في رحلة البحث عن النوادر عدنا إلى مجلة الكواكب الصادرة في مثل هذا اليوم من 62 عاما، واخترنا من عددها الصادر في 11 نوفمبر 1958 موضوعا شيقا عن شخصية فنية مرحة وساخرة وهي " أم كامل" التي كان يؤديها الفنان السوري أنور البابا.

 

نشر الموضوع بقلم أنور البابا تحت عنوان "انتقام لذيذ"، وجاءت المقدمة للتعريف بأم كامل، وهي شخصية كوميدية حفيفة الروح يتقمصها الفنان السوري أنور البابا ويطرح من خلالها رأيه مع حلول لمشاكل المجتمع العديدة، وسوريا تستمتع بلذعات " أم كامل" منذ سنوات طويلة، أما مصر فلم يزرها أنور البابا إلا مع احتفالات الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958، وهنا وجب التنويه أنه شارك في نفس العام في فيلمين وهما "بنت البادية" مع محمد الكحلاوي وفيلم "اسماعيل يس للبيع" وكتب إسمه على الأفيشين " أم كامل".

 

عن متاعب شخصية " أم كامل" تحدث أنور البابا للكواكب بأنه من براعته وإتقانه للشخصية احتار الجميع في توصيف شخصيته الحقيقية، أهو سيدة بالفعل أم أنه رجل، وروى للكواكب أنه دعي للإشتراك في حفل بمدينة "حما" السورية وكانت قد سبقته شائعات بأنه بالفعل سيدة عجوز يحطيها الفقر فقررت العمل بالكوميديا لتكسب منه ما يعينها على الحياة، وبانتشار تلك الشائعة اقبل العديد من السيدات إلى الحفل مما دعى منظمو الحفل إلى تخصيص حفل خاص بهن ، وفي الحفل النسائي اختلف السيدات على شخصية " أم كامل" وعزمن على أن يتأكدن هل هو رجل أم سيدة، ومع دخول " أم كامل" المسرح تعالت الهتافات تحية لها بينما تسلل من خلفها عدة سيدات وأمسكن به بغرض الكشف عن شخصيته .. وأحس أنور البابا بالخجل والحرج الشديد ففر من الحفل عائدا إلى دمشق.

 

أما الموقف الثاني الطريف والمؤلم الذي واجهه، فقد روى أنه كان يشارك في فيلم عام 1949 مع رفيق شكري بسوريا، وكانت وقتها حرب فلسطين على أشدها، وأثناء التصوير دخل عليهم الليل وانطلقت صفارات الإنذار تعلن عن غارة جوية ، فانطفأت أضواء البلاتوه وانزوى فريق التصوير كل في ركن يحتمي من الأخطار، أما أنور البابا فقد هرع إلى الخارج بملابس " أم كامل" واستوقفه شرطي اعتقد أنه جاسوس وافتاده إلى قسم البوليس، وهناك عرف أنور البابا نفسه للضابط ، ومع ذلك استبقاه الضابط في الحجز، وقضى البابا ليلته في القاء النكات للمساجين، وفي الصباح استدعاه الضابط واعتذر له قائلا: أنا كنت عارف انك أم كامل، لكن فضلت أن ترفه عنا هذه الليلة .. وانصرف أنور البابا بعد ليلة طويلة قضاها مجهدا في الترفيه عن المساجين.

 

بقي أن نضيف أن الفنان أنور البابا هو إبن عم الفنانة نجاة الصغيرة حسب ما جاء في مجلة الكواكب عدد 7 أكتوبر 1958.