الأربعاء 29 مايو 2024

وديع الصافي.. «قديس الطرب» الذي أعطى نصف عمره للفن

فن1-11-2020 | 18:31

تحل اليوم ذكرى ميلاد فنان من الطراز الأول، تتلمذ على يد إحدى الإذاعات اللبنانية، وصفه الموسيقار عبدالوهاب بالصوت الملائكي فسمي بـ"الصافي" نظرا لصفاء صوته، وأنشأ مدرسة موسيقية خاصه به.

 

ولد "وديع بشارة فرانسيس" في قرية نيحا الشوف اللبنانية عام 1921 في أسرة فقيرة تتكون من عشرة أفراد، وسرعان ما انتقلت الأسرة لبيروت حتى يلتحق " وديع" بالمدرسة الكاثوليكية فكان المنشد الأول فيها حتى توقف عن الدراسة نظرا لسوء الأحوال المادية.

 

ظهر حب "الصافي" الحقيقي للفن وهو في السابعة عشر من عمره، وفاز بالمركز الأول وسط عدد كبير من المشتركين في مسابقة الإذاعة اللبنانية، واختارت له لجنة التحكيم اسم "وديع الصافي" اسما فنيا نظرا لصفاء صوته، وكانت إذاعة الشرق الأدنى بمثابة مدرسة تتلمذ بها وتعلم الموسيقى فساهمت في تكوين شخصيته الفنية.

 

بدأ الصافي مشواره الغنائي واهتم بالأغنية اللبنانية فأسس "المدرسة الصافية" كمدرسة موسيقية منسوبة إليه، وكانت أول أغنية له "طل الصبح وتكتك العصفور" عام 1940، حتى التقى بالموسيقار "محمد عبدالوهاب" الذي قال عنه: "من غير المعقول أن يمتلك أحدا صوتا كهذا، وقدم الصافي أغنية "ولو" التي كانت علامة فارقة في حياته وتربع من خلالها على عرش الغناء العربي فلقب بـ"صاحب الحنجرة الذهبية".

 

اتجه "الصافي" في أواخر الخمسينات إلى العمل المشترك مع كبار الموسيقيين للنهضة بالأغنية اللبنانية وبأصولها الفلكلورية من خلال مهرجان "بعلبك" الذي جمعه بكبار الموسيقيين وكان من ضمنهم "الأخوين رحباني" وعفيف رضوان "و زكي ناصيف" و"فيلمون وهبي".

 

غادر "الصافي" إلى مصر ثم إلى بريطانيا مع بداية الحرب اللبنانية، واستقر في باريس عام 1978 اعتراضا منه على الحرب، وقام بتجديد إيمان المغتربين بوطنهم عن طريق أغانيه، حتى اتجه لتأليف الأغنية الروحانية في بداية الثمانينات نتيجة معاناته مع الحرب ولتقوية علاقته الروحية مع الله.

وكرم "الصافي" من المعهد العربي في باريس بمناسبة اليوبيل الذهبي لانطلاقه ونجاحاته الفنية، وبالرغم من خضوعه لعملية قلب مفتوح عام 1990، إلا أنه استمر في عطائه الفني بالتلحين والغناء ولم يغب عن برامج المسابقات التليفزيونية بل استمر في دعم المواهب الجديدة لظهور أصوات مميزة على الساحة اللبنانية.

 

تزوج "الصافي" من إحدى قريباته، ورزق منها بستة أطفال، ونظرا لتنقلاته حمل الجنسية المصرية والفرنسية والبرازيلية إلى جانب جنسيته الأساسية اللبنانية، ولكنه على الرغم من ذلك كان يفتخر بلبنانيته.

 

كرم "الصافي" في أكثر من بلد ومؤسسة وجمعية، وحمل أكثر من وسام استحقاق منها خمسة أوسمة لبنانية نالها أيام الرؤساء "كميل شمعون" و"فؤاد شهاب" و سليمان فرنجيه".

 

توفى عملاق لبنان وديع الصافي في 11 أكتوبر 2013 إثر تعرضه لوعكة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودفن في بلدته ببيروت، وأقيم له مأتم رسمي حضره وفد من الشخصيات العامة وكبار الفنانين، وخسرت الأوساط العربية قديس الطرب صاحب الصوت الصافي "وديع الصافي" عن عمر يناهز 92 سنة بعد رحلة من العطاء الفني اللا محدود.