الخميس 16 مايو 2024

ثورة أم مؤامرة؟!

تحقيقات15-10-2020 | 14:14


عقب رفع السرية عن إيميلات هيلاري كيلنتون، اتضح للجميع أن ما حدث في الأعوام الماضية، كان بتخطيط أمريكي، تحت إدارة الديمقراطيين وكان الهدف الاساسي، ليس فقط إسقاط الحكم، كنظام سياسي برئاسة مبارك، بل إسقاط مصر نفسها وتقسيمها.


وهنا يقف التاريخ ليسأل ماذا أدوّن..؟ هل أكتب ثورة ذات أهداف مشروعة، لكن في خلفية المشهد مؤامرة..؟ أم هي مؤامرة مخططة، وكانت الثورة ضمن هذه الخطة؟


عندما تغوص في ذاكرتك تجد أن هناك من حذر من هذه المؤامرة الأمريكية، وتجد من كان على إيمان شديد بالثورة وأهدافها.


ما قبل أحداث يناير وفي أعقابها، كنا نحن في الأسفل، ويوجد من هم بالأعلى يحركون المشهد من وراء ستار، ونحن نتحرك ظنا منا بالخطأ أننا أحرار الإرادة، لكن كان في خلفية المشهد من يوجه الأذهان دون أن نعلم.


كقطع لعبة الشطرنج، هناك لاعب يجلس يفكر، ويخطط، والقطع فقط تنفذ، ففي خلفية مشهد العصابة الأمريكية تحرك قطع الشطرنج كما تريد، لكن المختلف أن قطع الشطرنج موجهين ذهنيا، اشبه بالتنويم المغناطيسي، وتنفذ القطع المخطط كما يجب أن يكون.


ونحن الذين كنا في الأسفل نسير وفق المخطط الموضوع، بعناية وفق دراسات لمشكلات المصريين، وزيادة تعقيدها والضغط اكثر على النظام السياسي لزيادة الاوضاع الداخلية سوء و ايضا الدراسات النفسية للمصريين و تركيبة المجتمع المصري و استغلال نقاط القوة و الضعف.


التوحيه الذهني حدث عن طريق الإعلام وأعضاء الإخوان في الشارع المصري، (تذكر كل ما كان يقوله لك صديقك الإخواني في الدراسة، أو العمل، أو من الجيران)، عن غلاء الأسعار، والظلم، والقهر، والاستبداد، وأن امريكا هي بلد الحريات، والتقدم العلمي، وأن الهجرة للخارج هي الحل والسبيل للنجاح، إلخ إلخ إلخ، من شحن وضغط نفسي لتكره النظام.


لكن انتظر، لم يكن الحديث أبدا عن النظام بل كان تصويرا لمصر نفسها بأنها سيئة، وظالمة، ويحضرني الآن مقولة المقبور "كشك": (لو أن الظلم 100 جزء، لكان في مصر 99 منه)، الحديث ليس فقط عن النظام، بل كان الحديث عن مصر نفسها، وتشويه التاريخ والحاضر، بدرجة تجعلك حتى لو تعيش في أمان، ولم تتعرض لهذا الظلم تشعر بالضيق والظلم.


فضلا عن قنوات الجزيرة والتحريض الدائم وتشويه صورة مصر، فلم تكن الجزيرة وحدها المسؤولة عن هذا التحريض، لكن بعض العملاء والعناصر في القنوات المصرية، وبالطبع ـ وهو الأهم ـ على شبكات التواصل الاجتماعي.


لهذا كنت دائما أطالب بمحاكمة مبارك بتهمة الغباء السياسي، لأنه لم يقدر على إيقاف هذه المؤامرة، ويحمي مصر والمصريين منها، لكنه كان هو ونظامه يساعدون فيها بطريقة غريبة للغاية، حيث ساعد أطراف المؤامرة على استثمار نقاط الضعف في النظام، والشارع المصري، واللعب عليها بشكل يمثل خطورة حقيقية على مصر.


هي محنة تحولت لمنحة، وهنا تكمن قوة مصر التي لم يدرسها جيدا الأمريكان، أن الأمر غير متوقف فقط غلى شخص أو نظام، كما في باقي الدول، لكن الدولة المصرية دولة حضارية لها من التاريخ الطويل، في الصراعات والثورات والحروب، لكنها كانت الحرب الأكثر حداثة على الإطلاق ولم يسبق لها مثيل، وهي حرب دون دبابات أو صواريخ، حرب العدو فيها يمتلك الشارع، والشارع لا يعلم.


من ينظر للنتيجة وأن الوضع المصري الحالي أفضل بكثير من أعوام ما قبل 2011، بالأرقام والمنطق، وحتى الوعي الحالي للمصريين، ظنا منه أن السبب في هذا هو الثورة، لأنه عقب الثورة لم يتم تشكيل أي وعي، بل زاد الوضع الاقتصادي سوأ، وزاد تغييب الوعي أكثر وأكثر، والجميع يتذكرون الطرف الثالث، الذي أصبح معلوما فيما بعد. 


وبين أيدينا الآن ما يثبت من هو الطرف الثالث، والمحرض، والمدبر، وكان كلما تهدأ الأوضاع يضع البنزين على النار مرة أخرى، ليزداد الوضع سوءا، وتشتعل الحرائق أكثر فأكثر، فالوضع الحالي الذي وصلنا إليه من استقرار للأمور، سببه الخطة المضادة للمؤامرة، ووعي المصريين واستشعارهم الخطر، فكان نزولهم في 30 يونيو 2013 أمرا حتميا لحماية مصر.


ولو لم تكن الثورة ضمن المؤامرة، ما ثار المصريين يوما واحدا، لو لم يتم توجيه ذهن المصريين للثورة، ما ثاروا في 25 يناير 2011، وإذا كانت يناير 2011 خطة من أعداء الخارج، فإن ثورة 30 يونيو 2013، هي الخطة المضادة لإيقاف مخطط العصابة الامريكية.


يجب توضيح أنه يستحيل القول إن كل من شارك في يناير 2011 هو متآمر، لأن أغلب من شاركوا، كان يريدون فعلا الخير البلد، والعيش في حرية وعدالة الاجتماعية، لكنه كان موجها ومخدوعا ولم يكن يشعر أو يدرك بواطن الأمور.


ثورة أم مؤامرة، المسمى يمكن ألا يكون فارقا مع الكثيرين، لذا فالأهم هو دراسة ما حدث بعناية لعدم تكراره، وحديثي هنا عن التوجيه الذهني للمصريين في بعض الامور.