الثلاثاء 1 اكتوبر 2024

علي محمود والمنشاوي والفشني .. علامات مضيئة في رحاب القرآن

فن18-10-2020 | 10:58

صعدت أرواحهم إلى بارئها الله جل جلاله، ولكن لم يذهبوا عنا, تركوا خلفهم كنوزا وتراثا نحيا عليه حتى الآن، لم تذهب حياتهم سدى بل كانت لإحياء كلام الله في القلوب.. فهل شعرت يوما أن قلبك هو الذي يصغى ويرتجف خشوعا عند سماع كلام الله يتلى بصوتهم العذب..

فمحبة لهم وفيهم نحكي عنهم في رمضان شهر القرآن  .

المنشاوي

صوته يجعلك تذهب إليه رغما عنك يسلب إرادتك ويجعل قلبك يخفق عند تلاوته لكلام الله سبحانه وتعالى, كان خلقه القرآن، وكان عطاؤه القرآن وكان صوته القرآن إنه الشيخ محمد صديق المنشاوي الذي ولد عام 1920 بقرية البواريك بمدينة المنشاة بمحافظة سوهاج, زحفت إليه الإذاعة زحفا, فهو القارئ الوحيد الذي دخل الإذاعة دون اختبار قبول وأجمع حينها خبراء لجنة الإذاعة على أن هذا الرجل من العيب أن يختبر.

نشأ في أسرة محبة للقرآن وتأثر بوالده كثيرا في حفظ القرآن, حفظ ربع القرآن في القاهرة عام 1927, مع عمه الشيخ أحمد السيد كان عمره حينها ست سنوات ونصف السنة، ثم رجع المنشاة وحفظ القرآن الكريم كاملا على يد مشايخ مثل محمد النبكي ومحمد أبو العلا,  سجل القرآن الكريم كاملاً في ختمة مرتلة، كما سجل ختمة قرآنية مجودة بالإذاعة المصرية وله أيضا العديد من التسجيلات في المسجد الأقصى والكويت وسوريا وليبيا، قرأ القرآن في المساجد الرئيسية في العالم الإسلامي مثل المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى, أطلق عليه لقب الصوت الباكى لخشوعه التام وهو يقرأ ما تيسر من القرآن الكريم  سواء في الإذاعة المصرية أو للستمعين مباشرة ولكن صوته لم يكن باكيا أبدا بل كان خاشعا لكتاب الله, يقال عنه إنه كان يحب صوت السيدة  أم كلثوم، ويصف صوتها بـ"القوة" كما كان يحب صوت الشيخ طه الفشنى، حين ينشد التواشيح الدينية التى اشتهر بها، ويعشق تلاوة الشيخ محمد رفعت للقرآن، ولعله كان الصوت الوحيد الذى يسمعه عندما يكون بمفرده.

كانت هناك الكثير من المواقف التي تحكي علي فضيلة الشيخ ولكن أبرزها أنه رفض التلاوة أمام الرئيس جمال عبدالناصر وقتئذ ,

كانت بداية القصة عندما حمل الدعوة إلى فضيلة الشيخ المنشاوي، أحد الوزراء قائلاً إنه سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفلا يحضره الرئيس عبد الناصر، فرد عليه شيخنا قائلا لماذا لا يكون هذا الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي, وقال معللا ذلك أنه خطأ الرئيس عبدالناصر نفسه عندما أرسل لي أسوأ رسله.

 زار شيخنا الكريم عددا من الدول الإسلامية كالعراق، وإندونيسيا وسوريا، والكويت ،وليبيا، وفلسطين، والمملكة العربية السعودية, توفي شيخنا الجليل بمرض دوالي المريء عام 1996، وهو لم يتجاوز الخمسين من عمره, تاركا خلفه تراثا نحيا على عذوبة صوته إلى الآن

علي محمود

 حفظ كتاب الله صغيرا ودرس علومه بإتقان على يد الشيخ أبي هاشم الشبراوي, ثم درس الفقه على يد الشيخ عبدالقادر المزني وعلا شأنه بين العامة والخاصة إنه الشيخ علي محمود الذي ولد عام 1878

 بمنطقة كفر حجازى التابعة لمنطقة الجمالية.

 أصيب بحادث في صغره أدى إلى فقدان بصره كاملا ولكن رغم ذلك تحدى نفسه وأصبح بذلك من أكبر منشدي الإذاعة المصرية وأصبح القارئ الأساسي لمسجد الإمام الحسين ، حكي عنه أنه كان يؤذن للجمعة في الحسين كل أسبوع أذاناً على مقام موسيقي لا يكرره إلا بعد سنة.

فهو دارس علوم الموسيقي على يد الشيخ إبراهيم المغربي و ضروب التلحين وحفظ الموشحات الغنائية، وفي 3 يوليو عام 1939، كان فضيلة الشيخ علي محمود في أول لقاء له بالإذاعة المصرية في الساعة السابعة وخمس عشرة دقيقة كما ذكرت ذلك جريدة الأهرام في نفس اليوم.

ظهر الشيخ بصوته العذب في بعض الأفلام وهو يؤذن أو يتلو القرآن وكان الظهور الأخير له في فيلم رصيف نمرة 5 عام  1956

 أنشأ شيخنا الجليل مدرسة عريقة في التلاوة والإنشاد تتلمذ فيها كل من جاء بعده من القراء والمنشدين،صعدت روح شيخنا الجليل إلى بارئها عام 1946 تاركا خلفه قرآنا بصوت من ذهب.

طه الفشني

يقال إن صوته كتم لأسابيع في القاهرة ولم ينطلق إلا في الحرم ليؤذن لصلاة العصر إنه أشهر من قرأ سورة الكهف , وطول سبعين عاما كان قارئا للقرآن الكريم ورائدا للإنشاد الديني, إنه  الشيخ طه الفشني الذي ولد بالفشن إحدى قرى محافظة بني سويف عام 1900م, نشأ في أحضان أسرة متدينة فألحقه والده بكتاب القرية، وحفظ به القرآن الكريم وتميز بعذوبة صوته كان محبا للعلم والدراسة فالتحق بمدرسة المعلمين بالمنيا، وحصل فيها علي دبلوم المعلمين ولم يكتف بذلك فذهب للقاهرة للدراسة في مدرسة دار العلوم ولكن ظروف البلد وقتها كانت عائقا أمامه بسبب ظروف ثورة 1919م , فالتحق بالأزهر الشريف للدراسة ثم التحق بالإذاعة المصرية عن طريق الصدفة حيث كان يحيي إحدى الليالي الرمضانية بمسجد الإمام الحسين، واستمع إليه بالصدفة سعيد لطفي مدير الإذاعة المصرية في ذلك الوقت فعرض عليه الالتحاق بها وبالفعل سرعان ما اجتاز كل الاختبارات وذاع صيته وبزغ ولمع نجمه.

ويقال إنه كان القارئ المفضل للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي أهداه طبقا من الفضة الخالصة موقعا بخط يده، ومن بعده كان القارئ المضل أيضا للرئيس الراحل محمد أنور السادات.

 وعندما بدأ البث المباشر للتليفزيون المصري كان الشيخ الفشني أول من أذاع فيه وهو يتلو بضع آيات من سورة مريم وبعد حياة حافلة مع القرآن الكريم والإنشاد الديني رحل الشيخ طه الفشني عام 1971م تاركا خلفه كثيرا من التسجيلات القرآنية والإنشاد الديني.

فضيلة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

"صوت مكة , الحنجرة الذهبية "هل كانوا لقبا أم وصفا له ,حرفيا هو الأشهر علي الإطلاق داخل بحور تلاوة القرآن الكريم , كتب في مذكراته , "كان سني حينها عشر سنوات حين أتممت حفظ القرآن الكريم فكان يتدفق علي لساني مثل النهر الجاري"

القارئ الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد, ولد عام 1927 بقرية المراعزة التابعة لمزكز أرمنت بمحافظة قنا "قبل أن ينضم مركز أرمنت إلى محافظة الأقصر سنة 2009 مع تأسيسها" بجنوب الصعيد, نشأ في أسرة حافظة لكتاب حفظاً وتجويداً. فاجده الشيخ عبد الصمد كان من حافظا للقرآن مجودا له مرتله ترتيلا ، واولده الشيخ محمد عبد الصمد، كان أحد أيضا حافظين القرآن حفظًا وتجويدًا.

 و كان شغوفا لحفظ القرآن فذهب إلي كتاب القرية كحال أخويه الكبيرين وسرعان ما أعجب وتوسم فيه التميز والذكاء وسرعة الحفظ