الإثنين 10 يونيو 2024

الثلاثون من يونيه ثورة ضد الفاشية الدينية دفاعاً عن الهوية وعن الوطن

فن3-11-2020 | 21:09

حديث الرئيس السيسى مع ممثلى الإعلام الألمانى فى 3 يونيه 2015 خلال زيارته التاريخية لألمانيا ولقائه مع الرئيس الاتحادى والمستشارة ميركيل، ثم اجتماعه مع رموز الصناعة والأعمال والشركات وكبار المستثمرين فى هذه الدولة الرائدة لاقتصاديات وسياسات الاتحاد الأوربي،    تمثل اعترافاً صريحاً بأن مصر ليست مجرد دولة عربية شرق أوسطية بل وهى عن حق كما وُصفت بأنها دولة محورية وحيوية على مستوى الإقليم، كما أنها شريك لا غنى عنه لمن كان يسعى إلى الاستقرار والأمن وتحقيق معادلة السلام والتنمية، ولضمان المصالح القومية المصرية فى المقام الأول والمصالح الغربية والسلام مع إسرائيل فى إطار متكامل من السياسة الخارجية المصرية.

الرئيس السيسى استخدم وبشكل واضح القصد والهدف مصطلح غاية فى الدقة والتوفيق ليصف حقيقة ما حدث فى الثلاثين من يونيه2013 التى ظلت مثاراً للجدل والخلاف على الصعيد الألمانى وبعض الدوائر الغربية إلى عهد قريب، حتى جاء الرئيس السيسى بتعبير "الفاشية الدينية" التى خرج الشعب المصرى بعشرات الملايين ليتصدى لها إنقاذا لمصر والمنطقة كلها من مصير دولة فاشلة منهارة تحيطها من الغرب والشمال الشرقى والمشرق العربى وجنوب شبه الجزيرة العربية، من مستنقع الحرب الأهلية والطائفية الذى يهدد النظام العربى كله.

 

اصطلاح "الفاشية الدينية" الذى استخدمه الرئيس السيسى وبذكاء واضح لمخاطبة العقلية الغربية، أثار كل مخزون ذكريات الأحداث التى أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية مع نشوء تيارات الفاشية الدينية فى "ألمانيا هيتلر" وفى "إيطاليا موسوليني"، وفى "أسبانيا فرانكو" وفى العديد من نظم الحكم فى أمريكا اللاتينية فى ثلاثينيات القرن الماضى.

وباختصار، ودون محاولات تنظير مطولة، نقول إن خيارات الشعب المصرى منذ بدايات عصر التنوير فى منتصف القرن التاسع عشر هى خيارات الدولة المدنية التى تؤسس لدولة القانون وترفض الدعاوى والتيارات المتطرفة، كما ترفض بالفطرة والخبرات المتراكمة مجرد الحديث عن الفاشية أو الدولة الدينية.

أما الدول التى تقوم على فلسفة الفاشية الدينية، فهى تلك التى تعتمد على التلاعب بالمشاعر الدينية وتعمل على غرس الأفكار التى تدعو للحكم الإلهى أو ما يُوصف بالحكم "الثيوقراطي" التى كان يمكن أن تعود بمصر إلى عصور الظلام، إلا أن خروج ملايين المصريين للشارع فى الثلاثين من يونيه 2013 للإطاحة بالحكم الإخوانى "الثيوقراطي" فقد كان انتصاراً ودحراً لفكرة الفاشية الدينية التى كادت مصر تقع فى هاويتها.

ممارسات الإخوان المسلمين منذ ثلاثينيات القرن الماضى وعبر تاريخهم الممتد لأكثر من ثمانين عاما، اعتمدت نفس الأساليب التى طبقتها الفاشية الدينية وألمانيا "هيتلر" وإيطاليا "موسوليني" بالوصول للحكم أو لمحاولة تزوير الإرادة الشعبية والوصول لسدة الحكم عبر وسائل أو مناهج شبه ديمقراطية ثم وبنفس هذه الوسائل شبه الديمقراطية الارتداد إلى أكثر أساليب الحكم الاستبدادية والشمولية شراسة وانحطاطاً.

الصراع بين القوى المدنية الليبرالية الداعية لمصر الديمقراطية المدنية مقابل الدولة القائمة على الفكر الفاشى الدينى لم يكن صراعاً على الحكم فحسب، بل كان صراعاً حول الهوية الوطنية لمصر، وحول تراثها وثقافتها الموروثة عبر عصور من التزاوج بين الحضارات، حضارات الشرق القديم والشرق المتوسطى والشرق العربى والحضارة الإسلامية بكل روافدها وفروعها، إلى أن شهدت تلك الحقبة الظلامية التى حاولت – ثم باءت بالفشل- تدمير هذا التراث وتلك الهوية، لكن درجة "المناعة" فى الشخصية الوطنية المصرية كانت من القوة بحيث دفعت ملايين المصريين للخروج دفاعاً عن تلك الهوية.

كذلك فى قلب أوربا الغربية، ألمانيا، – كان الرئيس السيسى يخاطب عقولها ومفكريها فى حديثه خلال المؤتمر الصحفى فإذا به يسترجع فى إشاراته للفاشية الدينية كل الفلسفات المرفوضة منذ قرون مضت فى أوربا منذ عصور النهضة، وهى الخلط بين الدين والدولة بعد أن استقرت أوربا المعاصرة ومجتمعاتها الحديثة على الفصل بين الكنيسة وبين الدولة أو بين الدين والدولة وإعلاء شأن العقل والعلم.

الموقف المصرى فى وضوحه وحسمه فى رفض فلسفات الخلط بين الدين والدولة ومحاولات تشويه الهوية المصرية، يقف موقف التساؤل لاتجاهات بعض وسائل الإعلام الغربي، ومن بينها الإعلام الألمانى والأمريكى الذى لم يزل يتجاهل فى أحيان غير قليلة أعمال العنف والإرهاب التى ترتكبها "التنظيمات الإسلامية" الفاشية لترويع وإرهاب المواطنين وتهديد الدولة وزعزعة أركانها، خاصة أنها فى مصر تصر بقوة على إقامة حكومة مدنية دون المساس بطابعها القومى أو هويتها الوطنية.

 

"الفاشية الدينية" فى تعريفات كثير من علماء السياسة وتاريخ الفكر السياسى تعتمد على نظام الشمولية الدينية والنظام الاستبدادى الذى كان يعمل على أن يسود مصر مناخ من الاضطراب والفوضى والعنف الذى يتستر وراء الدين أو تحت مظلة الدين. وقد اعتمدت هذه "الفاشية الدينية" التى دفعت مصر ثمناً باهظاً لممارساتها، ولم تزل، أساليب الحرق لدور العبادة والكنائس والمساجد والمتاحف، وكلها وعاء للفكر والثقافة والتراث الحضارى المصرى، بل وعلى إحراق المكتبات كما فعل المغول فى حرق مكتبة بغداد فى العصور والإسلامية الزاهرة، وكما شهدنا فى حرق المجمع العلمى المصرى بكنوزه الثقافية، وكلها ارتكبت باسم الدين وتحت عباءة الدين، وهى ليست إلا مرآة تكشف الوجه القبيح "للفاشية الدينية" التى رأينا بعض صورها فى أكثر مناطق العالم تخلفاً ورجعية فى آسيا الوسطى بتحطيم التماثيل التى هى تراث للإنسانية عبر التاريخ.

هذه "الفاشية الدينية" مزجت بين تيارين من الفلسفة، تيار الفاشية ذاتها، أى احتكار السلطة أو الانفراد بالسلطة وبقوة الاستبداد، وتيار الأصولية أى التطرف أو الفكر اليمينى شديد التطرف من ناحية ثانية، وهى تيارات عادة ما تمتلك إلى جانب السلطة والقوة، تمتلك المال والأجندات الخاصة لها تطبقها يوماً بعد يوم ولعل أولى خصائص تلك "الفاشية الدينية" فى تفسيرات كثير من علماء الفكر السياسى، هى السياسة الشمولية أو الاستبداد المطلق على أساس الدين باستخدام العنف والقتل واللجوء بشكل دائم إلى لغة منحرفة للخطاب الدينى الحماسى على لسان قادة الحكم وأدواته، وثانياً تطبيق السياسات السلطوية والعدوانية فى مواجهة الشعب والمواطن وتطبيق المفاهيم الطائفية على حساب مفاهيم التعددية والمواطنة.

كذلك تلجأ سياسات هذه "الفاشية الدينية" إلى تزوير الانتخابات واستخدام التشريعات للسيطرة على عملية التصويت وفرض الرقابة على وسائل الإعلام، بل واللجوء إلى أساليب القمع والتعذيب والقهر والمطاردة ضد أدنى محاولات المعارضة والتعبير الحر عن الرأى.

هذا اليمين الدينى المتطرف (الفاشية الدينية) أخطر ما يستهدف هو هدم نظم الحكم القائمة ونسف المؤسسات الديمقراطية وخلق مناخ من الفوضى لزعزعة أركان الدولة وفقدان هيبتها، أما محور استراتيجية "الفاشية الدينية" فهو ممارسات الإرهاب لإشعار المواطن بعجز الحكومة عن توفير الأمان ثم طرح "الفاشية الدينية" على أنها "البديل القوى" دون أدنى اهتمام بالوسائل الديمقراطية.

السؤال المطروح، بعد أن أثار استخدام الرئيس السيسى لهذا التعبير الموجز إيجازاً شديداً (الفاشية الدينية) بكل هذه المعانى، ماذا كان يمكن أن يحدث لو لم يقم الشعب المصرى بالتصدى لهذا كله بالثورة الثانية فى 30 يونيو 2013 ؟

الحل فى تقدير القيادة المصرية، وفى تقدير الكثير من المراقبين بعد مرور أكثر من عام على سقوط "الفاشية الدينية" فى مصر هو شن حرب مضادة لمكافحة الإرهاب الفاشستى وبشتى الطرق، فهى حرب ضد "الفاشية الدينية" التى تحاول أن تغرس بذور الشر فى الجبهة الشرقية لمصر (شبه جزيرة سيناء) وزرع تنظيمات راديكالية فاشية تابعة ومتفرعة عن تنظيم القاعدة، والتنظيم الأم (وهو حركة الإخوان المسلمين) وحركة حماس ومسميات مختلفة أخرى وشخصيات تختبئ وراء ستار الدين.

هذه الاستراتيجية، أى استراتيجية مكافحة الإرهاب أو التحالف ضد الإرهاب، سواء كان تحالفاً عربياً أو إقليمياً أو دولياً، هى لغة الخطاب الواقعى والجديد التى تخاطب به اليوم القيادة المصرية ساسة أوربا وإعلامها ومفكريها، وأغلب التقدير أن الدعوة للتصدى "للإرهاب الدولى" تلقى دعماً واضحاً أدبياً ومادياً من كثير من دول العالم الغربى، ومن دول الشرق الصاعدة مثل الصين وروسيا وغيرهما.

أما على الصعيد الألمانى بصفة خاصة، وهى الدائرة التى تمت على أرضها أحاديث وحوارات الرئيس السيسى، فإنه كان يتحتم منذ البداية التركيز على الوجود الإخوانى القديم والراسخ على التراب الألمانى، هذا الوجود لم يكن بالظاهرة الجديدة بل يعود إلى عقود مضت وهى تربط فى تركيبها وعناصرها أفكاراً تنتمى للنازية والتنظيم النازى (على قدر كراهية الألمان لهذه الكلمة)،    كما أنها تنتمى إلى ترتيبات واتصالات الأجهزة الاستخباراتية مثل الـCIA  وهى المخابرات المركزية الأمريكية، كما تؤكد الوثائق السرية التى قدمها الصحفى الأمريكى "إيان جونسون" فى كتابه الكاشف عن حقائق كثيرة ومثيرة تحت عنوان "المسجد فى ميونخ" (إيان جونسون صحفى فى الوول ستريت جورنال كشف عن هذه الوثائق فى مطلع عام 2011، عام اندلاع ثورة 25 يناير فى مصر- كما أكدها الباحث "جيدو سلاينبرج" فى مؤلفه الشامل "الغرب والمسلمون فى أوربا-حركة الإخوان المسلمين).

 

هذه التنظيمات الإخوانية فى "المسجد فى ميونيخ" استخدمتها الولايات المتحدة فى الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتى بدعوى مقاومة الإلحاد ومكافحة الشيوعية، وفى الحرب ضد الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان فى عام 1979. هذا الوجود الإخوانى فى ألمانيا (انطلق من مسجد ميونيخ) وهو المركز الذى كان يضم مجموعة من المسلمين السوفيت الذين هربوا من ساحة الحرب إلى ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية وانضموا إلى جهاز الدعاية المناهض للسوفيت.

ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة، اتجهت كل من المخابرات الألمانية والمخابرات الأمريكية للسيطرة على عدد من العناصر الإسلامية واستخدامها لتحقيق مآربها السياسية ضد المعسكر الآخر، وهذا المسجد (ميونيخ) كان يمثل البؤرة للنشاط الإسلامى الراديكالى فى ألمانيا ورأس الحرب فى أوربا والغرب عموماً (حيث لجأ إليه قادة الإخوان الأوائل الهاربون من مصر مثل سعيد رمضان- زوج ابنة حسن البنا مؤسس الجماعة).

وفى ألمانيا التى تضم أكثر من ثلاثة ملايين مُسلم، جزء كبير منهم من الأتراك، ومن الهاربين من نظم الحكم الشمولية فى الشرق الأوسط، خاصة إيران وغيرها، كان الفائز فى ذلك كله تنظيم الإخوان المسلمين الذى كان بمثابة الإطار الجامع لأكثر الجماعات الإرهابية تطرفاً فكراً وممارسة، كما وصفها "إيان جونسن"، خاصة أنها كما سبق القول، وراء تنظيم القاعدة وتنظيم حماس.

 

هذا الوجود الرمزى لمسجد أو مركز إسلامى فى مدينة "ميونيخ" كان نموذجاً حياً لعلاقة العمل المستمرة بالاستخبارات الأمريكية والألمانية وبين جماعة الإخوان المسلمين، وهى العلاقة التى انتهت نهاية مأسوية فى نهاية المطاف بنسف البرجين فى مدينة نيويورك فى الحادى عشر من سبتمبر 2001 (ثم بقتل أسامة بن لادن) بعد عقد من الزمن.

أما فى الوقت الراهن – أى بعد ثورات الربيع العربي- وهى تمثل المرحلة الأخيرة أو شبه الأخيرة فى تعامل ألمانيا مع ظاهرة أو مع وجود الإخوان المسلمين وتنظيماتهم فى مدنها بعد انتشارها انتشاراً واسعاً فى مدن كبرى مثل "فرانكفورت" و"شتوتجارت" و"هامبورج" و"كولونيا"، أن قوة الإخوان المسلمين – مقارنة بالقوة السياسية الأخرى- قد تكون الأكثر تنظيماً والأقرب إلى الاعتدال (من وجهة نظرها) ومن ثم بدأت فيما يُسمى بالتعامل الحذر Cautious Engagement معها لعلها تكون القادرة على تولى مقاليد الحكم وتطبيق سياسات يسودها "الاعتدال" والتقارب مع الغرب والفكر الغربى وتحقيق مصالحه فى الدفاع عنها خاصة أنها قد نشأت فى أحضان أجهزة استخباراته.

هذا هو الخطأ الاستراتيجى فى التقديرات والحسابات الغربية عن قصد أو عن غير قصد، لأن الوثائق والحقائق والوقائع تتحدث عن نفسها، فإما أن أجهزة الاستخبارات ترى الظاهرة وهى تستخدم أساليب هدم النظام السياسى والعربي، ونظام الدولة القومية فى دول مثل العراق، ومثل سوريا أو مثل اليمن حالياً، وتحاول فرض نموذج الدولة الطائفية القائم على العرق والمذهب دون أدنى اعتبار لمفهوم الدولة القومية الذى هو أساس النظام السياسى الحديث، وإما أن فلسفات (الفوضى الخلاقة) ثم إعادة البناء أو إعادة التقسيم للدول العربية على أسس جديدة بعد مرور فترة من الزمن، ومن ثم ترك الفوضى والاضطراب والانهيارات تتوالى فى نظم السياسة العربية واحداً بعد الآخر، إلى أن تنهار الخريطة الحالية ويُعاد رسم خريطة جديدة بموازين جديدة وقوى جديدة.

جاءت ثورة الثلاثين من يونيو دفاعاً عن "الهوية الوطنية لمصر" ودفاعاً عن الدولة المدنية الديمقراطية ورفضاً لدولة الفاشية الدينية لتنقلب كل هذه الموازين ويدافع عن مصر دفاعاً عن الوجود والهوية لا مجرد الدفاع عن الحدود أو الأمن القومى والمصالح الحيوية فحسب.

معركة مصر مع الفاشية الدينية هى معركة من أجل "الوجود" والاستمرارية كدولة ونظام ذو ملامح وخصائص توارثتها عبر آلاف السنين وسوف تحقق مصر النصر بإذن الله فى هذه المعركة الوجودية. وإذا كنا قد تحدثنا عن سياسة ألمانيا والإخوان، فإنه من المؤسف حقاً أن نقول إن إدارة الرئيس الأمريكى "أوباما"، فى تقدير الكثير من الكتاب والمحللين، لم تزل تحت أوهام إمكانية التعامل مع هذا التنظيم الإرهابى، وإن لم يكن هذا بغريب لثبوت علاقات الولايات المتحدة بالإخوان المسلمين منذ الخمسينيات حيث كونت ودعمت الولايات المتحدة تحالفاً مع الإخوان ومع توابعها فى عدة محاور أهمها مكافحة الشيوعية والحرب الباردة والنفوذ السوفيتى وتطويع الإخوان لخدمة أهداف واستراتيجيات الولايات المتحدة منذ عام 1979 بعد الثورة الإيرانية.

وكانت الولايات المتحدة قد أدركت منذ فترة قوة وتأثير العامل الدينى فى مواجهة الاتحاد السوفيتى (الملحد) حتى إن المخابرات المركزية الأمريكية وبالوثائق كانت تُصنف أحد أبرز قادة الإخوان فى الخمسينيات "سعيد رمضان" بأنه "فاشستى"، وأنه يعمل على جذب كل الطامعين فى القوة والسلطة وكانت تعامله على أنه عميل يعمل لحسابه.

وظلت سياسة الولايات المتحدة فى مرحلة ما بعد سبتمبر 2001 خاصة فى عهد "جورج بوش الابن" تدعم هذه الجماعة، رغم أنها استشعرت أنها تدعم الإرهاب، فى الوقت الذى كانت تخوض فيه الولايات المتحدة حرباً خاسرة فى البلاد الإسلامية (فى العراق وأفغانستان) وتواجه رأياً عاماً معادياً لها رافضاً لسياساتها.

طبقت الولايات المتحدة منذ عام 2005 (بداية فترة الولاية الثانية لبوش الابن) سياسات تقوم على التقارب مع الجماعات الإسلامية ووثيقة الصلة بالإخوان المسلمين على أساس أنها قد تكون حلقة وصل مع الجماعات الأكثر راديكالية مثل جماعات باريس ولندن وهامبورج ومدريد، حتى إن الولايات المتحدة سارت فى طريق التهدئة والتقارب مع الإخوان المسلمين بعد عام 2006 فنظمت لهم مؤتمراً فى بروكسل ضم بين جناحيه الإخوان المسلمين فى أوربا والمسلمين الأمريكيين، وذلك فى محاولة لطرح استراتيجية جديدة فى التعامل مع المنطقة.

وطبقاً لرواية الصحفى الأمريكى "جيمس لويس" (يعمل بالواشنطن بوست) فإن سياسة الرئيس الأمريكى "أوباما" كانت دعم سياسة الإخوان سراً، وقد وصف الكاتب هذه الجماعة بأنها جماعة فاشية راديكالية (تعود فى أصولها إلى الفترة النازية) وطبقاً لوثيقة سرية صادرة عن البيت الأبيض، أشار إليها هذا الكاتب (تُسمى بالوثيقة الاستراتيجية) فإن البيت الأبيض ينظر إلى تلك الجماعة "كبديل معتدل" عن الجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة، وكذلك تنظيم داعش.

 

الحقائق كاشفة والوثائق زاخرة بالأسرار المثيرة، ولكن الأجهزة الاستخباراتية لم تزل لها أجندات غير معلنة بالنسبة لمصر (كدولة قومية) وللمنطقة العربية التى تسعى لهدمها وإعادة تقسيمها أو حرمانها من أى نفوذ أو مصادر للقوة الشاملة، ومصر الدولة القومية التى لم تزل تقاوم وتدافع عن الهوية والوجود تتصدى بقوة شعبها ووعى قيادتها واصطفاف مواطنيها لكل محاولات الهدم للدولة والتشويه للهوية ولكل مخططات أجهزة الاستخبارات، بما فيها الاستخبارات الأمريكية التى يشهد أحد كبار جنرالاتها (الأدميرال جيمز ليونز) بأن الإخوان المسلمين قد اخترقوا أجهزة الاستخبارات الأمريكية، وتقول تقارير كثيرة إن هذا الاختراق قد وصل إلى البيت الأبيض وإلى دوائر صنع القرار بل مراكز الأبحاث ودوائر الإعلام.

الدفاع عن الهوية والوجود وعن التاريخ والمستقبل هى المهام المنوطة اليوم وغداً بالشعب والقيادة المصرية التى لم تزل فى خضم معركة الوجود حتى يتحقق الانتصار.

نقلا عن مجلة المصور


    الاكثر قراءة