يعد الشاعر والسياسي الفرنسي ألفونس "دو لامارتين" أهم رواد المدرسة الرومانسية في الأدب الفرنسي، وأحد أهم مفكرى القرن التاسع عشر، وكان له دورًا مهمًا في تأسيس الجمهورية الفرنسية بعد ثورة 1848.
وُلد دو لامارتين في مدينة باكون الفرنسية في 21 أكتوبر 1790، إحدى حواضر مقاطعة اللوار بفرنسا، وكان ينتمي لأسرة إرستقراطية فقد كان من طبقة النبلاء، تحصل على تعليمه من مدرسة اليسوعين الكاثولكية، وكان يعيش حياة مترفة ناعمة فقد كان يسكن القصور ويسافر حول العالم فزار دولاً أوروبية كثيرة كانت أكثرهم تأثيرًا فيه إيطاليا، حيث التحرر ومجمع الفنانين وبقى فيها لثلاث سنوات حتى سقوط النظام الإمبراطوري بقيادة نابليون بونابرات، كما سافر إلى بلاد الشرق الأوسط كتركيا، فلسطين وسوريا ولبنان لنجد تلك الرحلات تشكل هويته الفكرية والعقائدية.
كان لامارتين بالرغم من إنتمائه إلى طبقة النبلاء إلا أنه كان مناضلاً ثوريًا ومناصرًا للثورة الفرنسية حيث طالب بإلغاء الرق، ودافع عن حقوق الفقراء والمهمشين فقد أعلن معارضته لحكم الملك لويس فيليب، وكان أحد قادة ثورة 1848، وتقلد منصب رئيس الخارجية لفرنسا، ولكن وصول نابليون الثالث إلى الحكم فى عام 1852 حال دون ممارسة دو لامارتين حياته السياسة مرة أخرى فاعتزلها حتى وفاته.
دو لامارتين كان مهتمًا محبًا للأدب والشعر فقد جاء ديوانه الأول تحت عنوان "تأملات شعرية" وكان بعمر 31 عامًا، وقد حاز على إشادات جيدة ونال على إثره شهره واسعة حيث يعد نهاية الحركة الكلاسيكية وبداية الحركة الرومانسية، فقد كان شعره يعتبر بمثابة ثورة على الشعر الفرنسى، وقد نالت قصيدته "البحيرة" الكثير من الإهتمام والتي تعد أهم قصائد شعر الحركة الرومانسية وتمت ترجمتها إلى عدة لغات منها اللغة العربية، وتوالت أعمال "دو لامارتين" في الإنتشار حيث ألف كتاب رحلة إلى الشرق في عام 1853، وجوسلين 1836، سقوط ملاك 1838 ورواية درازييلا، وديوان خشوع شعرى، كما أصدر كتابًا عن تاريخ الثورة الفرنسية التي شهدها وكان أحد قاداتها في عام 1848 .
حازت الموضوعات الدينية في شعر "دو لامارتين" على إهتمام كبير في شعر "دو لامارتين" وقد ظهر ذلك جليًا في مجموعته الشعرية "تناغمات شعرية دينية" والتي صدرت في عام 1830، كان "لامارتين" يشعر بالوحدة والإنعزال فكان يرى أنه أقرب ما يكون إلى الخالق من بين بنى البشر أجمعين.
تميز شعر "دو لامارتين" بسمات المدرسة الرومانسية فكان لديه فيض هائل من المشاعر والأحاسيس الأمر الذي كاد يصل إلى حد المبالغة شأنه كشأن الرومانسيين، فقد كانت قصائدة الأربع وعشرون خلاصة تجاربه الذاتية لما عاشه من تجارب فنراه يعبر عن الوحدة والحزن والشعور بالغربة، فقد كانت كلماته مليئة بالمشاعر والأحاسيس الموجعة التي كانت تعبر عن زمن التغيير من حيث الثورة الفرنسية التي أحدثت تغييرًا وتكسيرًا لقيود صارمة فقد كان لسان عصره بتفرد وذكاء وأعمال خالدة مازالت محط الإهتمام والمناقشة والبحث والتحليل، وقد توفي "دو لامارتين" في 28 فبراير عن عمر يناهز 78 عامًا.