كتبت : نيفين الزهيرى
تصوير : شريف الليثى
فيلم "خريف آدم" الذي أخرجه الراحل محمد كامل القليوبي عام 2002 وعرض في 2005، حكى قصة جميلة عن موسيقى الفيلم التي وضعها الموسيقار راجح داود؛ يقول القليوبي "في البداية أردت الاستعانة بصوت "أبو ليلة"، ولما بحثنا عن تسجيلات له لم نجد إلا عند سمير عوف، وبعد استماعنا لها وجدناه لا تصلح لاستخدامها في هذا الفيلم، فقررت الاستعاضة عنها بموسيقى أخرى تحمل نفس الروح فيها نفس الموروث الشعبي، معزوفة بآلة الربابة، وعندما حتدثت مع راجح وجدت لديه فكرة جميلة مفادها أنه يريد أن تعمل الربابة مع الأوركسترا.. وقد واجهتنا عقبات كثيرة جدا لكننا وصلنا في النهاية إلى تنفيذ الفكرة وخرجت موسيقى راجح للفيلم كما سمعها الناس وتجاوبوا معها"... كانت هذه واحدة من الحكايات التي جمعت بين القليوبي وراجح داود الذي أصر بالرغم من وفاة القليوبي منذ مايزيد علي شهرين، على أن يهدي حفله الأول في عام 2017، إلي روح صديقه الراحل القليوبي بمجموعة من الأعمال المتميزة علي المسرح الكبير بدار الاوبرا المصرية.
فعلي مدار ساعتين ونصف تقريبا قدم داود مع المايسترو ناير ناجي والمخرج حازم طايل حفلا متميزا لجمهور الاوبرا وموسيقي راجح، بالتعاون مع مجموعة من العازفين الصوليست منهم الدكتورة ايناس عبدالدايم (فلوت)، محمد صالح (بيانو)، نسمة عبدالعزيز (ماريمبا)، أحمد زكى (غناء)، ماجد سرور (قانون)، سيد كمال (فيولينة)، محمود عبدالفتاح (عود)، تيدى فهمى (باص جيتار)، حازم عبدالقادر (درامز)، حيث قدم في بداية الحفل قصيد سيمفوني بعنوان "جنية البحر" والذي حصل علي تصفيق حاد بعد الانتهاء منه، لينزل بعدها كل من الفنان الكبير صلاح السعدني وابنه أحمد ضيوفا علي الحفل من خلال الموسيقي التصويرية التي ألفها داود لمسلسل الكبريت الاحمر والتي شارك فيها بالعزف كصوليست علي البيانو محمد صالح، وأيضا موسيقي مسلسل "رجل من زمن العولمة" وشارك فيها كل من سعيد كمال علي الفيولينة وعود محمودعبدالفتاح.
ليقدم بعدها رائعته مع المخرج الكبير داود عبدالسيد "رسائل البحر" مع العازفين نسمة عبدالعزيز علي الماريمبا وفيولينة سعيد كمال وكلارينت عمرو إمام وبيانو محمد صالح، وبعد هذه الدقائق الخمس والتي جعلت الجمهور يعيش حلم بطل الفيلم آسر ياسين في البقاء مع حبيبته بسمة والا ترحل بعيدا عنه، كان هناك تفاعل كبير من الجمهور الذي صفق دون توقف لفترة طويلة.
ليتذكر مع جمهوره أيضا الراحل أحمد زكي من خلال موسيقي فيلم "الرجل الثالث" والذي شارك في بطولته مع ليلي علوي و محمود حميدة، وكانت كل مقطوعة موسيقية يقدمها العازفون يشعرون بأنهم يغردون بموسيقي تغذي القلوب قبل العقول، تجعلهم يتعايشون مع كل موسيقي يعزفونها، ليقدم راجح داود ولأول مرة في حفلاته فقرة غنائية ليقول "في وسط هذا الحضور الجميل فيه ذكري مهمة من شهرين أو أقل رحل عن عالمنا المخرج الكبير والعميق محمد كامل القليوبي، وأنا أهدى هذا الحفل لروحه، وفي أعماله لم أجد غير ابتهال أقدمه في هذه المناسبة مع المطرب والصديق السكندري أحمد زكي" وكان الابتهال بعنوان "من دونه لا تحلو الحياة"، وقرر داود أن يقوم بنفسه بقيادة الاوركسترا .
ليعود بعد الاستراحة مع الفنان الكبير الراحل محمود عبدالعزيز الذي لا يمكنه أن يستغني عنه في كل حفل من خلال شخصية الشيخ حسني، ليقدم "باسكاليا الكيت كات"، ليقوم هذه المرة راجح داود بالعزف بنفسه علي الأورغن، وكأنه يناجي روحه في هذا الحفل، من خلال مجموعة من المشاهد المتميزة للساحر من هذا الفيلم الذي صفق بعده الحضور لهذه الموسيقي التي ناجت روحهم لتذكرهم بأحد فرسان السينما المصرية.
وكانت الدكتورة إيناس عبدالدايم متواجدة في الصالة بين الحضور تتابع باستمتاع تفاصيل هذا الحفل إلي أن وقفت علي المسرح لتقدم صوليست مع معشوقها الفلوت مع الاوركسترا الوتري بعنوان "تقاسيم"، حيث نالت إعجاب الحضور، لتكمل وقوفها علي خشبة المسرح الكبير مع مقطوعة موسيقية اخري بعنوان "رقصة الفلوت مع الاوركسترا الوتري" وإن كان العنوان الذي تم اختياره لها في البرنامج هو "برسوم يبحث عن وظيفة"، والمستوحاة من فيلم وقائع الزمن الضائع للمخرج الراحل محمد كامل القليوبي، وقال داود"إن فيلم برسوم يبحث عن وظيفة" هو فيلم اكتشفه القليوبي غير التاريخ الحقيقي للسينما المصرية" وقام داود بقيادة الاوركسترا في هذه المقطوعة أيضا، ووجه في نهاية الحفل الشكر للاوركسترا والعازفين الذين شاركوه الحفل وفريق الاضاءة والصوت ومخرج الحفل، والذي يأتى ضمن خطة التطوير الفنى التي يشهدها اوركسترا القاهرة السيمفونى والهادفة إلى اثراء ريبرتواره بمؤلفات مصرية خالصة.