إلى.. أشرف عبد الشافي (شفشفشافي)
منذر مصري
شاعر وفنان تشكيلي ولد في اللاذقية 1949، تدرج في دراسته بمدارس مدينته الثلاث: الأرض المقدسة والوطنية الأرثوذكسية، وثانوية جول جمال. مجاز في العلوم الاقتصادية من جامعة حلب، ,وحصل علي دبلوم في التخطيط الإقليمي بوارسو - بولونيا. له بضعة دواوين، وصدر الجزء الأول من أعماله الشعرية في دمشق عام 2016 بعنوان "لمن العالم" ويضم مجموعاته الأربع الأولى.
(يحيى شاهين) الفنان الذائع الصيت، جالس على حافة السرير يرشف الفم الصغير ذا الشفتين البالغتي الرقة لزائرته الطارئة، (سعاد حسني)، دواء السعال بيده. يا للحنان الذي يخرج من هذا الرجل الكدر، فسواء كان يرتدي بيجامته المنزلية المخططة أم سترته البيضاء والسوداء، فهو لا ينسى أن يعقد شالا حريريا حول عنقه:
"الحبّ يا سلوى مثل كلّ شيء في العالم، أخذ وعطاء" يقول لها، وهو يحاول أن يقنعها بالزواج من تلميذه، الفنان الشاب، (حسن يوسف).
/
يقف شاهين عند النافذة وهو يرنو، من خلال دخّان سيجارته الذي يتصاعد ببطء ويحوم للحظات أمام عينيه، إلى لا شيء. فتقوم سلوى عن السرير وتسير نحوه حافية القدمين، الصغيرتين البيضاوين، لتضع رأسها على ظهره وتخبره بأنه هو من تحبّه.
/
(شاهين).. وفي لحظة ضعف ظاهرة، يرمي سيجارته من فمه، ويخرج يده اليسرى، من جيب بنطاله، حيث كانت مستقرة طوال الوقت، ليستدير نحوها بكامل جسده، ويطبق على فمها الصغير، بقبلة محمومة.
/
عنوان فيلم (صلاح أبو سيف)، هو: "شيء من العذاب"، فلا أحد يستطيع الادعاء أن ما يجري على الشاشة الفضية أمامه، يمكن له أن يكون العذاب كله، بالتأكيد. فالشخصيات والأحداث جميعها غير طبيعية ومفتعلة، أو بتعبير أفضل، فنية، ما عدا شخصية الكلب. الذي راح يعبث بثياب (سعاد حسني) المرمية على الرمال، فتصيح به، وهي تسبح، غاضبة، باتجاه الشاطئ:
(سيب الهدوم.. سيب الهدوم يا أخي).
/
بعد أن برأتها المحكمة من تهمة القتل العمد لزوج أمّها، الذي اقتصر دوره على تلقيه ضربة قوية بالمزهرية على رأسه، وهو يقوم بمحاولة الاغتصاب المزعومة، الأمر الذي يعتبر أكثر الأشياء واقعية في مخيلة السينما العربية. ما أقصده هنا، هو مشاهد اغتصاب الفتيات المراهقات، بجونلاتهم القصيرة، من قبل رجال سكارى، فاقدي القدرة على التحكم بغرائزهم، ثم نجاح الفتيات، بطريقة أو بأخرى، بضرب هؤلاء الرجال الأشرار، بأشياء ثقيلة جارحة على رؤوسهم، والفرار من بين براثنهم. والذي تبين هذه المرة أنه لم يمت، كما كانت تخشى، عندما تركته والدم ينفر من جبينه، وهبطت راكضة، إلى الشارع، هائمة على وجهها في الليل، لا تعرف إلى أين تلجأ، حتّى صادفت ذلك البيت المستوحد على الشاطئ. ثم لا أدري، على ساعد من اتّكأت (سلوى) هابطة الدرج الرخاميّ العريض لمبنى القصر العدلي؟ ولا من تزوجت؟ أهو الأستاذ، عاشقها النبيل، الذي سلّمت له يوما شفتيها، أم تلميذه، العريس المناسب، بجميع الاعتبارات؟.
فخلال ما لا يزيد عن دقيقة واحدة ذهبت بها لأحضر شيئا أزدرده من المطبخ، احتلّت كلمة (النهاية) شاشة التلفاز، ثم اختفى كلّ هذا العالم الفاتن، دفعة واحدة، فقد تمّ، بما يشبه المعجزة، إيجاد الحلّ الأمثل لكلّ هذه المشكلات المستعصية..