الجمعة 24 مايو 2024

خبراء: القتل الأسري أسبابه نفسية واجتماعية واقتصادية وبيولوجية

24-4-2017 | 12:50

أكد علماء الدين وخبراء علم النفس والاجتماع إن ارتفاع معدل جرائم القتل الأسري يعود لعدة أسباب منها ما هو نفسي أو اجتماعي واقتصادي وبيولوجي ، إضافة إلي تراجع الوازع الديني، وقلة الوعي بمخاطر هذه الجرائم ، إضافة إلي تراجع دور المؤسسات التوعوية وعلي رأسها المؤسسة الدينية ،مع انتشار ظاهرة الإدمان خاصة بين الشباب نتيجة لانخفاض مستوى الثقافة في ظل التعليم الوهمي ،علاوة علي انتشار الفضائيات والبرامج والأفلام التي تحث دائما على العنف، فضلا عن الظروف الاقتصادية التي أدت إلي تعرض كثير من أفراد الأسرة والمجتمع إلي الضغوط المادية.

وشددوا علي ضرورة تضافر جهود جميع المؤسسات لمعالجة هذه الجرائم، مع الاهتمام بالإنسان وتنشئته الاجتماعية ،ومشاكله وقضاياه باعتبارها أهم الركائز التي يمكن أن يعتمد عليها في الحد من بشاعة جرائم العنف ضد الأسرة والمجتمع.

بداية قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن الدم محرم حرمة قطعية فى جميع الشرائع السماوية ، بل أن دم ابن أدم محرم عند الله أكثر من حرمة الكعبة المشرفة، مضيفا أنه مع الانفجار السكاني تكثر المشاكل الاجتماعية ومن ثم تتصاعد معدلات الجرائم، مشيرا إلي أن القتل الأسري والجرائم العائلية موجودة منذ قدم البشرية ، حيث قتل ابني آدم عليه السلام بعضهما البعض عندما قتل قايبل أخاه هابيل لمطامع وخلافات أسرية، وكذلك هناك جرائم أسرية وعمليات ثأرية مثبتة علي مر التاريخ الإسلامي.

وأرجع أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الأسباب التي تقف وراء ارتفاع معدل القتل الأسري إلي تراجع الوازع الديني وقلة الوعي وعدم التبصر بالتداعيات الخطيرة لهذه الجرائم البشعة أدي إلي الاستهانة بالدم أو بالعرض ، وبالتالي يجب تضافر جهود العديد من الجهات لمعالجة هذه الجرائم، علي رأسها  المؤسسة الدينية وكذلك المؤسسات الاجتماعية.

 مشددا علي ضرورة حل كل المشاكل التي ينجم عنها مثل هذه الجرائم كالنزاع علي الميراث خاصة في صعيد مصر والمناطق البدوية ، وحرمان النساء من الميراث ، وعدم الفهم الصحيح لولاية الرجل علي المرأة في عقد الزواج ، بالإضافة إلي تفسخ العلاقات الإنسانية والأسرية بفعل التقدم التكنولوجي في وسائل الاتصالات المعاصرة التي ساهمت إلي حد كبير في قطيعة الأرحام كل هذا أدي للأسف إلي العنف الفكري المتمثل في التلاسن والخصومات ثم بعد ذلك تقع جرائم إراقة الدماء، بالرغم من أن هذه المسائل الخاصة بالميراث، تم تنظيمها من قبل أحكام الشريعة الإسلامية التي نظمت قوانين الأحوال الشخصية والأسرة.

بينما استبعدت الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن تمثل هذه الاحصائية ظاهرة ، مضيفة أننا لا نستطيع أن نطلق عليها مصطلح ظاهرة ، وإنما يمكن أن نقول ارتفاع معدلات الجريمة في محيط الأسرة ، لأن ظاهرة تعني أن النسبة الأكثر في المجتمع تفعل ذلك وهو أمر ليس موجودا، في إشارة منها إلي دراسة صادرة عن وزارة العدل تفيد بأن هناك 8 آلاف جريمة قتل تقريبا ترتكب سنويا بين أفراد الأسرة الواحدة في مصر بسبب النزاع علي الميراث، وسوء السلوك.

وأكدت أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية،علي أن هناك أسباب عديدة تقف وراء ارتفاع هذه المعدلات من أهمها : انتشار ظاهرة الإدمان خاصة بين الشباب ،حيث أن كثير ممن يقومون بأعمال العنف الأسري يكونون مدمنين، كما أن الضغوط ومتطالبات الحياة التي يتعرض لها الأشخاص تؤدي إلي ظهور الأمراض النفسية الكامنة داخل هؤلاء الأشخاص كالفصام ، وللأسف أن ثقافة المجتمع لا تعترف بالأمراض النفسية مثل اعترافها بالمرض العضوي ، يزيد من احتمالية أن يتحول الشخص المريض نفسيا إلي ارتكاب جرائم عنف ضد أقرب الناس إليه إذا تصادف وكان مدمنا ، ومن ثم نسمع كثيرا من الجناة يقولون " أن مكنتش في وعي ، أنا معرفش أنا عملت كدا ازاي" لأنه بيكون خارج عن وعيه.

مبينة أن العنف في أبسط صوره مرض اجتماعي مزمن يرجع إلى عدة أسباب منها ما يرجع إلى شخصية القائم بالعنف كأن يكون لديه خلل في الشخصية  نفسي أو عقلي أو يتعاطي بعض المواد المخدرة، وأخري اجتماعية واقتصادية تتمثل في الضغوط المادية وعدم التوافق الزواجي وانخفاض مستوى الثقافة ، موضحة أن البناء النفسي المعتل واضطراب الشخصية هي المسئولة عن إفراز سلوك القتل الأسري بكافة أنواعه، كما أن العنف الذي تعرضه الدراما التليفزيونية من مشاهد عنف وإراقة الدماء فيما يعرف بـ" ثقافة الصورة" تؤدي إلي استقرار فعل الجريمة في الوجدان الشخصي بحيث يتجرأ علي فعلها طوال الوقت خاصة إذا صادف حالة مع الإدمان أو مرض نفسي.

وأضافت سوسن أن من بين هذه الأسباب التعليم الوهمي الذي يعاني منه مجتمعنا ، إضافة إلي التخلف الثقافي، مع غياب حقيقي للدور الفعال الذي يجب أن تقوم به المؤسسة الدينية في الوعية بالأداب والحقوق والواجبات وكذلك مخاطر العنف الذي حرمته الشريعة الإسلامية واكتفت بالاهتمام بالطقوس والعبادات فقط بشكل ظاهري ، ومن ثم لا يوجد خطاب حقيقي يخاطب الوجدان الإنساني الذي به يستطيع الشخص أن يتحمل ويصبر علي ضغوط الحياة ، وأن تسود قيم التسامح بين الفرد وجميع أفراد أسرته وكذلك جميع المجتمع، خاصة أن هذه القيم لها دور كبير جدا في الحد من انتشار هذه الظاهرة في ظل طغيان الماديات علي الإنسانيات ، مشيرة إلي أن  الطموحات الزائدة التي لا تقف عند الحدود والامكانيات ، والرغبات في تحقيق أكبر مكسب مادي ومن ثم يتحول إلي شخص بدون قيم ويعتمد علي مبدأ " الغاية تبرر الوسيلة" لتحقييق أهدافه،

وأردفت أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: نحتاج إلي ثورة ثقافية ومشروع قومي ثقافي يحمي أفراد المجتمع من مخاطر العنف ضد النفس والأهل والمجتمع، مطالبة بالعودة لتفعيل دور الدراسات الإنسانية وتحليلها لعمل خطة علاجية للحد من ارتفاع معدلات جرائم القتل الأسري، مع الاهتمام بالإنسان ومشاكله وقضاياه أهم الركائز التي يمكن أن نعتمد عليها في الحد من بشاعة جرائم العنف ضد الأسرة أو المجتمع.

ويري الدكتور أحمد عبدالله أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة الزقازيق أن هناك أسباب مزمنة ومقدمات عديدة أدت إلي زيادة نزعة العدوان والعنف أو زيادة الميل إلي استخدام العنف ضد الأهل والأقارب بكافة أشكاله المختلفة بما فيها جرائم القتل والانتحار والتحرش موجودة بصفة مستمرة في حياة المصريين طوال الوقت، مضيفا أن من بينها الأسباب البيولوجية مثل تلوث البيئة ، وأخري نفسية مثل الضغط النفسي والاكتئاب بسبب الظروف التي يمر بها المجتمع منذ فترة ، وكذلك من بينها الأسباب الاجتماعية مثل الضوضاء والازدحام سواء في أماكن المعيشة أو في الشارع والمواصلات العامة

وأردف أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة الزقازيق زاد من هذه الأسباب المزمنة العديد من الأزمات التي يتعرض لها أغلب أفراد المجتمع مثل الأزمة الاقتصادية.

وبدورها أوضحت الدكتورة نوران فؤاد، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس أن انتشار الفضائيات والبرامج والأفلام التي تحث دائما على العنف، كان له دور كبير في ارتفاع معدلات العنف والقتل الأسري، مطالبة الحكومة بإعادة النظر فيما ينشر ويبث عبر وسائل الإعلام لتخفيف حالة العبء التي يعاني منها الكثير من المصريين،

وتري أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس، أن التصدي لهذه الظاهرة يأتي عبر الاهتمام بعملية التنشئة الاجتماعية باعتبار أن سلوك العنف أمر مكتسب، إضافة إلي التركيز علي دور المؤسسات المجتمعية كالمدارس والجامعات ودور العبادة والإعلام.