عندما تحل علينا ذكرى المولد النبوى الشريف، تكون دائماً ذكرى للسلام والمودة
والتعايش والرحمة والإخلاص والعطاء والبناء.. ويتجدد معها نبذ أى دعوات للفتن
والتحريض التى تتبعها جماعة «الإخوان» الإرهابية ، والتى دأبت عليها منذ تأسيسها
على يد إمام القتلة حسن البنا حتى لفظها المصريون تماما وخلعوها من الحكم قبل ٧
سنوات. تهل
علينا ذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام، وقد زادت الجماعة الإرهابية فى
مخططها «الشرير» لنشر الفوضى، والتحريض على العنف والقتل، فى مخالفة كبيرة لسُنة
الرسول الكريم، وما دعت إليه تعاليم الإسلام التى جاء بها نبى الرحمة، وتدعو إلى الحفاظ
على النفس والأوطان والعمل والتنمية؛ لكن ما فعلته «الإرهابية» وتواصل
فعله من تحريض وقتل وعنف وفوضى يخالف قيم المحبة والسلام والاستقرار. فمع كل ذكرى
للمولد النبوي، نتذكر كيف خالفت الجماعة الإرهابية المعاملات النبوية التى جاء بها
الرسول الكريم، والتى تجعل المجتمع يسوده الحب والهدوء والتعاون والسلام.
امام القتلة ابتدع
تحريف مبادئ القرآن وسنة الرسول لتحقيق أهدافه الشيطانية
واتفق علماء الدين
أن «ما تقوم به جماعات التطرف والإرهاب وفى مقدمتها الجماعة (الإرهابية) من إثارة للفتن
والتحريض على هدم المجتمعات وتهديد أمنها واستقرارها، يخالف سُنة النبي الهادي الذى
حذر من مثل هذه الدعوات الهدامة». بل إن رسول الله بريء منهم لافتين إلى أن «مصر قادرة
على التصدي بحزم وصرامة لأعداء الدين والوطن».
الدكتور محمد أحمد
سرحان، أستاذ ورئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات
جامعة الأزهر ببنى سويف، يشدد على أنه في ذكرى المولد النبوي الشريف يجب أن نسلط الضوء
على بعض أقواله الشريفة صلى الله عليه وسلم، وهى التي تمثل الإنسانية العليا فى قوله
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، و»المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، و»إنما
أنا عبد آكل وأجلس كما يأكل العبد ويجلس»، والثابت فى سيرته صلى الله عليه وسلم أنه
لم ينتقم لنفسه قط، وهذا جوهر دعوته، فضلًا عن الرحمة التي جاء بها للإنسانية جمعاء
«وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، بالإضافة إلى صفتي الصفح والتسامح «فاصفح الصفح الجميل»،
هذه إذن حقيقة هذا الدين، وهذا هو جوهر دعوة النبي صلى الله عليه وسلم الحب والتسامح
والإخاء الإنساني، والحقيقة أن البعد عن جوهر هذا الدين وسمو تعاليمه، هو الإشكالية
الكبرى التي تواجه المسلمين فى عصرنا الحاضر، والتي تتمثل فى جماعات الإرهاب والتطرف،
وفى مقدمتها «الإخوان» التي «تشوه الدين» وتخرب الأوطان، إنهم أبعد ما يكونون عن سيرته
صلى الله عليه وسلم؛ بل إنهم ليسوا من الدين فى شيء، وقدرنا فى مصر، هو أن نتصدى بحزم
وصرامة لأعداء الدين وأعداء الوطن.
واعتادت «الإرهابية»
نشر الشائعات والأكاذيب على مدار الساعة، سواء عبر صفحات التواصل الاجتماعي أو على
قنوات «مأجورة» تبث من تركيا وقطر؛ لكن شعبنا يُدرك أطماع هذه الجماعة الإرهابية، ولا
يلتفت لأفعالها التي هي بعيدة كُل البُعد عن الإسلام وسُنة الرسول الكريم؛ بل يسير
شعبنا وراء قيادته السياسية ويدرك حجم الإنجازات التى تحققت على أرض الواقع. علماء
الدين قالوا أيضًا فى هذا الصدد إن «النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفض أى دعوات لنشر
الفتن والتحريض على هدم المجتمعات، وهى سلوكيات حذر منها الإسلام ونبيه الأكرم».
«ما تقوم به جماعات
التطرف والإرهاب اليوم من إثارة الفتن والتحريض على هدم المجتمعات وتهديد أمنها واستقرارها،
يخالف سنة النبي الهادي الذى حذر من مثل هذه الدعوات الهدامة، والتي يتصدى لها الآن
العلماء بكل قوة وحسم فى معركة فكرية ممتدة فى مواجهة دعاة العنف والتطرف والكراهية
والتعصب والإرهاب، وذلك من خلال العديد من المبادرات الفاعلة والبرامج المستمرة لتوعية
النشء وتحصين الشباب ضد هذه الدعوات الهدامة، ونشر تعاليم الإسلام السمحة».. هكذا قال
الدكتور أيمن بريك، أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر، مؤكدًا ضرورة الاقتداء بسنة الحبيب
محمد صلى الله عليه وسلم، وما اشتملت عليه من دروس وعظات ربانية، ربط بها الله عز وجل
على قلب نبيه، لينهض بهذه الأمة ويصل بها إلى بر الأمان، ومن شروط الاقتداء بالنبي
صلى الله عليه وسلم، محبته، فالمحب يقتفى أثر الحبيب ويسير فى طريقه، ويلزم سنته..
فالباحث فى سيرة نبى الأمة، يجد كيف أسس صلى الله عليه وسلم مجتمعاً مدنياً متكاملًا،
يقوم على الأخوة الإنسانية والتعايش والمحبة والتسامح والسلام، فجاءت و»ثيقة المدينة
المنورة» كأول دستور مدنى متكامل فى التاريخ الإنساني، أرسى قواعد المواطنة الكاملة،
وثبت أركان العدل بين مكونات المجتمع وطوائفه، ونظم العلاقات بينهم، لكى يسود التسامح
والمحبة والتعايش والسلام بين الناس.. وقد ضرب صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة فى
الولاء والانتماء وحب الوطن.
وقال «بريك» إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم مُعلم البشرية يحب وطنه، ويرفض كل دعوات نشر الفتن والتحريض
على هدم المجتمعات، وهى سلوكيات حذر منها الإسلام ونبيه الأكرم، مبينًا خطورتها الشديدة
على وحدة واستقرار الأمم والمجتمعات.
ووفق الدكتور عبد
الحليم منصور، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، فإن من أهم ما جاءت به الرسالة
المحمدية دعوتها للحب، ومفردات هذا الحب كثيرة تشمل حب المسلمين لنبيهم، وحب المسلمين
لبعضهم بعضًا، وحبهم لوطنهم وحبهم للغير، وورد فى الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام
أنه قال «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه»، يبين هذا الحديث أن من أهم عوامل
رسوخ الإيمان فى القلب، أن يحب الإنسان للآخرين حصول الخير الذى يحبه لنفسه، من حلول
النعم وزوال النقم، وبذلك يكتمل الإيمان فى القلب.. وإذا تأملنا الحديث، لوجدنا أن
تحقيق هذا الكمال الإيمانى فى النفس، يتطلب من الإنسان سمو فى التعامل، ورفعة فى الأخلاق
مع الغير، وأن يشارك الإنسان إخوانه فى أفراحهم وأتراحهم، ولا يألو جهدًا فى تقديم
صنائع المعروف للآخرين ببشاشة وجه وسعة قلب وسلامة صدر؛ لكن هذا كله بعيد جدًا عما
تفعله «الإرهابية» من نشر دعوات الكراهية والعنف، والاهتمام بمصالح عناصرها الهاربة
فقط، بعيدًا عن مصالح شعبنا، وهو ما يدعو لزيادة الكراهية لـ»المحظورة» ولفظها من الجميع،
بسبب أعمالها البعيدة عن الدين الإسلامي.
«منصور» قال من
علامة الحب النبوي أن يحب المسلمون بعضهم بعضا، ويكونوا يدًا واحدة، وبيناناً واحداً،
مستمدين هذا الحب من حبهم لله ورسوله، وموقنين أن هذا الحب، هو جزء أصيل من مفردات
الإيمان، لا يتحقق الإيمان الكامل إلا به.. ومن فقه الحب النبوي أن تتسع قلوب المسلمين
لمحبة الخير لغير المسلمين، لأنهم شركاؤنا فى الوطن، وشركاؤنا فى الحياة على أرض هذا
الوطن. لذا فالإسلام برئ من سلوكيات بعض الفصائل الإرهابية مثل «داعش»، و«بيت المقدس»،
و«الإخوان»، وغير ذلك من التنظيمات، التى تأخذ من العنف والقتل منهجًا لها وسبيلًا
فى هذه الحياة، وما أكثر ما تحمل هذه السلوكيات على الإسلام ويتهم أهله بأنهم أهل عنف،
وأن دين الإسلام يدعو إلى القتل والتخريب والسعي في الأرض بالفساد والإفساد، وكل هذا
ليس من الإسلام فى شيء.. فالإسلام يُعلى من قيم التعاون الإنساني، والتعارف بين أبناء
البشر، لتحقيق معنى الخلافة عن الله سبحانه وتعالى فى إعمار الكون، والنهوض بالقيم
الإنسانية إلى أقصى مدى.. فلقد طبق النبي عليه الصلاة والسلام مبدأ المواطنة واضحاً
جلياً بين المسلمين وغير المسلمين، وضرب المثل فى التعايش السلمى بينهم فى أبهى صوره،
من خلال «وثيقة المدينة» التي احترم فيها الأديان، واحترم خصوصيات أهل كل دين.