمكن من ضغوط وإجراءات لضمان حقوقنا المائية وأن نكثف الجهود العملية، لأن الموضوع له أبعاد فنية مهمة لأن إثيوبيا ترفض أن تعطي مكتب الدراسات الفنية المعلومات الكافية.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة