توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، إلى المملكة العربية السعودية، في زيارة تستغرق يومين, تعقد خلالها قمة "مصرية – سعودية" تتناول سبل تعزيز العلاقات الإستراتيجية التي تجمع بين البلدين، والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب الذي بات يمثل تهديداً لأمن واستقرار الأمة العربية بل والمجتمع الدولي بأكمله.
تأتي زيارة الرئيس استجابة لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وذلك فى إطار حرص الجانبين على استمرار التنسيق المشترك بما يساهم فى تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين فى مختلف المجالات، والتباحث بشأن سبل التعامل مع التحديات التي تواجه الأمة العربية.
وعلى الرغم من التوترات الطفيفة التي شابت العلاقة بين البلدين في الفترة الأخيرة، إلا أن العلاقات بين الشقيقتين مرتبطة بأسس وروابط وأواصر قوية منذ بداية التاريخ، نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية.
لا غنى للعرب عن مصر – ولا غنى لمصر عن العرب
وتؤكد الخبرة التاريخية أن لقاء مصر والمملكة على إستراتيجية واحدة ممثلة في التنسيق الشامل يمكن أن يحقق الكثير للأهداف والمصالح العربية العليا، وهو ما عبر عنه الملك عبد العزيز آل سعود في توضيح الأهمية الإستراتيجية للعلاقات المصرية السعودية بمقولته الشهيرة "لا غنى للعرب عن مصر – ولا غنى لمصر عن العرب".
القاهرة والرياض قطبي التفاعل في النظام العربي
العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية علاقات استراتجية تتسم دائما بالتميز، نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي يحظى بها البلدان على المستويات العربية والإسلامية والدولية.
فعلى الصعيد العربي تؤكد صفحات التاريخ أن القاهرة والرياض هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي.
وعلي الصعيد الاسلامي والدولي هناك تشابه كبير في التوجهات بين السياستين المصرية والسعودية يؤدى إلى التقارب إزاء العديد من المشاكل والقضايا الدولية والقضايا العربية والإسلامية مثل الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، ومن هنا كان طبيعياً أن تتسم العلاقات السعودية المصرية بالقوة والاستمرارية ويمكن هنا التوقف عند عدد من المواقف الدالة علي عمق العلاقات.
مواقف
مرت مصر والمملكة العربية السعودية بالعديد من المواقف التي برز خلالها مدى تكاتف وتلاحم الدولتين، ولعل أبرزها زيارة الملك عبدالعزيز مصر سنة 1946، وهو لم يزر بلداً عربياً أو دولياً غيرها، إذا استثنينا إقامته بين قطر والكويت قبل توحيد المملكة.
" يا جمال مصر لا تطلب وإنما تأمر"
ولعل أبرز هذه المواقف التي لا تزال عالقة بوجدان المصريين هو دور الملك فيصل بن عبد العزيز، الذي لم يكن وليد اللحظة، لكنه كان امتدادًا واستكمالًا لموقفها إبان حرب الاستنزاف حيث كانت كلماته دائماً داعمة لمصر حيث قال للرئيس الراحل جمال عبد الناصر ذات مرة في مؤتمر عُقد بالخرطوم بعد حرب 67 بعدة أيام " يا جمال مصر لا تطلب وإنما تأمر".
ثالثاً: بعد تولي الرئيس الأسبق حسني مبارك، استشعر العرب خطورة إبعاد مصر عن الصف العربي بسبب توقيع الرئيس الراحل أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل ، فقد كان للملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي كان يشغل منصب أمير منطقة الرياض في هذا الوقت، دورا مشهودا بالعمل في التقريب بين مصر والسعودية، وقد تمّ ذلك بباريس سنة 1986، في لقاء صريح موسع تناول أبعاد العلاقة بين البلدين، بعيداً عن أضواء الكاميرات، ما دفع بالعلاقات بين البلدين إلى سالف عهدها.
دفاع الجيش المصري عن الحدود السعودية في حرب الخليج
في جميع مراحل العلاقات بين مصر والسعودية تميزت باحترام سيادة كل دولة والوقوف معها بكل ما تستطيع، ففي حرب الخليج الثانية كان الجندي المصري بجانب أخيه السعودي للدفاع عن حدود المملكة العربية السعودية.
معاهدة الصداقة بين مصر والسعودية
وشهدت العلاقة بين مصر والسعودية تطورًا قويًا منذ توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين عام 1926 ، فقد أيدت المملكة مطالب مصر الوطنية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية ووقفت إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية وفى 27 أكتوبر عام 1955 وقعت اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين.
وقوف المملكة إلى جانب مصر خلال العدوان الثلاثي عليها
وقد وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وقد قدمت المملكة لمصر في 27 أغسطس 1956 (100 مليون دولار) بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي وفى 30 أكتوبر أعلنتِ المملكة التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر.
وعقب العدوان الإسرائيلي على الدول العربية مصر وسوريا والأردن عام 1967 توجه الملك فيصل بن عبد العزيز بنداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود .
قيادة المملكة لمعركة البترول في حرب أكتوبر
واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر 1973 حيث ساهمت المملكة في الكثير من النفقات التي تحملتها مصر قبل الحرب، وقادت المملكة معركة البترول لخدمة حرب أكتوبر.
دعم السعودية لمصر في ثورتي يناير ويونيو
وفي أعقاب ثورتي 25 يناير للعام 2011، و30 يونيو للعام 2013، قدمت السعودية دعمها السياسي والدبلوماسي والمالي لمواجهة المواقف المناوئة للثورة وحظرها أنشطة الجماعات الإرهابية، ومساندة الاقتصاد المصري بعد الثورة.
دعم مصر للمرشح السعودي لمنظمة التعاون الإسلامي
ومن المواقف البارزة بين البلدين، إعلان مصر في 31 أكتوبر 2016، عن دعمها للمرشح السعودي الجديد لمنصب أمين منظمة التعاون الإسلامي، تقديرا للدور المهم الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية في دعم أنشطة وأهداف منظمة التعاون الإسلامي.