ذكر تقرير مراجعة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لسياسات الاستثمار في مصر مطلع شهر يوليو 2020 أن مصر حصدت ثِمار جهودها، التي كان لها تأثير إيجابي على الأداء الاقتصادي، حيث تضاعف نمو الناتج المحلي الإجمالي ليسجل 5.5% عام 2019؛ وهو الأعلى خلال عقد من الزمان.
ولفت التقرير إلى تنامي تدفقات الاستثمار الأجنبي المُباشر بمستويات قياسية منذ عام 2011، حتى أصبحت مصر الوجهة الأولي أفريقيًا لجذب للاستثمار الأجنبي المباشر، والثانية بين بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لافتاً إلى أن الإدارة الحكومية تسعى جاهدة لاستكمال مسيرتها التنموية نحو ترسيخ بيئة استثمارية تتسم بالشفافية والاستدامة، وداعمة لتنويع الهيكل الاقتصادي، فضلًا عن توفير فرص عمل لائقة لمواطنيها.
أجندة إصلاحية استباقية:
وأشاد التقرير بالتزام الحكومة المصرية بتنفيذ أجندة إصلاحية استباقية، لتحسين مناخ الأعمال، وجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، وجني ثمار الانفتاح على الاستثمار الأجنبي المباشر، والمشاركة في سلاسل القيمة العالمية. فضلًا عن سعي الحكومة تجاه تعزيز النمو الاحتوائي، والحد من حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي؛ لخلق بيئة استثمارية مُستدامة.
كما قدَّم التقرير - عبر فصوله الثمانية - تحليلًا لاتجاهات الاستثمار الأجنبي، والفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي يُحققها، والإطار التنظيمي الخاص ببدء المستثمرين لأعمالهم والتوسع في استثماراتهم. هذا بالإضافة إلى تحليل الإطار القانوني المُنظم للاستثمار، والاستراتيجية المصرية لترويج الاستثمار، وتيسير بيئة عمله. كما تناول السياسات الخاصة بالمناطق القائمة في مصر بأنواعها السبعة؛ وهي: المناطق الحرة العامة والخاصة، والمناطق الاستثمارية، والمناطق التكنولوجية، والمناطق الاقتصادية الخاصة، والمناطق الاقتصادية المؤهلة، والمناطق الصناعية.
وأكد التقرير على أهمية تعزيز سياسات الاستهداف المُستندة إلى المناطق، كونها تؤدي دورًا محوريًا لجذب الاستثمارات ومن ثمَّ تعزيز التنمية الاقتصادية. ويعزو ذلك إلى كونها تُتيح معاملة خاصة للمستثمرين، مثل الحوافز الإدارية والضريبية، وتبسيط إجراءات ممارسة الأعمال، وبنية تحتية ذات جودة مرتفعة، أكثر مما يتوفر في الأماكن الجغرافية خارجها.
وتناول التقرير تحليلًا للسياسات الضريبية، وحوافز الاستثمار، والاستراتيجيات التي تتبناها الحكومة المصرية للترويج لأنشطة الأعمال المسؤولة، كما ألقى الضوء على مدى التطور الحادث في البنية التحتية الداعمة للعملية الاستثمارية.
كذلك لفت التقرير الانتباه إلى حاجة الحكومة المصرية بعد جائحة "كوفيد-19" إلى تبني إجراءات وتدابير للتعافي، لتعزيز مرونة الاقتصاد. وفي هذا الصدد، من المؤكد أن يؤدي جذب الاستثمار الأجنبي المباشر واستقراره دورًا رئيسًا لتنفيذ أجندة الإصلاح الهيكلي، لذلك، طرح التقرير حِزمة من الإجراءات لتعزيز شفافية عمليات صنع السياسة العامة، والتعاون والعمل المشترك بين الجهات الحكومية، وإدماج جميع الفئات أصحاب المصلحة.
تهيئة مناخ الاستثمار:
أكدت الدكتورة ماجدة شلبي، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، أن تقرير مراجعة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لسياسات الاستثمار، أكد أن مصر حصدت ثِمار جهودها، التي كان لها تأثير إيجابي على الأداء الاقتصادي، حيث تضاعف نمو الناتج المحلي كما تنامت تدفقات الاستثمار الأجنبي المُباشر بمستويات قياسية منذ عام 2011، حتى أصبحت مصر الوجهة الأولى أفريقيًا لجذب للاستثمار الأجنبي المباشر، والثانية بين بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو أمر ليس بجديد، إذ سبقته تأكيدات مؤسسات التصنيف العالمية.
وأضافت في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"، أن استمرار التأكيدات الإيجابية من قبل المؤسسات العالمية يعتبر دليلا قاطعا على تعافي الاقتصاد المصري نتيجة لخطة الإصلاح الاقتصادي الناجحة التي انتهجتها الحكومة خلال الأعوام الماضية والتي أعادت تحديد موقع مصر على خريطة الاستثمار العالمية.
وأوضحت أن خطة الإصلاح صاحبها خطة إصلاح تشريعي في القوانين الخاصة بالصناعة والاستثمار وغيره من القوانين وذلك لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتذليل العقبات أمام المستثمرين ودعم خطط التنمية الاقتصادية.
وأشارت إلى أن المشروعات القومية التي نفذتها مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي خاصة مشروعات البنية الأساسية وإنشاء شبكة الطرق وغيرها ساهمت بشكل كبير في تهيئة مناخ جاذب للاستثمار لافتة إلى أن السوق المصري يعتبر أكبر سوق جذبا للاستثمار في أفريقيا.
دور الاستقرار السياسي:
أكدت الدكتورة هدى الملاح الخبير الاقتصادى، أن حالة الإستقرار السياسى التي تشهدها مصر حاليا لعبت دور أساسيا في جذب الإستمارات الأجنبية، لافتة إلى أن أى مستثمر يعلم جيدا أن الاستقرار السياسى سيقابله استقرار من الناحية الاقتصادية .
وأضافت "الملاح" في تصريحات خاصة لـ"الهلال اليوم" أن حركة الإصلاح الاقتصادي والتشريعي التي قامت بها الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية خلقت بيئة اقتصادية واستثمارية أكثر مرونة وصمودا أمام الأزمات، وبالتالي جعل من مصر واجهة وبيئة وسوق واعد وكبير تتمناه أي دولة.
وأشارت إلى أن الحكومة اعتمدت على عدد من الآليات التي جعلت من مصر الوجهة الأولي عالميا وليس أفريقيا فقط جذبا للاستثمار الأجنبي، في مقدمتها قانون واضح للاستثمار والذى يعتبر أهم الأدوات لجذب الاستثمارات الأجنبية، لافتة إلى أهمية آلية الشباك الواحد التي يستطيع من خلالها المستثمر أن يحصل على جميع الموافقات والتراخيص لمشروعه في وقت قياسي "يوم واحد".
وأوضحت "الملاح" أن المشروعات القومية التي أطلقتها الحكومة في مقدمتها مشروع قناة السويس الجديدة خلقت مناطق استثمارية ومناطق تكنولوجية ومدن صناعية وبالتالي شكلت بيئة استثمار متنوعة.
تقرير الاستثمار العالمي 2020:
وأكد المركز الاعلامى لمجلس الوزراء في تقرير له أن تقرير الاستثمار العالمي 2020 الصادر عن "أونكتاد"، كشف عن زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر بنسبة 11% مسجلا 9 مليارات دولار عام 2019.
وأوضحت أونكتاد أن مصر حافظت على مسار تصاعدي في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر على مدار 6 سنوات متواصلة.
وجذبت مصر استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 8.1 مليار دولار عام 2018، و7.4 مليارات دولار عام 2017، و8.1 مليار دولار عام 2016، و6.9 مليارات دولار عام 2015، و4.6 مليارات دولار عام 2014.
وبشكل تلقائي، قفزت أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر على مدار السنوات الماضية، بيد أن الأرقام توضح أنها حققت قفزة مهولة على مدار الأعوام العشرين الماضية و في عام 2000، كان إجمالي أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر عند 20 مليار دولار، وخلال 10 سنوات قفز الرقم إلى 73.1 مليار دولار عام 2010، قبل أن يواصل طفراته مسجلا 126.6 في 2019.
وأوضح التقرير أن نسبة الأرباح المعاد استثمارها للشركات متعددة الجنسيات من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر وصلت إلى 41%.
ورصد التقرير، أهم القطاعات التي تلقت استثماراً أجنبياً في مصر، خلال عام 2019، والمتمثلة في قطاعات (النفط والغاز – الاتصالات – العقارات) وأبرز أهم الدول التي ضخت استثماراً أجنبياً مباشراً في مصر عام 2018/2019، ومنها المملكة المتحدة التي ضخت استثمارات بـ 6.4 مليارات دولار، وكذلك بلجيكا باستثمارات 2.3 مليار دولار، كما ضخت الولايات المتحدة استثمارات بـ 1.6 مليار دولار، في حين ضخت الإمارات استثمارات بـ 1.1 مليار دولار.
جدير بالذكر أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى شمال أفريقيا انخفضت بنسبة 11% لتصل إلى 14 مليار دولار، بينما ظلت مصر الدولة الوحيدة التي ارتفعت التدفقات إليها.