الإثنين 6 مايو 2024

خروجا عن مبادئ الإسلام معالم الحكم فى إطار المبادئ القرآنية والسنة النبوية

26-4-2017 | 11:05

بقلم –  رجائى عطية

معالم الحكم الواضحة فى المبادئ قطعية الدلالة التى استنها القرآن الحكيم، أن الحكومة حكومة مدنية، بمعنى أن القائم على الأمر ليس ممثلا لله عز وجل، ولا يملك أن يتحدث باسمه، وإنْ كان عليه أن يلتزم بأوامره ونواهيه، وأن يسترشد بالمبادئ التى قررها سبحانه وتعالى لولاية الأمور.

ومن الواضح فى هذه المبادئ أن الحكومة فى هذه الآيات القرآنية لمصلحة المحكومين، لا لتجبر الحاكمين.. فليس لأحدٍ أن يدعى لنفسه ما أُمِرَ الرسولُ عليه الصلاة والسلام بالتزامه، أو ما أُمِرَ باجتنابه.

فقد أُمِر أمرًا واضحًا بأن يشاور المؤمنين فى الأمر، وأُمِرَ بأن يخفض الجناح لمن اتبعه من المؤمنين، وأُمِرَ بأن يوضح للناس أنه ليس إلا بشر مثلهم يوحى إليه، وأن يحكم بينهم بالعدل، ونُهِىَ نهيًا صريحًا أن يكون عليهم جبارًا، وقيل له أن يُذكِّر، فإنما هو مُذكِّر، وليس عليهم بمسيطر.

وليس لأحدٍ أن يدعى لنفسه ما يجاوز ما كان للرسول عليه الصلاة والسلام.

ولم تكن سيرة النبى عليه الصلاة والسلام إلا تطبيقًا لما أمره به ربه سبحانه وتعالى، فكانت نبوته نبوة تبليغ وهداية، أطاع فيها ربه، ولم يَدّع لنفسه إحاطةً بالغيب، ولا علمًا يجاوز ما أمره الله تعالى بتبليغه.

أَمَرَهُ ربُّهُ عز وجل، بأن يبدى للناس أنه ليس إلا بشرًا رسولًا اصطفاه ربه لحمل وأداء الرسالة « قُلْ سُبْحَانَ رَبِّى هَلْ كُنتُ إلا بَشَرًا رَّسُولًا » ( الإسراء ٩٣ ).

وأُمِرَ عليه الصلاة والسلام بأن يوضح للناس أنه ليس منجمًا ولا يعلم الغيب، ولا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا إلا ما شاء الله، وأنه لو كان يعلم الغيب لاستكثر من الخير وما مسّه السوء.. فما هو إلا نذير وبشير لقومٍ يؤمنون..

يأمره ربه تبارك وتعالى: « قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إلا مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِى السُّوءُ إن أَنَاْ إلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ » (الأعراف ١٨٨).

لا ثيوقراطية!

وليس فى الإسلام ما ينكر أو يصادر مذهبًا من المذاهب , أو يصادر حرية الناس فى التفكير الذى هو فريضة إسلامية, ولم ينكر الإسلام من هذه المذاهب إلا المذهب الذى يدعى للحاكم سلطة إلهية , وكان النبى ـ عليه الصلاة والسلام ـ ينكر على الوالى أن ينتحل لنفسه ذمة الله ويقول لمن يوليه أمرًا: « إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه , ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك , فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله , وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك , فأنت لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا».

وكان الفاروق رضى الله عنه يأبى أن يقال عن رأيه إنه مشيئة الله , وانتهر بعض جلسائه لأنه زعم ذلك فقال: « بئس ما قلت ! هذا ما رأى عمر. أن كان صوابًا فمن الله, وإن يكن خطأ فمن عمر.. لا تجعلوا خطأ الرأى سنة للأمة ».

ويبدو أن أقرب الأقوال إلى سند السيادة فى الإسلام هو الرأى القائل بأنها عقد بين الله والخلق من جهة, وعقد بين الراعى والرعية من جهة أخرى, وأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.

وقد حرص عليه الصلاة والسلام أن ينحى عن الأذهان سمعة المعجزة، فنفى للناس يوم ظنوا أن الشمس كسفت لموت نجله إبراهيم ـ نفى لهم هذا الظن، وأعلمهم أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته.

لم يدع عليه الصلاة والسلام أنه يعلم الغيب، أو أنه عليه السلام ظَلّ الله فى الأرض، فيقول لهم من قول ربه: « وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إلا هُوَ » ( الأنعام ٥٩ )، ويتلو عليهم من آياته عز وجل: « وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّى مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ » ( يونس ٢٠)، ويقول لهم من أَمْرِ ربه له: « قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّى مَلَكٌ إن أَتَّبِعُ إلا مَا يُوحَى إلى قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ » ( الأنعام ٥٠ ).

حامل الرسالة بشر رسول، لا يدعى لنفسه ألوهية، وإنما هو عبد الله ورسوله، أرسله ربه إلى الناس كافة، هاديًا وبشيرًا ونذيرًا..

«وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ» ( النحل ٤٤ )

«يَا أَيُّهَا النَّبِى إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا» (الأحزاب ٤٥، ٤٦)

«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إن اللّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» ( المائدة ٦٧ )

محاولات التنظير

بين القدامى والمحدثين

تعدد الذين كتبوا ـ قديمًا وحديثًا ـ عن الخلافة، وعن أصول الحكم فى الإسلام، منهم من تشيع للقول بأن الإسلام حدَّدَ « الخلافة » بالذات نظامًا للحكم، ومنهم من رأى كالأستاذ السنهورى أن الخلافة التامة لا تنطبق إلا على خلافة الخلفاء الراشدين، وأن ما بعدهم « خلافة ناقصة » لأنها لم تلتزم مبادئ البيعة والشورى واتخذت الوراثة أساسًا لتداول الحكم أو الملك، ومنهم من رأى أن القرآن الحكيم لم يتحدث بصدد الحكم والحكومة إلا عن مبادئ عامة، ولم يحدد شكلًا أو نظامًا معينًا للحكومة، ومنهم من نفى نفيًا تامًا أن يكون الإسلام ـ قرآنًا أو سنّة ـ قد تعرض بأى شكل للحكم أو الحكومة ناهيك بالخلافة، ومن هؤلاء وأولاء من اقتصد فى رأيه والتزم الموضوعية وأصول البحث والنظر، ومنهم من غالى مغالاة وصلت فى بعض الأحيان إلى الإسراف بل والتحامل الذى يكاد أن يحسب تحاملًا على الإسلام ذاته.

وهذا التعدد والتنوع والاختلاف والتضارب، يضع على عاتق الباحث الموضوعى مهمة اتقاء مغالاة من غالوا وابتعدوا عن الموضوعية وعن أصول البحث والنظر وعن القصد والاعتدال ـ وأن يبحث بنفسه فى الأصول ليكون رأيه صافيًا بعيدًا عن الغلو أو عن هذا التصارع الشديد الذى كثيرًا ما ابتعد عن الموضوعية !

ابن خلدون

فى مقدمته الضافية، لتاريخه المعروف « كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر، فى أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر » ـ توقف « ابن خلدون » طويلًا أمام نظام الخلافة، ونظام الملك، وأحسب أن معظم من كتبوا بعد ذلك فى أصول الحكم من الإسلام، عالة على ما أورده ابن خلدون فى مقدمته الضافية الشهيرة، وغايته التى لا تفوت فيه، هى التفرقة الواجبة بين « الملك » وبين « الخلافة ».

وبعد فصول تمهيدية، دخل ابن خلدون إلى لب الموضوع، وهو انقلاب الخلافة إلى ملك، ملاحظًا أن الملك غاية طبيعية للعصبية، إذ لا يقوم الملك إلا جريًا وراء هذه العصبية، وهى عصبية الانتماء إلى فصيل معين تبعًا للجنس أو الأصل أو غير ذلك.

وهذه العصبية مكروهة بكل صورها فى الإسلام، إذ فيها قال الحديث إن الله أذهب عن المخاطبين « عُبَّيّة » الجاهلية، وهى الكبر والفخر والخيلاء، وقال تعالى: « إن أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ».

وهذه العصبية مذمومة، ذمها الشارع الإلهى، فقال: « لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم ». لأن العصبية تقوم على الباطل وأحواله كما كانت فى الجاهلية، وهذا بالطبع غير العصبية فى الحق وللحق.

كذلك الملك، ممدوح أو مذموم تبعًا لمراده وأغراضه.

وقد روى أن معاوية حين لقى ـ بالشام ـ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فى كوكبة وأبهة وزينة، استنكر عمر ذلك، وقال له: «أكسروية يا معاوية؟ ».

وهكذا كان شأن الصحابة فى رفض الملك وأحواله، حذرًا من الالتباس بالباطل.

أما كيف تحولت الخلافة التى بدأت بالصديق، إلى الملك، فكانت البدايات فى تعاظم الثروات التى وصفها المسعودى ( فى مروج الذهب ) ـ ونقلها عنه ابن خلدون بالتفصيل، ومختصر القول إنه صارت أحوال الدين تبعًا لفساد الدنيا، فبدأ يصير الأمر إلى الملك وإن بقيت معانى الخلافة فى تحرى الدين ومذاهبه والجرى على منهاج الحق، ولم يظهر التغير إلا فى الوازع الذى كان دينًا ثم انقلب عصبيةً وسيفًا، وهكذا كان الأمر لعهد معاوية ومروان وابنه عبد الملك والصدر الأول من خلفاء بنى العباس إلى الرشيد وبعض ولده.

ثم ذهبت معانى الخلافة ـ فيما يقول ـ ولم يبق إلا اسمها، وصار الأمر ملكًا بحتًا، وجرت طبيعة التقلب إلى غايتها، واستعملت فى أغراضها من القهر والتغلب فى الشهوات والملاذ. وهكذا كان الأمر لولد عبد الملك، ولمن جاء بعد الرشيد من بنى العباس، وظل اسم الخلافة باقيًا فيهم لبقاء عصبية العربى.

والخلافة والملك فى الطورين ملتبس بعضها ببعض. ثم ذهب رسم الخلافة وأثرها بذهاب عصبية العرب وفناء جيلهم وتلاشى أحوالهم، وبقى الأمر ملكًا بحتًا، كما كان الشأن فى ملوك العجم بالمشرق، يدينون بطاعة الخليفة تبركًا، والملك بجميع ألقابه ومناحيه لهم وليس للخليفة منه شىء، وكذلك فعل ملوك زناتة بالمغرب مثل صنهاجة مع العبيديين ومغراوة وبنى يفرن أيضًا مع خلفاء بنى أمية بالأندلس والعبيديين بالقيروان.

قد تبين أن الخلافة قد وجدت بدون الملك أولًا، ثم التبست معانيها واختلطت، ثم انفرد الملك، حيث افترقت عصبيته من عصبية الخلافة. والله مقدر الليل والنهار، وهو الواحد القهار.

ثم أتبع ابن خلدون ذلك بحديث فى معنى البيعة، وآخر فى ولاية العهد، ما أصاب فيها وما أخطأ وهو الذى ساد فى الدولة الأموية والدولة العباسية، بعد أن أشرفت العصبية على غايتها من الملك، وضعف الوازع الدينى، واحتيج فى المقابل إلى الوازع السلطانى والعصبانى !

وخلاصة ما انتهى إليه ابن خلدون، التفرقة بين الخلافة الخالصة التى كانت فى زمن الراشدين، وبمفهوم المخالفة أن غيرها ملك، فإن تسمت بالخلافة فهى خلافة غير خالصة. وسوف نرى أن الأستاذ السنهورى اعتبرها « خلافة ناقصة » فى رسالته الثانية للدكتوراه. سنة ١٩٢٦. عن فقه الخلافة.

بين على عبد الرازق والسنهورى

استقطب اهتمام المهتمين، كتابان ظهرا تباعًا سنة ١٩٢٥، وسنة ١٩٢٦، أولهما كتاب للشيخ على عبد الرازق، أصدره بعنوان: « الإسلام وأصول الحكم »، وهو كتاب يقوم فى مبناه، وفى لحمته وسداه، على أن الخلافة ليست أصلًا من أصول الحكم فى الإسلام، وأثار الكتاب وقت صدوره ضجة كبرى، وأدى إلى سحب شهادة العالمية الأزهرية من المؤلف، وفصله من القضاء، وكان قاضيًا شرعيًا، ورئيسًا للمحكمة الشرعية فى المنصورة، إلا أنه مع توالى الزمن، طفق الاعتراض على الكتاب يتراجع، وتأييده والتنويه بمؤلفه يتزايد.

أما كتاب الدكتور عبد الرازق السنهورى، وصدر سنة ١٩٢٦، فهو رسالته الثانية للدكتوراه، موضوعها « فقه الخلافة »، وهى مكتوبة بالفرنسية، ولم يظهر الأستاذ السنهورى فى حياته رغبة فى ترجمتها إلى أن لاقى ربه، ثم ارتأت ابنته المرحومة الدكتورة نادية السنهورى، أن تنهض على ترجمة أجزاء من الرسالة، بتقديم وتعليق زوجها الدكتور توفيق الشاوى أستاذ القانون الجنائى، وصاحب الميول الإخوانية، وقد اعتمدت الرسالة فى استخلاصها لفقه الخلافة، وعلى ما سارت عليه حكومة الخلفاء الراشدين باعتبار أنها أقامت الأصول الشرعية لنظام الحكم الإسلامى، أما الدول التى جاءت بعدها، سواء الأمويين أو العباسيين أو العثمانيين أو دويلات الأسر التى تفرعت عنها، فقد اعتبرها الأستاذ السنهورى « خلافة ناقصة »، حالة كونها جميعًا مع انتسابها للإسلام وإقرارها بمبدأ الشورى والبيعة، إلا أنها لم تلتزم بشىء من ذلك، ولم تحترم المبدأ، وأقامت حكمها على الوراثة، وكانت عناية الأستاذ السنهورى ـ الشاب آنئذٍ ـ بالخلافة، تتجه إلى تحقيق وحدة الأمة فى صورة تنظيم سياسى يضمن لها المكانة الدولية، وإزاء تسليمه بأن الظروف الحاضرة يتعذر فيها إقامة الخلافة الكاملة الصحيحة، فإنه لا بد فيما ارتأى ـ من إقامة خلافة ناقصة بها بناء على خطة تمكنها من أن تستكمل تدريجيًّا مقومات الخلافة الراشدة الكاملة.

ونرى من ذلك، أن الأستاذ السنهورى، والعلامة ابن خلدون، يتفقان فى أن الخلافة الخالصة فى تعبير ابن خلدون أو الخلافة الراشدة أو الكاملة فى تعبير السـنهورى، لم تحدث إلا فى الزمن الأول: زمن الخلفاء الراشدين الأربعة، ويتفقان أن ما تلا ذلك لم يكن خلافة خالصة أو خلافة راشدة أو كاملة، فوصف ابن خلدون الأمر بأنه صار إلى « ملك » بعد آخر عهد الإمام علىّ، ووصفه السنهورى فى رسالته بأنه « خلافة ناقصة »، وكلا التعبيرين يُسلّم بأنه لم تكن هناك خلافة بالمعنى الخالص أو الكامل بعد زمن الخلفاء الراشدين الأربعة !

الذى لم يعد فيه شك، أن حكام الدول الأموية والعباسية والعثمانية، قد ذهبوا بالحكم إلى ملك عضوض قائم على الوراثة، والاستبداد، وبعيد كل البعد عن الخلافة الخالصة بتعبير ابن خلدون، وعن الخلافة الراشدة أو الكاملة فى تعبير السنهورى.

وجدير بالذكر أن الأستاذ السنهورى الذى لا نمارى فى علمه وأستاذيته، قد كتب رسالة « فقه الخلافة » فى مستهل شبابه، ولم يظهر طوال حياته حماسًا لترجمتها من الفرنسية حتى لاقى ربه ولذلك دلالة لا تفوت، ولسنا نجارى التعلق بالخلافة بوصف الممارسات الجانحة التى تلت عهد الراشدين بأنها « خلافة ناقصة »، فقد أفصح الأستاذ السنهورى نفسه عن أن هذا « النقص » مرجعه إلى عدم الالتزام بنظام البيعة ـ أى الاقتراع والانتخاب، واستبدالها بالتوريث مع ولاية العهد لمتعددين، ومرجعه أيضًا إلى التحول عن الشورى كوسيلة ومبدأ، إلى استبداد سافر مَثَّلَ القاسم المشترك فى حكومات تلك الدول.

وإقرار الأستاذ السنهورى بذلك ـ يفرغ التعبير بكلمة « الخلافة » ـ من أى مضمون، فلا معنى للتمسك بالمسمى، بينما نظام الحكم فى تلك الدول قد افتقد كل مقومات الخلافة، وساقه هذا الاستبداد إلى الطغيان الذى كان من نتائجه هذه الدماء التى أريقت بغير حق على جدار السلطة !!!

ومؤدى إقرار الأستاذ السنهورى بأن ما بعد عصر الخلفاء الراشدين كانت الخلافة ناقصة، طرأ عليها التوريث، وافتقدت البيعة الحقيقية فى اختيار الخليفة، وافتقدت الشورى فى ممارسة الحكم، فإن لنا أن نخلص إلى أن رشد الخلافة فى عهد الراشدين قائم على أشخاص غير متاح تكرارهم، فهم تلقوا الإسلام من نبعه الأصيل، وصاحبوا النبى عليه الصلاة والسلام , وأخذوا عنه، واستمعوا إليه، واقتدوا به، فتحققت لهم من الصفات والإمكانيات ما لا يمكن أن نعتمد على اكتماله فى كل شخص على مر الأزمنة والعصور، وقد تحقق لهم هذا الأداء السديد الراقى، لأن نظام الخلافة كان يقيدهم ويلزمهم، وإنما لأنهم الذين التزموا وقيدوا أنفسهم بمقتضى قيمهم ومثلهم العليا وما فطروا عليه، يؤكد ذلك أن أداء الخليفة الثالث عثمان بن عفان، لم يكن كأداء أحد من الخلفاء الأول والثانى والرابع، برغم أنه قد تحقق له من التلقى عن الرسول وصحبته والاقتداء به، بل وانفرد بأنه تزوج ابنتين على التوالى من بناته، ومع ذلك لم يكن اضطلاعه بالخلافة وأداؤه فيها كأبى بكر أو عمر أو علىّ، فكيف بآحاد الناس على مر العصور؟ !

وفى زمن الراشدين كانت « الأخوة » هى دستور العلاقة الإنسانية، والتقوى والعمل الصالح هما قوام الأفضلية، و« المساواة » هى المبدأ الذى يحكم جميع العلاقات.

فالمساواة حق أساسى للجميع فى الإسلام، ينتمى إلى شجرة باسقة، فى دوحة ظليلة، لا يحول دونها التفاوت الذى يجرى واقعًا فى الحياة، وإنما هى حق لكل إنسان من حيث هو إنسان، فلا فضل لأحدٍ إلا بالتقوى والعمل الصالح، ولا فضل لعربى على أعجمى ولا لعجمى على عربى ولا لأحمر على أبيض ولا لأبيض على أحمر أو أسود إلا بالتقوى، وفى خطاب جامع موجه إلى الناس كافة لا إلى المسلمين خاصة، يقول تعالى: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إن أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إن اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ » (الحجرات ١٣).

فحجر الزاوية فى الإسلام، وفى الحكم بين الناس، أن أصل الإنسانية واحد « يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا » (النساء ١)..

« وَهُوَ الَّذِى أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ » (الأنعام ٩٨)، وعلى نفس المعنى جرت عبارة الآية ١٨٩ من سورة الأعراف.

العدل صنو المساواة

وفى حكومة الراشدين، كان الخلفاء الراشدون يعطون القدوة من أنفسهم إقرارًّا بمبدأ المساواة، وساووا فى مجلس القضاء بين الكافة، ولم يتوان عمر عن المساواة فى مجلس قضائه بين الإمام علىّ ويهودى اختصما إليه، ولا استنكف الإمام علىّ من هذه المساواة، يحكم الجميع المبدأ القرآنى « وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ » (النساء ٥٨)، ولا يصرف عن وجوب العدل قرابة أو شنآن: « وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى ألا تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إن اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ » (المائدة ٨)

أمّا فى وجوب المساواة رغم القرابة، فقد جاء بالقرآن المجيد: « وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى » (الأنعام ١٥٢)، وأمر عَزَّ وجل بذلك فقال: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أو الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إن يَكُنْ غَنِيًّا أو فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أو تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا » (النساء ١٣٥).

هذه باختصار هى المبادئ التى اتسمت بها حكومة النبى عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين من بعده، حكومة مدنية لا ثيوقراطية، قوامها الرشد والهداية، وأساسها الشورى والعدل والمساواة.

الأسس التى قام عليها

كتاب الشيخ على عبد الرازق

عن الإسلام وأصول الحكم

من حق الأستاذ الشيخ على عبد الرازق، وقد ظُلِمَ ظلمًا كبيرًا فى حياته، ودفع ثمنًا باهظًا لتأليف كتابه « الإسلام وأصول الحكم »، أن نسجل له أنه التزم أصولًا منهجية وموضوعية فى وضع هذا الكتاب.

وهو لم يُخُفِ رأيه الذى خلص إليه من بحثه، أن الإسلام « برىء » من نظام الخلافة، وساق فيما ساق من أسس لرأيه، تعريفًا لكل من الخلافة والملك، والفارق بينهما، وتوقف عند المعانى التى اتخذها البعض مفهومًا للخلافة، وقولهم إن الخليفة عندهم يقوم فى منصبه مقام الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه بعد أن لحق عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى، قام الخلفاء مقامه فى « حفظ الدين وسياسة الدنيا » وهم لذلك ينزلون الخليفة من الأمة بمنزلة الرسول من المؤمنين، وبماله على الأمة من الولاية العامة، والطاعة التامة، والسلطان الشامل، وحق القيام على دينهم والقيام على شئون دنياهم، لأنه ـ فى تصورهم ـ نائب الرسول عليه الصلاة والسلام.

وبعد أن يستشهد الأستاذ الشيخ على عبد الرازق بآراء ابن خلدون التى أسلفنا وجيزها، يقفى بأنه كان واجبًا على من أضفوا على الخليفة تلك القوة، ورفعوه إلى ذلك المقام، وخصوه بكل هذا السلطان، أن يقدموا دليلهم على ذلك من القرآن والسنة، ولكنهم لم يفعلوا !!!

ويقفى بأنه لم يجد فى مباحث هؤلاء، دليلًا على هذه الفرضية بآية من كتاب الله أو بشىء من السنة النبوية، ولو وجدوا آيةً واحدةً تظاهرهم لما ترددوا فى الاستشهاد بها، أو حديثًا صحيحًا من السنة النبوية لما أحجموا عن الاستناد إليه.

أما عبارة « أولى الأمر » التى وردت بآيتين من آيات القرآن الكريم، فإنه فضلًا عن أن أغلب المفسرين على أنها تنصرف إلى أمراء المسلمين فى عهد الرسول أو كبراء الصحابة البصراء بالأمور، فإن الآيتين لا تظاهران شيئًا من معنى الخلافة التى أخذ بها أصحاب هذا النظر.

الأستاذ العقاد

وصواب رؤيته

حين كتب الأستاذ العقاد كتابه الضافى: « الفلسفة القرآنية » الصادر سنة ١٩٤٧، كان قد صدر من أكثر من عشرين عامًا كتاب « الإسلام وأصول الحكم » للشيخ على

عبد الرازق، ورسالة « فقه الخلافة » للأستاذ السنهورى، وما رمت إليه هذه الرسالة ـ مع إقرارها بأن الخلافة كانت « ناقصة »، بعد عهد الراشدين، من تحقيق وحدة الأمة فى صورة تنظيم سياسى يضمن لها المكانة الدولية، مع تسليمه بأن الظروف الحاضرة ـ آنئذ ـ يتعذر فيها إقامة الخلافة الكاملة الصحيحة.

ويلاحظ أن الأستاذ العقاد قد تحاشى بكتابه « الفلسفة القرآنية » الدخول فى هذه المنطقة التى تباينت فيها الآراء، ورأى كفايته فيما تضمنه القرآن الكريم من آيات واضحة صريحة تقرر مبادئ الحكم فى الإسلام، وتحكم أى حكومة أيًا كان شكل النظام السياسى التى تتبعه.

واحتكم الأستاذ العقاد من البداية، إلى سبع آيات قرآنية، يستهل بها حديثه:

« وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ » ( الشورى ٣٨ )

« وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ » (آل عمران ١٥٩ )

« وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » ( الشعراء ٢١٥ )

« إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » ( الحجرات ١٠ )

« إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إلى أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ » ( الكهف ١١٠ )

« يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إلى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ألا نَعْبُدَ إلا اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ » (آل عمران ٦٤ )

« وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ » ( ق ٤٥ )

وجملة ما يقال فى هذه الحكومة المحكومة بهذه الآيات القرآنية، أنها الحكومة التى لمصلحة المحكومين، لا لمصلحة الحاكمين.. يُطاع الحاكم ما أطاع الله، فإن لم يطعه فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق..

« أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنكُمْ » ( النساء ٥٩ )

« وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ » ( النساء ٥٨ )

ويرى الأستاذ العقاد أن كل أركان حكم الأمة قائم فى هذه الحكومة التى أرسى القرآن مبادئها.

ولا يفوت المتمعن، أن الأستاذ العقاد أفصح عن أن الحكومة التى وصفها القرآن، هى حكومة توافق الحكومات العصرية، وأن سمتها البارز هو الديمقراطية، وتدار على مبدأ الشورى والمساواة، ولمصلحة المحكومين، ورفض السيطرة الفردية أو الاستبداد.

وهو بذلك يؤصل أن هذه الحكومة ليست حكومة ثيوقراطية تحكم باسم الإله، أو تدعى أنها ظله فى الأرض، وقد رأينا فى مقالة له عن « حكومة النبى وخلفائه »، إفصاحه عن أن حكومة النبى عليه السلام وخلفائه الراشدين لم تكن حكومة « ثيوقراطية »، أى حكومة يستأثر بها رجال الدين أو طائفة من الرهبان والأحبار، ولا تشارك فيها الأمة برأى، وإنما الحكم فى الإسلام حق لجميع المسلمين، يتولاه الأكفأ الصالح له الذى تتفق الجمهرة على صلاحيته للحكم.

هذا وليس رفض « الثيوقراطية » والانحياز إلى حكومة مدنية خروجًا عن الإسلام، وإنما رفض للحكومة الدينية التى ترى أنها تحكم باسم الله، وأنها ظله فى الأرض، تتحدث بمشيئته وتعمل بإرادته كما أبدى أبو جعفر المنصور صراحة فى إحدى خطبه، أما الحكومة المدنية فإنها لا تنسلخ من الإسلام، وتطبق أحكامه ومبادئه المنظمة للحياة دون أن تتماحك بأنها تحكم باسم الله أو أنها ظل الله فى الأرض، وعلى العكس من هذا النظر« الثيوقراطى » بدأ أبو بكر خلافته بخطبة قال مما قاله فيها: « قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى، وإن صَدفت ( أى حدت ) فقومونى ».

وقال عمر بن الخطاب فى أول حديث له بعد مبايعته: « أيها الناس ! ما أنا إلا رجل منكم، ولولا أنى كرهت أن أردَّ أمر خليفة رسول الله ـ ما تقلدت أمركم »، وعاد فقال فى اليوم الثالث لولايته: « ولكم علىّ ألا أجتبى شيئًا من خراجكم ولا ما أفاء الله عليكم إلا من وجهه، ولكم علىّ إذا وقع فى يدى ألا يخرج منى إلا بحقه.. فاتقوا الله، وأعينونى على أنفسكم بكفها عنى ! وأعينونى على نفسى بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وإحضارى النصيحة فيما وليت من أمركم ».

عود على بدء

لقد ألممنا إلمامة سريعة بما قاله الشيخ على عبد الرازق فى الإسلام وأصول الحكم وقلب عليه الدنيا من نحو قرن، وعادت فاتسعت له عقول وآراء بعد سنين، وبما قاله الأستاذ الدكتور عبد الرازق السنهورى فى فقه الخلافة، والذى لم يمنعه تشيعه لها من أن يصف ما بعد الخلفاء الراشدين بأنه « خلافة ناقصة » لأنها لم تطبق المبادئ التى أوردها القرآن والسنة فى شأن الحكم.

ولا أحسب أننا فى تلمس ورؤية طريقنا إلى الله وإلى طاعته والتزام أوامره ونواهيه ـ بحاجة إلى كل هذا التنظير، وحسبنا أن المبادئ التى يتعين التزامها فى الحكم، مبادئ واضحة جليّة فى عشر آيات قرآنية، وفى السنة الشريفة التى لم تخالف الكتاب المبين. وأن ما التزمها كان فى الطريق إلى الله وعلى أحكامه وشريعته، وأن ما خالفها أو ناقضها أو تحايل عليها ـ ليس من الدين فى شىء، وإنما هو بمعزل عن الطريق الواضح الجلى إلى الله عز وجل.

وواضح أن الإسلام قرآنًا وسنةً، قد اكتفى بهذه المبادئ العامة، وهى تصلح للحكم والحكومة والحاكم، وتصلح للحياة العامة وما تستلزمه الحياة الخاصة أيضًا.

بيد أنه لم يرد فى القرآن الكريم، ولا فى السنة النبوية، إلزام بشكل ونظام حكومة معينة، ولو أراد الله تعالى أن يلزم المسلمين بشكل ونظام وحكم بعينه، لنص عليه فى القرآن المجيد، وهو سبحانه القائل عنه فيه: « مَّا فَرَّطْنَا فِى الكِتَابِ مِن شَيْءٍ »(الأنعام ٣٨)، ولازم ذلك أن خلو القرآن من تحديد شكل ونظام معين للحكم، أن إرادة الله تعالى لم تشأ ذلك، وإلاَّ لنصت عليه.

ولو كان النبى عليه الصلاة والسلام، أراد شيئًا من ذلك، لتحدث به حديثًا صريحًا محددًا، ولو كان يريد استخلافًا فى شكل خليفة وخلافة ـ لأمر بذلك، ولو كان قد أراد أن يستخلف أحدًا بعينه، ما حجزه عن ذلك حاجز ولا حائل، ولكنه عليه الصلاة والسلام فارق إلى ربه، دون أن يستخلف أحدًا، ودون أن يعين أو يحدد خلافة، ودون أن يرسم أى شكل ونظام للحكم على المسلمين أتباعه والالتزام به.

نحن إذن أمام مبادئ عامة، تصلح للحكم ولغير الحكم، ويصلح بها حال الحكم وغير الحكم، ولا يحتاج الأمر كذلك إلى دخول المعترك الذى اختلف فيه العلماء هل الخلافة ـ بالذات ـ أصل أم لا من أصول الحكم فى الإسلام.

فما دام الإسلام لم يحدد صورة معينة لشكل ونظام الحكم والحكومة، فإن الاجتهاد فى ذلك وارد، شريطة أن يلتزم الحاكم والحكومة بالمبادئ التى نص عليها القرآن الحكيم وعاضدتها السنة الشريفة.

فأى نظام من أنظمة الحكم، مرهون جوازه باتباع المبادئ التى أوجبها الإسلام قرآنًا وسنة.

* * *

ولسنا بحاجة، من قبل ومن بعد، إلى تأكيد أن أنظمة الحكم التى طالعناها فى الدولة الأموية، وفى الدولة العباسية، وما تفرع منها أو وازاها، وفى الدولة العثمانية ـ لا علاقة لها بالإسلام ومبادئه وأحكامه، لا من قريب ولا من بعيد، بل وأن ممارساتها، والدماء التى أراقتها على جدار السلطة، كان مخالفةً صريحةً وصارخة للإسلام البرىء براءة تامة من هذه الدماء، ومن هذه الممارسات الضالة الضريرة !!! ( انتهى )

 

    Egypt Air