أشاد خبراء وبرلمانيون بالجهود التي تبذلها مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتحقيق حلم الوحدة العربية، وتحقيق التكامل العربي، والتي كان آخرها القمة الثلاثية التي عقدت بالعاصمة الأردنية عمان؛ لبحث سبل التعاون بين الدول الثلاث، مؤكدين أنها خطوة هامة لمواجهة التحديات الراهنة التي تحيط بالمنطقة العربية أمنيا، وسياسيا، واقتصاديا.
وعقدت القمة الثلاثية بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعاهل المملكة الأردنية الملك عبد الله الثاني، ورئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي، حيث تناولت القمة سبل تعزيز التعاون الثلاثي المشترك في مختلف المجالات بين الدول الثلاث خاصة تلك التي تتعلق بالطاقة والربط الكهربائي والبنية الأساسية والغذاء، فضلا عن التشاور والتنسيق بشأن مستجدات الأوضاع السياسية والأمنيةً فى المنطقة، وجهود مكافحة الإرهاب.
كما تناول الزعماء الثلاثة أوجه تعزيز مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وذلك بهدف تأسيس مرحلة قادمة من التكامل الاستراتيجي بين الدول الثلاث، قائمة على الأهداف التنموية المشتركة.
وقد أكد الرئيس السيسي خلال القمة على استعداد مصر لتقديم تجربتها وخبرتها فى كافة المجالات لأشقائها فى الأردن والعراق وكذلك اقامة مشروعات تنموية مشتركة محددة يتم تنفيذها وفق جدول زمنى محكم يكون لها مردودا مباشرا وسريعا على عملية التنمية والحياة المعيشية للمواطنين، وذلك بالإضافة إلى تعزيز مسارات التعاون السياسي والأمني.
وتطرقت القمة إلى أبرز القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث أكد الرئيس السيسي، على أهمية تضافر الجهود لمواجهة التحديات التي تهدد الاستقرار والأمن فى المنطقة.
تدشين تكتل اقتصادي
قال النائب مدحت الشريف عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن اجتماع القمة الثلاثية بين مصر والأردن والعراق يعد من أهم الاجتماعات التي عقدت خلال الفترة الأخيرة، نظرا لكم التحديات والتهديدات التي تواجه الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف الشريف في تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن ملف التعاون الاقتصادي كان من أهم الملفات التي طرحت على مائدة المحادثات بين زعماء الدول الثلاث من أجل تدشين تكتل اقتصادي قوي، وإنشاء مناطق صناعية وتجارية مشتركة تعود بالفائدة على الدول الثلاث.
وأشار الشريف إلى أن مصر تغلبت على مشكلة الطاقة لديها، وأصبح لديها فائض 20 % من حجم الطاقة، وبالتالي يمكن أن تعود بالفائدة على الأردن والعراق.
وأردف، كذلك يحتاج العراق في الوقت الحالي إلى شركات للتشييد والبناء من أجل إعادة إعمارها من خلال الاستعانة بالعمالة والخبرات المصرية في هذا المجال.
وألمح إلى أن القمة الثلاثية من شأنها أن تعود بالفائدة على مصر من خلال جذب استثمارات جديدة من الدولتين الشقيقتين، لافتا إلى أن التعاون لن يقتصر على مجالات الكهرباء والطاقة فقط، وإنما من الممكن أن يمتد إلى قطاعات الزراعة والصناعة، بجانب العمل على وضع خطوات جادة بجدول زمني لتحقيق منطقة تجارة حرة بين الدول الثلاث، وإقامة سوق عربية مشتركة، وتقديم حوافز وتسهيلات للمستثمرين في الدول الثلاث.
وأكد الشريف أن طرح إنشاء منطقة اقتصادية مشتركة أمر في غاية الأهمية لما له من مردود إيجابي على الجميع حال التمكن من تحقيقه على أرض الواقع، وما يترتب عليه من التوسع في إقامة سوق عربية مشتركة، وهو الحلم الذى طالما سعت له الدول العربية خلال عقود، ولكن كان يتم إجهاضه في النهاية بسبب مؤامرات وأجندات من مصلحتها عدم قيامه.
وشدد عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب على أن الوضع يختلف خلال الوقت الراهن بسبب وجود قيادة واعية وملمة بما يجري، مثل الرئيس السيسي الذي يحمل على عاتقه هموم وآمال وتطلعات المنطقة العربية، موضحا أن نجاح التكتل الثلاثي العربي يمثل نواة لقيام تعاون اقتصادي عربي يخدم المنطقة والشعب العربي.
التصدي للتدخلات الخارجية
قال سيد عبد الغني رئيس الحزب العربي الناصري، إن القمة الثلاثية بين مصر والأردن والعراق تعكس مدى التعاون والتكامل بين الدول الثلاث، مشيرا إلى أنه لا بديل خلال الفترة المقبلة سوى إقامة تضامن وتكامل اقتصادي وسياسي بين الدول العربية، لمواجهة التحديات التي تحيط بالمنطقة.
وشدد عبد الغنى، في تصريح لـ«الهلال اليوم»، على أن مصر مثلما نجحت في إقامة منطقة تجارة حرة لإفريقيا، وتحقيق حلم القارة الإفريقية خلال رئاستها للاتحاد الإفريقي سوف تنجح في تحقيق ذلك في المنطقة العربية.
وأكد عبد الغني، أن إقامة تكتلات عربية بات ضرورة لمواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني المدعوم بالاستعمار الغربي والتركي والإيراني لاستهداف الأمة العربية، متابعا: " ليس أمامنا سوى الاجتماع تحت مظلة التضامن العربي لنهيئ الأمر لإقامة وحدة عربية تمثل حلم للجميع".
وأضاف عبد الغني، أن التهديدات التركية التي تلاحق سوريا، وليبيا، والعراق، وما تمر به القضية الفلسطينية من منعطف خطير، في ظل المؤامرة الأمريكية الصهيونية، جعل من الضرورة الإسراع بعقد تعاون بين الدول العربية لمواجهة هذه الأخطار.
وأوضح رئيس الحزب الناصري أن التحديات التركية التي باتت تشكل خطرا كبيرا على الأردن نتيجة لموقعها واشتراكها بحدود مباشرة مع سوريا، وكذلك الحال مع العراق التي تضررت أيما ضرر من التدخلات التركية السافرة في شئونها، مما مثِّل خطرا على الأمن القومي العربي والمصري، وهو ما يتطلب تدخلا مصريا لوضع رؤية مشتركة حول كيفية التعامل مع هذه القضايا خلال المرحلة الراهنة.
التكامل الاقتصادي وتبادل الخبرات
قال الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي إن القمة الثلاثية التي عُقدت بين مصر والأردن والعراق، تشكل انفراجة في ظل التطورات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل وجود جائحة كورونا، حيث بات من الضروري أن تعمل الدول في شكل تكتلات وتجمعات اقتصادية لمواجهة التداعيات الناجمة عن هذه الأزمات.
وأضاف الإدريسي في تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن وجود تعاون وتكامل اقتصادي مشترك بات ضرورة بين الدول الثلاث، لدوره المأمول في تحقيق عدة أهداف، منها جزء مرتبط بإعادة إعمار العراق والذي لن يتحقق إلا بوجود استقرار سياسي وأمنى، وعلاقات قوية مع كافة الدول العربية وبالأخص مصر والأردن.
وأردف، أنه في المقابل فإن الأردن تواجه بعض المشكلات الاقتصادية، ومن ثم تستطيع الاستفادة من مصر من خلال الربط الكهربائي بين البلدين، وكذلك الاستفادة من تجارب الإصلاح الاقتصادي الذي قامت به مصر.
وتابع، أن مصر يمكنها من خلال التعاون الاقتصادي بين البلدين، الترويج للفرص الاستثمارية المتاحة، بحيث نستطيع استقطاب أكبر قدر من الاستثمارات المباشرة، وغير المباشرة من الدولتين.
وأضاف الإدريسي "يمكن لمصر زيادة الصادرات للأردن والعراق، وجذب الاستثمارات العربية للمدن المصرية الجديدة التي تصل إلى 14 مدينة، كما ستسهم القمة من خلال وجود تقارب بين الدول الثلاث، في تذليل العقبات التي قد تواجه العمالة المصرية في الدولتين الشقيقتين".