قال عنه الكاتب الكبير خيري شلبي.. مرسي جميل عزيز.. "الشاعر الوحيد الذي
استكمل مشروعه الغنائي في حياته".
وقارن بينه وبين نجيب محفوظ أستاذنا أنيس
منصور.. في تصريح صحفي: "إنه مهندس الأغنية المصرية والعربية أقام لها صرحا
متعدد الطوابق، والطرقات والشرفات والزخارف، وإذا كان نجيب محفوظ بطل الرواية
العربية، مرسي جميل عزيز.. بطل وفارس الأغنية العربية". يكفي أنه الشاعر
الوحيد الذي سعت إليه كوكب الشرق.. وطلبت لقاءه أكثر من مرة.. وتهرب منها. إلى أن استطاعت أن
تدبر لقاء معه عن طريق الإعلامي الكبير وجدي الحكيم.. وكان هذا الحوار بينهما، حوار كبير.. في بداية الجلسة
عرضت عليه أن تعرضه على طبيب نفسي لعلاجه، وعندما استفسر منها عن السر، أبدت له
تعجبها من هروبه من التعاون الفني معها! والاتفاق أكثر من مرة.. ثم الاختفاء المريب!.. كان صريحًا معها
وقال لها: "لا أريد أن يقال إني أتشعبط في أم كلثوم بحثًا عن
الشهرة من خلالها. كما حدث مع حسين السيد من خلال عبد الوهاب، ومأمون
الشناوي فريد الأطرش، وفتحي قورة شكوكو" ضحكت "الست".. وقالت له: "هذا المنطق يمكن أن يكون سليمًا إذا كنت
لاتزال في بدايتك.. ولكنك الآن شاعر متحقق.. لا أمتلك صعود اسمك أو هبوطه". حسب كلامه في حوار
إذاعي سمعته بنفسي.. إنها أقنعته في هذه الجلسة بالتعاون الفني بينهما.. لدرجة أنه عرض
عليها في نفس الجلسة ثلاثة مقاطع لبداية أغاني.. تختار منهم أغنية..
ولكنها فاجئته.. أنها اختارت
الثلاثة.. وكان من حظنا نحن جمهوره وجمهور الست.. (سيرة الحب، ألف ليلة وليلة، فات المعاد) ثلاثية أم كلثوم
الشهيرة.. التي شاء القدر أن يختلف الموجي وأم كلثوم خلافًا فنيًا.. يكون سببًا في ذهاب
هذه الثلاثية إلى الملحن بليغ حمدي.. الذي صنع (للست) ثلاث أهرامات.. في مشوارها الغنائي.. فجرت الغل والحقد
الكراهية داخل الوسط الغنائي.. ضد هذا الشاعر الموهوب.. وشن حروب ضده، واتهامه بالسرقات الفنية.. من كتب التراث
القديمة.. ومن أغاني مطربين مجهولين لم يحظوا بالشهرة.. أذكر أن الذي تبنى هذه الحملة الصحفية ضد
الشاعر مرسي جميل عزيز.. الصحفي الفني الشهير (جليل البنداري)..
وانحاز له الشاعر
مأمون الشناوي.. وأصبحت الجرائد والمجلات في هذه الحقبة التاريخية
ساحة للقتال.. بين مؤيدين مرسي جميل عزيز.. وبين من يتهموه..
بالسرقة.. إلى أن فاجأ الجميع.. بكتابة شيك بمبلغ 500 جنيه.. لحساب جريدة
الأخبار.. من أجل تكوين لجنة تحكيم من كبار نقاد الأدب في مصر.. للتحقيق في هذه
الاتهامات وإصدار حكمها بالإدانة أو البراءة على القراء..
والجمهور.. وبالفعل تم تشكيل
اللجنة.. من (د.عبد القادر القط، علي الراعي، صلاح عبدالصبور) وغيرهم.. وبعد مداولات ودراسة الاتهامات الموجهة
له.. أعلنت اللجنة
براءته مما نسب إليه من سرقات فنية.. سواء من أغاني
التراث.. أو أغاني.. المطربين المجهولين.. الأزمة الأكبر.. أن أصدقاء الشاعر مرسي جميل عزيز.. قدموا للجنة أوراق
مزورة.. استعان بها خصومه لتشويه صورته.. ورغم إنه كان يمتلك أن يرفع عليهم دعاوى
قضائية بالتشهير.. رفض، وحسب كلام ابنه اللواء مجدي مرسي: (عفى عنهم جميعًا).. بل رفض بعد رحيلهم
عن الحياة.. كل المغريات الصحفية.. أن ينال منهم في حوارات صحفية.. احترامًا لقدسية
الموت.. وأيضًا أنهم لا يمتلكون فرصة الرد. وحسب ما سمعت من أساتذة لي في الصحافة
عاصروا هذه المرحلة.. إن جزءا من الهجوم الذي كان يتعرض له مرسي جميل
عزيز من شعراء آخرين على الساحة الغنائية لأنه كان الأعلى أجرًا.. بين الشعراء.. ورغم أنه كان ميسور
الحال كان لا يقبل أن يتنازل عن أجره. مما دفع شيخ النقاد حسن إمام عمر أن يكتب
عنه مقالًا بعنوان: (مرسي جميل عزيز وكرامة الفنان) وسرد في مقاله.. إنه هو الذي صنع
لمهنة كتابة الأغاني قيمة أدبية ومادية، وكان حريصا أن يتقاضى أعلى أجر.. رغم أنه ميسور
الحال.. ولكن اعتزازًا بقيمة كلمته، يكفي أنه كتب على غلاف مجلة الكواكب عنوان (أم كلثوم تدفع ألف
جنيه في هذه الأغنية). ويكفي أيضًا لتتفجر حوله الأحقاد.. إنه الشاعر المصري
الوحيد المعاصر.. الذي التقى مع فيروز في عمل غنائي (سوف أحيا).. وتم تسجيلها في
استديوهات الإذاعة المصرية.
وإذا كنا دائمًا نمنح محمد الموجي وكمال الطويل.. أنهما سر نجاح عبد
الحليم حافظ.. على مستوى التلحين.. لابد أن نشير.. أن محطاته الغنائية مع مرسي جميل عزيز.. على مستوى الكلمات.. هي المحطات
الرئيسية في مشوار (حليم) الغنائي.. منذ بدأ التعاون في فيلم (أيامنا الحلوة) بـ أغاني.. (الحلو حياتي، هي دي
هي، ليه تشغل بالك، ياقلبي خبي).. وبعد هذا الفيلم..
تعددت اللقاءات
الفنية بينهما في الأفلام.. خاصة أن مرسي جميل عزيز..
كان يمتلك حسًا
دراميًا في كتابة أغاني الأفلام.. وسوف أكون منحازًا لأغاني فيلم (حكاية حب).. حبك نار.. بتلوموني ليه.. في يوم في شهر في
سنة.. بحلم بيك.. ورغم أن الأغاني
الأربعة.. من أهم أغاني (حليم) السينمائية.. لكن (في يوم في شهر في سنة).. تبقى أيقونة أغاني
هذا الفيلم وأغاني "حليم" بشكل عام.. لأنها تجسد رحلته مع الحياة والمرض.. والدنيا.. الدنيا التي
استخسرت فيه النجاح. واستخسرت أن يظهر للجمهور مع مرسي جميل عزيز توأمه
الفني.. في عمل غنائي (من غير ليه) بعيدًا عن الأغاني السينمائية.. رحل "حليم" قبل أن يغنيها.. وبقت مجرد بروفات
بصوته وبصوت (الأستاذ) الذي قرر فجأة في بداية الثمانينيات أن تظهر
للجمهور.. بصوته منفردًا.. ليختم عبدالوهاب حياته بعمل غنائي.. من كلمات مرسي جميل.. مرسي جميل عزيز
الذي كان سببًا في شهرة المطربين في بداياتهم.. والذي سعى إليه الكبار.. بـ أن أصبح ملقبًا
بـ (الجواهرجي).. أو شاعر الـ 1000 أغنية.