ما بين ذكرياته وطبيعة المهام التي كلف
بتنفيذها خلال حرب السادس من أكتوبر ١٩٧٣، ورؤيته للحرب على الإرهاب التي تخوضها الدولة
المصرية فى الوقت الحالي، دار الحوار مع اللواء نبيل محمد سليمان أبو النجا، أحد أبطال
القوات المسلحة المصرية خلال «معركة النصر».
اللواء «نبيل» خلال حديثه كشف تفاصيل المحاولات
الخمس التي تمت من أجل تحقيق الاتصال مع القوات المصرية التى كانت تتواجد فى مضيق
«رأس سدر»، كما ألقى الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين معركة السادس من أكتوبر
والحرب على الإرهاب، التي تخوضها مصر فى الوقت الحالي.. وكان الحوار التالي:
فى البداية.. ما هى مهمتك التي كلفت بها
فى حرب أكتوبر المجيدة؟
تخرجت فى الكلية الحربية وحصلت على بكالوريوس
العلوم العسكرية عام ١٩٦٧، وتخرجت قائد فصيلة صاعقة، وبدأت مهمتى منذ اليوم الأول لحرب
٦ أكتوبر ١٩٧٣، حيث تم الدفع بمجموعات من أفراد الصاعقة بالطائرات إلى كمين رأس سدر
على مسافة ٨٠ كيلو مترا خلف خطوط العدو وتقرر القيام بالعملية الانتحارية لتحقيق الاتصال
بعناصر القوة التى تتواجد بمضيق رأس سدر، وذلك لتزويدهم بالمؤن والأسلحة والذخائر،
حيث نجح ٥ رجال بينهم ٣ رجال من الهجانة من حرس الحدود ومندوب بدوى من قبائل الترابين
وضابط صاعقة فى الوصول إلى المضيق وتحقيق المهمة من خلال الإصرار على تنفيذ المهمة
مهما كانت الخسائر، وعاد الرجال الخمسة (٣ يحملون اثنين مصابين) من خلال السير عبر
الجبال لمسافة ١٨٠ كيلو مترا، بعيدًا عن عيون العدو، وتحققت المهمة بفضل الله.
من وجهة نظرك ما أوجه التشابه والاختلاف
بين حرب ٧٣ والحرب الحالية على الإرهاب ؟
أوجه التشابه هي أن فى كلتيهما كان الطرف
الرئيسي هو خير أجناد الأرض أمام عدو يهدد أمن وسلامة الوطن والنصر فيهما يثبت أركان
الدولة لذا فكلتاهما حرب وجود تحت شعار» إما النصر أو الشهادة « كما أن فى كلتيهما
التف الشعب حول جيشه تحت شعار» الجيش والشعب إيد واحدة « أما العدو فى كلتا المعركتين
فكان وراءه أطراف متعددة داعمة له مثل أمريكا فى حرب ٧٣ وقطر وتركيا فى دعم الإرهاب
حاليا وقد كان لنا أيضا حق واضح تدعمه قوة رادعة وتأييد دولى كبير لاسترداد الأرض والأمن
والكرامة والعرض، بالإضافة إلى وجود أخطار وتحديات كبيرة تحيط بمصر خلال المعركتين
كما أثبتت كلتا المعركتان أنه لا سلام ولا أمان بدون قوات مسلحة قوية ترهب الطامعين
وأن التدريب الجيد والتسليح المتطور أمر ضرورى لا نقاش فيه، كما أن التعاون مع أهلنا
من البدو خلال حرب أكتوبر ٧٣ والحرب على الإرهاب ساهم فى تحقيق النصر وحصر الإرهابيين
فى منطقة صغيرة بسيناء وقد دفعت مصرنا فاتورة غالية من الشهداء والجرحى والمصابين خلال
كلتا المعركتين.
أما عن أوجه الاختلاف فقد كانت حرب أكتوبر
٧٣ حربا نظامية بين جيشي دولتين بينما الحرب الحالية على الإرهاب تندرج ضمن مفهوم حرب
عصابات وخلال حرب أكتوبر كان أمامنا عدو معلوم استطعنا دراسته وتحليله ومراقبته جيدا
ومفاجأته وتحقيق نصر غال عليه، أما عدونا فى الحرب على الإرهاب فعبارة عن مجموعة من
الأشباح يتسمون بالخسة والغدر ولا يستطيعون مواجهة قواتنا المسلحة وجها لوجه بالإضافة
إلى أن ساعة الصفر كانت محددة وكذلك وقف إطلاق النار خلال حرب أكتوبر ٧٣، بينما الحرب
على الإرهاب ليس لها ساعة صفر محددة وذلك لأنها تعتمد على الجمع الجيد للمعلومات والمراقبة
المستمرة وتوجيه ضربات استباقية من جانب قواتنا أو للأسف تنفيذ عمل غادر دنئ من قبل
أهل الشر ومن ناحية أخرى فقد كانت أرض المعركة خلال حرب أكتوبر محددة الحدود والمعالم
على ضفتي قناة السويس، أما الحرب الحالية على الإرهاب فلا مكان محدد لها ولا زمان محدد
وقد كان يحكم معركة تحرير سيناء من الإسرائيليين المحتلين فى أكتوبر٧٣ ميثاق شرف تحكمه
فروسية ميدان القتال وقوانين معاملة الأسرى والجرحى، أما المعركة الحالية ضد الإرهاب
فلا قوانين لها فقط الغدر والخيانة والإهانة.
ومن جانب آخر فقد كانت حرب أكتوبر تلتزم
بعدم استباحة دماء المدنيين والأهالي وفقا لاتفاقيات جنيف والأمم المتحدة ولو ظاهريا
بينما الحرب الحالية على الإرهاب فيقوم التكفيريين فيها باستباحة دماء الجميع للترويج
لأعمالهم وبسط نفوذهم على المدنيين الأبرياء، وفى حرب أكتوبر ٧٣ كان الهدف منها هو
الدفاع عن الوطن واستعادة الأراضي المغتصبة بينما الهدف من الحرب الحالية على الإرهاب
هو القضاء على المنتمين لعصابات الإرهاب والتنظيمات الدولية لدولة الخلافة والمعتنقين
للفكر التكفيري وتطهير مصر منهم.
كيف ترى دور القوات المسلحة بعد مرور
٤٧ عاما على حرب أكتوبر؟
القوات المسلحة هى الدرع والسيف لمصر فهي
تقوم بتأمين الجبهة الداخلية فى حالة الأخطار المحدقة بالدولة إذا تطلبت الضرورة ذلك
بما لا يخل بالمحافظة على الاستعداد القتالي الدائم للدفاع عن الوطن فى كافة الاتجاهات،
بالإضافة إلى أن القوات المسلحة المصرية تقوم بمعاونة الدول الصديقة فى حماية أمنها
الذى هو جزء من الأمن القومي المصري بجانب المشاركة فى المشاريع التنموية فى مختلف
المجالات لبناء مصرنا الغالية تزامنا مع مكافحة الإرهاب بالتعاون مع الشرطة المدنية
وتدمير أوكار الإرهاب خارج حدود الدولة لو تطلب الأمر ذلك، كما تقوم القوات المسلحة
حاليا بتأمين المكتسبات والمقدرات المصرية فى المياه الاقتصادية بجانب تنفيذ تدريبات
مشتركة مع كافة الدول الصديقة على مختلف الاتجاهات وتقوم أيضا بالاهتمام بالتصنيع الحربى
وتطوير الهيئة العربية للتصنيع والإنتاج الحربى وتهتم القوات المسلحة حاليا بتنويع
مصادر السلاح من روسيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا حتى يتواكب تسليح الجيش المصري مع أحدث
نظم التسليح العالمية كما تقوم القوات المسلحة بإقامة قواعد عسكرية مصرية حديثة برية
وجوية وبحرية على الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة كل هذا بجانب تقديم الخدمة المجتمعية
لأبناء الوطن.
هل سيؤثر ما يحدث حولنا من انهيار الدول
على مصر؟ وكيف ستواجه مصر ذلك؟
من الطبيعي أن انهيار بعض الدول العربية
سيؤثر حتما علينا، لأنه تفتيت لمقدرات الأمة العربية وكلما اشتد ساعد الدول العربية
ساعدنا ذلك على بناء قوة عربية ضاربة تحمى وتصون ولا تهدد وبالطبع علينا أن نقف مع
الدول العربية الشقيقة لبناء قواتها المسلحة والحفاظ على أمنها لأنه جزء من الأمن القومي
المصري (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة...) ورفض التدخلات الخارجية فى شؤونها الداخلية.
أخيرا ما هى الرسالة التى وجهتها مصر للعالم
من خلال حرب أكتوبر؟
الرسالة التي وجهتها مصر للعالم من خلال
حرب أكتوبر، أننا وبفضل الله خير أجناد الأرض ولا نفرط فى ذرة من التراب الوطني ونحن
لسنا دعاة حرب بل ننشد السلام العادل ونؤمن بالقوة التى تحميه.