لاقت كلمة سامح شكري وزير الخارجية، أمام
مجلس الأمن الدولي حول تطورات الوضع في ليبيا صدى واسعا وترحيبا دوليا، لأن مصر
لاعب أساسي في المنطقة يسعي لإقرار السلام والامن والحفاظ على وحدة التراب الليبي.
واكد خبراء ودبلوماسيون أن المجتمع الدولى
مطالب باتخاذ إجراءات واضحة للحفاظ على ليبيا، والقضاء على المليشيات الإرهابية
والمرتزقة الذين تم نقلهم إلى ليبيا من خلال تركيا التى لا تزال تمارس انتهاكات
تخالف القوانين والمواثيق الدولية على مرأي ومسمع من مجلس الامن والمجتمع الدولي
دون أن يحركا ساكناً.
وكان وزير الخارجية سامح شكري ، اطلع مجلس
الأمن الدولي على تطورات الوضع في ليبيا، مشيرا - في كلمته- إلي إن ليبيا غرقت منذ
ما يقرب من عقد في أزمة متصاعدة تودي بحياة عدد لا يُحصى من أهلها، والتي مازالت،
على الرغم من جهودنا، تمثل تهديداً خطيراً للاستقرار والأمن في جميع أنحاء
المنطقة، موضحا أن الرؤى المتناقضة لمستقبل ليبيا، وتطلعات الهيمنة الإقليمية، أدت
إلى تعقيد جهود المجتمع الدولي لتحقيق هدفنا المشترك المتمثل في إرساء أسس ليبيا
الآمنة والمزدهرة.
وتابع شكري أن مساحات كبيرة من غرب ليبيا
أصبحت موطئ قدم للتطرف، وملاذا آمنا للمنظمات الإرهابية. وسعت قوى الشر تلك في
كثير من الأحيان إلى مد ظلالها القاتمة فوق مصر من خلال اختراق حدودنا الغربية،
مضيفا إن مثل هذه الاختراقات الدموية انخفضت بشكل كبير بفضل جهود الجيش الوطني
الليبي لتأمين المناطق الشرقية من ليبيا.
وأعاد وزير الخارجية المصري للذاكرة حادثة
ذبح خلالها إرهابيو داعش 21 مصرياً كانوا يعملون في مدينة سرت في أوائل عام 2015،
معربا عن الانزعاج من عودة مقاتلي التنظيم الارهابي للظهور في بعض مدن غرب ليبيا،
وخاصة في صبراتة، مؤكدا أن الدول الأعضاء في المنظمة ملزمة بمكافحة الإرهاب في
ليبيا، بما في ذلك من خلال إدانة أي شكل من أشكال الدعم أو المساندة المقدمة لقوى
التطرف من قِبل أي طرف إقليمي.
وأضاف أن اجتماع مجلس الأمن اليوم يُتيح
لنا فرصة فريدة للدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في كافة أنحاء ليبيا؛ وهي خطوة
هامة باتجاه إحياء المحادثات السياسية في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة وفي إطار
معايير عملية برلين.
موقف مجلس الأمن:
قال
السفير السيد شلبي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، والرئيس التنفيذي الأسبق للمجلس
المصري للشئون الخارجية، إن كلمة وزير الخارجية سامح شكري أمام مجلس الأمن أعادت
التأكيد على الموقف المصري من الأزمة الليبية، والذي يقوم على محاور محددة وثابتة
منذ بداية الأزمة.
وأضاف
شلبي، في تصريحات لبوابة «الهلال اليوم»، إن الموقف المصري من الأزمة كان حريصًا
على التمسك بالحل السياسي للأزمة القائم على توافق الطرفين، بجانب التمسك بوحدة
الأراضي الليبية، وكذلك الإصرار على حل المليشيات العسكرية وتسليم أسلحتها، مشيرًا
إلى أنه لا يعقل أن يكون هناك دولة وطنية ذات حكومة مركزية تعمل في ظل ميليشيات
عسكرية ومرتزقة.
وأشار
شلبي، إلى أن المبادرة المصرية لحل الأزمة الليبية لاقت استجابة واسعة إقليميًا
ودوليًا، منذ الإعلان عنها وحتى أول أمس، عندما أكد وزير الخارجية الروسي لافروف
أن المبادرة المصرية تقدم حلاً سياسيًا توافقيًا للأزمة، وهو ما أكدت عليه فرنسا
وإيطاليا والعديد من دول العالم المعنية بالأزمة، مؤكدًا أن المبادرة تعد ركيزة
أساسية ينطلق منها حل الأزمة الليبية.
وأكد
شلبي أن "إعلان القاهرة" لحل الأزمة يتطابق مع رؤى الاتحاد الأوروبي الذي
من المقرر أن يجتمع في 13 يوليو الجاري؛ لبحث مستجدات الأزمة، ومن المؤكد أن يجدد
موقفه الرافض للتدخل التركي في الأزمة الليبية.
وأوضح مساعد
وزير الخارجية الأسبق أنه بالرغم من تأكيدات الأمين العام للأمم المتحدة بأن
التدخل الأجنبي في ليبيا وصل إلى حد غير مسبوق، يعد إشارة واضحة للانتهاكات
التركية في ليبيا، إلا أنه لا توجد إرادة حقيقية لمجلس الأمن لردع الانتهاكات
التركية في ليبيا.
دور مصر في حل الأزمة:
فيما قال الدكتور جمال عبد الجواد، أستاذ
العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن الموقف المصري من الأزمة الليبية واضح
ومعلن أمام العالم، حيث يرتكز على ضرورة أن يكون الحل السياسي أساسا لانفراجة
الأزمة الليبية.
وأشار
عبد الجواد فى تصريح لـ«الهلال اليوم»، إلي أن حديث الرئيس السيسي عن "الخط
الأحمر" كان واضحا في هذا المجال، حيث أعلنت مصر أمام العالم أنها مستعدة
لحماية مصالحها وأمنها القومي بنفسها، مشددا على أن الموقف المصري من الأزمة سوف
يدفع المجتمع الدولي إلى المضي قدما نحو حل الأزمة.
وأردف،
لا نتوقع أن يكون التحرك سريعا لحل الأزمة ، حيث من المتحمل أن تأخذ الأزمة عدة
مسارات ، حتى يضطلع المجتمع الدولي بمهامه فعليا.
وأوضح
عبد الجواد أن بلورة موقف دولي موحد تجاه الأزمة الليبية غير موجود في الوقت
الراهن، لكن هناك مبادئ عامة يقوم عليها حل الأزمة الليبية أبرزها أن يكون الحل
سياسيا وليس عسكريا، ووقف إرسال الأسلحة والمرتزقة ، والالتزام بقرار مجلس الأمن
الصادر في 2011، واعتبار مبادرة القاهرة مع مخرجات مؤتمر برلين أساس للحل السياسي،
مع ضرورة انعقاد لجنة (5 + 5) للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار من خلال التنسيق
بين الطرفين المتحاربين.
وأشار أستاذ
العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إلى أن موقف مجلس الأمن من الانتهاكات
التركية في ليبيا لن يكون واضحا ومعلنا بالاسم، ولكن سيكون على هيئة رفض للتدخلات
الخارجية في ليبيا، ورفض دعم الإرهاب والمليشيات المسلحة في ليبيا.
انقسام دولي:
قاال
الدكتور أيمن سمير، المتخصص في العلاقات الدولية، إن المجتمع الدولي منقسم حول
نفسه فيما يتعلق بالرؤية لحل الأزمة في ليبيا، مضيفا إن الدول الفاعلة سواء كانت
أوروبية أو إقليمية لديها رؤى ومصالح مختلفة بشأن الأزمة.
وأضاف
سمير في تصريحات خاصة لبوابة «الهلال اليوم»، إن جلسة مجلس الأمن التي عقدت
لمناقشة الأزمة الليبية لم تضف كثيرًا للوضع في ليبيا، حيث لم توجه رسالة واضحة
وصريحة لتركيا التي أشعلت الصراع في ليبيا حتى تتوقف عن إرسال المرتزقة
والإرهابيين إلي ليبيا، لافتا أن مجلس الأمن ينعقد في ظل وجود "البوارج"
التركية أما السواحل الليبية، ولا يوجد أي إشارة لذلك، سوى كلمة المندوب الفرنسي
الذي تحدث عن هذا الأمر بشكل واضح وصريح.
وأردف
سمير أنه رغم اتخاذ دول الاتحاد الأوروبي بعض الإجراءات العقابية ضد تركيا، إلا
أننا حتى الآن ننتظر حتى يوم 13 يوليو الجاري، لنرى إن كان هناك إرادة أوروبية
حقيقية لمعاقبة أنقرة، ودعم الحل السياسي أم لا.
وأشار
سمير، إلى أن نظرة الولايات المتحدة الامريكية للأزمة الليبية تقتصر فقط على مدى
التوسع والنفوذ الروسي في ليبيا، حيث ترى أن الوجود التركي من شأنه أن يقف في وجه
التمدد الروسي بليبيا، وبالتالي تدعم بشكل أو بآخر حكومة السراج، وتغض الطرف عن
إرسال تركيا للإرهابيين والمرتزقة والمليشيات المسلحة.
وأكد
سمير، أن محاولة تركيا والمليشيات التي تتبعها الاقتراب من الخط الأحمر
"سرت.ـ الجفرة"، سوف يزيد من تعقيدات الأزمة الليبية.
وأوضح المتخصص
في العلاقات الدولية أن مجلس الأمن لا توجد لديه الإرادة السياسية الحقيقية لاتخاذ
إجراء صارم تجاه الانتهاكات التركية، بسبب وجود بعض الدول في مجلس الأمن لديها
الرغبة والمصلحة في استمرار الوضع الحالي في ليبيا كما هو عليه في الوقت الحالي.