تعرضت الليرة التركية لضربة عنيفة من الدولار الأمريكي خلال
الأسبوع الماضي، وذلك نتيجة سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تجاه دول
الجوار، فسجل سعر الدولار الأمريكي رقمًا قياسيًا جديدًا بتجاوزه حاجز 8.32 ليرة،
وذلك بسبب السياسة الاستعمارية التي يتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وتراجعت الليرة التركية بنحو 3 % أمام الدولار لتصبح العملة
الأكثر تراجعًا من بين 24 عملة نامية، ويُنتظر أن يعلن رئيس البنك المركزي مراد
أويصال، تقرير التضخم للرأي العام في وقتٍ لاحقٍ، في وقتٍ تعيش البلاد فيه أزمة
اقتصادية حادة، فمنذ مطلع العام الجاري فقدت الليرة نحو 25% من قيمتها، بالإضافة
إلى أن أزمة كورونا زادات الأزمة الاقتصادية.
ورصدت "الهلال اليوم" آراء الخبراء الاقتصاديين
حول الوضع الاقتصادي في تركيا خلال الفترة الحالية، وهل سيحدث مزيد من النزيف في الاقتصاد
التركي أم سيتم تجفيف هذا النزيف، مؤكدين أن تركيا ستظل في أزمة اقتصادية بسبب
السياسة الاستعمارية التي يتبعها أردوغان.
جنون الوصول إلى الإمبراطور العثماني
فمن جانبه قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري
للدراسات الاقتصادية، إن السبب في انهيار الليرة التركية خلال الأسبوع الماضي أمام
الدولار الأمريكي لتسجل نحو 8.82 ليرة، لأول مرة في التاريخ، يرجع إلى حالة الهوس
التي يعاني منها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أن يكون الإمبراطور العثماني،
فمن أجل الوصول إلى هذه المرتبة أخذ يعمل على الدخول في صراعات مع كافة دول العالم
سواء في الخليج أو أوروبا أو أمريكا.
وأضاف رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية في حواره لـ
"الهلال اليوم"، أن الرئيس التركي في صراع حالي مع العديد من الدول
فهناك أزمة مع قبرص واليونان حول مياه البحر المتوسط، وصراع مع أمريكا حول تفعيل
منظومة صواريخ إس 400 الروسية، وكذلك في صراع مع الاتحاد الأوروبي، وفي صراع مع
دول الخليج مما جعل الشعب السعودي اتخذ مؤخرا قرارا بمقاطعة كافة المنتجات التركية
واستبدلها بمنتجات من دول الجوار.
وأوضح أن كل تلك الصراعات عملت على تراجع سعر الليرة
التركية وضعف السياحة في تركيا التي كانت تأتي من أوروبا، فسياساته الغبية ومواقفه
المتشددة وراء انهيار الاقتصاد التركي وتراجع شعبيته في الشارع التركي، متوقعا أنه
إذا تم إجراء انتخابات رئاسية في تركيا سيخسر أردوغان وحزبه الحاكم فالشارع أصبح
لا يريده.
سياسة أردوغان الاستعمارية
وفي نفس السياق قال الدكتور خالد الشافعي، رئيس مركز
العاصمة للدراسات الاقتصادية، إن تراجع الليرة التركية يقدم أوضح دليل علي أن المصرف المركزي التركي أضاع يسير في طبق
مسدود ونحو الهاوية نتيجة سياسة أردوغان الاستعمارية.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"، أن
الانحدار غير المسبوق للعملة إلى 8 ليرات مقابل الدولار هذا الأسبوع جاء وسط موجة
من التقييمات السلبيات للأصول الخطرة، لكن القلق الأكبر للمستثمرين يظل إحجام
البنك المركزي عن تقديم زيادة حاسمة في سعر الفائدة من شأنها أن تؤكد التزامه بوقف
انخفاض الليرة".
وتابع "ويتحمل أردوغان البنك المركزي وحده اللوم على
تراجع الليرة".. فالبنوك المركزية تحصد ما تزرع. لقد زرع البنك المركزي
الارتباك والشك بشأن السياسة النقدية الأسبوع الماضي، وهم الآن يحصدون عمليات بيع
كبيرة أخرى للعملة".
وأوضح أن الليرة التركية تشهد تراجعا قياسيا أمام العملات
الأجنبية منذ مطلع الأسبوع الجاري، على خلفية التبعات السلبية الجديدة التي
تواجهها أنقرة المرتبطة بحملات المقاطعة التي تتعرض لها من السعودية منذ أسابيع.
كما سجل اليورو أيضا مستويات قياسية أمام العملة التركية،
حيث استهل اليورو تعاملات اليوم عند مستوى 9.6382 ليرة، فيما بلغ سعر الجنيه
الإسترليني 10.6321 ليرة، مؤكدا أن ما يحدث هو "تكرار لعام 2018، موضحا أن
البنك المركزي لا يتعلم أبدًا ، لقد فشل في الاستماع إلى السوق بعدم رفع الأسعار
الأسبوع الماضي وهو يعاني الآن من العواقب".
وأشار إلى أن اهتمام المستثمرين الأجانب بالأصول التركية
يتضاءل؛ بسبب سلسلة من المخاطر الجيوسياسية، حيث تواجه حكومة الرئيس رجب طيب
أردوغان عقوبات أمريكية محتملة بسبب شراء نظام صاروخي من روسيا، بخلاف تورط أنقرة
في نزاعات إقليمية في شرق البحر المتوسط والقوقاز.
تركيا على وشك انهيار اقتصادي
وقال سمير رؤوف، خبير أسواق المال، إن السبب الرئيسي في
أزمة انهيار الاقتصاد التركي خلال الفترة الحالية يرجع إلى سياسة أردوغان
الاستعمارية مع كافة دول المنقطة، مما جعل المملكة العربية السعودية تقوم بعمل
حملة شعبية لمقاطعة كافة المنتجات التركية، واستبدلها بالسلع الغذائية من مصر
والهند.
وأضاف رؤوف في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"،
أن السوق السعودية كانت تعد من أكبر المستوردين من تركيا وعندما حدثت المقاطعة اهتزت السوق التركية مما أثر على العملة التركية الليرة، وكذلك هناك أزمة مع أرمنيا التي
تساندها روسيا مما عمل على وجود مقاطعة ضمنية من روسيا تجاه تركيا، وخاصة وأن
روسيا تعد هي الدولة المصدرة للسياحة لأنقرة.
وأوضح أن أمريكا أيضا لم تقف بجانب أردوغان خلال الفترة
الحالية بل تعمل خلال الفترة الحالية على سحب القاعدة الأمريكية من تركيا، بجانب
أن هناك مشكلة كبيرة مع الاتحاد الأوروبي وبالأخص فرنسا وألمانيا، وبذلك أصبحت
تركيا دولة منبوذه بجانب كافة الدول.
وتابع "أن هناك أزمة في مياه البحر المتوسط مع مصر
وقبرص واليونان بشأن الغاز، وعمليات المناوشات التي يفتعلها بين الحين والأخر، مما
جعل اقتصادها يتأثر في الفترة الأخيرة بشكل كبير"، موضحا أن الاحتياطي النقدي
تراجع خلال الفترة الماضية وارتفعت نسبة التضخم وأصبحت البنوك غير قادرة على حل
الأزمة الاقتصادية، كما أن أردوغان يعمل خلال الفترة الحالية على السحب من مخزون
التدفقات النقدية، مما يوشك على الانهيار الاقتصادي وهناك أزمة كبيرة ستحل على
تركيا بجانب الأزمة الاقتصادية الخاصة بكورونا.
أردوغان كلمة سر
وقال الباحث الاقتصادي، محمد عبد الرحيم، إن الاقتصاد
التركي تأثر بالسالب في الفترة الأخيرة، وظهر ذلك على أداء الليرة التركية والتي
تراجعت كثيراً منذ بداية هذا العام وذلك لعده أسباب؛ أهمها تراجع حركة السياحة في
تركيا وعدم استقرار حركة التصدير الخارجي، بالإضافة إلى قرار البنك المركزي بعدم
زيادة أسعار الفائدة والذي يعد أحد أسباب ارتفاع الدولار.
وأضاف عبد الرحيم، في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"،
أن تراجع الاحتياطي النقدي التركي من النقد الأجنبي إلى 45 مليار دولار تقريباً
مقارنة بحوالي 81 مليار دولار خلال العام الماضي وهو تراجع رهيب كما أن هذا
التراجع لم يساعد علي علاج انهيار العملة الوطنية.
وأشار إلى أن تركيا تواجه خلال الفترة الحالية زيادة في نسب
التضخم إلى جانب اهتزاز الاقتصاد العالمي نتيجة انتشار فيروس كورونا المستجد،
متوقعا أن هذا الانهيار سيستمر اذا استمرت نفس السياسات دون تقديم حلول مختلفة
وأهمها التي تتمثل في رفع سعر الفائدة لامتصاص السيولة وزيادة الصادرات مع عودة
قطاع السياحة والنقل.