لا شك أن بناء الشخصية أو إعادة بنائها أمر ليس بالهين ولا اليسير، ولا يمكن أن تنوء بأثقاله جهة واحدة أو مؤسسة واحدة: دينية أو ثقافية أو تربوية أو مجتمعية أو تنموية، إنما يمكن لهؤلاء مجتمعين في ظل إرادة سياسية قوية وداعمة أن يحدثوا نقلة نوعية بل سريعة في هذا الشأن.
هكذا بدأ الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في مقاله المنتظر بعنوان "حديث الجمعة" في بوابة الهلال اليوم" كما يلي:
قال مختار جمعة: "كان اجتماعنا في وزارة الدولة للإعلام
مع وزيري الإعلام والشباب إعدادًا لإطلاق مبادرة: "الشخصية المصرية 2030"،
بمشاركة وزارات: الأوقاف، والثقافة، والتربية والتعليم والتعليم الفني،
والتعليم العالي، والإعلام، والمجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للبحوث
الاجتماعية والجنائية، وسائر الجهات المعنية ببناء الشخصية المصرية ليتكامل
دور المؤسسات العلمية والتربوية والمسجد والكنيسة والإعلام والثقافة
والشباب في وضع أسس المبادرة ومتابعة تنفيذها بشراكة كاملة تبتغي وجه الله
(عز وجل) وصالح الوطن".
وأوضح مختار جمعة أن دور وزارة الأوقاف في ذلك الأمر، بالإضافة إلى تعاونها وشراكتها الكاملة مع سائر مؤسسات الدولة الوطنية، فإنها تسعى لإعداد برامج للنشء والشباب سواء من خلال المسجد ومراكز الثقافة الإسلامية، أم من خلال رعاية النشء في المدارس الفكرية والقرآنية ومكاتب تحفيظ القرآن الكريم العصرية، أم من خلال دروس الواعظات، وإصدار الكتب والمجلات، ومنها مجلة الفردوس، وهى مجلة كل الأطفال التي يصدرها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مع إعداد عدة كتب للطفل جار إصدارها بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب بوزارة الثقافة المصرية.
واستطرد مختار جمعة، قائلاً: "غير أن المحور الأهم هو من أين نبدأ ؟ فهيا لنبدأ؛ ليتوازى العمل مع التخطيط وتطوير المبادرة، فأولى الأماكن بتطبيق منظومة القيم هو المسجد، سواء بالالتزام الجاد والتام بالإجراءات الاحترازية الوقائية وإجراءات التباعد الاجتماعي في ظل الظروف الراهنة، أم من حيث الحفاظ على حرمة المسجد وقدسيته ونظافته، من خلال الإسهام في عملية النظافة من جهة، والمحافظة عليها من جهة أخرى، مع عدم الإسراف في استخدام المياه أو الكهرباء، والكف عن أي محاولة لبناء المساجد على أرض زراعية أو ملك عام أو ملك خاص بالمخالفة للقانون، أو إعادة محاولة فتح أي دورات مياه يمكن أن تصرف على النيل أو الترع أو المصارف".
وأضاف أن طاعة الله (عز وجل) في العبادة لا تنال بمعصيته في أذى الخلق، ولذلك اتخذنا قرارات حاسمة بعدم إعادة فتح أي دورات مياه يمكن أن تصرف في النيل أو أي مجرى مائي، فإن لم نبدأ بضبط سلوكنا ونحن في ضيافة بيوت الله (عز وجل) فأنَّى لنا أن نضبطها بعد ذلك؟.
واختتم مختار جمعة، بالقول: "وعلينا جميعا أن نجعل من المسجد منطلقًا لترسيخ منظومة القيم، حيث يقول الحق سبحانه: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ"، ويقول سبحانه: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ*رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ"، فإذا لم يكن هؤلاء من أحرص الناس على القيم الأخلاقية والإنسانية فما انتفعوا بالتردد على المساجد، حيث يقول الحق سبحانه: "إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ"، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له".