يرجع انتشار أسواق الملابس المستعملة الفترة الأخيرة بشكل أساسي إلى اضطراب الوضع الاقتصادي وتراجع القدرة الشرائية، مما دفع الكثير من المصريين إلى اللجوء إلى أسوق البالة؛ خصوصًا أنها تؤمن لهم الجودة والسعر الجيدين.

يبدو هذا واضحًا عندما ترى الغلاء الفاحش في المحلات مما ساعد أكثر على انتشار أسواق البالة الأسبوعية في مختلف المحافظات بجانب سوق البالة الرئيس بشارع وكالة البلح، وسميَّ بهذا الاسم لشهرته ببيع البلح في بداياته.

منذ أن تخطو بقدميك شارع الوكالة تجد على يمينك ويسارك تجار بيع البلح والعجوة، وفي المنتصف يتمركز بائعو البالة وصولا لشارع 26 يوليو المعروف سابقًا بشارع بولاق والمنتجات المستوردة وبالأخص الأقمشة.

 

وتعتبر المنطقة الحرة في محافظة بورسعيد أشهر مناطق بيع البالة في مصر وتشتهر بجودة منتجاتها منذ إنشائها عام 1976، ويشتهر سوق "وكالة البلح" ببيع الملابس المستعملة وهو من أقدم أسواق القاهرة إذ يعود إنشاؤه لعام 1880، ويقع في منطقة بولاق أبو العلا بالقرب من كورنيش النيل.

كم ننفق على استيراد «البالة»؟، نشرة صدرت عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للتجارة الخارجية، يشار فيها إلى أن إجمالي استيراد مصر من الملابس والخيوط والأقمشة المستعملة في الفترة من يناير حتى أكتوبر 2016، بلغ نحو 50.2 مليون جنيه، ووفقا لأحدث نشرة "واردات وصادرات جمهورية مصر العربية لعام 2016" توضح أن ما استوردته الدولة خلال 10 أشهر من ملابس مستعملة كان 44 مليونا و231 ألفا و483 جنيها.

◄«قلب وشوف في أكوام الهدوم»

في جولتنا وجدنا «مروة» إحدى الزبائن المترددين على شارع وكالة البلح، وسط أكوام من الملابس، وبدأت تنتقي منها وتترك بجانبها القطع التي تختارها وتستمر في عملية البحث إلى أن وصلت 30 قطعة، قامت بشرائها، وجميعها بسعر ما بين 15 و25 جنيهًا للقطعة الواحدة.

تحدثت مروة لـ«الهلال اليوم» قائلة: " الهدوم المستعملة مش كلها مستعملة في منها جديد ومنها قصات جديدة جدا مستعملة خفيف مش بطالة وسعرها على قد الأيد".

وأوضح لنا عمرو البرنس أحد الباعة قائلا: " تتم عملية البيع بالكيلوجرام، ويبدأ ثمن الكيلو من 50 إلى 60 جنيهًا ويصل إلى 200-300 جنيه؛ وفقًا لجودة المنتج، ويشترط علينا عدم فرز البضاعة قبل الشراء.

محمد محمود تاجر ملابس مستعملة، قال، "بنشتري الكيلو بـ65 جنيهًا، وبضاعة عالمية بأسعار رخيصة للمستهلك الذي يعاني من مشاكل الغلاء".

وأضاف، "ياريت البلدية يسبونا نسترزق".

محمود حنفي بائع بالة بالوكالة قال: "لبس بواقي استيراد بيكون مستعمل خفيف ونبيعهم بـ23 جنيهًا للقطعة، و5 بليزرات بـ40 جنيهًا للواحد و5 بناطيل جينز بـ25 للبنطلون.. وبنشوف أسوء معاملة من البلدية".

عثمان محمد يفترش الأرض وسط شارع الوكالة قائلا" إحنا نخاف نتكلم يا فندم سيبونا نسترزق البلدية كل شوية تيجي تاخد بضاعتنا وتجري، بقالى 10 سنوات في تجارة البالة أسوء ما بنشوفه في الجمارك، بندفع من 700 إلى 1000 جنيه والبضاعة غالية بنجبها بالكيلو ويقف علينا الكيلو ما بين 80 و100و120 حسب جودة البضاعة، وساعات بنجيبها ومبتجبش همها" .

 

◄«سوق البالة للفقير والغن»

الجدير بالذكر أن فى جولتنا تبين أن هذه الأسواق ليست مقصدًا للفقراء فقط، ويقبل عليها الأغنياء أيضًا وبنسبة كبيرة؛ بحثًا عن الملابس المميزة والغريبة التي لا تشبه الملابس المتوافرة في الأسواق الأخرى.

وهنا قابلنا ابتهال 25 سنة قائلة " سوق الوكالة من أجمل الأسواق، وفي اعتقادي أننا فقدنا نصف الباعة فيه منذ أن تم نقلهم إلى منطقة الترجمان، قائلة: "أحضر إلى الوكالة مرتين كل شهر، مرة أتفرج ومرة أشتري، فأجمل ما يوجد في سوق البالة أن كل ما أبحث عنه من القطع المميزة التي تتميز بجودة الخامة وقصات جديدة لا تتواجد في محلات الملابس الجديدة وبعضها يتواجد ولكن بأسعار عالية جداااااا"، قائلة: "لدي هوس بالبالات حتى أنني علمت أصدقائي التسوق هنا".

ومن جانبها أوضحت ياسمين عادل 30 سنة قائلة: "بصراحة كل من يراني يمدحني ويبدي إعجابه بملابسي، فأشعر وكأنني أشتريها من محالٍ غالية، مضيفة: "زبائن الوكالة ليس معظمهم من الفقراء أو من المستهلكين الذين لا يستطيعون شراء الملابس الجديدة، إنما من "الصبايا" و"المدامات" اللواتي يبحثن عن المميز والغريب.