لا شك أن
مدينة القاهرة قد حظيت بالكثير من التميز بين كل عواصم مصر فى تاريخها القديم
والحديث، فقد بقيت القاهرة عاصمة لمصر لأكثر من ألف عام، فمنذ أن أسسها جوهر
الصقلى فى عهد الخليفة الفاطمى المعز لدين الله، وهى عاصمة مصر إلى الآن ومع
امتداد هذا الزمن الذى كانت فيه القاهرة عاصمة مصر ومقر الحكم، اتسعت رقعتها لما
حولها من صحارى ومساحات غير مسكونة حتى وصلت إلى شكلها الحالى، وازداد عدد سكانها
ليجعلها من كبرى مدن العالم ازدحاماً بالسكان.
ومع عراقة
هذه المدينة التى تعتبر مركز الإشعاع الثقافى والحضارى فى منطقة الشرق الأوسط، بل
وإحدى أهم عواصم العالم لما لها من تأثير استراتيجى وثقافى على مر العصور، احتاجت
إلى الكثير من التطوير فى بنيتها الأساسية وشبكة الطرق والمشروعات الخدمية مع
إعادة توزيع سكان المناطق العشوائية فى مناطق مخططة، وربطها بالمناطق والمدن
الجديدة التى ألحقت بها تحت مظلة العاصمة.
ومنذ تولى
الرئيس السيسى حكم مصر وقد بدأ العمل على قدمٍ وساق لإعادة رسم الوجه الحضارى لهذه
المدينة التاريخية العريقة، مدينة الأزهر والألف مئذنة والكنيسة المعلقة، مدينة
المتاحف والآثار المتنوعة التى تمثل الكثير من عصور التاريخ الإنسانى الممتد، فكان
لزاماً الاهتمام بها وتجميل صورتها بعدما تم إهمالها لسنوات...
ومع هذا
التطور المذهل الذى تشهده القاهرة فى شتى مناطقها من توسعة للشوارع وتشييد الكثير
من الكبارى لتيسير الحركة، وانشاء خطوط جديدة للمترو وغيرها من المشروعات التى
تحسّن من وضعها، كان التفكير الجاد فى تنفيذ الفكرة القديمة الجديدة فى تخفيف
الحمل على كاهل هذه المدينة الكبيرة بإنشاء عاصمة إدارية جديدة تسحب من القاهرة –
العاصمة التاريخية لمصر – العبء الإدارى كاملاً تاركةً لها البعد الحضارى والثقافى
الذى سيظل يبعث بنوره لكل أنحاء الدنيا.
وكما كان
الرئيس السيسى مدهشاً فى قراراته الجريئة التى اتخذها حرصاً على مصلحة الوطن
وإيماناً منه بضرورة العمل من أجل المستقبل، كان القرار التاريخى بعمل عاصمة
إدارية جديدة بعد دراسة علمية وفنية مستفيضة لهذا المشروع الكبير.
وفى وجود
مهندس متخصص على رأس الوزارة من أفضل من تولوا هذا المنصب فى العقدين الأخيرين،
وهو الدكتور مصطفى مدبولى، تم التخطيط والتنفيذ بأداء متميز يتواكب مع رؤية الرئيس
وحرصه على سرعة الإنجاز ودقة الأداء، وبات جلياً ما لهذا المشروع من قيمة مستقبلية
وإضافة حضارية لمصر التى استعادت استقرارها ومكانتها بقيادة وطنية تعمل بمنتهى
التفانى لإعلاء رايتها ولرخاء شعبها بعد سنوات من الجمود فى شتى مناحى الحياة،
تلتها سنوات من الضجيج والصخب، ما أعطى الفرصة لنمو ذلك الورم الذى استدعى الجراحة
العاجلة فى ٣٠ يونيه ٢٠١٣ التى خلّصت الوطن من آلامٍ قديمة واستأصلت ورماً
إخوانياً خبيثاً كاد يفتك به.
وبالنظر
للاسم الذى تم إطلاقه على مشروع العاصمة الجديدة، يتضح لنا الغرض من إنشائها، وهو
جعلها مركزاً إدارياً للحكم ومقراً للوزارات والبرلمان بل ومركزاً للتجارة
والأعمال فى المنطقة والعالم، مع إنشاء مجتمعات عمرانية وسكنية متطورة تستوعب
الكتلة السكانية التى ستنتقل إليها بخطة مُحكمة بعناية، تُراعى كل ما يستجد فى
المستقبل من حداثة وتطور، من هنا أُطلق على هذا المشروع (بشكل مؤقت) «العاصمة
الإدارية الجديدة» لحين الانتهاء من تنفيذها ونقل الوزارات والبرلمان ومقر الحكم
مع بدء الزحف السكانى لها، فليس من المنطق أن يكون اسم عاصمة مصر (العاصمة
الإدارية الجديدة) كونه وصفاً، لا اسماً، كما أن عاصمة مصر العريقة اسمها القاهرة،
ذلك الاسم الذى لا يجب التخلى عنه أو التفريط فيه عند اتخاذ اسم لعاصمتها الجديدة.
فإذا فكرنا
أن نسميها «القاهرة الجديدة» سنجد أن هناك مدينة بالفعل مُلحقة بالقاهرة تحمل هذا
الاسم، أما إذا عدنا لاسم «مصر الجديدة» فهو اسم إحدى ضواحى القاهرة التى يوجد بها
حالياً مقر الحكم بالفعل مما سيلغى فكرة الذهاب لهذا الاسم، بالإضافة إلى أنه
ينحرف باسم العاصمة عن «القاهرة» شأنه شأن أى اسم جديد يمكن أن يطلق على عاصمة مصر
غير القاهرة.
من هنا أرى
أن يتم إطلاق اسم يحمل كل المعانى المنشودة مع الاحتفاظ بكلمة القاهرة فيه لما لها
من تأثير تاريخى وثقافى يرتبط بكيان مصر المعاصرة.
((القاهرة
العاصمة)) هو الاسم الذى يجب أن يطلق على العاصمة الإدارية الجديدة، فهذا الاسم
غير مكرر ولا توجد ضواحى أو مدن بمصر تحمل هذا الاسم، كما أنه يحتفظ بالقاهرة
اسماً لعاصمة مصر مع إضافة صفة العاصمة لها لتمييزها عن القاهرة القديمة والجديدة،
كما أنه سهل النطق سواء بالعربية أو الإنجليزية حيث سيكون Cairo Capital.
وكما أنه
يتم اختصار أسماء المدن المكونة من مقطعين باللغة الإنجليزية باستخدام الأحرف
الأولى من كل مقطع فيكون رمزاً لاسم المدينة مثل نيويورك New York
يتم اختصارها لـ NY
ولوس أنجلوس Los Angeles
يتم اختصارها لـ LA
وهكذا..
وعلى هذا
النحو، فان اختصار Cairo
Capital يكون ((CC))،
ومن المصادفة الجميلة أن هذه الأحرف المختصرة لاسم العاصمة الجديدة تُنطَق
بالإنجليزية ((سى سي)) أو ((سيسي))، ذلك الاسم الذى يستحق كل التقدير من المصريين
لما قام به منذ ٣٠ يونيه ٢٠١٣، وهو الذى حرص على أن تُطلق أسماء كل قادة مصر
وزعمائها على المشروعات التى تم افتتاحها فى عهده تقديراً لدورهم فى خدمة الوطن،
دون أن يُطلق اسمه على أى منها، وبما أن الرئيس السيسى هو زعيم مصر وباعث نهضتها
المعاصرة منذ أن تولى مهام الرئاسة فى عام ٢٠١٤، وبما أنه قد تم تخطيط وتنفيذ هذه
العاصمة فى عهده، فإن ربط الأحرف الإنجليزية الأولى من اسم القاهرة العاصمة - بما
فيه من مصادفة طيبة - باسمه يُعد تقديراً لما يقوم به من خدمة لهذه الأمة العظيمة،
لا سيما وأن هذا الاسم يحافظ على اسم وعراقة عاصمة مصر الجديدة دون تغيير كبير،
مما يجعل من اختياره تحقيقاً لكل المواصفات المطلوبة فى الاسم فى آنٍ واحد.
كما أن اسم
«القاهرة العاصمة» - Cairo
Capital سيساعد فى تسويق
المشروع تجارياً ودولياً لسهولته وتعبيره عن مضمون هذا المشروع، حيث إنه إذا تم
اعتماده، يمكن تصميم الشعار الخاص به ليكون علامة مميزة تليق بمصر على المستوى
العالمى، وتعبيراً عن حجم هذا العمل الضخم الذى يتم إنجازه فى فصل مشرق من فصول
التاريخ المصرى الزاخر.