الثلاثاء 2 يوليو 2024

الرئيس الأمريكي يختاره «كبار الناخبين» والمجمع الانتخابي

30-10-2020 | 10:50

رغم أن الموعد الرسمي للانتخابات الرئاسية الأمريكية هو يوم الثلاثاء الموافق ٣ نوفمبر الشهر المقبل. إلا أن الحقيقة هي أن هناك أكثر من ١٣ مليون ناخب أمريكي قد أدلوا بأصواتهم بصورة مُبكرة في الانتخابات الرئاسية.. وفى انتخابات ٢٠١٦ السابقة التي فاز فيها دونالد ترامب على هيلاري كلينتون كان قد صوت في نفس التوقيت حوالى ٣ ملايين ناخب أمريكي في الانتخابات المبكرة فقط .. بفارق يصل لأكثر من ١٠ ملايين ناخب، وقد يكون السبب في ذلك يعود لظروف وباء فيروس كورونا الذى أصاب أكثر من ٨ ملايين أمريكي حتى الآن، ولقد لاحظنا جميعًا الطوابير التي امتدت لعدة أميال أو كيلو مترات وبعض الناخبين انتظروا فى الطوابير لساعتين وثلاث ساعات قبل أن يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم بصورة مبكرة.. هذا وتسمح ٢٨ ولاية أمريكية، بالإضافة إلى واشنطن لمواطنها بالتصويت بشكل شخصي ومباشر قبل يوم الانتخابات، ويرى عدد من المُحللين أن المخاوف من إرسال بطاقات الانتخاب عن طريق البريد هي السبب وراء ذهاب الناخبين إلى أماكن التصويت وصناديق الانتخاب بشكل مُباشر.. ورغم أن استطلاعات الرأي في أغلبها أصبحت غير مُحايدة أو مُسيسة لصالح حزب على الآخر على حسب الجهة التي أجرته سواء مؤيدة للحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري.. إلا أن الواضح هو أن أنصار الحزب الديمقراطي هم الأغلبية بشكل ملحوظ على أنصار الحزب الجمهوري في التصويت المبكرة.

لأن الجمهوريين يفضلون التصويت فى نفس يوم الانتخابات (٣ نوفمبر) وطبعًا لا ننسى ما فعله الرئيس دونالد ترامب وتشكيكه الدائم فى نزاهة التصويت عبر البريد والذى تم طرحه بشدة بسبب تفشى وباء الكورونا على نطاق واسع فى مختلف الولايات الأمريكية، وحسب ما ذكره ترامب أكثر من مرة بأنه إذا سمح بالتصويت عبر البريد العادي فإنها ستكون أكبر عملية احتيال على الإطلاق.. وبشكل عام تبدو الانتخابات الرئاسية الأمريكية معقدة بالنسبة للكثيرين، وقد لا يكون المرشح الحاصل على أغلب الأصوات على مستوى الولايات هو الفائز بمنصب الرئيس كما حدث فى انتخابات عام ٢٠١٦ والتي فاز فيها دونالد ترامب أمام هيلاري كلينتون.. وذلك لأن الرئيس الأمريكي لا يتم انتخابه بشكل مباشر من جمهور الناخبين الأمريكان، بل يتم انتخابه عبر (المجمع الانتخابي)، وسبب الاهتمام العالمي والتغطية الإعلامية الدولية الكبيرة لهذا الحدث لما لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية من تأثير كبير على كيفية استجابة العالم للأزمات الدولية مثل الحروب والأوبئة (وهو ما يشهده العالم حاليًا بسبب وباء فيروس كورونا)، ولذلك عندما تتم عملية الانتخابات الرئاسية هنا فى الولايات المتحدة الأمريكية (كل أربع سنوات) تحظى بكثير من الاهتمام العالمي بسير العملية الانتخابية وبالنتيجة النهائية للانتخابات.. حتى وإن كان هذا الاهتمام يتم بغير فهم تام بشأن كيفية سير العملية الانتخابية المعقدة نسبياً هنا فى الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام (النصف الأخير من شهر أكتوبر).. وحتى نبسط الأمر أكثر... تتم الانتخابات الرئاسية الأمريكية كل أربع سنوات ونحن الآن على بعد أسبوعين من معرفة من هو الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية فى انتخابات قد تكون الأكثر أهمية فى العصر الحديث.. وفى السطور القادمة سنتعرف على كل ما يتعلق بتفاصيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية وكيفية سير عملية الترشيح والتصويت.. ما لا يعرفه كثيرون هو أن الرئيس الأمريكي ونائبه لا يتم انتخابهما بشكل مباشر من الشعب الأمريكي.. بل يتم اختيارهما من قبل ما يعرف بـــــ»كبار الناخبين» (Electors) عن طريق عملية تعرف بـــــ «المٌجمع الانتخابي» أو الكلية الانتخابية Electoral college، وهذا معناه أن الأصوات الشعبية لا تحدد من يفوز بالرئاسة سواء كان دونالد ترامب أم جو بايدن، وذلك لأن النظام الانتخابي الأمريكي يعتمد نظامًا يختار بموجبه المواطنون أعضاء المجمع الانتخابي أو الكلية الانتخابية المخصصين لكل ولاية على حدة.. ويحتاج مرشحو الرئاسة طبقًا لهذا النظام إلى الفوز بغالبية أصوات أعضاء الكلية الانتخابية وعددهم ٥٣٨ من أجل الفوز بالانتخابات والوصول إلى المكتب البيضاوي فى البيت الأبيض.. وعدد أعضاء المجمع الانتخابى عن كل ولاية يعكس عدد الممثلين لها أو المشرعين الذين يمثلونها فى الكونجرس.. إذن ما سيحدث يوم ٣ نوفمبر المقبل (أى بعد ١٧ يومًا من الآن) هو التصويت الشعبي.. إذ يدلى المواطنون الأمريكيون فى كل ولاية بجميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية لرئيس ونائب رئيس واحد وعندما يدلى الناخبون بأصواتهم فإنهم فى الواقع يصوتون لمجموعة من الناس تعرف باسم كبار الناخبين حتى يصبحوا أعضاء دستوريين مفوضين فى الانتخابات الرئاسية هؤلاء الناخبون يشكلون المجمع الانتخابي أو الكلية الانتخابية، وهم معينون من قبل الولايات وملتزمون بدعم المرشح الرئاسي الذى اختاره الناخبون وأيده الناس.. وعلى الرغم من أن غالبية سُكان الولايات المتحدة الأمريكية يصوتون لمرشح ما فإن هذا لا يعنى أنه سيفوز فى الانتخابات الرئاسية.. هناك حالات خسر فيها مرشح فاز فى التصويت الشعبي للانتخابات مثلما حدث بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب فى انتخابات عام ٢٠١٦.. للفوز فى الانتخابات يحتاج المرشح إلى الحصول على أكثر من ٢٧٠ من أصوات كبار الناخبين، ومن الممكن أن تتجاوز الأصوات الشعبية التي يفوز بها مرشح رئاسي الاصوات داخل المجمع الانتخابي، وقد وصل خمسة رؤساء أمريكيين إلى البيت الأبيض، رغم عدم فوزهم بالأصوات الشعبية المباشرة منهم الرئيسان الجمهوريان دونالد ترامب وجورج بوش الابن.. وحسب نص الدستور الأمريكي فإن المرشح الرئاسي الذى يحصل على أغلبية الأصوات فى المجمع الانتخابي يصبح الرئيس ويدخل المكتب البيضاوي سواء أكان ترامب أم جو بايدن وهو ما سنعرفه خلال الأيام القليلة القادمة وتحديدًا يوم ٣ نوفمبر.. وكان هدف واضعي هذه الصياغة هو تصفية الرأى العام من خلال هيئة مؤلفة من أشخاص أكثر حكمة وخبرة لم يرغب واضعو السياسات فى أن يتم اختيار الرئيس مباشرة من قبل الشعب. تحصل كل ولاية على عدد معين من كبار الناخبين بناء على العدد الإجمالى لتمثيل كل ولاية فى الكونغرس ولكل ولاية من الولايات الأمريكية الخمسين وواشنطن العاصمة عدد محدد من كبار الناخبين يعكس حجمها وعلى سبيل المثال كاليفورنيا هي الأكثر سكانا (عدد سكانها أكثر من ٣٨ مليون نسمة) ولديها ٥٥ صوتًا انتخابيًا داخل المجمع الانتخابي أكثر من أي ولاية أخرى، بينما مثلًا ولاية مثل مونتانا ورغم أنها ولاية كبيرة جغرافياً، ولكن عدد سكانها قليل نسبياً (يزيد قليلا عن مليون نسمة) لديها ثلاثة فقط من كبار الناخبين داخل المجمع الانتخابي إذا حصل المرشح على أكبر عدد من الأصوات داخل الولاية فإنه يحصل على الحصة الكاملة من أصوات المجمع الانتخابي لهذه الولاية ويدلى كل ناخب بصوت انتخابي واحد بعد الانتخابات العامة، وهناك ما مجموعه ٥٣٨ صوتًا انتخابيًا المرشح الذى يحصل على أكثر من النصف (٢٧٠) يفوز فى الانتخابات..

الموضوع الأكثر تأثيرًا على صوت الناخب الأمريكية هو الاقتصاد... الاقتصاد هو الأساس. المثل الأمريكي يقول: (الناخب يصوت لجيبه).. بمعنى إذا كان وضعه المادي الآن أفضل من قبل أربع سنوات أم لا، وبالتالي فإن الاقتصاد هو الذى يرجح كفة مرشح على آخر.. إلا أن الانتخابات هذا العام تختلف عن سابقاتها بسبب وباء الكورونا الذى كان له أسوأ الأثر وله انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي، وأيضًا بالأساس موت أكثر من مئتي ألف أمريكي وإصابة أكثر من ٨ ملايين أمريكي بالفيروس حتى الآن.. مسألة أخيرة قبل أيام من ساعة الصفر وفرز الأصوات بالمجمع الانتخابي وهى هل فى حالة عدم فوز ترامب فى هذه الانتخابات هل سيسلم السلطة ويترك البيت الأبيض أم لا، الحقيقة أن تلويح ترامب بعدم تسليمه بالنتيجة في حالة خسارته الانتخابات بأنه قد لا يسلم السلطة فى حال خسارة الانتخابات، فهذا الكلام من باب الحرب النفسية وهدفه الترهيب فقط، ويريد ترامب من خلاله أن يقر بأنه فى حالة خسارته الانتخابات فإن السبب وراء ذلك هو التزوير، وبالتالي لن يخرج إلا إذا ثبت له أنه فعلًا خسر الانتخابات بشكل واضح، وهذا طبعًا لن يحدث لأنه منذ بداية الانتخابات الأمريكية يترك الرئيس منصبه بشكل سلس كل ذلك عنترية من ترامب ولا تتماشى مع النظام الأمريكي..