الخميس 13 يونيو 2024

الشباب والأطفال.. الآثار الجانبية لكوفيد 19

4-11-2020 | 14:34

فى الوقت الذى يخشى البعض من موجة ثانية من وباء كوفيد ١٩، ومن حجم الخسائر الصحية التى سيتسبب فيها من جديد، مازال البعض وعلى الأغلب الجميع يعانون من آثار الموجة الأولى، والأمر ليس صحيا فقط هذه المرة، بل يمتد إلى كل فروع الحياة.

فى أوربا ترك كوفيد ١٩ الملايين من الشباب بلا عمل، حيث أدت إجراءات الإغلاق إلى كارثة اقتصادية أدت إلى إغلاق بعض الصناعات والاقتصاديات الصغيرة بسبب الخسائر التى لحقت بها، حتى أن الكيانات الكبرى لم تنج من تلك الخسائر وهو الأمر الذى دفعها لتقليص نشاطاتها وعدد العاملين.

البريطانية ربييكا لى -٢٥ عاما- على سبيل المثال تقول لنيويورك تايمز أنها كانت تعمل مساعدة فى إحدى شركات الهندسة المعمارية لمدة عامين، قبل أزمة كوفيد، لكن بسبب ظروف الإغلاق، سرحتها الشركة مع بعض العاملين.

وصل الأمر بريبيكا أنها أرسلت سيرتها الذاتية إلى مئة مكان مختلف لكن دون جدوى، واضطرت فى النهاية إلى توقيع عقد عمل لشهرين مع جمعية خيرية، مقابل ١٠ جنيهات فى الساعة.

الأمر ليس فى بريطانيا وحدها بل فى العالم كله الذى يشهد أزمة اقتصادية خانقة أعقبت أزمة كوفيد ١٩، وأوربا على رأس القائمة، فقائمة الوظائف التى تستغرق سنوات لتزيد وتتسع لأكبر عدد من الشباب تهاوت فى أقل من شهرين، وازدادت نسبة البطالة لاسيما للشباب من سن ٢٥ فيما أقل، ووصلت من ١٤.٧ فى المئة فى يناير إلى ١٧.٦ فى المئة فى أغسطس وهى أعلى نسبة وصلت إليها منذ ٢٠١٧.

كما ازداد عدد العاطلين من هذه الفئة العمرية ووصل مرتين أكثر من البالغين، الأمر الذى ينذر بكارثة حقيقية، لاسيما أنهم ليسوا فى أوربا وحدها، بل فى أمريكا أيضا تعانى هذه الفئة، ويعانى الشباب أيضا فى الصين فى أعقاب جائحة كورونا، لكن بحسب منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية فإن هذه المشكلة تهدد هذا الجيل بالكامل فى القارة العجوز.

فهناك يكثر تمثيل الشباب فى القطاعات الضعيفة أو التى أوشكت على الاختفاء مثل قطاع الضيافة والسفر، بينما يواجهون منافسة شرسة فى القطاعات الأكثر استقرارا من الفئات العمرية الأكبر.

وبحسب الاقتصاديين فإن الأمر يزداد سوءا عندما تتقدم هذه الفئة فى العمر بعد ذلك، لأن ذلك يقلل من فرص العمل لأنهم لم يحددوا مشوارهم المهنى من البداية.

من جانبه يحاول الاتحاد الأوربى إيجاد حل لهذه الأزمة، حيث اتفق مع المستثمرين وأصحاب الأعمال على توظيف الصغار، لكن سرعان ما فشلت هذه الخطة بسبب الركود التى تعانى منه أوربا حاليا بسبب كوفيد، والذى يعد الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.

لذا يعانى العاملين الجدد الصغار لاسيما الذين لم يتلقوا تعليما عاليا منذ بداية الجائحة.

ومن إسبانيا يقول ألفارو كاستيلو -٢٥عاما- أنه استغرب كثيرا عندما كان فى مقابلة عمل فى أحد المحال التجارية فى امستردام، وطلب منه إثبات أنه لا يعيش مع أحد مصاب بكوفيد.. ويقول ألفارو حينها أدركت أن الأزمة بدأت. مما اضطره إلى العودة إلى مدريد والإقامة مع والديه، والبحث عن منحة عمل مقابل ٦٠٠ يورو فى الشهر.

فى بريطانيا يتنافس الشباب الواعد مع أصحاب الخبرات لا سيما بعد الأزمة التى تركت الكثير بدون عمل، فبات من المفضل صاحب الخبرات، إليسيا دافيس -٢٢ عاما- والحاصلة على ماجستير فى علم النفس اصطدمت بهذا الواقع الأليم عندما خرجت لسوق العمل فى بداية الوباء.

فعندما تقدمت لشغل وظيفة فى قسم الموارد البشرية فى لندن، علمت أن هناك ٨٠٠ شخص آخر متقدم لهذه الوظيفة، وعندما تأخر الرد اضطرت للعودة للعيش مع والديها.

و من إيطاليا ماريو بالمبو الذى خرج إلى سوق العمل فى سن ١٥ واعتاد أن يعمل فى أعمال صغيرة، لكنه كان دائم الشغف بالطبخ، وحصل بالفعل عل الفرصة للعمل كمساعد للشيف فى أحد المطاعم بعقد جزئى فى سبتمبر الماضي، لكن بعد الوباء لم يتم تجديد العقد وخسر ماريو فرصته من جديد.

الحال لا يختلف كثيرا فى باقى الدول الأوربية لا سيما فرنسا واليونان، بينما تتمتع ألمانيا بوضع مستقر نوعا ما لا سيما فيما يخص هذه الفئة، حيث تتراجع أعداد هذه الفئة بشكل ملحوظ هناك.

الجدير بالذكر أن تراجع أعداد الشباب والمواليد فى أوربا فى تراجع ملحوظ، ويلاحظ حاليا أنه بسبب الجائحة سيتراجع أعداد المواليد بصفة عامة فى أوربا والدول الغنية عموما، فى حين أن المفارقة تكمن فى أن العكس قد يحدث فى الدول الفقيرة.

ورغم أن هذه النتائج ليست مؤكدة، إلا أن النتائج الأولية تشير إلى ذلك فالفكر السائد فى الدول الغنية هو عدم الإقدام على إنجاب مواليد جدد فى ظل حالة عدم الاستقرار الاقتصادي التى سببها الفيروس.

وفى الوقت ذاته قد يحدث العكس فى البلاد الفقيرة، فى الهند على سبيل المثال، بعد قرر الإغلاق، عاد المئات من العمال إلى قراهم وزوجاتهم، وهو الأمر الذى سيترتب عليه زيادة معدلات الإنجاب .

لا سيما مع تراجع شراء وسائل تنظيم الأسرة هناك من ١٥ فى المئة لـ ٢٣ فى المئة بين ديسمبر ومارس.

و هو ما حدث تماما فى كل من نيبال وبنجلاديش، حيث من المعروف أن هؤلاء العمال يجتمعون مع أهلهم مرة أو مرتين فى العام، لكن جائحة كورونا وفرت لهم المكوث معهم بشكل دائم.

المشكلة الأكبر تأتى فى النتائج المترتبة على ذلك، فالأمر بالنسبة لدول الفقيرة سيصبح أسوأ اقتصاديا إذا لم يتم استيعابه، بينما ستواجه الدول الغنية مشكلة من نوع آخر وهو تراجع عدد المواليد.

اليابان على سبيل المثال قالت إن أعداد المواليد تراجعت خلال ثلاثة أشهر بداية من مايو إلى ١١ فى المئة مقارنة بالعام الماضي، كما صرح رئيس الوزراء سوجا يوسيشيدى بأنه سيفعل نظام تأمين يشمل علاج الخصوبة.

فى سنغافورة أيضًا عزف الشباب عن تكوين الأسرة وإنجاب الأطفال فى ظل الجائحة، الأمر الذى دفع الحكومة الإعلان عن منحة تتراوح من ٢٢٠٠ إلى ٣٠٠٠ دولار لمن ينجب طفلا خلال العامين القادمين.