السبت 23 نوفمبر 2024

هل كان ربيعا أم .. جحيما؟

  • 29-1-2017 | 10:40

طباعة

بقلم – سناء السعيد

تزامن مع إطلالة العام الحالى ٢٠١٧ مرور ست سنوات على بداية ما أطلق عليه تجاوزا مصطلح الربيع العربى، والذى لم يكن إلا جحيما مستعرا أثمر النكد والقتل وخلف الخراب والدمار، وأشاع الفرقة ونشر التشتت والانقسام، البداية بتونس ثم تبعتها مصر فسوريا وليبيا واليمن، أما ما خرج به المواطن العربى من هذا الهدير، الذى أطلق عليه ربيعا فكان صادما ظاهره الرحمة وباطنه الجحيم الذى هلك معه الآلاف، ودمرت فيه العديد من الموارد والخيرات العربية والبنى الارتكازية التى تحتاج إلى عشرات السنين لإعادتها كما كانت

إنها المؤامرة الدنيئة ضد دول المنطقة جاءت بدايتها بعد ما منى به العراق من كوارث إثر الغزو الأمريكى له فى مارس ٢٠٠٣ ، ثم امتد التآمر ليشمل سوريا وليبيا واليمن، وشاء المولى أن يحمى مصر من براثن هذه الصاعقة بفضل جيش مصر العظيم، الذى سارع بمساندة ثورة الثلاثين من يونيه ٢٠١٣ ، وهى ثورة تاريخية نورانية عصماء جاءت لتبنى لا لتدمر، جاءت لتصحيح المسار فى أعقاب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وهى الثورة التى ركب الإخوان موجتها من أجل الوصول إلى السلطة، والتى تجسدت محصلتها فى تظاهرات فتحت الباب للتصادم بين الفرقاء، فكان أن أشاعت عدم الاستقرار الأمنى والاقتصادى والسياسى.

ظهر الإخوان فعاثوا فسادا وأنتجوا غضبا وردود فعل رافضة لمشاريعهم الهادفة لأخونة المجتمع، ووصل بهم الأمر إلى وضع مزرٍ فككوا معه المنظومة الاجتماعية وأشاعوا عدم الاستقرار السياسى، وهو ما أنتج بدوره مخاطر جمة كادت تقضى على الدولة المصرية لولا القوات المسلحة، أخطأ الإخوان عندما حصروا أنفسهم فى خطاب طائفى كريه، وعمدوا إلى سياسة الإقصاء والتفرد بوليمة السلطة والنفوذ فكان الفشل حليفهم، وللأسف لم يتداركوا الأخطاء الجسام التى أوقعتهم فى المحظور وعبأت الجميع بكراهيتهم. يحمد لجيش مصر العظيم أنه سارع فطوق المشروع الإخوانى على طريق إنهائه. حيث إن بقاءه كان سيعنى جر مصر إلى براثن مؤامرة دنيئة كانت ستقود حتما إلى تمزيق الدولة.

وعودة إلى بداية ما سمى بالربيع العربى فى تونس، حيث تجسدت المحصلة فى تظاهرات فتحت الباب نحو التصادم بين الفرقاء، فأشاعت عدم الاستقرار الأمنى والاقتصادى والسياسى، أما فى اليمن فلقد كان الربيع كئيبا خلف أوضاعا مضطربة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وفى ليبيا كان الربيع أغبر، أشاع القتل الممنهج وأثمر السم الزعاف، الذى فرق المجتمع ومزق معه الوحدة الوطنية والترابية، وأجج روح الحقد والانتقام بين الأهل والجيران، ومن ثم تحولت ليبيا إلى مقاطعات قبلية وجهوية، أما ثالثة الأثافى فكانت فى سوريا حيث لم يكن الربيع إلا جحيما على شعبها، الذى خذله العالم وخاصة ذوى القربى من العرب الأشقاء لتترك سوريا وحيدة فى الميدان تعانى من ويلات المؤامرات الكونية، التى سلطت عليها من الغرب ومن التحف به من دول المنطقة كتركيا والسعودية وقطر لتلحق بالدولة الدمار والخراب والتشريد عبر أكبر رحلة نزوح جماعى، ما لبثت أن صارت مشهدا معتادا، ولتستمر مطحنة هذا الربيع المزعوم تطحن شعب سوريا لتخلف أشلاء بريئة.

إنها الثورات التى تحولت إلى نكبات، فما سمى تجاوزا بالربيع العربى لم يخلف إلا القتل والتخريب والتشريد، وكان غريبا أن نرى دولا خليجية كالسعودية وقطر تضطلع بأدوار رئيسية فى هذه الانتفاضات عبر تمويل وتسليح الفصائل التى تطلق عليها تجاوزا معارضة معتدلة وهى فصائل إرهابية تسعى لهدم وإسقاط الأنظمة كما حدث فى العراق وليبيا وعلى غرار ما حدث فى سوريا، فلقد كان هؤلاء أداة الغرب فى اللعب بالأوضاع السياسية والأمنية فى هذه الدول، لا سيما سوريا التى تم رصدها عبر استقطاب الغرب لعتاة الإرهابيين الذين قدموا من شتى بقاع العالم، وكان الهدف الذى عملوا من أجله هو تدمير سوريا التى تساند المقاومة فى لبنان وفلسطين باعتبارها قوة عربية لها مكانتها وكلمتها فى الوطن العربى.

لقد بدا للجميع أن ما أطلق عليه ربيعا عربيا لم يكن إلا أكذوبة كشفها الواقع العربى البائس، حيث إن ما خلفه هذا الربيع المسموم للدول التى منيت به لم يخرج عن كونه المزيد من الدم والألم والدموع والفوضى والعبثية، فى حين لم يأتِ بالديمقراطية، وهى الفرية التى تذرع بها الغرب وتتصدره أمريكا لكى يجتاح دولنا تنفيذا للمخطط الصهيو أمريكى، الذى يتطلع إلى خلق شرق أوسط جديد يحقق ويعزز مصالح أمريكا وحلفائها فى المنطقة، أى مصالح إسرائيل الحليف الأوثق والأبدى للولايات المتحدة .. وليذهب العرب إلى الجحيم.....

 

    الاكثر قراءة