الجمعة 3 مايو 2024

شباب مصر في طابور الانتخابات

المصور11-11-2020 | 20:17

من جديد أبهر المصريون العالم بمشاركة انتخابية كبيرة وطوابير الناخبين الممتدة أمام اللجان الانتخابية، رغم الظروف الصعبة ما بين الخوف من وباء كورونا العائد عالميًا بقوة، والطقس السيئ الممطر.

مشهد طوابير الناخبين أمام اللجان فى المحافظات الثلاث عشرة التى جرت فيها انتخابات المرحلة الثانية وكأنه إشارة واضحة للجميع خارجيًا وداخليًا أن الشعب اختار دولته واستكمال مؤسساتها وانتخاب نوابها لتواصل عملية البناء ومواجهة الإرهاب وطى صفحة الجماعة الإرهابية دون رجعة.

لم تخلو محافظة، أو دائرة من الطوابير التى امتد بعضها لمسافات. وغلب عليها الشباب وكأنهم يردون على مروجى أكذوبة «العزوف» الشبابى ويؤكدون أنهم حاضرون ومشاركون ومساهمون فى اختيار نوابهم، وكما توقع بعض المتخصصين فى الانتخابات والدراسات البرلمانية فربما تجاوزت نسبة المشاركة الشبابية 30 بالمائة من الأصوات وهى نسبة بكل المقاييس تؤكد حرص شباب مصر على المساهمة والمشاركة الانتخابية.

كما كان تواجد المرأة منذ اللحظات الأولى بارزا سواء فى القرى أو المدن، فالحرص النسائى على المشاركة يتأكد من جديد، ليس فقط لأن نصيب المرأة فى مقاعد المجلس أصبح يمثل 25 بالمائة، وإنما أيضا وهذا هو الأهم وكما عبرت عنه كثير من السيدات المشاركات، ونسبة ليست قليلة منهن فى سن الشباب، أنهن لا يقبلن أن تعود مصر للوراء مرة أخرى.

كان اللافت أيضًا وللمرة الثانية الأداء الشرطى الراقى سواء فى تأمين اللجان ومحيطها، أو مساعدة الناخبين، وتقديم الدعم لكل من يطلبه سواء من كبار السن أو ذوى الاحتياجات أو النساء، لكن الأهم أيضا هو التأمين الهادئ والذى حظى بإشادات من كافة المرشحين. فالشرطة تخدم وتؤمن الجميع، ولا تتدخل ولا تنحاز، بل تهيئ المناخ الملائم لعملية انتخابية نموذجية، ويدعمها فى ذلك رجال القوات المسلحة الذين نفذوا انتشارًا أمنيًا واعيًا يحقق الطمأنينة للجميع.

من القاهرة إلى سيناء التى قدم أهلها نموذجا مهما فى المشاركة واصطفوا فى طوابير من أجل الادلاء بأصواتهم رغم أنف الإرهاب الذى انكسرت شوكته.

داخل اللجان كان القضاة والمشرفون على العملية الانتخابية صورة حضارية أخرى قدمتها مصر من خلال الانتخابات، سواء فى المظهر اللائق أو التعامل المحترم والتطبيق الحاسم لقواعد القانون والإجراءات الاحترازية لحماية الناخبين وكل أطراف العملية الانتخابية من الوباء. فلم تشهد لجنة واحدة مشكلة أو أزمة، بل سارت عملية التصويت بشكل طبيعى، ولم تسجل أى لجنة متابعة دولية للانتخابات، سواء عربية أو إفريقية أو أوربية، أى ملاحظة تسيء للانتخابات أو تنفى حياد الدولة وأجهزتها أو تشكك فى نزاهة التصويت. بل كانت كل الملاحظات، إما مخالفات فردية يتم التعامل معها بشكل فورى من خلال الهيئة الوطنية للانتخابات التى لم تترك مساحة لأى مخالفة أو تجاوز أو بعض المشاكل التنظيمية التى ترجع للمرشحين وأنصارهم وليس لأجهزة الدولة أو الهيئة الوطنية للانتخابات.

وكما أكد العديد من أعضاء البعثات الدولية المتابعة، فتلك الانتخابات خطوة فارقة غيرت تمامًا الصورة السلبية القديمة التى كانت معروفة عن مصر، سواء فى تغلب المال السياسى أو التزوير الجماعى. أو التوجيه الانتخابى أو تدخل أجهزة الدولة فى العملية الانتخابية، فلم تلحظ هذه الوفود أى صورة من هذه الصور بل على العكس كان المشهد يعكس نموذجا مختلفا لانتخابات تضاهى ما يحدث فى الدول الأوربية.

بل أكثر من هذا جاءت شهادة ممثلى تلك المنظمات لتؤكد جرأة الدولة المصرية فى إجراء الانتخابات رغم التحديات والظروف العالمية الصعبة التى أجبرت الكثير من الدول على تأجيل الانتخابات أو إجرائها بالبريد

لم يكن غريبًا بالطبع فى ظل الأجواء المرتبطة بالانتخابات الأمريكية وما شهدته من خلافات وتشكيك حول نزاهتها أن يقارن البعض من المصريين بين ما وصل إليه حال الانتخابات فى مصر من ضمانات عديدة تحمى الصوت من تزويره وتمنع ظواهر التسويد أو تصويت الأموات والمسافرين وتجعل التصويت فقط لمن له حق الانتخاب، وبين ما حدث فى الانتخابات الأمريكية من اتهامات حول تصويت للأموات وشراء للأصوات وكأن كل ظواهر الفساد الانتخابى القديمة سافرت إلى أمريكا كمال قال أحد الناخبين.

لكن المهم هو أن مصر الآن بما شهدته من نزاهة وشفافية واضحة فى التصويت والفرز والتنظيم الانتخابى بشكل عام أعلنت مجددًا أنها ودعت بلا رجعة كل المظاهر الانتخابية المسيئة وأنها لم تعد تنتظر دروسا فى الديمقراطية ونزاهة الانتخابات من فاقدى هذا الأمر. بل إن التجربة الانتخابية المصرية الآن كما لفت إلى ذلك أحد أعضاء الهيئة الوطنية للانتخابات يتم الاطلاع عليها دوليًا للاستفادة منها وخاصة فى أسلوب تنقية الكشوف ونظام التصويت.

كان الوضع فى اللجان حضارى بمعنى الكلمة والكل أدلى بصوته فى هدوء وبإجراءات موحدة لم تفرق بين مواطن ووزير، ولا بين محافظة وأخرى، الكل كان حريصا على المشاركة والتأكيد على دور البرلمان القادم، وأن من سينجح هو من سيختاره المصريون .

وتأكيداً لهذه الشفافية كانت أرقام الفرز الأولية عاكسة بوضوح لإرادة الناخبين فقط وليس غيرهم، فلم ينجح إلا من حصل على الأصوات الكافية للنجاح، بينما خسر المعركة أسماء كبيرة كانوا يراهنون على شهرتهم وصيتهم، وربما النموذج الأوحد لذلك مرتضى منصور فى الدقهلية الذي كشف أرقام الفرز الأولية تراجعه تماماً وكذلك بعض النواب السابقين الذين غادروا فى صمت لأنهم لا يملكون الاعتراض على إرادة الناخبين وليس لديهم قدرة على مهاجمة العملية الانتخابية التى شهد الجميع بنزاهتها.

خلال أيام قليلة ستعلن الهيئة الوطنية للانتخابات نتيجة الجولة الأولى من المرحلة الثانية وتبدأ أيضًا جولتا الإعادة، ليكتمل الشكل البرلماني لمجلس نواب 2021 والذى ستكون مهمته ثقيلة والملفات المكلف بها عديدة لاستكمال عملية الإصلاح وبناء الدولة، لكن ما يعين مجلس النواب على هذه المهمة أن نوابه جاءوا بانتخاب الشعب واختياره، كما أنه مجلس لا يمثل تيارا واحدا أو توجها بعينه، وإنما يتواجد به حتى الآن نحو 14 حزبًا، ومازالت نتيجة المرحلة الثانية وجولتى الإعادة سوف تضيف أحزابا جديدة، إضافة إلى شباب تنسيقية الأحزاب المستقلين الذين ينتمون لعدة أحزاب ويؤكدون أنهم سيمثلون صوتًا معبرًا عن أحزابهم وتوجهاتها لكن فى إطار المصلحة الوطنية.

يساند مجلس النواب فى أداء دوره أيضا وجود مجلس الشيوخ بمن يضمهم من خبرات متنوعة.

كما يعين المجلس على مهمته إصرار الدولة على عودة المؤسسات، وقيام كل مؤسسة بدورها الدستورى دون توجيه أو سيطرة أو غلبة مؤسسة على الأخرى. وهذا ما أكد عليه رئيس الدولة وتتعهد الحكومة التى ستكون ملزمة بتقديم برنامجها وكشف حسابها أولا بأول للبرلمان. وكذلك خضوع وزرائها للمحاسبة بل والاستجوابات التى نتوقع ظهورها كثيرا فى البرلمان القادم.

المستشار لاشين إبراهيم رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات ونائب رئيس محكمة النقض أكد أن عملية التصويت فى المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب جرت فى هدوء فى نحو 9468 لجنة إشراف عليها 12 ألف قاض أساسي.

وأشار لاشين إلى أن الهيئة لم ترصد أى انتهاكات فى المرحلتين الأولى والثانية لانتخابات مجلس النواب، وشهدت العملية التصويتية إقبالا كبيرا ملحوظا من الناخبين على صناديق الانتخاب لما تهدفه من تنافسية وتنوع كبير نظرا لزيادة عدد المرشحين، وشدد لاشين على أن الهيئة منذ البداية كانت حريصة على الوقوف على مسافة واحدة من جميع المرشحين، كما أن الهيئة كانت حريصة على التواصل مع القضاة المشرفين على الانتخابات للتأكد من سير العملية الانتخابية.

لاشين أكد أيضاً أن جميع أطراف العملية الانتخابية التزموا بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا بارتداء الكمامات الطبيىة التى تم توفيرها لمن لا يحملها أمام مراكز الاقتراع مجانا مع الحفاظ على مسافات التباعد الاجتماعى فى الطوابير الانتخابية.

وأشار لاشين إلى أن المرأة المصرية كانت ولا تزال فى الصفوف الأمامية وخط الدفاع الأول عن الأسرة المصرية، وفى كل استحقاق وانتخاب تضرب المثل على مدى وعى المرأة المصرية التى تمثل الأم والزوجة والأخت التى تحرص على النهوض ببلدها.

ولفت أن 570 مراسلا أجنبيا يمثلون 166 مؤسسة إعلامية تم اعتمادهم بقاعدة بيانات الهيئة الوطنية للانتخابات واستخراج تصاريح التغطية الإعلامية لهم لمتابعة سير العملية الانتخابية من داخل اللجان وخارجها.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa