الإثنين 13 مايو 2024

أغنيات رمضانية سينمائية.. زُفّت الشمس إلى البدر المنير

فن21-10-2020 | 12:06

" هل هلالك شهر مبارك .. طلع علينا وعلى المسلمين بخير" ..

حالة من الجيشان الجميل ، يحس بها المسلمون ، القريبون من الأفق ، وهم يشاهدون صعود هلال أي شهر هجري جديد ، يحسون أن هناك شهراً يتولد من أخيه الذي رحل ، وأن عجلة الحياة تدور من خلال دورات القمر ..

هذه الحالة من الجيشان ، والارتباط العاطفي ، يحس بها المسلمون ، في أعلى درجاتها ، عندما يحل شهر رمضان الكريم ، قادماً ومعه كل شعائره ، وسماته ، ومظاهره التي تستمر طول ثلاثين ليلة.

وسعى الإنسان دوماً إلى أن يحتفل بهذا الشهر على كل المستويات الدينية ، والاجتماعية ، وطور هذه الاحتفاليات إلى الشكل المتعارف عليه حالياً .. فالناس تقريباً لا تكاد أن تنام ، ومئات القنوات التليفزيونية الفضائية تتنافس على أحسن ما تكون المنافسة ، من أجل جذب انتباه الناس من ناحية ، وأيضاً من أجل أن يظل الجميع في حالة تيقظ حتى مطلع الفجر ..

غيرت الفنون ، مع تطورها من سلوك البشر ، وساعدته التقنيات في إحداث هذا التغيير الحاد الواضح ، ولا شك أن تغيراً أكثر حدة سيعرفه المسلمون في العقود القادمة .

ومن شاهد لقاء الحبيبين فوق أسطح أحد المنازل في فيلم " العزيمة " لكمال سليم عام 1939 ، يعرف الفرق الذي حدث في العادات العربية طول سبعين سنة كاملة ، فبعد الإفطار ، وخاصة صلاة التراويح ، أخلد سكان مدينة القاهرة إلى النوم العميق ، على أن يوقظهم المسحراتي قرب الفجر ، لتناول طعام السحور ، واستغل محمد هذا النوم العميق ، فصعد إلى السطح ليقابل جارته فاطمة ، كي يتبادلان السحر والغزل .. إلى أن مر الوقت بهما ،وقت طويل من  الساعات إلى أن سمعا دقات طبل المسحراتي ، فانتبهت فاطمة إلى أن الوقت قد انفلت دون أن تنتبه .

فارق واضح بين عامي 1939 ، وما يحدث الآن بعد سبعين سنة ، لا أحد تقريباً ينام في ليالي رمضان ، خاصة مع موسم الإجازات ، وقد عكست السينما كفن جماهيري ، ما حدث للناس في هذه العقود ، والتطور البطيء في الاحتفاليات ، من خلال أفلام مثل " الخير والشر " لحسن حلمي عام 1946، و" قلبي على ولدي " لبركات عام 1953 ، ثم " كهرمان " للسيد بدير عام 1959 ، و" مال ونساء " لحسن الإمام عام 1960 و" في بيتنا رجل " لبركات عام 1961 ، و" إضراب الشحاتين " لحسن  الإمام عام 1967 ، و"ضربة معلم " لعاطف الطيب عام 1987، وغيرها من الأفلام التي صورت بعض أحداثها شهر رمضان المعظم.

وقعت بين يدي مجموعة من الوثائق السينمائية للعديد من الأغنيات التي استقبل بها الفنانون هذا الشهر الكريم من خلال أحداث سينمائية . والغريب أن الكثير من هذه الوثائق تائهة في التاريخ ولم يتم جمعها كاملة حتى الآن ، ويمكن أن نكتشف بسهولة ، كيف احتفى الفنانون غنائياً بشهر رمضان الكريم ، فغنوا له ، وأنشدوا التراتيل والابتهالات ، وإذا كان فن الغناء قد اختفى بشكل ملحوظ سنوياً بأغنيات من أجل شهر رمضان ، يحفظها الناس عن ظهر قلب.

فالوثائق السينمائية تؤكد أن السينمائيين قد عبروا عن مكنون مشاعرهم تجاه الشهر الفضيل في أغنيات اندثر الكثير منها ، وبقيت الوثائق الدالة عليه؛ونحن في هذا المقال ، نحاول أن نجمع بعض هذه الأغنيات ، من أجل تثبيتها فوق الورق ، بعد أن تاه بعضها مع الوثائق ، أو الشرائط التي تاهت مع التاريخ ، ولعل أولى تلك الأغنيات أو القصائد ، ما هو عنوانه " أشرقت شمس التهاني " ، وهي قصيدة رددتها نادية ناجي بطلة فيلم " لاشين " عام 1938 من تأليف أحمد رامي ، وألحان رياض السنباطي ، والغريب أن الأغنية غير موجودة في النسخة التي نشاهدها أحياناً في بعض القنوات الفضائية ..

تقول كلمات الأغنية التي تحتفي  بقدوم الشهر الكريم :

أشرقت شمس التهاني                     تملأ الدنيا بهاء وضياء

فتهادوا بالأماني                            إنما يحلو مع البشرى  الرجاء

هل في الأفق هلالك يتلألأ

                                     يبعث الآمال في كل القلوب

وغداً بدراً على الكون تعالى

                                         يضمر الآفاق بالنور الرتيب

بأسماء الملك أطلعت لنا                  كوكب الملك مرآه الجميل

نعم الوادي وطاب المجتنى       ناضراً في ظله الصافي الظليل

قد أمننا في حماه

                           ونهلنا من نداه

                                                واعتصمنا بهواه

 

وفرحنا يوم أن قال البشير

                                         زُفّت الشمس إلى البدر المنير

لا شك أن كلمات القصيدة ـ الأغنية ، قد أجابت عن سؤال حول ضياع المشهد الخاص بها في فيلم " لاشين " ، فقد قام الرقيب السياسي عقب ثورة يوليو بعمل المطلوب منه ، وهو حذف كل الأغنيات التي ذكرت اسم الملك ، بالإضافة إلى تشويه وجه الملك على الصور في الأفلام ، مثل الأوبريت الغنائي " مواكب العز " الذي ألفه أيضاً أحمد رامي ، وغنته أسمهان ،  عن مسيرة أسرة محمد علي باشا في الحكم ، وأيضاً التي غناها الفنان محمد عبدالوهاب ، وتم محو الجزء الثاني منها تماماً من الإذاعة حتى ا لآن ..

وليس موضوع قص هذه الأغنيات هو موضوع حديثنا ، لكن لا شك أن الأغنية تؤكد مدى احتفاء المسلمين بقدوم شهر رمضان .. وقد أجاد الكاتب تعبيره حين قال " زُفّت الشمس إلى البدر المنير " ..

أما الأغنية الثانية ، فهي تحمل عنوان "أغنية رمضان " ألفها جليل البنداري ، ولحنها عزت الجاهلي ، وغنتها نورهان ضمن أحداث فيلم "الخير والشر " إخراج حسن حلمي عام 1946،

وفيها يقول الكاتب :

غنيت لك من قلبي

وفرحت يا رمضان

وقدومك مع حبي

خلى الكون فرحان

بكرة ننول أمانينا

والأيام تصفا لينا

والدنيا تهنينا

ولا شيء يشغل بالنا

وتروق لي وأغني لك

وأقول أنا فرحان

غنيت لك من قلبي            وفرحت يا رمضان

بتجينا ف مواعيدك           وتزيل عنا هموم

ولا تخلف يوم عيدك  بعد التلاتين يوم

وبنلبس ونعيد          والكون لك فرحان

غنيت لك من قلبي            وفرحت يا رمضان

ولأن هذه النصوص ، يقرؤها أبناء هذا الجيل لأول مرة ، ولعل من سمعوها منذ سنوات قد نسوها ، فإننا نهتم هنا بتسجيلها لإثبات أن المسلمين لم يتوقفوا عن الغناء لشهر رمضان ، بشكل خاص ضمن أحداث الأفلام ..

أما الأغنية الأشهر ، والأطول ، فهي التي تغنت بها الطفلة اللبنانية هيام يونس في الفيلم المصري " قلبي على ولدي ": تحت عنوان " فوانيس رمضان " .. وهي من تأليف فتحي قورة وتلحين أحمد صبرة ..

هيام : وحوى وحوي

كورس :                       إياحه

هيام : وكمان وحوي

                                  إياحه

هيام : أهو فات شعبان             وأهو جه رمضان

       ارقصوا يا بنات              وقولوا لي كمان

       وحوي يا وحوي

كورس :                       إياحه

هيام : يا حلاوة وحوي

كورس :                       إياحه

هيام : بابا جاب لي فانوس أحمر وأخضر

                                  م السنة للسنة عمال يكبر

وأنا جاية بغني وباتمخطر

                                  على قولة وحوي

              يا ليلي يا عيني يا ليل يانا يا وعدي

              ندرن علي يا ناس لاعزمكو يوم عندي

              واعمل صينية كنافة وأكلها أنا لوحدي

كورس :                       إياحه

هيام : يا سلام على وحوي

كورس :                       إياحه

هيام : الصايم بكره ح يتمتع       ويطق الفاطر ويفرقع

ونقول له والشمع مولع            دا خسارة فيك وحوي

كورس :                       إياحه

هيام : ارقصوا على وحوي

                                  إياحه

هيام : لوما لفندي لوما جينا

                                  يا للا الغفار

هيام : ولا تعبنا رجلينا

كورس :                       يا لللا الغفار

هيام : الشمعة ، خلصت في إدينا

كورس :                       يا للا الغفار

هيام : صغيرين حنوا علينا

كورس :                       يا للا الغفار

هيام : إدونا العادة

كورس :                       يا للا خليكو

هيام : أيها السادة

                                  يا للا خليكو

هيام : إدونا عمارة واللا سيارة

       ما تدونا ربي يعطيكو

كورس : إدونا العادة يا للا خليكو

هيام : مش كنتوا وانتوا أدنا              ماسكين فانوس كده زينا

وبكره نبقى قدكو                           وعيالكو تيجي تقول لنا

وحوي وحوي

كورس :                              إياحه

هيام : وكمان وحوي

كورس :                              إياحه

هيام : نفطر ونصوم على أرواحه

                                         ونقول لك وحوي

كورس :                              إياحه

هيام : ارقصوا على وحوي

                                         إياحه

هيام : اصحي يا نايم صح النوم        واحنا بقينا في شهر الصوم

كورس : اصحي يا نايم صح النوم .. الخ

هيام : يا للا يا نايم وانتي يا نايمة       اشمعنى أنا م المغرب قايمة

واحدة من شباك :      طب على كده بسلامتك صايمة

                     من قبل ما تتولدي بصوم

كورس : اصحي يا نايم صح النوم .. إلخ

هيام : يا لله يا نايم بكره صيام           شوف الساعة صبحت كام

واحد من شباك : أصلي أنا فاطر

هيام : طيب نام .. نام إن شالله تنام ما تقوم

كورس : اصحي يا نايم صح النوم .. إلخ

 

هذه الأغنية الطفولية البريئة ، تؤكد أن شهر رمضان بمراسيمه يبهج الأطفال أكثر من الكبار ، فقد غنت هيام يونس هذه الأغنية ، مع الطفلات من سنها ، حيث حملن الفوانيس ، ونزلن إلى الشارع ، يمرُرن على المقاهي والمحلات ، يطلبن من الكبار أن يمنحهن " العادة ، لبة وسعادة " .. كي تبقى كل هذه الأغنيات جزءاً لا ينفصل من ذاكرتنا ، لأجمل أيام حياتنا أيام وليالي شهر رمضان  

    Dr.Radwa
    Egypt Air