الأحد 24 نوفمبر 2024

المصور

على الجانب الآخر: النكسة الجديدة فى إسرائيل 2017

  • 6-11-2020 | 19:54

طباعة

إسرائيل تحيا فى نكسة افتقاد الرؤية وغياب الزعامة وصراع السياسيين والعسكريين.

التناقض بين إسرائيل وادى السيلكون الكبير والدولة المنهارة اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا والمعتمدة على المساعدات الأمريكية 

نكسة المجتمع الإسرائيلى فى الهجرة المضادة خارج إسرائيل وانهيار الجيش من الداخل وحالة التسرب من الخدمة والانتحار داخل الوحدات العسكرية.

إسرائيل تبنى مستوطنات لا يسكنها أحد والمجتمع من الداخل لا يهتم بامتلاك النووى الذى بات فى ذمة التاريخ.

إسرائيل دولة فاشلة وعاجزة وتخشى التهديدات الفلسطينية لهذا بنت جدارا عازلا وجدرانا عالية لتحمى نفسها من المد السكانى الفلسطينى الكبير.

انكسار إسرائيل كما يراها كبار مفكريها أنها رسمت حدودها مع الدولة الفلسطينية القادمة بمقتضى الجدار العازل وحسم الأمر.

خطط إسرائيل المستقبلية 2028 وإسرائيل 2075 تبقى أسيرة مجتمع معوق ومحبط وكيان ما زال معتمدا على الخارج.

جيش إسرائيل يتحول إلى جيش ذكى صغير والثورة على قرار التغيير داخل المؤسسة العسكرية تطول الجميع وأجهزة الاستخبارات تتصارع على مخصصاتها على حساب التعليم والصحة. 

نعم ستخرج إسرائيل من الأرض العربية مثلما خرجت من ياميت وغزة وجنوب لبنان.

إسرائيل ليست وادى السيلكون والدولة العظمى إقليميا وإنما هى دولة محتلة ومغتصبة ومنبوذة دوليا. 

سر عودة اليسار والسلام الآن إلى شوارع إسرائيل فى الوقت الراهن للمطالبة بالقبول بحل الدولتين.

أكاديميون إسرائيليون كبار: إسرائيل ليست إلا مستوطنة كبيرة والقدس ليست عاصمة لإسرائيل وإنما هى مستوطنة وستكون عاصمة للدولة الفلسطينية.

قد يبدو العنوان صادما للقارئ ولكنه الواقع الذى تعيشه إسرائيل فى الوقت الراهن فمنذ 1967 حتى الآن تسعى إسرائيل إلى إثبات حضورها فى الإقليم بأكمله من خلال مشروع إقليمى استيطانى استعمارى متكامل وبرغم أنها دخلت فى مشروع سلام وتسوية مستمر منذ عام 1979 مع مصر وفى عام 1995 مع الأردن واستمر السلام إلى اليوم إلا أن إسرائيل ما تزال تخشى من استمرار حالة العداء العربى الكامل بما فى ذلك فشلها فى تحقيق سلام دافئ مع الجانب المصرى برغم مرور كل هذه السنوات وبقاء السلام فى إطاره الرسمى أمنيا واستراتيجيا وسياسيا وفى قنوات متعارف عليها ولم تنجح فى تطوير اتفاقيات الكويز أو الدخول فى مشروعات تعاون جديدة اقتصاديا أو استراتيجيا كما اختفت ظاهرة الحج السياسى الإسرائيلى الرسمى للقاهرة ولم يزر مسئول إسرائيلى كبير منذ سنوات القاهرة باستثناء بعض الزيارات لمسئولين أمنيين وفى درجات محددة ووفقا لظروف العلاقات ومع ذلك استمرت اللقاءات الدورية بين البلدين بمقتضى معاهدة السلام... 

علاقات مرتبكة 

فى هذا السياق من واقع العلاقات المصرية الإسرائيلية يمكن تفهم لماذا تخشى إسرائيل من الدخول فى معاهدات جديدة فلربما تكرر الأمر خاصة من الجانب الفلسطينى الذى سيستمر فى تهديد أمن إسرائيل حتى لو تمت التسوية ولو بعد سنوات طويلة ولهذا لابد أن تبقى فى منطقة الاغوار ويجب أن تقيم فى الجولان مع وجود استمرارية للأمن الإسرائيلى فى مناطق التماس الاستراتيجى مثلما بقيت فى وادى عربة لمدة99 عاما وهو ما يجب أن يتكرر مع أى تسوية جديدة مع الجانب الفلسطينى ولكن السؤال هل فعلا إسرائيل 2017 تريد السلام وهل تستطيع الإقدام عليه؟ 

قولا واحدا إسرائيل فى حالة انكسار كامل وحالة من غياب الرؤية والتصور نحو مستقبلها لمدة 100 عام حيث تعانى إسرائيل من واقع راهن يتسم بالارتباك والتردد فى عدم حسم الخيارات السياسية والاقتصادية والدولة التى تتحدث عن إسرائيل 2028 وإسرائيل 2075 هى ذاتها الفاشلة فى تحديد مسارات حركتها وأذكر أننى كتبت مؤلفا أكاديميا منذ سنوات عن خطة إسرائيل 2028 وأعكف الآن على إصدار موسوعة عن استراتيجية إسرائيل 2075 وقد خلصت مبدئيا إلى أن إسرائيل التى تتحدث عن المستقبل هى الفاشلة فى تحديد مشاهدها المستقبلية فى حالة من التشتت فى تحديد الأولويات الوطنية وفى محيطها الإقليمى وهو ما يدفعها إلى الذهاب إلى الخيارات الانفرادية دائما والحل العسكرى الدائم فى نطاقها خاصة مع قطاع غزة والتى ترى أنه لن يهدأ أو يستقر على الأقل فى السنوات العشر المقبلة خاصة مع صعود جيل من العسكريين الجدد والتوقع بالمواجهة القادمة هو ما يجعلها تتأهب للعمل العسكرى الدائم فى بلد يشهد مناورة سنوية رسمية تعرف باسم تحول وهى تحدد المسارات والتهديدات والمخاطر وكيفية التعامل معها إضافة لوضع الاستراتيجيات الواجب القيام بها إضافة 12 مناورة تجرى داخليا لتأمين الجبهة الداخلية ومع ذلك فإسرائيل فى حالة الانقسام والتردي.

الداخل المتردى إسرائيليا 

 ويكفى أن تتابع التظاهرات التى جرت فى إسرائيل الأسبوع الماضى والتى طالبت رئيس الحكومة نتنياهو العمل على التفاوض وفقا لخيار حل الدولتين وهو ما يشير إلى أن التوحد والاندماج الذى تحدث عنه مؤسس الدولة ديفيد بن جوريون ليس له وجود على أرض الواقع وأن رئيس الحكومة نتنياهو عاجز عن تقديم نفسه على أنه زعيم إسرائيل القادر على أن يدخل فى مفاوضات جادة مع الجانب الفلسطينى ويرتضى بالخيار السلمى وفى وقت تشهد فيه إسرائيل معطيات خطيرة يجب الإشارة إليها ومنها حالة التسرب من الخدمة الإلزامية وشيوع ظاهرة الانتحار للجنود والضباط ولولا ما يتسرب من بعض الأخبار ما عرفنا تفاصيل كاملة عن ما تسمح به الحكومة الإسرائيلية بمقتضى ما توافق على نشره الرقابة العسكرية فى إسرائيل.. 

نكسة المجتمع الإسرائيلى فى الوقت الراهن تتمثل فيما يلي:

تشهد إسرائيل ولأول مرة فى تاريخها تنامى ظاهرة الهجرة المضادة من إسرائيل إلى الخارج وهو ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلى لتشكيل لجنة قومية تعمل فى السر لمعرفة أسباب ومبررات الخروج من إسرائيل إلى العالم ومن المفترض أن تقدم توصياتها قبل 2018.

تقوم إسرائيل بتأسيس نظرية أمن قومى جديدة ردا على ما جرى فى التقصير المتتالى فى المؤسسة العسكرية غير القادرة على حسم خياراتها السياسية والاستراتيجية ليس تجاه قطاع غزة أو حزب الله وإنما تجاه ما يجرى من متغيرات تطول التهديدات الراهنة على أمن إسرائيل. 

تقوم إسرائيل ببناء نظام دفاعى جديد يعرف باسم السماء الحمراء بعد خيبة الأمل فى النظام الدفاعى الراهن مقلاع دواوود والعصا السحرية ولكنها لم تحصل بعد على التمويل الكافى حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية من خلال ايباك فى واشنطن للحصول على مساعدات إضافية خارج برنامج المساعدات الأمريكية الممنوح من إدارة أوباما والمقدر بـ38 مليار دولار فى العشر سنوات القادمة. 

تسعى إسرائيل لبناء جيش ذكى قوامه 100 ألف جندى مع الاعتماد على التقنيات المتقدمة والأسلحة النوعية المتقدمة وعبر منظومة تسلح جديدة وهو ما سيؤدى لثورة داخل الجيش الإسرائيلى وخاصة من القيادات الوسطى التى ترى أن الجيش القديم سيصير فى ذمة التاريخ رغم أنه وضع إسرائيل يوما ما فى مصاف الدول الكبرى وأنه تمكن من إبقاء إسرائيل دولة متقدمة عبر الصناعات العسكرية التى يباشرها المجمع الصناعى العسكرى وبالتالى فمن المحتمل أن يثار علاقة المؤسسة العسكرية بالمجتمع المدنى خاصة مع تحول الإنفاق على التعليم والصحة على حساب الأمن وهو أمر يحتاج إلى مراجعة فى ظل عدم دخول الجيش الإسرائيلى فى حالة حرب مع جيش نظامى وكل ما دخله من مواجهات مع تنظيمات إرهابية ليس أكثر ولم يحقق النجاحات الكاملة برغم الإنفاق الهائل. 

5-إن الجيش الإسرائيلى لم يحتل موقعا متقدما فى جلوبال فاير العام الماضى 2016وهو ما يشير إلى تقدم الجيوش الشرق أوسطية وعلى رأسها مصر وهو ما جعل مصر فى المرتبة العاشرة ويتقدم فى بعض التصنيفات الدولية وفقا لمركز راند الشهير وسيبرى إلى درجات متقدمة، وأن الجيش الإسرائيلى فى حاجة ملحة لإجراء مناورات مع جيوش أخرى بما فى ذلك جيوش أوربية خاصة فى دول حلف ناتو ويشار إلى أن إسرائيل لا تزال علاقاتها ملتبسة مع حلف الأطلنطى لأنها سمحت مؤخرا بقيام قطع بحرية بزيارة الموانئ الإسرائيلية ويطرح الإسرائيليون تساؤلا مزعجا هل ستقبل إسرائيل التى عاشت بمفردها فى المنطقة وانتصرت فى سنوات سابقة على جيوش عربية كاملة واحتلت مساحات كبيرة من الأرض العربية قبل أن تواجه هزيمة يوم كبيور بتعريفهم أن يقوم حلف ناتو بالدفاع عن أمن إسرائيل... هل يحدث ذلك؟ ؟؟

6- إن السؤال على لسان قطاعات عريضة من الرأى العام الإسرائيلى كيف لدولة تتحدث عن المستقبل لسنوات بعيدة وترسم خططا لسنوات وهى لم تعش إلا أعواما قليلة بعمر الدول1948 – 2017 ولم تستطع أن تتحول إلى دولة حقيقية لها عاصمة معترف بها وليس متنازعا عليها حتى الآن وما تزال آخر دولة احتلال فى العالم والصورة الذهنية لإسرائيل فى العالم أنها مجتمع استيطانى عدوانى محبط لا يتبنى سوى الخيارات العسكرية وليس لديه توجهات إيجابية إزاء دول جواره ولأول مرة يظهر على السطح وخلال الفترات الأخيرة معسكر السلام الآن، واليسار والعلمانيون الذين يطالبون بوقفة مع الحكومة الإسرائيلية الحالية التى تتفاخر بوجود اليمين الحاكم فى سدة الحكم ويراهن رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو على الاستمرار برغم الحديث الراهن عن إعادة تفكيك الائتلاف الحاكم وبناء ائتلاف جديد ربما يدخل المعسكر الصهيونى فى الائتلاف استعدادا لبدء المفاوضات مع الجانب الفلسطينى وهو ما يشير إلى أن إسرائيل تتأهب لليوم التالى وهى ليست مستعدة بصورة واضحة وفى ظل المخاوف من الإقدام على خطوة التسوية بدون استعداد استراتيجى وغياب الرؤية وانقسام المجتمع على الأولويات والمهام وهو ما قد يضعف إسرائيل فى المرحلة المقبلة ونكسة إسرائيل كما يرى كبار أكاديمييها أن إسرائيل برغم كل التقدم العلمى والتقنى والاستمرار إلا أنها ما تزال دولة هشة لا تملك خياراتها بصورة كاملة فى منطقة لا تزال غير مستقرة وآمنة وهو ما يتطلب مراجعة مواقفها وتوجهاتها فى الفترة المقبلة وإلا فإن إسرائيل تواجه كارثة الاستمرار فى بيئة حاضنة لكل مقومات العداء والعدوانية لاستمرار إسرائيل ومن ثم فليس غريبا أن تتردد أحاديث مكتومة حول احتمال إقدام العسكريين على تحديد الأولويات والمهام وتدنى دور السياسة فى بلد لم تعد فيه أحزاب يعرف برامجها المواطن الذى لم يعد يهمه أن يعرف برنامج حزب العمل أو البيت اليهودى أو شاس وفى ظل الصراع الحزبى والمجتمعى على الحصول على الحقوق والمزايا كل وفقا لما يخطط مع اختفاء منظومة الجمع والصهر والبوتقة الواحدة التى حلم بها الآباء المؤسسون. 

فى 2017 لا تزال إسرائيل كمجتمع فاشل ومحبط يضرب بجذوره فى عمق الداخل مع تتالى الانكسارات الأمنية والاستراتيجية واقتصاد يعانى وطأة الاعتماد على الخارج برغم التأكيد على جدارة إسرائيل فى الصناعات العسكرية والتفوق العسكرى والتقنى ولمجتمع ما زال يتحدث عن الحياة فى ظل القنبلة النووية التى يملكها ولا يملكها جيرانه وقد انتفى ذلك فعليا بعد انكسار حالة الانفراد بالنووى بعد وصول إيران لمرحلة العتبة النووية وحسم الأمر وفى ظل سؤال للرأى العام ما قيمة السلاح النووى فى بلد تضربه صواريخ التنظيمات الفلسطينية وبعد أن وصلت الصواريخ إلى تل أبيب وديمونة فماذا ستفعل إسرائيل التى تشيد المستوطنات وتبنى آلاف الوحدات التى لا يسكنها أحد، ومع ذلك تكابر وتستمر فى تغيير معالم الأرض التى لا تملكها وستخرج منها مثلما خرجت من ياميت وجنوب لبنان وغزة والقضية مسألة وقت... 

أى دولة مجنونة تلك التى تبنى جدرانا حولها وأسوارا ضخمة وتشيد المتاريس وترسم حدودها خلف الجدار العازل لتحدد وجودها وحدودها رغم كل ما تؤكده من أن حدودها إلى أن يصل جنودها وجيشها ليحسم الأمر فعلا لا قولا ولتكون حدود إسرائيل إزاء مصر والأردن والدولة الفلسطينية القادمة معلومة ومعروفة... .

إن إسرائيل فى نكسة حقيقية وما لم ترتكن لوقائع السياسة والتاريخ والأمن والمصلحة الوطنية وتخرج من الأرض فإن الكارثة قادمة لا محالة برغم كل ما يعانيه العالم العربى فى الوقت الراهن من حالة عدم استقرار ولن نزيد.



    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة