الجمعة 28 يونيو 2024

إعدامهم وحده لا يكفى!

30-10-2020 | 10:14

اطمئنوا.. حق «مريم» لن يضيع.. إنها مسألة وقت.. فقريبًا سوف يصدر وينفذ حكم الإعدام على هذين المجرمين اللذين ارتكبا حادثة المعادي البشعة وراح ضحيتها عروس المعادي المسكينة!

نعم.. سيُعدم القتلة حتى تُشفى الصدور.. اطمئنوا.... فهذان القاتلان لن يفلتا من حبل المشنقة بنص قانون العقوبات، الذى تقضى مادته رقم ٣٢ بمعاقبة كل من ارتكب جناية السرقة بالإكراه والشروع في خطف أنثى، وارتبطت الجناية بالقتل العمد.. بالإعدام شنقًا، وأقول لمن يخشون أن تنفذ العقوبة المقررة بالمادة ٢٣٤ من قانون العقوبات والتي تنص على أن من قتل نفسًا عمدًا من غير إصرار ولا ترصد، يُعاقب بالسجن المشدد المؤبد فقط، أقول لهم.. اطمئنوا فهذه المادة لا تسرى عليهما.. ولن يعاقبا أيضًا بنصي المادتين ٢٩٠ و٣١٤ من قانون العقوبات بالسجن المشدد لمن خطف وسرق بالإكراه، لأنهما فى النهاية سرقا وسحلا وقتلا «مريم»!

ما زلنا «حزانى» عليك يا «مريم»، بالرغم من تمكن الأجهزة الأمنية من ضبط قاتليك في وقت قياسي.. خلال ٥ ساعات فقط.. «حزانى» على عروس لم تهنأ بشبابها.. بل دفعت حياتها ثمنًا لجريمة زلزلت مشاعرنا بقسوتها وخسة مرتكبيها من ذئاب شوارع لا ترحم.. هاجما فتاة بريئة ضعيفة كانت «توًا» خارجة من مقر عملها بحي المعادي الهادي «سابقًا».. كانت تسير متبخترة لا تعلم أنها ـ بعد بضع دقائق ـ ستواجه مصيرًا مظلمًا محتومًا ينهى حياتها على يد مجرمين.. خطفا حقيبة كانت تعلقها على ظهرها.. ولم تكن الضحية تحتفظ فيها بأشياء ثمينة أو مبالغ مالية كبيرة.. بل مجرد أدوات ماكياج وحافظة جلدية بها بطاقة الهوية ومصروف يد بسيط وملابس رياضية !!

انطلق المجرمان مسرعين بسيارة ميكروباص مطموسة اللوحات المعدنية.. لم يرحما صراخها وتوسلاتها وتشبثها بحقيبتها ـ ليتها ما تشبثت ـ حتى لفظت المسكينة أنفاسها متأثرة بجرح بالرأس ونزيف دموي من الأذن إثر ارتطامها بسيارة متوقفة، وكدمات متفرقة بالجسم والأيدي نتيجة سحلها عدة أمتار.. وبهذه المناسبة أُسدى هذه النصيحة لمن يتعرضوا لمثل هذه الحوادث.. أرجوكم لا تقاوموا ولا تتشبثوا بحقائبكم أو متعلقاتكم ولا تحاولوا مقاومة الجناة حتى لا تعرضوا حياتكم للخطر.. فقط ركزوا فى مواصفاتهم وأرقام السيارات أو الدراجات البخارية التي يستقلونها، وتقدموا ببلاغات فورية لأجهزة الشرطة التي لن تتوانى عن ضبطهم !

بالطبع تبين أن قاتلي مريم مُسجلان خطر.. مظهرهما الشيطاني يصرخ بإجرامهما.. أحدهما يدعى وليد فكرى وشهرته وليد السويفى، مواليد ١٩٨٦، مقيم فى منطقة اسطبل عنتر بمصر القديمة، وسبق ضبطه فى عدد من قضايا المخدرات، وتبين من تحريات المباحث أنه قام بالسرقة بمشاركة ابن خالته محمد أسامة وشهرته محمد الصغير، مواليد ١٩٨٧ من بولاق الدكرور.. يعمل فرد أمن، وسبق أيضا اتهامه فى عدد من قضايا المخدرات.

القاتلان استأجرا «ميكروباص» مملوكا لشخص يدعى محمد عبد العزيز أمين، وشهرته حماصة، مواليد ١٩٦٩، ومقيم بمنطقة مصر القديمة، وهو مسجل خطر أيضًا، واعترفا فى تحقيقات النيابة أنهما كونا تشكيلًا عصابيًا للسرقة بالإكراه، وخطف حقائب السيدات بالمنطقة عن طريق السيارة المضبوطة بعد أن طمسا أرقامها حتى يصعب التعرف عليهما أو الإبلاغ عنهما !

الضحية المسكينة البالغة من العمر٢٤ عاما كانت تقف فى الشارع انتظارًا لمجيء والدها أستاذ الجامعة حتى يصطحبها في طريقه إلى البيت ولا تعلم أن الموت قد حضر قبل والدها، والأكثر إيلاما أيها القتلة الفجرة الكفرة أن مريم كانت تستعد لحفل زفافها بعد عدة أشهر!

نعم.. كان يمكن لهذا الحادث، أن يمر مرور الكرام دون أن ينتبه له أحد لولا موت مريم.. فكم من حقائب تُخطف من أيدى الفتيات والسيدات يوميًا وكثيرًا ما يمتنع المجنى عليهم عن إبلاغ الشرطة.. لكن نهايته المأسوية البشعة جعلته قضية رأى عام فجرت بداخلنا براكين غضب.. وجعلتني أتساءل عن الأسباب التي أدت إلى وقوعه في «عز الظهر « بواحد من أهم الأحياء الراقية.. حي يكتظ بالسفارات وفيلات الدبلوماسيين وكبار المسؤولين.

قطعًا لا ألوم ولا أوجه اتهامًا للأجهزة الأمنية فقد كان تحركها لضبط الجناة كالعادة أسرع مما نتصور، وهذا يحسب لها وتستحق عليه الشكر، لكنى أتساءل بعتاب عن كيفية سير «ميكروباص» مطموس الأرقام، يقوده شاب يجلس بجواره آخر ينطق مظهرهما الخارجي بالإجرام، وعبوره العديد من الإشارات المرورية بهذه السهولة، قاطعًا مسافة طويلة من منطقة دار السلام حتى المعادي دون أن يستوقفه فرد أمن واحد؟!

للأسف الشديد أقولها وبثقة.. إن حادثة مريم يمكن أن تتكرر وبسهولة فى أماكن أخرى بمحيط القاهرة الكبرى التي تتجول فيها جهارًا نهارًا عربات «خردة « تم تكهينها وأوقفت تراخيصها وكان من المفترض إعدامها، يقودها مجرمون وتنقل آلاف المواطنين يوميًا معرضة حياتهم للخطر ومعظمها يتجمع بجوار محطات المترو.. ومن خلال هذا المقال دعوني أتقدم ببلاغ فورى للإدارة العامة للمرور من أجل التحرك السريع لمصادرة هذه العربات الموجودة بكثافة فى مناطق المرج وعين شمس والمطرية والرشاح وأبو قتاتة وفيصل والطوابق وغيرها.. لقد رأيت بعيني هذه النوعية من العربات الخردة منزوعة الأبواب والنوافذ.. وفى تحد غريب تتمركز على مقربة من قسم شرطة بولاق الدكرور، بمحيط محطتي مترو جامعة القاهرة وفيصل.. بلا لوحات معدنية.. وتسير عكس الاتجاه، بداخلها آلاف الركاب يوميًا، رغم افتقادها عناصر الأمن والمتانة والسلامة، وكثيرًا ما تساءلت عن أسباب غض الطرف عن عربات الموت هذه.. وعما يمكن أن تسببه من كوارث بشرية ومادية؟!

فماذا لو انقلبت إحداها لا قدر الله وجُرح من جُرح وقُتل من قتل؟ ماذا لو دهست تحت عجلاتها مواطنا مسكينا يعبر الطريق؟ ماذا لو اصطدمت بسيارة أخرى وحطمتها وقتلت من بداخلها وفر سائقها هاربًا؟

من المؤكد أن هذه العربات تستوجب المصادرة، فمن يقودونها مخالفون للقانون ويستحقون العقاب!

أيضًا اسمحوا لى أن أتوقف عند نقطة خطيرة فى حادثة مريم ومعظم حوادث السرقة بالإكراه والخطف والاغتصاب والقتل.. الجناة في غالبية هذه الجرائم مسجلون خطر.. بمعنى أنهم اعتادوا الإجرام، فلماذا لا تستمر مراقبة كل من هم مسجلين خطر؟

أعود مرة أخرى إلى حادثة «مريم» رحمها الله, وأقول.. أتمنى أن لا يُسدل الستار عليها بصدور حكم الإعدام على من قتلوها.. إعدامهم وحده لا يكفى.. بل علينا أن نستغل ذلك الحادث البشع فى تكثيف الحملات والأكمنة الأمنية لضبط أمثال هؤلاء المجرمين والبلطجية الذين تخصصوا فى السرقة بالإكراه وخطف حقائب وموبايلات السيدات والمنتشرين فى الشوارع والميادين الكبرى، مستخدمين سيارات صغيرة أو دراجات بخارية تسهل لهم مهمة الهرب وسط الزحام.

اعتقد ان أجهزة الأمن سنعيد فتح ملفات جميع المسجلين خطر على مستوى الجمهورية والعودة إلى مراقبتهم مرة أخرى.. فهذا من وجهة نظري إجراء احترازي سيمنع وقوع الكثير من جرائم الخطف والسرقة والتحرش والقتل التى يتضح وبنسبة كبيرة أن مرتكبيها مسجلون خطرا!

أتمنى أن تطال العقوبة أهاليهم المسؤولين عن فسادهم وإفسادهم وقدموا للمجتمع أبناءً منحرفين.. ولا أبالغ إذا قلت وعن تجربة شخصية أنهم أيضا مجرمون.. ورّثوا الإجرام لأبنائهم!

يا «مريم».. قلوبنا ستبقى «موجوعة « عليكِ حتى يقتص القضاء العاجل العادل ممن قتلوكِ.. رحمك الله وصبّر أهلك وذويك على فراقك!