الأربعاء 27 نوفمبر 2024

المصور

«باب البحر».. «شارع حلاوة المولد»

  • 3-11-2020 | 17:23

طباعة

لسنوات طويلة ظل الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، واحدًا من أهم الاحتفالات التى يهتم المصريون بجميع تفاصيلها، وزادت حالة الاهتمام تلك منذ العصر الفاطمى، الذى استطاع أن يربط بين احتفالات المولد النبوي، وأنواع مختلفة من الحلوي، وبمرور السنوات بدأت هذه الأنواع تتطور شيئا فشيئا، وأصبحت «العروسة والحصان الحلاوة» واحدة من أبرز مظاهر الاحتفال بـ«المولد»، هذا إلى جانب أنواع كثيرة من الحلويات التى لا تزال تحتفظ بها ذاكرة الشارع المصري، ولا تزال هناك أماكن تنتظر «موسم المولد» لتشغيل ماكيناتها و«أسطواتها» لصناعة «العروسة والحصان» وغيرهما.

شارع «باب البحر» واحدًا من أشهر الأماكن التى لا تزال تحتفظ بـ«سر صنعة حلاوة المولد»، فإلى جانب الشهرة التاريخية التى يتمتع بها الشارع، فإنه أيضا يشتهر كونه أحد أهم الأماكن التى تضم مصانع صناعة حلوى المولد النبوى الشريف، ومن هذا المنطلق أجرت «المصور» جولة داخله، لتستمع إلى حكايات «أسطوات الصنعة»، الذين لا يزالون يتناقلون أسرارها جيلًا بعد جيل، محتفظين لأنفسهم بـ«سر الصنعة»، ومتمسكين فى الوقت ذاته بالحلوى التقليدية مع إضافة «نكهة عصرية» إليها.

إلى جانب أماكن صناعة حلوى المولد النبوى الشريف، يكتظ شارع «باب البحر» بالباعة الجائلين، الذى ينادون على بضاعتهم المقتصرة فقط على «حلاوة المولد» بطرق شتى، وكل واحد منهم يحاول أن يجذب زبون إليه، مستخدمًا الزينة التى يزين بها عربته، أو متحدثًا عن جودة «الحلاوة» التى يعرضها للبيع.

وترجع تسمية شارع «باب البحر» بهذا الاسم، نسبة إلى العارف بالله محمد البحر، وهو فى الأصل من الشام، عندما جاء إلى القاهرة ومكث فى أحد المساجد وبدأ فى إعطاء دروس للناس، أصبح هناك مقام فى هذا المكان، ويتميز الشارع بتواجد العديد من المصانع والمحلات المتخصصة فى صناعة وبيع حلاوة المولد سواء جملة أو قطاعى، حيث يعتبر قبلة لجميع التجار والمواطنين لشراء حلاوة المولد والعروسة الحلاوة بأسعار مخفضة وجودة فوق الممتازة.

مؤسسة البرج «بج بن»

فى شارع باب البحر وفى وسط إقبال متوسط من الزبائن رغم من انخفاض أسعار حلاوة المولد عن العام الماضى بنسبة ٣٠ ٪ ومن أمام أقدم مصنع لصناعة حلاوة المولد فى القاهرة «مصنع بج بن.. مؤسسة البرج» لصاحبه الحاج أحمد فؤاد، أحد أقدم مصانع إنتاج حلويات المولد بشارع باب البحر والقاهرة عموما حيث أنشئ المصنع عام ١٩٥٢ ومنذ ذاك التاريخ ولا يمر عام إلا وينتج «البرج» أفضل أنواع الحلوى التى تعد مظهرا أساسيا من مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، فهو الذى بدأ فى تعليم غيره صناعة حلاوة المولد اليدوية، وقبل اختراع ماكينات لصناعتها وتقطيعها.

«يا بركة الصلاة على النبي.. اشترى منى أحلى حلاوة مولد.. مجرد ما تأكلها تدوب على لسانك من حلاوتها.. صلوا على النبي».. بطريقة خاصة يعلو صوت محمد حسين، المسئول عن أقدم مصنع لصناعة حلاوة المولد فى القاهرة، عند الحديث عن «منتجات المصنع»، وقال: تمر عملية صناعة حلوى المولد بخمسة مراحل طبيعة كل مرحلة تختلف عن غيرها، تبدأ المرحلة الأولى بصناعة «الشربات» حيث يتم إذابة السكر مع المياه فى إناء نحاسى كبير يتم وضعه على النار وتقليبه جيدًا حتى يصل إلى قوام السائل اللزج، ثم يتم وضعه على المكسرات بمختلف أنواعها، وهناك مرحلة تمر بها المكسرات وهى مرحلة التحميص والتقشير باستخدام منخل قبل وضع «الشربات» عليها، ثم نأتى إلى مرحلة التصنيع والتقطيع بواسطة السكين، ويتم تجفيف القوالب بعد وضع الشربات على المكسرات ثم تقطيعها بواسطة «مكن السكاكين» ثم تجرى تهويتها على طولات خشبية فى الهواء حتى تتماسك كقوالب صغيرة.

وأضاف: ننتقل بعد ذلك لمرحلة التغليف، حيث توضع القوالب فى مكان مغلق بعيد عن أى مصدر للتلوث، يتم وضع كل قطعة صغيرة فى ورق التغليف ثم وضعها داخل الكراتين لتصبح جاهزة للنقل، لكن صناعة الملبن تختلف كليًا عن صناعة «النواشف» نظرًا لتعدد أنواعه واختلاف طريقة صنعه، فهناك ملبن «حبل عين الجمل» وملبن ـ«الدومية»، والملبن السادة، والملبن المحشو بالمكسرات.

مصنع حلويات «الفنار»

من جانبه، وبنبرة لم تخل من فخر، قال الحاج عزوز جمال، صاحب مصنع «الفنار» لإنتاج وتصنيع حلوى المولد النبوى الشريف: «ورثت الشغلانة من أجدادى.. إحنا أصل الصنعة، وعائلتى مرتبطة بهذه الصناعة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ونصنع أكثر من ٧٠ صنف من حلاوة المولد، كما أننا نعتمد على كافة أنواع الياميش والتى تدخل ضمن مكونات إنتاج حلوى المولد.

وعن طريقة صنع الحلوى قال «عزوز: جميع الحلويات التى يدخل الملبن كمكون أساسى بها يخصص لها خط إنتاج يُعرف باسم «ريشة ملبن»، حيث يخلط السكر مع العسل ويترك حتى يصبح خليطا متجانسا ليتم تزيينه بمختلف أنواع المكسرات كالبندق والفسدق وعين الجمل يدويا، فى حين أن الحلويات الأخرى كالسمسمية والفولية والحمصية يخصص لهم خط آلى لإنتاجه، يتكون من توست نحاس ومِكَبّ ومقص آلى، حيث يوضع الحمص أو الفول فى التوست النحاس لخلطه مع الحلاوة، وبعد ذلك يمر بالمكب لتبييض الحلاوة وتمر أخيرًا بالمقص، حيث يتم تقطيعها آليا لأشكال دائرية أو مستطيلة ثم تأتى المرحلة الأخيرة وهى مرحلة التغليف عبر ماكينات مخصصة لها وتخرج لنا فى الأخير السمسمية والفولية والحمصية التى لها مذاق يرتبط مع أذهان المصريين بتلك المناسبة الكريمة.

وكشف «عزوز» أن الطلب على «العروسة والحصان» يعتبر شبه منعدم من جانب الأجيال الحالية، لذلك تفضل غالبية المصانع عدم إنتاجها، كما أن الصناعة دخلت عليها تعديلات كثيرة، فالماكينات المستخدمة حاليًا تعمل «فورم» أو أشكال بطريقة آلية وسهلة كان من الصعب أن يتم إنتاجها قديما بالاعتماد على الطرق اليدوية.

كما أشار إلى أن «عائلته بالكامل تسكن بجوار المصنع، لذلك فإن جميع شباب العائلة يشتركون خلال الموسم فى العمل داخل المصنع على خطوط الإنتاج المختلفة، وبذلك تنتقل الصنعة عبر مختلف أجيال العائلة».

ونفى «عزوز» وجود أية صعوبات تواجه «صناعة الحلوي» هذا العام، فى ظل انخفاض الأسعار عن العام الماضى، الذى شهد ارتفاع كبير فى أسعار «الياميش»، غير أنه سرعان ما عادت الأمور إلى طبيعتها، ورغم هذا لا يزال الإقبال على شراء حلوى المولد فى المتوسط، لا سيما أنه جاء متزامنًا مع بدء موسم الدراسة الذى يثقل كاهل الأسر المصرية بأعباء ثقيلة.

وأوضح «عزوز» أنه هناك بعض الشركات الكبرى والمؤسسات تقوم بشراء كميات من حلويات المولد سنويا مع تقسيط ثمنها على دفعات خلال العام، وذلك كنوع من المشاركة لإدخال الفرحة على العاملين فى تلك الشركات والمؤسسات ويبلغ متوسط سعر العلبة حوالى «١٢٠جنها»، كما يتم توريد كميات من حلوى المولد لتجار فى محافظات الصعيد، خاصة الأقصر وأسوان، لأن السائحين الأجانب والعرب يقبلون على شراؤها خلال فترات تواجدهم هناك.

وأضاف: المصنع يعمل فى موسم المولد النبوى الشريف فقط، وذلك بعد انحسار العادات القديمة والمناسبات الأخرى كطلعة رجب والنصف من شعبان وليلة الإسراء والمعراج ويوم عاشوراء، وأصبحت الاحتفالات بهذه المناسبات تتم فقط فى القرى، كما أنه هناك زبائن مسيحيون دائمو التردد على المصنع خلال تلك المناسبة كل عام وقد ورثوا هذه العادات عن أجدادهم.

وشدد «عزوز» على أن المواطن المصرى البسيط بطبعه يميل إل الحلويات التقليدية كالسمسمية والحمصية والفولية وغيرها، ولا يثير إعجابه أو تلفت نظره الحلوى المستحدثة منذ سنوات قليلة كـ«المارشيميلو» وغيرها.

«العروسة البلاستك» تهزم «الحلاوة»

«العروسة الحلاوة».. واحدة من أبرز مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، غير أنه مع دخول أنواع جديدة من العرائس «البلاستيك» إلى السوق، تراجعت معدلات تصنيع العروسة «الحلاوة»، ولم يتبق سوى مصنع واحد ينتجها، وهو مصنع «العربي»، الذى لا يزال صاحبه محمد العربى متمسكًا بصناعة «العروسة والحصان الحلاوة».

وقال «العربى»: «الصنعة بتاعتنا دى مبقاش فيها أيدى عاملة كثيرة ولكن محتاجهة تعلم هذه المهنة اليدوية فأنا ورثت المهنة أبا عن جد، ويتراوح سعر العروسة والحصان الحلاوة الصغير من ١٠ جنيهات حتى ٤٠ جنيها للعروسة الكبيرة، وسعر العروسة الكبيرة بدون زينة يكون ٣٠ جنيهًا فقط».

على الجانب الآخر قالت عايدة عبد الحميد، صاحبة محل لبيع «العروسة البلاستيك» فى «باب البحر»: أصبحت عروسة المولد البلاستيك مظهر فى غاية الأهمية للاحتفال بمولد النبي، وذلك لأنها تجعل من المولد موسم هدايا المخطوبين والمرتبطين، فأصبح وجودها ضروريا جانب علبة حلاوة المولد، لذلك تطورت صناعة عروسة المولد البلاستيك وتحولت من مجرد عروسة بفستان ملون إلى عروسة مولد مزينة بالعديد من الكلمات الرومانسية، لتصبح بذلك شكلا جديدا من أشكال الاحتفال بالمولد للمخطوبين.

يتميز الشارع بتواجد العديد من المصانع والمحلات المتخصصة فى صناعة وبيع حلاوة المولد سواء جملة أو قطاعى، حيث يعتبر قبلة لجميع التجار والمواطنين لشراء حلاوة المولد والعروسة الحلاوة بأسعار مخفضة وجودة فوق الممتازة

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة