الأحد 9 يونيو 2024

الديون الخارجية خطر يهدد إفريقيا

4-11-2020 | 14:26

أصبحت العائدات السالبة للديون مصدر قلق، حيث قدمت الصين قروضًا بمليارات الدولارات إلى البلدان النامية فى إفريقيا، لكن الآن، مع زيادة وتيرة مستويات الديون العالمية القياسية أصبحت البلدان معرضة لخطر التخلف عن السداد فى وقت تحتاج فيه حكومات الدول النامية والفقيرة إلى إنفاق مبالغ ضخمة فى سبيل الحفاظ على صحة مواطنيها بسبب جائحة كورونا.

تزيد أهمية الصين بشكل مطرد كمقرض غير رسمى فى العالم متجاوزة بذلك صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، حيث بلغت قروض الصين لبلدان إفريقيا ١٥٢ مليار دولار بين عامى ٢٠٠٠ و٢٠١٨، والتى تم إنفاق الكثير منها على مشاريع مبادرة الحزام والطريق الذى أصبح يُعرف لدى بعض الدول باسم «دبلوماسية فخ الديون»، حيث تقدم الصين الأموال بقصد الحصول على امتيازات سياسية أو اقتصادية فى حالة عدم سداد القرض.

حذرت إدارة ترامب مرارًا الدول الإفريقية من أن قبول القروض الصينية قد يؤدى إلى فقدانها السيطرة على الأصول الاستراتيجية. وحذرت من أن ميناء استراتيجيًا فى جيبوتي، الدولة الصغيرة الواقعة فى القرن الإفريقي، يمكن أن يخضع لنفس مصير ميناء سريلانكا، وهو احتمال نفته الحكومة هناك.

فى حالة تخلف أى دولة عن سداد ديونها، يُخشى أن ينشأ وضع مشابه للوضع فى سريلانكا، حيث لم تكن الحكومة قادرة على سداد أعباء الديون على الميناء. ثم تم تأجيره من قبل حكومة سريلانكا إلى الشركات الصينية بعقد إيجار لمدة ٩٩ عامًا.وقد أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من أن الصين يمكن أن تستخدم الميناء كقاعدة بحرية.

أصدرت زامبيا للتو تحذيرًا صارخًا بأنها على وشك التخلف عن سداد ديونها للدائنين الصينيين، حيث تمثل القروض الصينية ما يقرب من ربع الدين الخارجى للبلاد البالغ ١٢ مليار دولار وقالت كينيا أيضًا إنها ترغب فى إعادة التفاوض بشأن اتفاقية قرض بقيمة ٤.٥ مليار دولار مع الصين . وفى عام ٢٠١٥

حددت مبادرة الأبحاث الصينية- الإفريقية فى جامعة جون هوبكنز ١٧ دولة إفريقية تعتبر معرضة لمخاطر ديون الصين، وربما لن تتمكن من سداد قروضها والتزمت الصين بإعفاء ٧٧ دولة من بينها كينيا بموجب اتفاقية مجموعة العشرين الأخيرة لمساعدة الدول الفقيرة والنامية خلال الوباء، قالت كينيا بالفعل إنها لن تسعى إلى تخفيف عبء الديون خشية أن يضر بقدرتها على الاستفادة من أسواق رأس المال . ومع دفع وباء فيروس كورونا للبلدان الفقيرة والنامية إلى المزيد من الاقتراض، هناك مخاوف من زيادة ديون الصين على مثل هذه البلدان. وبرغم أن الصين قد ألغت القروض بدون فوائد لإفريقيا إلا أن القروض بدون فوائد تمثل أقل من ٥ فى المائة من إجمالى ديون إفريقيا.

عادت مستويات الديون إلى نسب مماثلة لتلك التى كانت موجودة قبل عملية الإلغاء الواسعة للديون فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين. أثر التوقف المفاجئ للاقتصاد العالمى بشدة على عائدات الاقتصاديات الناشئة ما تسبب فى انخفاض أسعار النفط والمواد الخام والنشاط السياحى.

وتزداد الأمور تعقيدًا بسبب حقيقة أن الديون التى تكبدتها البلدان الأفريقية ليست فقط على الشركات الصينية المملوكة للدولة ولكن أيضًا مع الشركات الصينية الخاصة العاملة فى القارة. فقد حدد الباحثون فى الجامعة أكثر من ثلاثين بنكًا وشركة صينية خاصة لديها قروض فى إفريقيا، وبعضها مقدم بأسعار تجارية، ولا يزال يتعين التفاوض حولها وفى الوقت الراهن وقع بنك التصدير والاستيراد الصينى بوصفه دائنا رسميا اتفاقات لتخفيف عبء الديون مع ١١ دولة إفريقية. وطلبت مجموعة العشرين من الشركات الخاصة الانضمام إلى جهود تخفيف الديون، حيث دعا البنك الدولى الصين إلى الضغط على الدائنين المحليين.

يرى المحللون الفكرة القائلة بأن الصين تتعمد إيقاع البلدان النامية بالديون مع العلم أنها ستقع فى ضائقة ديون ومعرفة أن ذلك سيسمح للصين بالاستيلاء على المشاريع التى تم إنشاؤها هناك مجرد هراء. ولا يوجد دليل على ذلك كله.وإنها أسطورة روجت لها مراكز الأبحاث الهندية وانتشرت فى الولايات المتحدة لأسباب سياسية بحتة، وهذا لا يحدث.

وكانت دول مجموعة العشرين الاقتصادية قد اتفقت على تعليق الديون للدولة الفقيرة وتجميد الديون للدول الأشد فقرا اعتبارا من مايو إلى نهاية العام الجارى ويمكن تمديده بسبب وباء فيروس كورونا المستجد، حيث تواجه ٤٠ فى المئة من الحكومات فى القارة مشاكل بعجزها عن سداد التزامات سداد الدين بحسب صندوق النقد. وقالت اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة إن الدول المصدرة للنفط مثل نيجيريا وأنجولا وهما من أكبر اقتصادات إفريقيا، يمكن أن تخسرا ما يصل إلى ٦٥ مليار دولار من الإيرادات مع انخفاض الأسعار وتوقف عائدات السياحة.

لذلك يرى الخبراء أن الدول الفقيرة تحتاج إلى خطة طويلة الأجل لإعادة هيكلة الديون إلى ما بعد الوباء. سيساعد تحرير مدفوعات الديون هذا العام على المدى القصير، لكن الآثار الاقتصادية والاجتماعية للفيروس ستستمر لفترة طويلة. ستواصل العديد من الدول الأكثر ضعفًا فى العالم الجهد من أجل تلبية تكاليف الديون المتصاعدة. على الأقل يجب تمديد تعليق الديون ليشمل عام ٢٠٢١ أيضًا. بعد ذلك، تحتاج إلى عملية إعادة هيكلة شاملة للديون والتى قد تنطوى على إلغاء الديون لبعض البلدان الأكثر فقرًا.

وبشكل عام وصل الدين العالمى العام والخاص إلى أعلى مستوى له على الإطلاق حيث وصل عند مستويات تاريخية بحسب صندوق النقد الدولى يساوى ٢٣٠ بالمئة من الناتج المحلى الإجمالى العالمى أى أكثر مما بلغ عقب الحرب العالمية الثانية وحذر الصندوق من تراكم الديون وزيادة أعباء الديون مما يعرض اقتصادات العالم للمخاطر أو التشديد المفاجئ للائتمان وحتى التخلف عن السداد .سوف تؤدى جائحة كورونا إلى موجة التخلف غير المنضبط عن سداد الديون السيادية وخاصة بين الاقتصادات الناشئة والنامية.حيث تواجه البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء أزمة اقتصادية غير مسبوقة مع إغلاق الشركات والأعمال وفقدان العمال وظائفهم وقد يؤدى ذلك إلى إحداث ضرر هائل طويل الأمد وسوف تتوقف عشرات الشركات عن العمل بشكل دائم ما لم يتخذ إجراء عاجل.