الخميس 2 مايو 2024

النائبة ومقعد البرلمان

4-11-2020 | 15:33

يذكر التاريخ أن المصرية كتب عليها الكفاح منذ أن خرجت إلى الحياة من قبل صياغة الدساتير وإقرار القوانين.

واستمرارا لنضال هدى شعراوى ورفيقاتها، خرجت المرأة فى العصر الحديث مطالبة بحقوقها، ونتيجة لحراك درية شفيق وصديقاتها خاصة بعد صدور دستور ١٩٢٣م الذى أغفل حقوق المرأة السياسية التى ترتب عليه حرمانها من دخول مجلس النواب وقتها.

وكان يحضر هذا المؤتمر قرابة خمسة عشر شيخا وقد فوضوا من يتحدث عنهم وهو الشيخ عيد بن عامر التيهى.. وقد رد على ديان الذى طلب منهم التوقيع على وثيقة التدويل بعبارة ذهبية: «لو مضى عبد الناصر سوف نمضى بعده» بمعنى لو وقع عبد الناصر فسوف نوقع نحن.. وانبرى الشيخ سالم الهرش ليكمل أن هذه الأرض مصرية وستبقى مصرية ومن يريد أن يتفاوض فى أمر سيناء فليذهب إلى عبد الناصر.. وتم إفشال المؤتمر أمام الرأى العام العالمي، هذا برغم التلقين الذى تلقاه المشايخ من ضباط المخابرات الإسرائيلية ولكنهم كانوا يعرفون من سيتكلم وماذا سيقول.. إلا أن رجال المخابرات الحربية المصرية كانوا على اتصال ببعض الشيوخ لضبط مسرح اللقاء وإفشال المخطط بطريقة دراماتيكية.. وقد حاول الاحتلال اعتقال رؤوس الشيوخ، ولكن استطاع الرجال المخلصون تهريب الشيوخ الأبطال إلى الجانب الشرقى للقنال وقد قابل بعضهم الرئيس عبد الناصر وقابلهم جميعا فيما بعد الرئيس السادات ومنحهم نوط الامتياز من الدرجة الأولى.. ومثلهم من أبطال سيناء أكثر من سبعمائة شخصية حائزون على أنواط لتعاونهم مع القوات المسلحة فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، ومنهم من لم يسجل نفسه فى جمعية المجاهدين محتسبا ما قدمه لله تعالى فدليل الفرقة التى دمرت رصيف إيلات الشيخ سالم أبو عكفة عاش ومات لا يعرفه أحد ولم يكن أحد يعرف أبو منونة قبل فيلم الممر ولم تعرف مصر الشيخ حسن خلف لولا أن قدمته الشؤون المعنوية فى إحدى الندوات التثقيفية وهو الذى عبر القناة ٣٩ مرة إلى أن قبضت عليه دورية إسرائيلية وحكم عليه بـ١٣٩ سنة ولولا أن مصر طلبته فى تبادل الأسرى لمات فى سجنه ومات سره.. وطلاقة وشلاش وفرحانة وهدهد سيناء ومئات الشباب والشيوخ الذين قدموا أرواحهم ومازالوا يقدمون فى حربنا على الإرهاب ولعل مسلسل الاختيار أبرز بطولة الشيخ سالم لافى ورجاله، ولكن أيضا فى هذه الحرب المقدسة التى دارت رحاها على أرض سيناء ضد قوى الظلام وإخوان الشياطين وخوارج العصر هناك الكثير.. مازالت الأيام والليالى حبلى بالأسرار التى سوف يجىء يوم تكشف فيه وكيف صمد الأوفياء فى الأرض ودافعوا عن العرض كتفا بكتف مع أبنائهم من القوات المسلحة والشرطة الوطنية الذين قدموا كل مرتخص وغال لتطهير هذه الأرض المقدسة من دنس أهل الشر كما طهروها من قبل من الاحتلال الإسرائيلى.. فتحية إلى شيوخنا فى مؤتمر الحسنة أرض الصمود والتصدى والذين تركوا لنا ميراث الشرف الذى زين رؤوسنا.. وتحية إلى أرواح الشهداء الذين ارتقت أرواحهم إلى جنة الخلد لتحرير الأرض وصيانة العرض الذين خلصونا من أهل الشر لتعود سيناء من جديد تزدان بأقواس النصر وحديث النصر كما رأيتها فى هذا العام والذى عادت فيه الاحتفالات برجال أكتوبر ونصر أكتوبر بعد فرحة القضاء على الإرهاب.. وهذه قصة أخرى لابد من سردها.

ما أدى إلى استفزازها واشتباكها مع أعضاء اللجنة واضعى الدستور واستمرار الحال على ما هو عليه من كفاح إلى كفاح إلى أن قامت ثورة ١٩٥٢م وكانت مصر أول دولة عربية توقع على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بحقوق المرأة السياسية.

بعدها مباشرة وفى يناير من عام ١٩٥٣م صدر مرسوم بتشكيل لجنة الخمسين لوضع دستور للبلاد، ولم تغفل اللجنة حق المرأة فى المشاركة السياسية ونصت علية صراحة فى المادة ٣١ من دستور ١٩٥٦م بأن المصريين لدى القانون متساوون فى الحقوق والواجبات فى المادة ٦١ حيث النص «على كل مصرى وكل مصرية بلغ الثماني

عشرة سنة أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية»، إلا أن القانون فرّق بين الرجل والمرأة عندما نص على أن القيد فى جداول الانتخاب إجبارى بالنسبة للرجل واختيارى بالنسبة للمرأة، فى حين تصبح مباشرة حق الانتخاب واجبة متى تقدمت المرأة بطلب القيد وقيدت فى جداول

الانتخاب»، وفى ١٨ مايو ١٩٥٧م وهو يوم فاصل فى تاريخ نضال المصرية دعا الرئيس جمال عبد الناصر إلى فتح باب الترشح والانتخاب لتشكيل أول برلمان مصرى بعد الثورة لانتخاب ٣٤٢عضواً فى مجلس الأمة والمفاجأة تقدم ٤ سيدات لترشيح أنفسهن وهن، زينب مراد وشهرتها سيزا نبراوى عن دائرة مصر القديمة، زينات عابدين عن دائرة كرداسة بالجيزة، أمينة شكرى عن دائرة باب شرق بالإسكندرية وراوية عطية عن محافظة الجيزة، وكعادتها تثبت المرأة جدارتها وتحصل راوية عطية من الجولة الأولى على ١١،٨٠٧ صوتا بينما يحصل منافسها على ٦٧٤٨ صوتا، وتنجح أمينة شكرى فى جولة الإعادة متفوقة على منافسها الرجل دكتور شفيق الخشن عميد زراعة الإسكندرية بحصولها على ٩٠٢٥ صوتا بينما حصد هو ٢٩٥٤ صوتا، وكان أول اقتراح مقدم من أمينة شكرى هو تقييد الطلاق وضرورة توزيع وجبات غذائية على تلاميذ المدارس، وقد انتهى دور الانعقاد الأول لأول برلمان عام ١٩٥٨م وقد رأس هذا المجلس عبداللطيف بغدادى والوكيلان أنور السادات ومحمد فؤاد جلال، وبعد قيام

الوحدة بين مصر وسوريا عام ١٩٥٩م ارتفع عدد النائبات فى مجلس الوحدة إلى خمس نائبات هن: صفية الأنصارى، وفكيهة سعيد والمحامية مفيدة عبدالرحمن، ود.نعمت مهران وأمينة شكرى وذلك فى الفترة من ٢١ يوليو ١٩٦٠م وحتى ٢٢يونيو ١٩٦١م وقد تم تعطيل هذا المجلس بعد الانفصال مع سوريا.

وبعد عودة مجلس الأمة مرة ثانية فى ٢٦ مارس ١٩٦٤م وحتى ٦ إبريل ١٩٦٨م ارتفع تمثيل المرأة تحت القبة إلى ثمانى نائبات هن: ألفت كامل عن الجمالية بالقاهرة، وبثينة الطويل من الإسكندرية، وزهرة رجب، وعائشة حسنين وفاطمة البهى دياب «أول فلاحة تدخل المجلس عن دائرة شبين القناطر»، وكريمة العروسى (عابدين)،

ومفيدةعبدالرحمن، ونوال عامر السيدة زينب، والغريب أن عدد النائبات تراجع فى الفصل التشريعى الثالث الذى استمر من ٢٠ مارس ١٩٦٩ إلى ١٤ مايو ١٩٧١ إلى ثلاث نائبات فقط هن: بثينة الطويل، ومفيد عبدالرحمن، ونوال عامر. وقد شهد الفصلان التشريعيان الثالث والرابع لمجلس الشعب فى الفترة من ٢٣ يونيه ١٩٧٩ حتى ٢٢ يونيه ١٩٨٤، ثم فى الفترة من ٢٣ يونيو ١٩٨٤ وحتى ١٣ديسمبر ١٩٨٧ أكبر تمثيل

للمرأة تحت القبة، فقد أصدر الرئيس أنور السادات قانوناً برقم ٤١ لسنة ١٩٧٩ بتخصيص ٣٠ مقعداً على الأقل للمرأة فى البرلمان، بعدها تراجعت نسبة تمثيل المرأة بالبرلمان لتصل إلى ٠٢,٪ منذ الثمانينات وحتى صدر دستور ٢٠١٤م الذى أنصف المرأة ونص فى الماده « ١١ «على تحقيق المساواة بين المرأه والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبًا فى المجالس النيابية،

على النحو الذى يحدده القانون، وبهذا استطاعت المرأة أن تحصد أكثر من ثمانين مقعدا بالانتخاب وعشرة مقاعد بالتعيين ليصل إجمالى مقاعد المرأة إلى ٩٠ مقعدا « ٥٦ قوائم، ٢٠ فردى. و ١٤ بالتعيين لتصل نسبة تمثيل المرأة فى برلمان ٢٠١٥ إلى ١٥.١٪ بينهن ١٣ نائبة من حملة الدكتوراة لأول مرة فى تاريخ برلمان مصر.

وبصفة عامة نستطيع القول إنه على الرغم من أن مصر كانت أولى الدول العربية فى تمثيل المرأة فى البرلمان إلا أن مشاركتها فى الحياة السياسية بشكل عام والنيابية بصفة خاصة كانت متدنية للغاية على مدار أكثر من ٦٠ عاما اللهم إلا فى السبعينات والثمانينات والمجلس الأخير نتيجة لإقرار كوته خاصة بالمقاعد النسائية لتصل ٣٠ مقعدا فى السبعينات، إضافة إلى ستة مقاعد حصلت عليها المرأة بالانتخاب فى الثمانينات، إلا أنها عادت مرة أخرى إلى التواجد بنسبة غير مسبوقة فى برلمان ٢٠١٥م نتيجة إلى التمييز الإيجابي التى حصلت عليه بموجب دستور ٢٠١٤م «٩٠ « مقعدا.

والسؤال بعد كل هذا الكفاح والتمييز الإيجابى الذى حصلت عليه وخاصة التمكين السياسى الأخير بدعم من الرئيس عبد الفتاح السيسى، لماذا لا تنتخب المرأة بنت جنسها، ولماذا تحصل على المقعد النسائى تحت قبة البرلمان «بنظام الفردى» بطلوع الروح؟ وهذا ما شاهدناه فى انتخابات المرحلة الأولى من مجلس النواب القادم هل العيب فيها أم العيب فى الناخبات؟!